وزَّعت كلٌّ من بريطانيا وفرنسا وغانا مشروعَ قرار في مجلس الأمن الدولي يسمح بنشر قوة حفظ سلام مشتركة بين الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي في إقليم دارفور المشتعل لمدة عام وهو الأمر الذي يؤكد محاولات الغرب لتدويل أزمة دارفور وفرض الحل الأمريكي- الغربي على السودان. ويتضمن مشروع القرار أن القوة ستتكوَّن من 19.555 عسكريًّا إضافةً إلى فريق مدني يضم 3772 شرطيًّا و19 وحدة لتدريب الشرطة. ووفق ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية فإن القرار يحذر من أنَّه في حال عدم تمكُّن الأطراف السودانية من القيام بواجباتها أو التعاون في التنفيذ فإنه سيتم تنفيذ "إجراءات"، دون تحديد إجراءاتٍ بعينها ودون توضيح إن كان الأمر يعني عقوباتٍ محتملةً أم لا ويطلب مشروع القرار كذلك من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن يحدِّد "بلا تأخير" الإجراءات العملية لنشر هذه القوة وخاصةً طريقة تمويلها. ويدعو المشروع إلى وحدة التسلسل القيادي لهذه القوة تحت المسئولية الحصرية للأمم المتحدة لكنْ من المستبعَد بدء انتشار هذه القوة قبل مطلع العام المقبل وحين يتم نشر القوة المختلطة في دارفور فإنَّها ستكون أكبر مهمة للأمم المتحدة في العالم حاليًّا. وكانت الحكومة السودانية قد وافقت مؤخرًا على المرحلة الثالثة للخطة الأممية لنشر القوات المشتركة في دارفور، كما تسعى الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي إلى عقد جولة محادثات جديدة بين الحكومة وفصائل التمرد في دارفور إلا أنَّ الخرطوم ترفض إجراء تعديلات على اتفاق أبوجا للسلام الموقَّع في مايو من العام الماضي 2006م مع فصيل الزغاوة في حركة تحرير السودان في حين يُطالب المتمردون بمزيدٍ من المكاسب ومن المقرَّر أن تستضيف ليبيا يوم الأحد المقبل اجتماعًا لمناقشة التقدُّم الذي تم إحرازه لترتيب المحادثات، خاصةً فيما يتعلق بجدول الأعمال وفصائل التمرد التي ستوجَّه إليها الدعوة. من جهةٍ أخرى أكد الاتحاد الإفريقي أنَّ قواته العاملة في إقليم دارفور تعاني من أزمة تمويل خانقة مما يؤثر على معنوياتها ويعوق أداءَ أدوارها في الإقليم الأمر الذي يلقي بالشكوك حول إمكانية مشاركتها في القوات المختلطة التي قرَّر المجتمع الدولي نشرها في الإقليم. وقالت رودلف أدادا- الممثل الخاص لبعثة الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي في دارفور ورئيس بعثة الاتحاد الإفريقي في السودان- إن المشكلة المالية خطيرة جدًّا مضيفا أن لدينا أفراد في الميدان لم يتقاضوا رواتبهم ل4 أشهر هذا سيئٌ جدًّا لمعنويات الجنود في الميدان. وشدد أدادا - بحسب رويترز - على أن وجود القوات الإفريقية في السودان هو أحد الأسس التي تقوم عليها القوات المختلطة المقرَّر نشرها في الإقليم وقال إنه أمر على قدر كبير من الأهمية حقًّا أن تكون بعثة الاتحاد الإفريقي في السودان جيدة كي نستطيع أن نبني عليها القوة المختلطة. وأوضح أنه سوف يطلب الدعم من الأوروبيين خلال توجُّهه في رحلة إلى الأممالمتحدة لبحث المشكلة. وفي تعليق على تلك الانتقادات قال الاتحاد الأوروبي إنه قام بتحويل الأموال اللازمة إلى الاتحاد الإفريقي، إلا أنها فيما يبدو عالقةٌ في إثيوبيا (مقر الاتحاد). وقال المتحدث باسم مفوض معونات الاتحاد الأوروبي لوي ميشيل: إن المفوضية الأوروبية تعتقد أن التأخير يرجع إلى نقص الخبرة والقدرات الإدارية في مقر الاتحاد الإفريقي نافيًا وجود دليل على حدوث احتيال. وتأتي هذه المشكلة في الوقت الذي تتسارع فيه الضغوط الدولية على السودان من أجل القبول بنشر قوات دولية في إقليم دارفور تعمل مع قوات الاتحاد الإفريقي المنتشرة حاليًّا في الإقليم في إطار شامل يسمَّى "القوات المختلطة"؛ بحيث تكون قيادة القوات في يد الاتحاد الإفريقي مع وجود صلاحيات ميدانية واسعة لدى الأممالمتحدة تعطيها القيادة في بعض الأحوال. وتحاول الدول الغربية- وبخاصة الولاياتالمتحدة- دفْعَ السودان إلى التراجع عن إصراره على تولِّي الاتحاد الإفريقي قيادة القوات المختلطة وعدم وجود قوات دولية بأعداد واسعة في القوات المختلطة إلا أن السودان يرفض تلك الضغوط ويعتبر هذين الأمرين شرطَين مهمَّين من أجل قبول نشر القوات؛ مما يُلقي بالكثير من الشكوك على مسألة نقص التمويل التي تعانيها القوات الإفريقية العاملة في دارفور. فقد تكون عملية نقص التمويل جزءًا من الضغوط التي تمارَس على الحكومة السودانية بحيث يتم إضعاف قدرات القوات الإفريقية العاملة في الإقليم من خلال تقليص الدعم المقدَّم لها؛ مما يقود في النهاية إلى عدم قدرة تلك القوات على القيام بواجباتها بسبب نقص العتاد وانهيار معنويات الجنود؛ الأمر الذي يؤدي إلى نشر أعداد أكبر من القوات الدولية في القوة المختلطة التي سوف تنتشر في دارفور، والتي من المستبعد نشرها قبل 6 أشهر من الآن. وتسعى الولاياتالمتحدة إلى نشْر قواتٍ لها في إقليم دارفور بأية وسيلة من أجل تحقيق العديد من الأهداف، ومن بينها نشر قوات تابعة لها جنوب العالم العربي؛ بما يُسهم في دعم وجود القوات الأمريكية في القارة، وهي القوات التي من مهامها الأساسية العمل على استهداف مصر ودول المغرب العربي في حال اضطِّرار الولاياتالمتحدة التعامل عسكريًّا مع تلك الدول. وقد وقفت الولاياتالمتحدة وراء صدور القرار الدولي 1706 الذي ينص على نشر قوة دولية في دارفور بشرط موافقة الحكومة السودانية، وقد وافقت السودان على نشر القوات بشرط أن تكون مختلطة، وأن تكون قيادتها تابعةً للاتحاد الإفريقي، وألا تتضمن عددًا كبيرًا من القوات الأجنبية، وأن تكون القوة في غالبيتها إفريقية. إلا أن ضعف التمويل الذي تعانيه القوات الإفريقية الموجودة حاليًّا في دارفور يعزِّز من إمكانية أن تصبح الأعداد الأكبر في القوة المختلطة هي من الدول الغربية، بخاصة الولاياتالمتحدة، ويمثل دخول القوات الأجنبية في دارفور حلقةً جديدةً من دخول القوات الأجنبية في العالم العربي.