فى المجلس الأعلى للثقافة: الفنانة رغدة تسب الإسلام والعرب والمصريين وتطلق قذائف التلويث على السيدة عائشة وأبى هريرة وتدّعى أنه شعر! نقول لوزير الثقافة أستاذ التاريخ: اتخذ موقفًا أو قل شيئًا يا شعراء مصر.. تكلموا ولو باسم الشعر الحقيقى الذى تعرفونه باسم كل القيم.. «الشعب» تتقدم ببلاغ إلى النائب العام لم يكن الفيديو الذى تناقلته بعض مواقع الإنترنت، الذى كانت الفنانة السورية رغدة تلقى فيه (ما تسمى «قصيدة شعر»).. لم يكن هذا الفيديو صادما فى محتواه الأيديولوجى المتطرف والعنصرى فقط، بل كان صادما فى محتواه الشعرى والجمالى أيضا؛ فما قالته رغدة لا علاقة له بالشعر، بل هو أشبه بالردح المسجوع. نستطيع أن نستمع لمثله من بعض الباعة، سواء كانوا متجولين أو غير متجولين، فى وسائل المواصلات والأسواق، وربما فى الشوارع أيضا. وأستطيع أن أجزم بأنه لن يجرؤ أحد من أصنام ونفايات الثقافة فى المجلس الأعلى للثقافة، أن يمنح هذا الكلام الساقط اسما فنيا ومشروعية جمالية؛ فلا هو قصيدة تفعيلة، ولا هو قصيدة نثر. هو باختصار شديد عصيدة كلام؛ فكثير من مقاطع تلك «العصيدة» توليف لبحور مكسرة، تجمع بين الكامل والرمل والمتدارك وغيرها، كما أن أغلبها عبارات نثرية وجمل ركيكة هشة، لا تنتمى إلى أى جنس أدبى؛ هذا بالإضافة إلى نطقها الخاطئ لبعض الكلمات؛ ما جعلنى أتشكك فى أن تكون رغدة كاتبة هذه الكلمات التعيسة؛ فقد نطقت كلمة سُنى -بضم السين. وهو الشخص الذى ينتمى إلى أهل السنة- سِنّى (بكسر السين) وهى نسبة إلى أسنان أو سن الإنسان؛ وذلك فى المقطع الذى (تقول فيه): «والحَور سابه لحُور العين فى الجنة شرط دلالها تشاركه نعيمها لو يقطع بسيف (سِنى) وريد شيعى ويكون من نسل الحسين» ومن الواضح أن هذا المقطع طائفى بامتياز، ويحض على العنصرية والتطرف، ويرسخ للكراهية بين الشعوب والمذاهب والأديان التى تدعو فى أبسط معانيها ومبادئها إلى قبول الآخر والتسامح معه، والانصهار فى بوتقة التعايش والاحترام المتبادل رغم الاختلافات الإثنية والعقدية. ولا أستطيع هنا إلا أن أستعير عبارة الفنان الأمريكى تومى لى جونز التى يقول فيها: Ethnic stereotypes are boring and stressful and sometimes criminal. It"s just not a good way to think. It"s non-thinking. It"s stupid and destructive. «إن الأنماط العرقية مملة وباعثة على الاكتئاب، وربما تصل فى بعض الأحيان إلى أن تكون عملا إجراميا. إنها ليست طريقة جيدة للتفكير؛ إنها لا تعتبر فكرا على الإطلاق، بل هى أمر غبى ومدمر!». نستطيع إذن أن نتبيّن الفارق بين فنان حقيقى يحترم ذاته وفنه وتاريخه، و«فنانة» مدعية مزيفة عنصرية تحض على إراقة الدماء ضد الأطفال والنساء والشيوخ فى حضور كبار شعراء مصر والعالم العربى، مع تصفيق أبله يشى ببلادة الحس فى أتون أحداث دموية كان يجب أن نشعر إزاءها بالخجل على الأقل. إن هذا المقطع السابق يمكن أن نعتبره الأقل تطرفا وفجاجة، فى (العصيدة) كلها؛ فهناك مقاطع أخرى تتسم بالوقاحة؛ هى المقاطع التى تعدت فيها هذه (الشبيحة) -وهى تفتخر بذلك الاسم وكررت افتخارها به مرارا أثناء إلقائها الاستفزازى- حدود الأدب مع أم المؤمنين عائشة، لن أجزف فى هذا المقطع الداعر الذى تقول فيه: «يبيع أبو هريرة وستنا عيشة وستنا عيشة وهى دى عيشة من الآخر ... تبيع وتشترى... تبيع... (مش ها أقدر أقولها) ما هى تربية بنى قريظة خسيس» هل السيدة عائشة رضى الله عنها تربية يهود بنى قريظة؟! هل يقبل ذلك مسلم أو منصف أو حتى باحث موضوعى يعرف شيئا عن التاريخ؟! كما سخرت «الفنانة» فى مقاطع أخرى من الثورات العربية، ومن المرأة العربية والعرف العربى الذى يعتبر أن ستر المرأة يكون بالزواج؛ إذ تقول: «عندنا زهّر ربيع عندنا زهر ربيع براعم صبايا والنوايا سترهم واجب يا مسلم» ثم تواصل الفنانة الشبيحة تطاولها العنصرى على العرب موجهة الخطاب إلى مصر قائلة: «إيه يا أم الدنيا ما لك؟! كان ما للأعراب وما لك؟ هو فيه غيرهم شوّه جمالك؟ إيه يا بهية؟! يا اللى كنت فى عز ناصر كده شهية وعمرك ما كنتى غازيّة إلا بعده ورقصوك ع الصوابع إزاى يا مصر علم نهارك يأنجج علم الكلاب؟!» ولا بد أن أتوقف هنا عند هذه العبارة الجارحة: «علم الكلاب»، وأترك للقارئ الكريم أن يحاول بنفسه أن يستنتج الدلالات المختلفة التى تحملها؛ حتى لا نُتّهم بأننا نتصيد الأخطاء ونئوّل النص بما لا يحتمله. ومن المقاطع (الشعرية) هذا المقطع: «إزاى تخلى سوق البهايم والعلوج والنعاج يفتحوا فيكى سوق نخاسة؟! إزاى؟!» فهل يستطيع أحد من النقاد الكبار والشعراء المسئولين عن تشكيل الذائقة والوجدان الوطنى؛ أن يصف لنا ما يحتويه هذا المقطع من قيم جمالية وتشكيل فنى يجعل رغدة شاعرة تلقى شعرا فى قاعة المجلس؟! ما الفرق بين هذه الشتائم وذلك الردح وبين ما يقوله الغوغاء فى الشوارع؟! هل لا يزال المجلس يمارس تصفية حساباته مع الأدباء الذين يحترمون دينهم بمحاولة إهانة الرموز والمقدسات الإسلامية؟! وهل هؤلاء مؤتمنون على ثقافة مصر إذا كانوا يتصرفون بهذا المنطق الصبيانى؟! أين يقف وزير الثقافة أستاذ التاريخ من كل ذلك الكذب والافتراء والتشويه؟! لقد استدعى هذا التصرف غير المسئول إلى ذهنى ما فعلته مجلة «إبداع» منذ بضعة أشهر وعبر الثالوث: حجازى وحسن طلب وسعيد توفيق، من إعادة إصدار كتاب لسعيد توفيق بعنوان «تهافت مفهوم علم الجمال الإسلامى». وهذا الكتاب كان قد صدر من قبل فى التسعينيات عبر دار قباء؛ فهل الدكتور حسن طلب يصفّى حساباته مع الإسلاميين بسبب ما حدث معهم فى صحيفة «الأهرام» المصرية؟! أى منطق هذا إذن؟! وهل يستطيع -وهو الشاعر الكبير- أن يسمى ما كتبته «الفنانة» رغدة شعرا، أو أن ينسبه إلى أية قيمة أخلاقية أو وطنية أو إنسانية؟! وهل يستطيع وزير الثقافة أو أمين عام مجلسها الثقافى الأعلى أو أى شاعر أو مثقف أو قارئ عربى أو مصرى؛ أن يسمى ذلك شعرا أو أن يحترم سلوك من نشروا عليه مظلة المجلس الأعلى؟! إن القضية هنا لا تتعلق برغدة وحدها، بل بعباقرة المجلس الأعلى للثقافة، وبعضهم من حملة شهادة دبلوم التجارة -مع احترام كل الدرجات العلمية المختلفة- لكن المقصود هنا أن نبيّن مدى الخلل الذى أصاب المنظومة الثقافية التى تجعل غير المؤهلين سدنة للثقافة لا لموهبة حقيقة يحملونها، بل لمجرد كراهية أيديولوجية يحملونها على أكتافهم وسماجة فطرية واستعداد صفيق لإقصاء الآخرين. لقد دافعنا هنا عن أحمد عبد المعطى حجازى باعتباره شاعرا رائدا، رغم تحفظنا على مواقفه، لكن لا يعنى ذلك أننا نتغاضى عن سلوكه المشين فى دعوة امرأة لا علاقة لها بالشعر ولا بالدين ولا بالوطنية ولا حتى بصحيح التاريخ، لكى تمارس هذا التلويث المتمسّح فى الفن داخل أكبر مؤسسة ثقافية فى مصر، فى وقت يحرمون فيه الشعراء الحقيقيين أن يطئوا عتباتها. وها نحن نسأل حجازى الشاعر: نريد تقييمك الفنى لما قالته الفنانة مثلما نريد رأيك القومى والأخلاقى والسياسى أيضا؛ فهل توافق؟!