صباح يوم الأربعاء 24/10/2012م، قام الطيران الصهيونى بقصف مصنع اليرموك فى الخرطوم بزعم استهداف شحنات أسلحة متطورة من صنع إيرانى كانت سترسل إلى قطاع غزة، وليس مصنع الأسلحة نفسه، هذا ما ردده الكيان الصهيونى، ونفته الخرطوم وقالت إن القصف كان لمصنع أسلحة جنوبالخرطوم، وقال الناطق باسم الحكومة السودانية فى مؤتمر صحفى بالخرطوم إن أربع طائرات صهيونية قصفت فى الساعات الأولى من صباح الأربعاء منشأة «اليرموك» الحربية، بالقرب من ضاحية «أبو آدم» جنوبىالخرطوم، وسط منطقة مأهولة بالسكان، وتنتج ذخائر وأسلحة تقليدية، وأنها استخدمت تقنيات متطورة لا تتوفر إلا لدول بعينها، اخترقت الرادارات ونفذت عمليتها، أدى لقصف بعض المنازل السكنية فى المناطق القريبة مكان المصنع، وأدت بعض المتفجرات لمقتل شخصين مدنيين، وإصابة ثالث بجراح يتلقى العلاج فى المستشفى، وتلقى آخرون الذين أصيبوا بجراح وكسور العلاج اللازم، واحتفظت الخرطوم بحق الرد فى المكان والموعد اللذين نختارهما، كما طالبت مجلس الأمن بإدانة العدوان الصهيونى على المصنع. هذا القصف يعد انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولى ولمواثيق المنظمات الدولية، ويشكل جريمة عدوان طبقًا للمادة الخامسة من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية، ويعد استخدامًا غير مشروع للقوة طبقًا للفقرة الثانية من المادة الرابعة من ميثاق الأممالمتحدة، ونوضح ذلك ونفسره فى الآتى: بالنسبة للقانون الدولى العام، يعتبر هذا القصف انتهاكًا لمبدأ سيادة الدول واستقلالها، كما أنه يخالف مبدأ حظر استخدام القوة ضد سيادة الدول واستقلالها، فضلاً عن أنه يعد بمثابة حرب على السودان وهى دولة عضو فى الأممالمتحدة وكل المنظمات الدولية وعلى رأسها الأممالمتحدة، كما أنه يعتبر عملاً يهدد السلم والأمن الدوليين والإقليمى أيضًا، ويعتبر تدخلاً غير مشروع فى الشئون الداخلية للدول، وبذلك فهذا العدوان يعد انتهاكًا للمبادئ العامة/ الآمرة فى القانون الدولى. والكيان الصهيونى يعتبر طبقًا للقانون الدولى قوة احتلال فى فلسطين من النهر إلى البحر، لأن وجوده فى فلسطين يناقض كل أحكام ومبادئ القانون الدولى العام، وخاصة مبدأ تحريم الاستيلاء على أراضى الغير بالقوة، ومبدأ حظر استخدام القوة، فضلاً عن أن بطلان توصية التقسيم 181 لسنة 1947م، إضافة إلى أن الأممالمتحدة ألغت هذه التوصية فى 14/5/1948م، عن طريق مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، لذلك فإن قوات الاحتلال ليس لها حق الدفاع الشرعى لأن من شروطه ألا يكون من يستخدمه – أى الدفاع الشرعى – معتديًا، وقوات الاحتلال الصهيونية معتدية على أرض فلسطين، لذلك يحق للسودان أن يستخدم حقه فى الدفاع الشرعى طبقًا لميثاق الأممالمتحدة المادة (51) منه. وفى قانون المنظمات الدولية، يعد هذا العدوان انتهاكًا لكل مواثيق المنظمات الدولية، وعلى رأسها ميثاق الأممالمتحدة، وميثاق جامعة الدول العربية، وميثاق الاتحاد الإفريقى، وميثاق منظمة المؤتمر الإسلامى، فهذا القصف يعد انتهاكًا خطيرًا لميثاق الأممالمتحدة خاصة فى المادتين الأولى الفقرة الأولى الخاصة بحفظ السلم والأمن الدوليين، لأن هذا القصف يهدد السلم والأمن الدوليين إقليميًا حيث يمكن أن ينتج عنه حرب إقليمية، كما أنه يهدد أمن وسيادة وسلامة واستقلال السودان، والمادة الثانية الفقرات من الأولى للرابعة والفقرة الأخيرة تنص على مبدأ حظر استخدام القوة فى العلاقات الدولية، وطبقًا للمادة (51) من ميثاق الأممالمتحدة يكون للسودان حق الدفاع الشرعى ضد هذا العدوان. كما أن العدوان يمثل انتهاكًا لميثاق جامعة الدول العربية بداية من الديباجة والمادتين الأولى والثانية، أى مخالف لأهداف ومبادئ جامعة الدول العربية، وخاصة استقلال الدول العربية والوقوف معًا ضد التدخلات والأطماع الأجنبية، والمحافظة على السلم والأمن العربى، طبقًا لنص المواد الخامسة والسادسة والثامنة من ميثاق الجامعة، حيث نصت الأخيرة على مبدأ المساعدة المتبادلة حال العدوان، كما أنه يخالف اتفاقية الدفاع العربى المشترك لعام 1950م، وطبقًا لميثاق جامعة الدول العربية للسودان حق الدفاع الشرعى ضد القصف. كما يعد القصف انتهاكًا لميثاق الاتحاد الإفريقى خاصة المادتين الثالثة والرابعة، ويمنح الميثاق السودان حق الدفاع الشرعى للسودان ضد هذا العدوان، لأنه عمل غير مشروع، ويؤكد ذلك أيضًا المادتان الأولى والثانية من ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامى، اللتين نصتا على أهداف ومبادئ المنظمة، التى حرصت على النص على كل ما يحمى استقلال وسيادة وأمن الدول الإفريقية من أى اعتداء خارجى، مما يؤكد حق السودان فى الدفاع الشرعى. ويشكل هذا القصف جريمة عدوان فى القانون الدولى الجنائى، ويؤكد نص المادة الخامسة فقرة (د) من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية، وأيضًا طبقًا للمادة الأولى من قرار تعريف العدوان رقم (3314) لعام 1974م، الذى عرف العدوان ونص على الأفعال المادية المكونة للركن المادى لجريمة العدوان، ويحق للسودان اللجوء للقضاء الدولى الجنائى لمحاكمة الكيان الصهيونى قادة والأفراد الذين ارتكبوا هذه الجريمة، وذلك فى المحكمة الجنائية الدولية طبقًا للمادتين (14 و15) من النظام الأساسى، وللسودان أن يقبل اختصاص المحكمة فى هذه الجريمة فقط دون التصديق على النظام الأساسى، ولا يقدح فى ذلك كون الكيان الصهيونى غير مصدق على نظام المحكمة، لأن هذا النظام نص على مبادئ عامة / آمرة فى القانون الدولى، لا يجوز مخالفتها أو الاتفاق على مخالفتها. أو عن طريق طلب من مجلس الأمن تشكيل محكمة دولية، على غرار يوغسلافيا ورواندا، فإذا اصطدم بالفيتو الأمريكى وهذا متوقع فعلاً، يمكن اللجوء إلى الاتحاد من أجل السلم، الذى نص فى المادة الأولى منه على أنه فى حالة فشل مجلس الأمن فى اتخاذ قرار بسبب الفيتو تعود للجمعية العامة اختصاصات مجلس الأمن الواردة فى المادة (24/1) من ميثاق الأممالمتحدة، والذى نصت على الأزمات الدولية التى تهدد السلم والأمن الدوليين. وتطبيقًا لاتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م والبرتوكولين الإضافيين لعام 1977م، وخاصة المواد (من 49 حتى 52) من اتفاقية جنيف الأولى، وقد نصت هذه المواد على ضرورة تعهد كل الدول الأطراف بأن تتخذ أى إجراء تشريعى يلزم عقوبات جزائية فعالة على الأشخاص الذين ينتهكون اتفاقيات جنيف سالفة الذكر، وطلبت هذه الاتفاقيات من الدول الأطراف ملاحقة ومحاكمة ومعاقبة كل من ينتهك هذه الاتفاقيات، وكذلك المادة (149) من اتفاقية جنيف الرابعة، والمواد (من 86 حتى 91) من البروتوكول الإضافى الأول لعام 1977م، وتطبيقًا لذلك يمكن للسودان أن تحاكم من ارتكب هذه الجريمة أمام محاكمها طبقًا للاختصاص القضائى الوارد فى المواد السابقة، وهناك العديد من الدول فى العالم منحت محاكمها حق محاكمة مرتكبى الجرائم الدولية والتى لا ترتكب على أراضيها.. وفى النهاية نستطيع القول إن القصف يشكل جريمة عدوان، يحق للسودان حق الدفاع الشرعى وحق محاكمة من ارتكب هذه الجريمة، ولن ينفع اللجوء لمجلس الأمن لإدانة هذه الجريمة، لأن المجلس لن يفعل أى شىء بسبب الفيتو الأمريكى الجاهز خاصة فى ظل انتخابات الرئاسة الأمريكية، حيث يلهث كل مرشح للفوز بأصوات اليهود.