أعلن اهالي شمال سيناء الأضراب العام عن العمل وطالبوا بأقالة المحافظ والأفراج عن المعتقلين حيث اقتحمت قوات الأمن بالآلاف من الجنود( 15 ألف) مدينة العريش وسحقت الأنتفاضة الجماهيرية هناك بعد أن اعتقلت المئات واصابة العشرات من اهلها واستخدمت الرصاص المطاطي والقنابل الغازية وعلمت قبل قليل ان المدينة تحولت إلي ثكنة عسكرية تمتليء بآلاف جنود الشرطة. انتشرت المدرعات والسيارات المصفحة وأفراد الأمن السريين في شوارع المدينة، وتمركزت قوات كبيرة حول المنشآت الحكومية ومقر الحزب الوطني، لحمايتها من المتظاهرين بعد الأحداث الدامية التي شهدتها العاصمة السيناوية منذ يومين. كانت مصادمات ومشاجرات بالأعيرة النارية قد اندلعت يومي السبت والأحد الماضيين بين عائلة الفواخرية ومجموعة من بدو سيناء، أسفرت عن إصابة عدد من الأشخاص، اعقبها مظاهرات نظمها البدو ضد الحكومة والحزب الوطني. تم اعتقال عشرات المتظاهرين بتهمة إتلاف المال العام، واحراق السيارات والتخريب. حاول عدد من البدو الاعتصام في أحد الميادين، إلا أن قوات الأمن فضت الاعتصام بإطلاق القنابل المسيلة للدموع، ونجحت في اقتحام كافة الميادين والشوارع وتمركزت فيها بأعداد غفيرة، وأعادت الهدوء المؤقت إلي المدينة . يسعي حاليا بعض شيوخ القبائل لإقامة صلح بين أبناء الحضر المتمثلين في عائلة الفواخرية وأبناء البدو من عائلة الترابين تهدف محاولات الصلح لتقريب وجهات النظر لإعادة الهدوء والاستقرار للمدينة. أكد بعض أهالي المدينة أن خلافات عديدة اندلعت بين العائلتين في وقت سابق إلا أن الأجهزة التنفيذية والأمنية تقاعست عن حلها مما أدي إلي تضخمها. المتظاهرون حطموا مبنى الحزب "الوطني" وأحرقوا صور كبار رجال الدولة
تواصلت أعمال الشغب والمصادمات الدامية لليوم الثاني على التوالي في مدينة العريش بين قوات الشرطة ومتظاهرين من قبيلة الفواخرية المحتجين على عدم حماية الشرطة لهم من البدو في أعقاب هجوم شنه عدد من البدو الملثمين بالأسلحة النارية على ميدان الفواخرية بالمدينة. وأعلن مصدر أمني بشمال سيناء أن خمسة أشخاص أصيبوا بإصابات طفيفة خلال هجوم شنه مساء السبت أفراد من قبيلة الترابين على حي الفواخرية بمدينة العريش. وقال إن العشرات من البدو الملثمين على متن ست شاحنات صغيرة بدون لوحات معدنية أطلقوا النار بشكل عشوائي من بنادقهم الآلية على ساحة ميدان الفواخرية وسط مدينة العريش، وذلك نحو الساعة السادسة والنصف بعد الإفطار، واستمر إطلاق النار لمدة ربع ساعة على المارة بالميدان مما أدى إلى إحداث أضرار بالسيارات والمحال التجارية. وجاء الهجوم إثر شجار وقع بين ثلاثة أفراد من قبيلة الفواخرية وأربعة أفراد من قبيلة الترابين على ما يبدو بسبب خلاف مالي، في حين عزا مصدر رفض الكشف عن اسمه الخلاف إلى اتهام أفراد من قبيلة الترابين لآخرين من قبيلة الفواخرية بسرقة سيارات تعود لهم. وفي أعقاب الهجوم، خرج نحو خمسة آلاف شخص من قبيلة الفواخرية إلى شوارع مدينة العريش للتظاهر مطالبين الشرطة بحمايتهم وتوفير الأمن لهم. وأقدم المتظاهرون الغاضبون على تحطيم نوافذ وأبواب المجلس الشعبي المحلي للمحافظة وكلية التربية بالعريش وفرع البنك الأهلي المصري، واقتحموا مقر الحزب "الوطني" بالعريش حيث دمروا محتوياته وحرقوا صورا لكبار المسئولين بالدولة، وأغلقوا عددًا من شوارع العريش الرئيسة بالحجارة بعد أن أشعلوا الإطارات المطاطية. عبد الحميد مسلم أحد شيوخ القبائل قال: "لدينا الحق في أن نغضب ونشعر بالإحباط نريد أن يعرفوا أنه ليس من حق الغرباء دخول المنطقة والإساءة لأبنائها وعليهم أن يقوموا بشيء لحمايتنا من هؤلاء اللصوص وقطاع الطرق"، مشددًا على أن المظاهرات سوف تستمر حتى تلبي الحكومة طلباتهم. في حين أكد أحد منظمي المظاهرة "إذا لم تتمكن الحكومة من حمايتنا وحماية المنطقة فعليها أن تذهب وتتركنا نحمي أنفسنا". وكانت الشرطة ردت بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتشدين الذين أغلقوا الشوارع وأعاقوا حركة السير. وقال مصدر أمني إن المئات من عناصر رجال الشرطة طوقوا بعض شوارع المدينة، حيث تم وضع متاريس حول المنشآت الحكومية الهامة لمنع تقدم أفراد قبيلة الفواخرية. وأضاف أن ثلاثة آخرين بينهم اثنان من رجال الشرطة أحدهما ضابط أصيبوا في المصادمات بين الأهالي والشرطة. وقد رفعت قيادات الأمن بالعريش تقارير أمنية لوزير الداخلية اللواء حبيب العادلي أشارت إلى أن الوضع الأمني في مدينة العريش خارج السيطرة مما استدعى الدفع بمزيد من قوات الأمن المركزي من مدينة الإسماعيلية، بالإضافة للمئات من القوات الخاصة المدربة على التعامل مع أعمال الشغب. وحسب التقارير الأمنية، فإن أجهزة الأمن اعتقلت أكثر من 50 شخصا من أبناء قبيلة الفواخرية كما تم نقل أكثر من 25 منهم لمستشفي العريش للعلاج بعد إصابتهم في المصادمات الدامية. كما أفادت التقارير الأولية بإصابة ستة من أفراد الشرطة من بينهم أحد الضحايا أصيب بطلق ناري في ساقه. وقد وصل وفد أمني من المخابرات العامة ورئاسة الجمهورية إلى مدينة العريش بشكل عاجل في محاولة لتهدئة الموقف المتدهور هناك. وطالب المتظاهرون بإقالة محافظ شمال سيناء ومدير الأمن ورئيس جهاز مباحث أمن الدولة هناك. وتزايد التوتر بين سكان المدن والبدو ليس أمرًا جديدًا في سيناء؛ إذ لطالما اشتكى العديد من البدو من أنهم لا يستفيدون كثيرًا من القفزة السياحية التي تشهدها شبه الجزيرة، وبدلاً من ذلك اتجهوا لتهريب السلع والبضائع وكذلك البشر عبر الحدود باتجاه إسرائيل ويزرعون الحشيش في أودية سيناء المعزولة. ويتجدد الصراع بين الحضر والبدو في سيناء بين الحين والآخر، لكن يظل الموقف في صالح البدو الذين يسكنون الجبال ويحملون السلاح ويسيطرون على المنافذ والطرق. وقد تكررت في الآونة الأخيرة ظاهرة خطف سيارات يمتلكها أفراد قبيلة الفواخرية من قبل قبيلة الترابين وغيرها من القبائل بصورة كبيرة مما أثار حالة من الغضب لدى قبيلة الفواخرية وازداد الاحتقان بين أفراد القبيلة. ويؤكد أفراد القبائل البدوية أن ما يحدث ليس خطفا ولكنه ضمان حتى تعيد قبائل الحضر "حقوقا لنا عندهم"- على حد قولهم- وهو ما يسمى في القضاء العرفي "التوثيق" بمعنى الاحتفاظ والاستيلاء على أي شيء مادي من الخصم وتوثيقه حتى يتم إرجاع الحقوق إلى أصحابها حسب القوانين العرفية في سيناء. ويظل قبائل الحضر في موقف أضعف نظرًا لوجودهم في المدينة وعدم استطاعتهم حمل السلاح والهروب إلى الجبال مما يجعلهم دائمًا يلجئون إلى الأمن في حمايتهم من أي اعتداء عليهم من البدو، وهو ما يفسر ثورتهم على الأمن واتهامه بالعجز عن حمايتهم من تجاوزات "بعض العناصر الخارجة"، حسب وصفهم. ويعيش حوالي 140 ألف شخص في مدينة العريش عاصمة شمال سيناء حيث يتعايش عدد كبير من العشائر بمن فيهم البدو والحضر من أهل المدينة والمواطنون الوافدون من باقي محافظات الجمهورية بالإضافة إلى فلسطينيين من قطاع غزة.