الاستعانة بالهليكوبتر فى غسيل الأبراج والعوازل.. والتقارير الفنية تثبت تلوثها عقد الصفقة باركه «شفيق».. والفاتورة تسددها الشركة
تناولت «الشعب» فى عدد سابق، فصلا من فصول الفساد وإهدار المال العام بشركة كهرباء شرق الدلتا. واليوم، نقدم فصلا آخر من فصول فساد الشركة القابضة لنقل وتوليد الكهرباء بمنطقة غرب الدلتا والإسكندرية، متمثلا فى التعاقد مع شركة طيران خاصة لغسيل أبراج الضغط العالى، مقابل ملايين من الدولارات، فى حين أن التقارير الفنية للجان المتابعة للصيانة، قد أثبتت فشل هذه العملية، وأوصت بضرورة الاستغناء عن هذه الطائرة حفاظا على المال العام، واستمرارا لكفاءة الأبراج. بدأت القصة عندما عزمت الشركة المصرية لنقل الكهرباء على استئجار طائرات مروحية من شركة «اسمارت» للطيران المدنى؛ لغسل عازلات أبراج الجهد العالى بمناطقها المختلفة، خاصة فى منطقة غرب الدلتا والإسكندرية بمبالغ مالية تقدر بمئات الآلاف من الدولارات شهريا، تدفعها الشركة المصرية لنقل الكهرباء من رأسمالها إلى شركة «سمارت».
استغلال نفوذ وفى عام 2008، مع بداية تجربة استخدام طائرات الهليكوبتر، رفض المهندس «حسن نجم» رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لنقل الكهرباء، توقيع عقد التعاون مع شركة «اسمارت» للطيران الخاصة المسند إليها مهمة غسل عوازل أبراج الجهد العالى؛ وذلك عندما كان شاهد عيان على فشل تلك التجربة واعتبرها إهدارا للملايين من الدولارات من المال العام، فى حضور وزير الكهرباء والطاقة الأسبق الدكتور «حسن يونس»، وبصحبته وزير الطيران وقتها «أحمد شفيق»، ورئيس مجلس إدارة شركة «اسمارت» للطيران الخاصة. وقد أثبتت التجربة وقتها فشلها، واستاء كثير من المرافقين، خصوصا أنه فُصلت التغذية عن الدائرة حتى انتهاء الغسل بالطيران، وقد كانت سببا وراء تغييره بالمهندس «فتح الله لطفى شلبى» ليكون رئيسا لمجلس إدارة الشركة المصرية لنقل الكهرباء. وبعد التعيين بتسعة أيام، وُقّع عقد إسناد عملية غسل العازلات إلى شركة «اسمارت» للطيران!.
مبالغة فى المستحقات وبدأت الشركة تستعين بالطائرة فى غسل العوازل، وشركة «اسمارت» تحصّل الفواتير شهريا دون رقابة ولا متابعة. وفى أواخر 2011، طالبت «اسمارت» الشركة المصرية لنقل الكهرباء بمستحقات شهرى نوفمبر وديسمبر لعام 2011 عن غسل عدد الأبراج التى تم الانتهاء منها؛ وذلك طبقا للعقد المبرم بينهما. وقد تضمنت الفاتورة استحقاقات 67 برج شد، و206 أبراج تعليق؛ أى 273 برجا، بإجمالى 162 ألفا و889 دولارا أمريكيا قيمة مستحقات فاتورة ديسمبر 2011. أما فاتورة نوفمبر 2011 فكانت بإجمالى 139 ألفا و440 دولارا أمريكيا، نظير إجراء الشركة التنظيف وغسل العازلات المعتاد. وعند معاينة الأبراج على الطبيعة، وُجدت فروق كبيرة بين ما جاء فى الفواتير، وإنجاز الأعمال على أرض الواقع، كشفها المهندس بركات سيف عامر العضو المنتدب للمنطقة الشمالية، وقد أثبت المخالفات على الطبيعة بمذكرة رسمية رفعها إلى رئيس قطاع الشئون المالية والإدارية، فى 31 يناير 2012، جاء بها أنه بالمراجعة على الطبيعة، تبين أن هاتين الفاتورتين خاصتان بغسل العازلات لدائرة توليد النوبارية / القاهرة 500 جهد 500 ك.ف التابعة لمنطقة الإسكندرية وغرب الدلتا، خلال شهرى نوفمبر وديسمبر 2011. وقد تبين فرقٌ فى عدد الأبراج التى جرى العمل عليها والموجودة بالفعل فى المنطقة، وهى برجان للشد، و(32) برج تعليق، ومن ثم فإن مطالبة شركة «اسمارت» للطيران تشمل تحصيل مبالغ مالية أكبر من المفترض ب24 ألفا و734 دولارا. ورغم هذه المخالفات، فإنه فى 22/2/2012 رفع رئيس قطاع الشئون المالية والتجارية مذكرة إلى العضو المنتدب للمنطقة الشمالية بضرورة صرف مستحقات شركة طيران «اسمارت» الخاصة بدون تعديل فى قيمة الفاتورتين بعد إثبات عبارة «تمت المراجعة فنيا ولا مانع من الصرف».
مخالفة التقارير الفنية ومع صرف كل هذه المبالغ على نظافة الأبراج، فإن جميع التقارير الفنية تبث أن الأبراج بها نسبة كبيرة من الملوثات، كما جاء بالتقرير الفنى للمهندس أحمد محمد شعلان مدير عام خطوط غرب البحيرة، الذى اقترح فيه الاستغناء عن خدمات شركة «اسمارت» للطيران؛ لأن عملها يثير مشكلات فنية، كما أن حالة الأبراج ساءت بنسبة كبيرة بعد استخدام الطائرات فى غسل عازلات أبراج الجهد العالى. وفى مذكرة للمهندس رامز بشير رئيس قسم الصيانة تحت الجهد، جاء فيها أنه جرى العمل، على خط النوبارية/القاهرة 500 جهد 500 ك.ف، يوم 2 يناير 2012، على الأبراج (209 شد – 213 دوبل – 214 مفرد – 215 مفرد -217 مفرد – 218 مفرد) وقد لوحظ تلوث شديد على عوازل البرج 209، وتلوث خارجى على أسطح عوازل الأبراج 213، و215، و217 داخليا وخارجيا.
الاستغناء عن الطائرة ومن واقع المخاطبات والأوراق الرسمية الصادرة عن الإدارة العامة لمنطقة غرب البحيرة التابعة لمنطقة الإسكندرية وغرب الدلتا للشركة المصرية لنقل الكهرباء؛ يوجد مخاطبات تفيد بالاستغناء عن خدمة الطائرة والمكلفة ماديا؛ ففى 4 يناير 2012 ورد خطاب من رئيس قطاع الخطوط والكابلات لغرب الدلتا يطالب فيه بالاستغناء عن العمل بالطيران المستخدم فى غسل عازلات أبراج الضغط العالى؛ لأنه يشكل عبئا على الشركة من حيث المجهود والميزانية، ويمكن استبدال سيارة تنك كبير مجهزة بالمحابس والخراطيم سعة 40 طنا مكانها لإحضار المياه المقطرة من محطة توليد النوبارية، وأخرى للمهندس المشرف لمتابعة عملية الغسل، التى يستحيل متابعتها بعمل الطائرة على الأبراج مع العمل بالنظام الذى كان متبعا قبل العمل بالطائرة، وهو فصل التيار شهريا لمدة أربع ساعات خلال يومين من كل شهر. وسوف يجرى العمل عبر فرق الصيانة الجافة تحت الجهد، من خلال الإدارة العامة لخطوط غرب البحيرة (السادات- التحرير - بدر- أبو المطامير) مع المحافظة على استقرار وضع الخطوط. والجدير بالذكر أن شركة الطيران «اسمارت» اعتمدت على دائرة توليد النوبارية/القاهرة 500 جهد 500 ك.ف المذكورة فى غسل العازلات فى الفترة 12/11/2011 بدءا من برج 239 وانتهاء ببرج رقم 1 تاريخ 13/12/2011، وتم فصل الدائرة فى 2/1/2012 والعمل عليها بمعرفة فرق الصيانة الجافة والغسيل بالإدارة العامة لخطوط غرب البحيرة؛ وذلك فى الجزء من برج 177 حتى البرج 239. وهذا الجزء غُسلت عازلاته بمعرفة الطيران فى الفترة من 12/11 حتى 25/11/2011. ولقد أثبتت تقارير المتابعة وشهادة العاملين المثبتة بالتقارير؛ أن عازلات الدائرة التى نُظّفت بالطائرة، ملوثة وفى حاجة إلى تنظيف، مع وجود حالة تلوث شديدة لعازلات تلك الأبراج لهذه الدائرة، مع العلم أن غسل العوازل عملية فنية سهلة وبسيطة تجريها دائما فرق الصيانة الجافة تحت الجهد بالشركة المصرية لنقل الكهرباء دون تكاليف.