حسام كنفاني قد تشكّل الانتخابات الفرعية في المتن الشمالي اللبناني في الخامس من آب/ أغسطس المقبل فرصة جديدة لإعادة رسم خريطة القوى السياسية على الساحة السياسية في لبنان، أو تثبيت الخريطة الحالية، التي تعطي رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون نحو 70 في المئة من أصوات المسيحيين، بناء على الانتخابات التي جرت في العام 2005.
المؤشرات الأولية تؤكد أن الاتجاه حالياً هو نحو معركة انتخابية بين مرشح عون الذي يمثّل المعارضة والرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل، المفترض أنه يخوض الانتخابات باسم قوى الأكثرية الحاكمة أو “14 آذار”.
النتيجة، في حال قبولها من الطرفين، يفترض أن تشكّل مخرجاً لأزمة الاستحقاق الرئاسي المقرر في أيلول/سبتمبر المقبل. ففوز عون ومرشحه يدعّم مطلبه بالرئاسة باعتباره الممثل الحقيقي للمسيحيين في الساحة اللبنانية، وبالتالي من حقه المطالبة بمساواة آلية اختيار شاغر الرئاسة الأولى بآلية اختيار الرئاستين الثانية والثالثة. أما في حال فوز الجميل و”14 آذار”، فالباب قد يبقى مفتوحاً أمام أخذ ورد، ويدعّم موقف الأكثرية بتشكيكها في نسبة ال 70 في المئة من المسيحيين، التي يؤكد عون أنه يمثلها، وبالتالي التشكيك في حقه في المطالبة بالرئاسة الأولى.
وبغض النظر عن نتيجة الانتخابات، فمسألة ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، المرفوضة كلياً من قوى الأكثرية، قد تكون مفيدة ل”أجندة الأكثرية” أكثر منها للمعارضة على أكثر من صعيد، إضافة إلى قدرة عون كشخص على معالجة ملفات لن يقدر عليها أي رئيس آخر من قوى الموالاة.
فالملف الأبرز الذي تضعه المعارضة على رأس أولوياته، وبالتالي على طاولتي الحوار والتشاور، وهو سلاح حزب الله، قد يكون أساسياً في تعاطي عون الرئاسي بناء على برنامجه الذي أعلنه منذ عودته إلى لبنان قبل عامين ونيف. لكن المعالجة لن تكون بالطريقة الصدامية التي تعتمدها الأكثرية، ولا سيما أن علاقة عون وحزب الله توطدت، خصوصاً بعد عدوان تموز/ يوليو ،2006 بشكل غير مسبوق.
كما أن مجرد قبول الأكثرية بعون مرشحاً للرئاسة، قد يحرج أطرافاً في المعارضة، لم تعلن إلى الآن موقفاً واضحاً من مسألة ترشيحه، أو قبلت على مضض معتمدة على ضمان الرفض الأكثري مسبقاً، وبالتالي فقبول “14 آذار” بعون قد يكون فرصة تتحينها قوى الموالاة لإحداث بعض الشقاق في صفوف المعارضة، لن يكون من السهل حسمه، أو يحسم لصالح “الأكثريين” باستبعاد ملف المحاسبة على الفساد، الذي يخشاه أكثر من طرف من الفريقين.
ترشيح عون، بغض النظر عن كونه حقاً له كالقوة المسيحية الأكبر، سيكون فعلاً اختباراً لبرنامجه الانتخابي، فإما يكرّس قوته أو تكون بداية نهاية.