* جرثومة فتاكة وعلة فى جسد المجتمع له هدامة وللأعراض هتاكة ... انتشرت فى ربوع المجتمع انتشار النار فى الهشيم , ألا وهى جرثومة " مرض النميمة الذميمة " ...! ترى الفرد " رجلا كان أو امرأة " يعجبك قوله فى الحياة الدنيا وجاهه ومنصبه وشكله وملبسه ووظيفته , فإذا خالطته وجدته " هماز مشاء بنميم" تحسبهم فى الحق سهاما مهنده... وهم خشب مسندة...! تحسبهم فى الحق رجالا وهم فى الباطل أنذال..! تحسبهم فى المواقف العصيبة الحرجة كراما... وهم فى الأصل لئام...! * قال عنهم الحق عز وجل " ولا تطع كل حلاف مهين . هماز مشاء بنميم . " النمام خلقه ذميم وسلوكه دميم وخلقه لئيم وطريقه سئيم ,لاسيما إن كان يعمل سياسيا أو إعلاميا يشكل أراء وعقول العوام من الناس. يقول المأمون : " النميمة لاتقرب مودة إلا أفسدتها ولا عداوة إلا جددتها ولا جماعة إلا بددتها " . وقال الشاعر: من نم فى الناس لم تؤمن عقاربه على الصديق ولم تؤمن أفاعيه كالسيل بالليل لايدرى به احد من أين جاء ولا من أن أين يأتيه الويل للعهد منه كيف ينقضه والويل للود منه كيف يفنيه وقال احد الناس لأحد الصالحين فلان يغتابك فقال له هو رماني بسهم لم يصبني فلما حملته إلى أنت واصبتنى به في قلبي........؟ * وقد يخطئ إنسان فى حق إنسان آخر أو ينم عليه ولم يدر هو بذلك , فإذا بالفضائيات تستضيف الطرفين وتنفخ فى رماد الفتنة بينهما وتؤجج نار الكراهية فى قلوبهما حتى يحدث مالا يحمد عقباه ولا يعرف منتهاه...! فهل هذه هي رسالة الإعلام التنويرية الأخلاقية..؟ المشي بالنميمة بين الناس........! * وجاء فى الحديث : " ألا أنبئكم بشرركم ..؟ قالوا بلى يارسول الله قال " شراركم المشاؤؤن بالنميمة المفسدون بين الأحبة الباغون العيوب " وقال أيضا صلى الله عليه وسلم " ملعون ذو الوجهين ملعون ذو اللسانين " وجاء فى الحكم والأمثال: من أطاع الواشي ضيع الصديق وقد تقطع الشجرة فتنبت ويقطع اللحم السيف فيندمل واللسان لايندمل جرحه. وقال بعض الحكماء : " احذروا أعداء العقول ولصوص المودات وهم السعاة والنمامون إذا سرق الناس المتاع سرقوا هم المودات...! " وقيل : " لألف لحوح جموح خير من واحد نمام متلون لأنه كما تقول العرب مثل " أبو براقش " " وأبو قلمون " فأبو براقش طائر منقط بألوان النقوش يتلون فى اليوم الواحد ألوانا كثيرة....! ,وهذا شان النمام المتلون الذي يقابل هولاء بوجه وهولاء بوجه . له أكثر من وجه وأكثر من لسان حسب مقتضى الحال....! أما أبو قلمون فهو نوع من ثياب الحرير ينسج بالروم يتلون ألوانا متعددة فى كل وقت..! وهذا شان النمام الكذاب ...! وكان العرب عندهم " أبو قلمون "ونحن اليوم عندنا ألف أبو قلمون" وألف أبو براقش " وألف أم قلمون " . * وقال عبد الرحمن بن عوف : من سمع بفاحشة فأفشاها فهو كالذي أتاها...! ولما خرج يونس عليه السلام من بطن الحوت قيل له : ألا تتكلم ...؟ قال الكلام صيرني فى بطن الحوت....! فأين أنت يابطن الحوت من كل هولاء اليوم ...! آم إنهم هم أصبحوا حيتانا حتى فى الكذب والنميمة ...؟ * إن النمامين والنمامات الذين يحملون أقذر الشهادات من اكبر البرك والمستنقعات والذين يتصدرون المشهد الاعلامى فى الفضائيات فيهم اليوم ألف : أبو براقش " وألف " أبو قلمون " بل وألف " أم قلمون...! " الذين يتلونون بالليل والنهار. لهم ألف لسان وألف وجه وألف قبلة...!هولاء العبيد تربوا تحت أحذية الطغاة وكما يقولون " إذا أمطرت السماء حرية... فتح العبيد الشمسية...! " يخشون النور.. ويحبون الظلام .. يخشون الحرية.. ويعشقون العبودية... يخشون النوافد المفتحة... ويعشقون النوافد المغلقة...يخشون الانفتاح..... ويعشقون الانبطاح... يخشون النهوض... ويعشقون الركود... يخشون الشفافية... ويعشقون الأنانية... يخشون الإصلاح... ويعشقون القتل والفوضى وحمل السلاح.....! * لاتجد قوما يؤمنون بحق وطنهم فى الحرية والحياة الحرة الرغدة الكريمة يتلونون كالحرباء فى البيداء...! كل يوم هم بألف لسان.... كل يوم هم بألف وجه ... كل برنامج هم بألف شكل... وكل صلاة لهم ألف قبلة.... كيف تستقر الأمور وتخرج البلاد من الظلمات إلى النور وهولاء المتلونون المتحولون المتغيرون يعبثون بمصالح الوطن وامن الوطن واستقرار الوطن كما يعبث الصبية الصغار بأعواد الثقاب المشتعلة بالنار وهم لايدرون ولا يعلمون أنها أول ماتحرق ستحرقهم هم...! أفلا يعقلون...؟ * هؤلاء إذا لم يكذبوا ولم يمشوا بالنميمة السياسية بين الناس انشقت مرارتهم واحترقت أكبادهم ومنعوا النوم والرقاد...! لأنهم لايهدأ لهم بال ولا تطمئن لهم نفس ولايرتاح لهم ضمير إلا إذا نموا وعلى الناس منوا...! فراحوا فى رماد الفتنة ينفخون حتى تتطاير شرارها فتحرق الداني والقاصي , القائم والقاعد , البرئ والمتهم وهذه بغيتهم وهدفهم وطريقهم. * النمامون فى كل مؤسات الدولة متواجدون ومتحفزون وجاهزون لاستقبالك فى الصباح الباكر ليغسلوا وجهك بماء النميمة العكر...! فلان قال ... فتقول لهم : هل سمعته..؟ قالوا... لا....! فلان راح وباع واشترى واخذ وأعطى ثم أدبر يسعى....! هل رأيته...؟ قالوا : لا.....! فلان تزوج ثم طلق ولمديره فى العمل داهن وكذب وتملق...! هل شاهدته...؟ قالوا : لا.....! فلان وفلانة ذهبا من هذا الطريق وهما فى العمل أصل البلاء وسبب الحريق....! هل شاهدتهما بعينيك..؟ قالوا ....لا ....! وهكذا دوما وأبدا النمامون الكذابون لايهدؤون ولا ينامون وإن نامت قلوبهم وابدأنهم فان ألسنتهم مستيقظة لاتنام , وهكذا يفعل الإعلام بلا أدب أو احترام أو احتشام...! * إن أصحاب الوجوه الصفيقة المتلونة لايألون جهدا ولا يدخرون وقتا فى القيل والقال والتفريق بين المرء وزوجه وخلخلة استقرار المجتمع وهز أركانه وخلع أوتاده, يحملون فى إطراف ألسنتهم جراثيم الفتنة كما يحمل الذباب على أطراف أرجله جراثيم العدوى التي تضر بالصحة العامة...! الحذر منهم واجب فى كل وقت وحين حتى لايحولوا حياتنا إلى مستنقع من الوحل والطين...! ولابد أن يعزل هولاء كما تعزل الإبل المريضة من مربضها حتى لاتتفشى النميمة بين الناس كما يتفشى مرض الطاعون فى المجتمع . * إن " أبو براقش " وأبو قلمون" " وأم قلمون " هم أسباب نكستنا وخيبتنا وتراجعنا أمنيا واقتصاديا وسياسيا لأنهم يكيدون للمجتمع كيدا ويحقنون أوردته بحقن التنويم المغنطيسي حتى يتسنى لهم تنويمه وتخديره ومن ثم السيطرة عليه والهيمنة على مقدراته. إنهم ينشرون النميمة ويباركون الجريمة ويمرضون الأبدان السليمة . إن تخليص المجتمع من شرورهم وفسادهم وضلالهم هو مربط الفرس وحجر الزاوية فى أي إصلاح قادم وإلا فنحن ندور فى حلقة مفرغة كالذى يغشى عليه من الموت السياسي والاقتصادي والأمني...! * إن تخليه المجتمع من تلك الشراذم القليلة هو واجب الوقت قبل أن نقوم بعملية النحلية وكما قالوا " التخلية قبل التحلية...! " فلايمكن أن نطهر بحر الحياة وماسورة النمامين والنمامات تصب فيه القاذورات صبا . هولاء النمامون كالرمم البالية قد تطفو فوق سطح البحر فيبدوا للناظرين الموهومين المخدوعين أنهم ملكوا الدنيا ومن عليها ولا سبيل لاستئصالهم وتطهير المجتمعات منهم...! ولم يدركوا أن بحر الحياة ممتلئ عن آخره بالدرر الغالية التي لاترى بالعين المجردة لأنها مستقرة فى قاع البحر وتحتاج من يخرجها للناس كى تسر الناظرين . ولن تستوي يوما ما الرمم البالية بالدرر الغالية...! قولا واحدا : * إن مجتمع الفضائل سينتصر لامحالة , وإن مجتمع الرذائل سينهزم لامحالة. واختم مقالتي بقول احد أحبتى " من شرائط المروءة أن تتعفف عن الحرام وتتنظف عن الآثام وتنصف فى الحكم وتكف عن النميمة ولا تطمع فيما لاتستحق ولا تستطيل على من لاتسترق ولاتعين قويا على ضعيف ولا تؤثر دنيئا على شريف ولاتسن مايعقب الوزر والإثم ولا تفعل مايقبح الذكر والاسم " رزقنا الله وإياكم عفة اللسان وحلاوة الإحسان وكراهية الامتنان . الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة