وسط إجراءات أمنية مشددة فرضتها قوات الاحتلال على المسجد الأقصى ومدينة القدسالمحتلة، وإغلاق الضفة الغربية منذ أربعة أيام، احتفلت إسرائيل أمس بافتتاح كنيس (الخراب) اليهودى على بعد عدة عشرات الأمتار من المسجد الأقصى إيذانا ببدء تشييد المعبد الثالث المزعوم محل المسجد المبارك، بينما عمّ الإضراب الفلسطينىالقدس احتجاجا على افتتاح الكنيس. وعمّ الإضراب العام مدينة القدس بعد مطالبة السلطة الفلسطينية للمواطنين بتنظيمه لمدة ساعتين أمس واليوم، وسط دعوات من مؤسسة الأقصى للوقف والتراث ورجال الدين المسلمين بالنفير وشد الرحال دفاعا عن (الأقصى) لمواجهة تخطيط اليهود المتطرفين لاقتحامه. اشتباكات مع الصهاينة أصيب عشرات الفلسطينيين في المواجهات التي اندلعت صباح اليوم في مناطق متفرقة من مدينة القدسالمحتلة مع قوات الاحتلال الصهيوني التي اعتقلت عشرات الفلسطينيين الذين احتشدوا للاحتجاج على "كنيس الخراب". وذكر الهلال الأحمر الفلسطيني أن 38 شخصا من بلدة العيسوية شرق القدس أصيبوا في الموجهات، كما سجلت إصابات أخرى في مناطق متفرقة إثر تعرض المتظاهرين الفلسطينيين للرصاص المطاطي وقنابل الغاز المدمع التي أطلقتها قوات الاحتلال عليهم بكثافة، وتتواصل المواجهات في القدسالمحتلة وتتركز عند باب حطة وباب المجلس وحارة السعدية، كما تدور مواجهات في رأس العامود ووادي الجوز ومخيم شعفاط. المواجهات مستمرة وأضرم الشبان الفلسطينيون النار في إطارات السيارات، وتجمهر المئات من الأشخاص في حيي وادي الجوز والطور في القدسالمحتلة محاولين دخول المسجد الأقصى، لكن قوات الاحتلال منعتهم وفرقتهم بالقوة. ونقل عن شهود عيان القول إن الاحتلال نشر عشرات المستعربين بين الشبان إلى جانب التعزيزات المكثفة لقواته في سائر أنحاء المدينة المقدسة إضافة إلى التحليق المكثف للطيران في سماء المدينة. إغلاق الحرم وواصلت قوات الاحتلال حملات دهمها لمنازل المواطنين المقدسيين في معظم أحياء مدينة القدس واعتقلت خلالها عشرات من الفتيان والشبان، كما واصلت حصارها المشدد على البلدة القديمة من القدسالمحتلة، وإغلاق بوابات المسجد الأقصى لليوم الخامس على التوالي أمام المصلين الذين تزيد أعمارهم عن الخمسين عاما. واندلعت مواجهات أخرى في محيط الحاجز العسكري المُقام عند المدخل الرئيسي لمخيم شعفاط وسط القدسالمحتلة، وهاجم طلبة المدارس جنود الاحتلال على الحاجز بالحجارة والزجاجات الفارغة والآلات الحادة، وأطلقت الشرطة الإسرائيلية الرصاص المطاطي على المتظاهرين الذين ردوا بالحجارة. إصابات وفي بلدة العيسوية شرق القدس قال شهود عيان إن عددا من الأشخاص أصيبوا بالاختناق بسبب قنابل الغاز المدمع التي تلقيها قوات الاحتلال، وأضاف المراسل إلياس كرام أن هذه القوات منعت وسائل الإعلام من دخول منطقة المواجهات في البلدة القديمة. ورفع شبان العيسوية -التي تقع على أراضيها مباني الجامعة العبرية ومستشفى هداسا- الرايات الوطنية في كافة أنحاء وشوارع البلدة، واقتحمت قوة معززة من جنود الاحتلال البلدة وقامت بإطلاق مكثف للقنابل الصوتية الحارقة والغازية السامة والمدمعة والرصاص المطاطي. وفي مخيم قلنديا تدور مواجهات بين المئات من الطلاب وقوات الاحتلال الذين يطلقون الرصاص المطاطي وقنابل الغاز. وعند الحاجز العسكري الذي أقامته قوات الاحتلال في قلنديا قالت مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة إن عددا من جنود الاحتلال اقتحموا المخيم واعتلوا أسطح بعض المباني حيث يطلقون الرصاص المطاطي وقنابل الغاز. حماية الأقصى كشف الناطق الإعلامي باسم "الحركة الإسلامية داخل فلسطينالمحتلة عام 48 الشيخ زاهي أنجيدات عن أن الحركة الإسلامية نجحت في فرض طوق بشري تحمي المسجد الأقصى المبارك اليوم الثلاثاء. وقال نجيدات: "إن شباب ونساء القدسوفلسطينالمحتلة عام 48 نجحوا صباح اليوم في فرض جسم بشري في محيط المسجد الأقصى المبارك؛ من أجل حمايته أمام أيِّ اقتحام صهيوني لساحاته"، مشيرًا إلى أن جماعاتٍ صهيونيةً أعلنت عزمها اليوم اقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك لبدء مراسم بناء الهيكل المزعوم عقب الإعلان عن افتتاح مساء أمس ما عرف باسم "كنيس الخراب"، الذي لا يبعد سوى بضعة أمتار عن المسجد الأقصى المبارك. من جانب آخر أعلن الناطق باسم الجيش الصهيوني أن قوات الاحتلال اعتقلت 15 متظاهرًا في القرى والأحياء المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك، كما أصيب شرطيان صهيونيان بجراح وتمَّ نقلهما إلى المستشفى. الجامعات المصرية وقد شهدت الجامعات أمس يوماً غاضباً، للتنديد بالاقتحامات الإسرائيلية لباحة المسجد الأقصى، والاعتداء على المصلين به، وضم الحرم الإبراهيمى ومسجد بلال بن رباح إلى ما سموه التراث الإسرائيلى واحتشد الآلاف من الطلاب والطالبات فى مظاهرات ومسيرات احتجاجية بكل جامعات مصر ال18، وحرقوا خلالها العلم الإسرائيلى فى معظم الجامعات، ونددوا بسياسات إسرائيل في القدس، وطالبوا بسرعة التدخل لإنقاذ الفلسطينيين ومقدساتهم بالأراضي المحتلة. كما تظاهر أكثر من 30 ألف طالب وطالبة بالجامعات الإقليمية، داخل حرم جامعات طنطا والأزهر فرع طنطا والزقازيق والمنصورة والفيوم وبنى سويف والإسكندرية والمنصورة والمنيا، احتجاجاً على التصعيد الإسرائيلى ضد الشعب الفلسطينى. وتظاهر العشرات من المحامين، أمس، أمام مقر نقابة المحامين بالقاهرة للتنديد بالاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى. وألقت أجهزة الأمن فى الإسكندرية، أمس، القبض على 17 من كوادر جماعة الإخوان المسلمين فى المحافظة، بعد مداهمة منازلهم، بعد اشتراكهم فى مظاهرات لنصرة المسجد الأقصى، وتم التحفظ على منشورات تدعو لأفكار الجماعة. جامعة القاهرة تظاهر الآلاف من طلاب جامعة القاهرة يوم الثلاثاء استمرارًا لموجة الغضب في الشارع المصري والعربي، واحتجاجًا على الانتهاكات الصهيونية المستمرة في القدس. وحمل المتظاهرون لافتات تندد بالتعدي الإسرائيلي على التراث الإسلامي والمسيحي بالقدس، وتدين الصمت العربي تجاه القضية، وتطالب المجتمع الدولي لسرعة التدخل وحماية القدس من العدوان الإسرائيلي. وفي الوقت ذاته، أحاطت سيارات الأمن المركزي بالسفارة الإسرائيلية بالقاهرة التي تقع بالقرب من الباب الرئيسي لجامعة القاهرة، خوفًا من أن تمتد المظاهرة لما أمام السفارة. وشهدت المنطقة تواجدًا أمنيًا مكثفًا لما يقرب من 1500 من جنود الأمن المركزي، لمنع وصول المظاهرات إلى السفارة. نصرة القدس وإدانات للاحتلال وانتقدت شخصيات ومسؤولون فلسطينيون ما أسموه الصمت العربي عن الهجمة الإسرائيلية على القدسالمحتلة، داعين إلى نصرة المدينة والأماكن المقدسة بهبة جماهيرية غاضبة لفضح ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، وفي المقابل أدانت دول عربية وإسلامية الخطوة الإسرائيلية واصفة إياها بالاستفزازية. وأطلق تحالف القوى الفلسطينية التي تتخذ من دمشق مقرا لها دعوة للغضب ابتداء من اليوم بعد قيام إسرائيل بافتتاح "كنيس الخراب" في البلدة القديمة من القدسالمحتلة. وحمل رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، سلطات الاحتلال مسؤولية ما يجري في القدس، من صدامات ومواجهات، ودعا في تصريح صحفي الفلسطينيين لشد الرحال إلى المسجد الأقصى والقيام بتحرك جماهيري غاضب يتضمن مسيرات ومؤتمرات لفضح الممارسات الإسرائيلية. وانتقد صبري الصمت العربي والإسلامي عن أحداث القدس والمخاطر التي تحدق بها، مؤكدا أن "العرب ينامون في سبات عميق".. ودعا في الوقت نفسه القمة العربية المقبلة لاتخاذ موقف قوي تجاه هذه التطورات. ومن جهتها دعت هيئة علماء فلسطين في الخارج جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي إلى إعلان اليوم الثلاثاء "يوما عالميا لنصرة المسجد الأقصى وجميع المقدسات". وحثت في بيان جميع أبناء الأمة العربية والإسلامية وهيئات العلماء على "الخروج إلى الشارع والمبادرة إلى دعم أهلنا في فلسطين وبيت المقدس"، مطالبة بوقف كافة أشكال المفاوضات مع إسرائيل. مشروع تهويدي وحذر مسؤول ملف القدس في حركة التحرير الوطني الفلسطيني(فتح) حاتم عبد القادر من أن تؤدي التطورات التي تشهدها مدينة القدس جراء الممارسات الإسرائيلية إلى تفجير الأوضاع في الأراضي الفلسطينية والمنطقة بأسرها، وأكد عبد القادر في تصريح صحفي أن هناك مشروعا تهويديا متدرجا تنفذه إسرائيل من أجل فرض وقائع جديدة لتغيير الوضع القائم داخل المسجد الأقصى المبارك والقدس. وكان المؤتمر الوطني للحفاظ على الثوابت ونصرة القدس -الذي عقد أمس في غزة بمشاركة غالبية الفصائل الفلسطينية- قد دعا إلى ضرورة الوقف السريع لكافة أشكال المفاوضات مع إسرائيل، واعتماد خيار المقاومة خيارا إستراتيجياً من أجل تحقيق الأهداف الأساسية للشعب الفلسطيني. وعلى الصعيد الخارجي أدان الأردن بشدة قيام إسرائيل بافتتاح الكنيس في جوار المسجد الأقصى، والدعوات الإسرائيلية لاقتحامه والاتجاه نحو وضع حجر الأساس للهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى. ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية عن نبيل الشريف الناطق الرسمي باسم الحكومة قوله "إن القدس بالنسبة للأردن خط أحمر، ويرفض كل الإجراءات التي تقوم بها إسرائيل وتستهدف تغيير هوية مدينة القدس، خصوصا الأماكن المقدسة". وبدورها وصفت إيران -على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها رامين مهمان برست- الخطوة الإسرائيلية بالاستفزازية، داعية جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي إلى اتخاذ خطوات حازمة ضدها. مطالب حماس وأشاد فوزي برهوم الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" باستبسال مئات الشباب من الفلسطينيين في مواجهة الإجرام الصهيوني بالقدس الشريف، مناشدًا جماهير الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948م تنظيمَ انتفاضة عارمة توقف المخططات التهويد بالضفة والقدسالمحتلة. وطالب السلطةَ الفلسطينية في رام الله بإطلاق يد المقاومة الشعبية في الضفة؛ للدفاع عن القدس والأقصى، مشددًا على ضرورة تحرير قادة المقاومة المعتقلين في سجون حركة "فتح" بالضفة؛ في سبيل فتح ساحات للمواجهة الحقيقة مع العدو دفاعًا عن المقدسات العربية والإسلامية. وقال برهوم: "لا مبرر الآن لسلطة "فتح" في كبح جماح المقاومة واعتقال المجاهدين والمقاومين، وكبح جماح الشعب في الضفة"، موضحًا أن أيَّ استمرار لقمع المقاومة في الضفة هو تآمرٌ على القدس وتواطؤٌ مع العدو كي ينال من الأقصى.. وطالب الدول العربية والإسلامية "المطبعة" بطرد السفير صهيوني من عواصمها، مع اتخاذ خطوات فاعلة تتصدَّى للأحداث الجارية بالقدس". وحثَّ برهوم الشعوب العربية والإسلامية على مغادرة مربع الصمت والمراقبة أو التعاطف الضعيف، لبدء مرحلة جديدة، وتنظيم فعاليات جماهيرية وشعبية غاضبة وعارمة، يكون لها برنامج طويل وليس وقتيًّا، بالضغط على صنَّاع القرار؛ حتى يطردوا السفراء الصهاينة ويغلقوا سفارات الاحتلال ويتمَّ عزل الكيان إقليميًّا ودوليًّا. كما دعا إلى ضرورة تعزيز صمود الشعب الفلسطيني اقتصاديًّا ومعنويًّا؛ بدعم المقاومة بكافة أشكال الدعم حتى تدافع عن القدس والأقصى، مبينًا أن تحقيق هذه الشروط سبيل نصرة الأقصى وتحريره.