تتصارع التحركات السياسية والعسكرية فى المنطقة التى تعيش أجواء حرب قادمة ضد سوريا ونظام الأسد، إذ تشهد العاصمتان التركية والأردنية هذه الأيام لقاءات مكثفة على الصعيدين السياسى والعسكرى؛ بعد أن حسم الأردن أمره بالإطاحة بنظام الأسد فى دمشق، فقد شهدت عمان تحركات متلاحقة، ومناورات عسكرية سرية وعلنية، وعمليات تهريب الأسلحة والمقاتلين إلى العمق السورى، فيما أعلنت صحيفة «فيجارو» الفرنسية القريبة من صنّاع القرار بالسلطات الأردنية أن الأردن فتح المجال الجوى الأردنى أمام طائرات سلاح الجو الإسرائيلى لتوجيه ضربة عسكرية ضد سوريا، وضد إيران؛ إذا قررت القيادتان الإسرائيلية والأمريكية تنفيذ تهديداتهما بضرب مفاعلات إيران ومنشآتها النووية. وفى ضوء ذلك طالب جون كيرى -وزير الخارجية الأمريكى- وزراءَ خارجية حلف الناتو فى اجتماعهم ببروكسل الاستعداد للرد العسكرى على الخطر الناجم عن النزاع فى سوريا، خصوصا الأسلحة الكيمياوية، وحماية أعضائه من هذا الخطر؛ وتشير التقارير الصادرة من الأراضى المحتلة أن الطائرات الإسرائيلية تقف على أهبة الاستعداد، كما أن قوات التدخل السريع الأمريكية التى تتضخم بسرعة فى الأردن وسيبلغ أعدادها 17 ألف جندى، باتت على وشك الانطلاق إلى العمق السورى لتدمير أو الاستيلاء على المخزونات السورية من الأسلحة الكيمياوية. وقد أعلن الجيش الإسرائيلى عن بدء مناورات عسكرية واسعة النطاق شمالا، فى محاكاة لنشوب مواجهة عسكرية ضخمة مع حزب الله. وحرصت "إسرائيل" فى هذه المناورة على الإعلان عنها وتغطيتها إعلاميا بشكل كبير، التى تأتى بحسب مصدر عسكرى رفيع المستوى على خلفية التوتر على الحدود مع سوريا، وضرورة فحص قدرة الرد السريع، فى حال حصول تصعيد من الجانب اللبنانى، إذ تم استدعاء ألفى جندى احتياط للمشاركة فى المناورة شملت تدريبات بنيران حية، وفحص الاستعدادات والمرونة القتالية للوحدات العسكرية». موضحا أنها «مناورة كبيرة جدا، ومنذ سنوات طويلة لم تجر مناورة بهذا الحجم، وقد تقررت بناءً على التوتر الكبير الذى تشهده الحدود الشمالية، سواء مع حزب الله أو مع سوريا». وذكر موقع يديعوت أحرونوت أن من بين الذين فوجئوا بتوقيت المناورة واستدعاء احتياط كان وزير الدفاع موشيه يعلون ولجنة الخارجية والأمن الداخلى. فى ضوء ذلك شهدت اللجنة التشريعات فى الكنيست الإسرائيلى جلسة عاصفة بحث خلالها تطبيق "قانون درومى" فى الضفة الغربية، الذى يسمح بإطلاق النار على الفلسطينيين، وحتى قتل كل من يجتاز حدود مزرعة أو ساحة بيت، وليس بالضرورة دفاعا عن النفس بل دفاعا عن الأملاك أيضا. فى الوقت ذاته ذهب العاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى للقاء الرئيس الأمريكى باراك أوباما وأركان إدارته وقيادته العسكرية، للإعداد لخطة الحسم عسكريا بالسرعة المطلوبة.. وفى منتصف هذا الشهر، سيذهب رجب طيب أردوغان إلى واشنطن للتنسيق والتشاور حول سيناريوهات الحرب الفاصلة؛ هل كما تفضل أمريكا إرسال قوات تعدادها 17 ألف جندى للاستيلاء على الأسلحة الكيمياوية، التى تم عمل مناورات وتدريبات متواصلة منذ عام لتحقيق هذا الهدف. وردا على تلك التحركات قام الأسد بتجنيد آلاف المتطوعين الجدد فى وحدات قتالية تحت قيادة الجيش السورى لتكون "جيشا جديدا" يكون بديلا عن نظام التجنيد المعمول به، وسيحقق مكسبا واضحا لصالح النظام، وقال الكاتب روبرت فيسك فى مقالة بصحيفة “الإندبندنت” إن الأسد يرسل ميليشياته التى تثير الرعب فى القلوب إلى جبهة القتال". على الصعيد الإيرانى كانت زيارة رئيس لجنة الأمن القومى والسياسة الخارجية فى البرلمان الإيرانى علاء الدين بروجردى، إلى سوريا الأسبوع الماضى، علامة فارقة؛ فقد حملت رسالة واضحة والتزاما أكيدا من قِبل طهران تجاه دمشق، بأنها معادلة توازن رعب؛ إذ أبلغ كل من التقاهم أن «تل أبيب ستكون مقابل دمشق» إذا شنت واشنطن أو "إسرائيل" أى اعتداء على سوريا. وجاءت رسالة سوريا، أن قرار دمشق حاسم فيما يخص استعداداتها لصد أى اعتداء: دمشق لن تكون بغداد ثانية.