حسب شبكتي "سي ان ان" وايه بي سي" الاميركيتين، فان الرئيس اوباما اختار السناتور جون كيري لتولي وزارة الخارجية خلفا لهيلاري كلينتون، وكيري الذي يرأس حاليا لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، بات وهو من أقدم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ الأميركي، مرشحاً توافقياً لتولي حقيبة الخارجية خلفاً لكلينتون، ويرأس منذ أربع سنوات لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، التي تتمتع بنفوذ كبير، خلفاً لنائب الرئيس الحالي جو بايدن. وما يهمنا نحن عربيا التعرف على ادبيات كيري السياسية وعلى مواقفه الجذرية المتعلقة بفلسطين و"اسرائيل" والمنطقة، وفي ذلك، لا نبالغ ان قلنا ان"ورقة الموقف " التي قدمها كيري لزعماء الجالية اليهودية الأمريكية، خلال حملته الانتخابية مقابل جورج بوش الابن عام/2004 ، لا تقل خطورة عن وعد بوش، حيث ان مضامينها الجوهرية وتداعياتها السياسية على فلسطين القضية والحقوق لم تكن لتختلف اطلاقاً عن تلك التي اشتمل عليها الوعد، ففي الجوهر والصميم قال جون كيري من ضمن ما قاله في حملته الانتخابية مثالاً: " ان قضية إسرائيل هي قضية أمريكا... واذا فزت بالرئاسة ساجعل أمريكا اخلص صديق وحليف لإسرائيل"، وليؤكد على ذات الموقف والمضمون في مجمل خطاباته الانتخابية، التي كثفها في "ورقة الموقف". ففي فقرته الأولى حول هذا الموضوع يركز برنامجه الانتخابي على العلاقة الخاصة التي تربط الولاياتالمتحدة بإسرائيل، وهو لا يختلف عما ذكر في برنامج الحزب لانتخابات عام 2000، ولكن في العبارة الثانية يقول البرنامج "ان القدس هي عاصمة إسرائيل ويجب ان تبقى كذلك موحدة غير مقسمة"، ويقول في البرنامج انه سيعمل الحزب على دعم القوى الديمقراطية الفلسطينة من اجل تغيير قيادة السلطة الفلسطينية، وتشكيل قيادة فلسطينية مسؤولة تحارب الارهاب وتدعم الديمقراطية، ويلاحظ ان هذا الجزء يعكس تماماً موقف إدارة الرئيس بوش، خاصة وان البرنامج يؤيد موقف الرئيس الذي اعلنه يوم 14/نيسان/2004 في رسالة الضمانات التي قدمها الى شارون بخصوص عودة اللاجئين الفلسطينيين الى دولة فلسطين وليس لإسرائيل للابقاء على الطابع اليهودي للدولة، حيث انه من غير المعقول العودة الى حدود هدنة عام 1949. اما عن جدار العزل فقد تحدث كيري مؤكداً: "ان الجدار الفاصل هو عمل مشروع للدفاع عن النفس تتم اقامته رداً على موجة الهجمات الإرهابية ضد الإسرائيليين "، كما حدد كيري قضايا اخرى يؤيد إسرائيل فيها وهي: المعركة ضد قطع الدعم الخارجي عن إسرائيل ودعوة الأممالمتحدة الى انتهاج اسلوب متوازن أكثر تجاه النزاع وتأييد نقل السفارة الأميركية الى القدس، والتحرك الدولي ضد الأنظمة التي تدعم الارهاب، والمحافظة على التفوق العسكري الإسرائيلي"، ثم عاد كيري ليؤكد على سياسته الاسرائيلية في خطابه يوم (19/ 10/ 2004) امام " يهود بالم بيتش"، حيث غازلهم قائلاً: "انه سيقوم بدور أفضل في حماية إسرائيل مما يقوم به الرئيس بوش، وانه سيفعل ما هو أكثر لتحميل الدول العربية مسؤولية" الإرهاب". وكرر كيري الحديث عن زيارات كان قام بها لإسرائيل كعضو في مجلس الشيوع الأميركي، كما أعرب عن تأييده لجدار الفصل الذي تقيمه سلطات الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية . ويقوم كيري مثل بوش، بمغازلة اليهود الاميريكيين بشعارات ويافطات باللغة العبرية، وهو يفخر بأنه حلق بطائرة نفاثة إسرائيلية فوق فلسطينالمحتلة متحدثا ببعض الكلمات العبرية أثناء حملته ووقفاته الانتخابية في فلوريدا محاولاً الحيلولة دون تحول العدد الكبير من يهود فلوريد الى تأييد بوش . وقد افتخر كيري بسجله في مجلس الشيوخ فيما يتعلق بالتصويت لصالح القرارات الخاصة بدعم اسرائيل ، وقال "إن لدى سجلاً كاملاً مائة بالمائة بشأن كل مشروع يجعل إسرائيل متميزة في التفوق العسكري النوعي"، وأضاف " كانت لى ميزة التحليق بطائرة نفاثة إسرائيلية للتعلم عن كثب مدى قابلية الأمن الإسرائيلي للاختراق ومدى قرب الحدود ومدى كون إسرائيل صغيرة وهشة، لقد تسلقت إلى قمة متساداً وصرخت كما يصرخ العاملون بسلاح الجو وغيرهم في العادة من جانب تلك التلة والكلمات التي يقولونها: ليعيش شعب إسرائيل". ووعد كيري بأنة سيظل منخرطا في الشرق الاوسط ، وسيساعد في ايجاد كيان فلسطيني تستطيع اسرائيل التفاوض بشأنه وقال "ليس لديكم واحد اليوم، ولذلك فإنه يتعين عليكم بناء جدار ، ويتعين عليكم ان تفعلوا ما انتم تفعلوه الآن". لنجد انفسنا اننا سنكون على صعيد قضايانا الفلسطينية والعربية، مرة اخرى في مواجهة وزير خارجية يواصل درب كلينتون في الجوهر، وامام سياسة خارجية امريكية، ستكون استمراراً وامتداداً لسياسات كلينتون، وامام ادبيات وورقة موقف كأنها كتبت بأيد اسرائيلية...؟!