يبدو أن مسلسل الفساد فى دار الكتب والوثائق العامة لن تنتهى حلقاته، أو ربما تكون حلقته الأخيرة احتراق الدار بما فيها من كنوز ومخطوطات أثرية ووثائق، وبمن فيها من عاملين.. والمصيبة التى ترصدها "الشعب" هذه المرة تتعلق بقاعة الدوريات بالطابق الثانى من مبنى دار الكتب، فمنذ أيام قليلة فوجئ العاملون بالدار بشرارات الكهرباء تندلع من القاعة، وقبل أن تنشب النار فى الدوريات والمطبوعات التى يزخر بها المكان سارع بعض العاملين لفصل الكهرباء عن القاعة، وهم يحمدون الله على تدارك المصيبة التى كانت كفيلة باحتراق المبنى كله ومبنى دار الوثائق الملاصق، بما يحويه من تاريخ مصر وتراثها من الوثائق الرسمية. المصيبة ستتضح أبعادها أكثر حين نعلم أنها ليست المرة الأولى التى تتعرض فيها قاعات دار الكتب لخطر الاحتراق، فقد سبق أن حدث حريق بقاعة الاطلاع بالدار، وتم التكتم على المصيبة وأغلق الملف سريعًا عقب إرجاعه إلى حدوث ماس كهربى بالقاعة، وذلك دون توجيه تهمة الإهمال لأحد، والجديد هذه المرة أن قاعة الدوريات قد استلمتها إدارة الدار منذ شهر تقريبا، بعد عملية تطوير خضعت لها منذ أكتوبر 2010م، ومن المفترض أن تكون مؤمنة تمامًا ضد الحريق وغيره من الأخطار. وحين فتحنا ملف عملية التطوير علمنا أنها أسندت لشركة "العلا للمقاولات والتوريدات"، بتكلفة 715 ألف جنيه، على أن يتم التنفيذ خلال أربعة أشهر، وذلك فى أكتوبر 2010م، وتوالت المفاجآت المذهلة: تمثلت المفاجأة الأولى فى أن المهندس مالك الشركة غير مسجل فى سجلات نقابة المهندسين، حسبما أفاد خطاب رسمى من نقابة المهندسين، وذلك على خلاف ما يقتضيه القانون من أن يكون عضوًا بالنقابة، وكان يتعامل مع موظفى الدار بكارنيه مزور، ولم يقدم لأمن الدار بطاقة الرقم القومى الخاصة به، رغم مخالفة ذلك لقواعد الأمن فى تلك الهيئة الحساسة. وكانت المفاجأة الثانية أن مالك الشركة المذكور قد زور توقيع المهندسة ماجدة لويس المشرفة على أعمال التطوير، على تغيير بعض بنود المقايسة، وهو ما كبد الهيئة خسائر تقدر ب400 ألف جنيه!! أما المفاجأة الثالثة فهى أن مهندسى الكهرباء أعلنوا بشكل رسمى عن أخطاء فنية فى المشروع، وأن لجنة تشكلت من كلية الهندسة بجامعة عين شمس أثبتت المخالفات نفسها وأن ما قامت به الشركة من أعمال غير مطابقة للمواصفات الواردة فى المناقصة، ورغم ذلك لم يأبه السيد رئيس الهيئة، دكتور صابر عرب، بكل تلك التقارير، بل إنه كما تروى المهندسة ماجدة لويس فى شكاواها الرسمية لم يبال بتزوير المقاول لتوقيعها، بل اتهمها حسب نص بلاغها لمدير نيابة الثقافة "بعمل مشاكل فى الهيئة وإعاقة إجراءات تسليم المشروع قبل السنة المالية"، وتم تشكيل لجنة لاستلام المشروع استبعدت فيها المهندسة ماجدة موريس، واعتمد التشكيل د.صابر عرب، الذى يشغل حاليا منصب وزير الثقافة، ولم يعد مسئولًا عن دار الكتب وحدها، بل كل ثروة مصر الثقافية البشرية والمادية، ونحن نهدى هذه الوقائع للسيد هشام قنديل، رئيس الوزراء، الذى لن نكف عن التساؤل عن سر العلاقة الخاصة التى تربطه بوزير الثقافة، وتجعله يتشبث به، ويجبره على التراجع عن استقالته من منصب الوزير.