قال الكاتب والباحث فى الشئون الإفريقية السيد مصطفى أبو الخير أن الحرب التي تقودها فرنسا على الدولة المسلمة مالي جاءت كتطور مفاجئ وسريع، خاصة على شمالها حيث تسيطر الجماعات الإسلامية على شمال مالى وفرضت عليه سيطرتها، وتسعى للزحف جنوبا للسيطرة على باقى أجزاء مالى، بعد فشل الحكومات العميلة السابقة فى حفظ الأمن وتوفير ضروريات الحياة للشعب المالى، البالغ حوالى خمسة عشرة مليون نسمة المسلمون أكثر من تسعين بالمائة، وذكر الكاتب : أن "فرنسا تزعم أنها شنت الحرب بناء على طلب الحكومة الانتقالية فى مالى، علما بأن أفريقيا الوسطى أرسل رئيسها أستغاثة للفرنسيين والأمريكان لمساعدة بلاده فى الحرب ضد المعارضة المسلحة، ولكن رفضت فرنسا الأستجابة لهذه الأستغاثة متعللة بأنها لا تتدخل فى نزاع داخلى فى دولة وأن جنودها لحماية الرعايا الفرنسيين وحماية مصالحها فقط ". واستدرك أبو الخير : أن "الجديد فى مالى جعل فرنسا وحلف الناتو وبعض الدول العربية والإفريقية المسلمة تشن حرب غير شرعية خلافا لميثاق الأممالمتحدة وميثاق منظمة المؤتمر الإسلامى وميثاق الأتحاد الإفريقى هو الإسلام، تلك هى الحقيقة التى اخفتها وسائل الإعلام فالحركات الإسلامية التى سيطرت على شمال مالى أستطاعت أن تنشر الأمن والأمان فى ربوع الشمال، فضلا عن توفير الضروريات للحياة فى شمالى مالى، مما جعل الكثير من سكان الشمال يعودن له أملا فى حياة كريمة وفرتها لهم الجماعات الإسلامية بعد فشل الحكومات العميلة المتعاقبة ". ودلل الكاتب على ما سبق بالتصريحات التى خرجت من فرنسا على لسان رئيسها ووزير خارجيتها وذكرت أن الحرب جاءت لمنع قيام دولة إسلامية فى مالى تكون موضع قدم لتنظيم القاعدة المزعوم ولقتال الجماعات الإسلامية فى مالى والمعروف أن هذه الجماعات إسلامية، والتصريحات الغربية أفادت أن الحرب لمنع الإرهاب والصحيح لمحاربة الإسلام، ولا يمنع ذلك من محاولة فرنسا أسترداد مستعمراتها ونفوذها فى إفريقيا الذى يزاحمه النفوذ الأمريكى والصينى والروسى، كما أن ثروات مالى التعدينية يسيل لها لعاب كل هذه القوى الاستعمارية التى تحاول أستعادة مستعمراتها لنهب ثرواتها. وقال الكاتب أن "هذه الحرب غير شرعية وعدوانية ومخالفة صريحة للقانون الدولى وقانون المنظمات الدولية وخاصة ميثاق الأممالمتحدة، ففى المادة الأولى منه لأن هذه الحرب تهدد السلم والأمن الدوليين، والمادة الثانية الفقرة الرابعة التى حظرت أستخدام القوة فى العلاقات الدولية، وتعتبر تدخلا سافرا فى الشئون الداخلية لدولة عضو فى الأممالمتحدة مخالفا بذلك المادة الثانية الفقرة السابعة، ولا يقدح فى ذلك أن التدخل العسكرى جاء بناء على طلب من الحكومة المالية لأن الحكومة مؤقتة فضلا عن أنها تدار بإنقلاب عسكرى غير شرعى حدث قبل نهاية حكم الرئيس السابق بثلاثة أشهر، مما يجعل الشعب المالى له حق الدفاع الشرعى ضد فرنسا ومن يساعدها على العدوان طبقا للمادة (51) من الميثاق ". وأضاف أن : " القرار الذى أصدره مجلس الأمن رقم 2085 لسنة 2012م بشأن مالى لم يبح لفرنسا بالتدخل العسكرى، وأعطى فرصة للجهود الدولية، وطلب بقوة متعددة الجنسيات من القوات الأفريقية وحدد خريف هذا العام للتدخل عسكريا حال فشل المفاوضات وفشل إجراء انتخابات فى إبريل القادم وأن تواكب جهود المصالحة السياسية عملية إعادة بناء الجيش المالي وتدريب القوات الأفريقية المشتركة التي ستشكل جزءا من القوة الدولية (البعثة الدولية لدعم مالي) بحيث تكون مستعدة لإعادة السيطرة على الشمال، ويشترط القرار أن يبدي مجلس الأمن رضاه عن جاهزية هذه القوة، انطلاقا من معايير محددة وهي «التدريب، وفاعلية البنية القيادية، والتجهيز، والتكيف مع الميدان»، قبل أن تتمكن من الانتشار في شمال مالي" . وأعرب عن أسفه من قيام دول إسلامية بمساعدة فرنسا فى عدوانها على مالى تآتى فى مقدمتها الجزائر التى فتحت مجالها الجوى بدون شروط للطائرات الفرنسية التى تضرب المدنيين مخالفة بذلك اتفاقيات جنيف الأربعة وخاصة الاتفاقية الرابعة لعام 1949م والبروتوكولين الإضافيين لعام 1977م، وبذلك تعتبر الحركات الإسلامية فى مالى حركات تحرر وطنى تدافع وتستخدم حقها الشرعى فى الدفاع وينطبق عليها كافة الشروط الواردة فى القانون الدولى الإنسانى المطلوب توافرها فى حركات التحرر الوطنى والواردة فى المواد (59- 60 – 139 – 155) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م. وهذه الحرب تخالف ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامى خاصة المادة الأولى والثانية منه التى نصت على أهداف ومبادئ المنظمة، منها احترام حق تقرير المصير، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأعضاء، واحترام سيادة واستقلال ووحدة أراضى كل دولة عضو وأستعادة السيادة الكاملة، ووحدة أراضى أى دولة عضو، وتعهدت الدول باحترام سيادة واستقلال كل دولة عضو وحماية وصون الأمن والسلم الدوليين، أين ذلك مما يحدث من الدول الإسلامية التى ساعدت وشاركت فى العدوان على مالى وخاصة الجزائر وتشاد، مخالفة إعلان حقوق وواجبات الدول الصادر عن الأممالمتحدة الذى نص على عدم المساهمة أو الاشتراك فى حرب عدوانية، وطالب بضرورة مساعدة الدولة التى تتعرض لعدوان بكل السبل والآليات حتى الأسلحة لصد ورد العدوان. هذه الحرب العدوانية مخالفة صريحة لميثاق الاتحاد الإفريقى منظمة الوحدة الإفريقية سابقا خاصة المادتين الثالثة الفقرة الثانية التى نصت على (الدفاع عن سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها واستقلالها) والفقرة السادسة التى نصت على (تعزيز السلام والأمن والأستقرار فى القارة الإفريقية، والمادة الرابعة التى نصت على المبادئ التى يمكن عن طريقها تحقيق كافة الأهداف الواردة فى المادة الثالثة من الميثاق وخاصة الفقرة الخامسة التى نصت على ( تسوية الخلافات بين الدول الأعضاء فى الاتحاد بوسائل مناسبة يقررها المؤتمر) والفقرة السادسة التى نصت على (منع أستخدام القوة أو التهديد بأستخدامها بين الدول الأعضاء فى الاتحاد) والفقرة السابعة التى نصت على (عدم تدخل أى دولة عضو فى الشئون الداخلية لدولة عضو). ترتيبا على ما سبق يجب الوقوف فى وجه هذا العدوان غير الشرعى، وإيقافه بسرعة حماية للمدنيين، واحتراما لسيادة وأستقلال دولة عضو فى المجتمع الدولى، وعضو فى منظمات دولية على رأسها الأممالمتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامى والاتحاد الإفريقى، ويجب تفعيل هذه النصوص السابقة على أرض الواقع واتخاذ الإجراءات العملية لوقف العدوان وعدم عودة الأستعمار. الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة