يثير المشروع الأورو- متوسطي الذي يروج له الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في جولته التي يستهلها بزيارة الجزائر تحفظات في الأوساط الجزائرية حيث تعتبره غير واضح المعالم ومثار عديد من التساؤلات خاصة في جانبه الصهيوني. ويرى وزير الإعلام السابق عضو مجلس الأمة الجزائري محيي الدين عميمور أن تحقيق المشروع الأورو-متوسطي يتطلب نزع التوتر من المنطقة عبر التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية. وذكر عميمور – بحسب الجزيرة - أن الجزائر سبق أن دعت إلى لمشروع غرب المتوسط لتضع خطا فاصلا بين الجزائر وشرق المتوسط الذي يضم الكيان الصهيوني . وبشأن بعض الملفات الحساسة في العلاقات المتوسطية أكد عميمور أن بلاده ترفض أن تتحول إلى ما أسماه شرطي مرور لحماية أوروبا من الهجرة غير الشرعية مبديا معارضته لمنطق الهجرة الانتقائية التي دعا إليها ساركوزي وتخص ذوي الكفاءات العالية والتخصصات الدقيقة. وبخصوص العلاقات الثنائية تساءل عميمور الذي كان مستشارا للرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، حول رغبة فرنسا في مصالحة حقيقية مع الجزائر شبيهة بتلك التي جرت بين ألمانياوفرنسا في عهدي الرئيسين أدنهاور وديغول. واستطرد عميمور قائلاً أضاعت فرنسا وقتا كبيرا في فك هذه العقدة، ويبدو أن ساركوزي يقدم نفسه كصورة جديدة لسياسة فرنسية راسخة في التعامل مع العالم العربي والإسلامي. وكان من المنتظر أن يزور ساركوزي المغرب ضمن جولته التي ستشمل تونس، إلا أن الزيارة أرجئت إلى أكتوبر المقبل بعد أن طلبت الرباط ذلك وبررته باعتبارات متعلقة بأجندة الزيارة. وربط عميمور ذلك التطور بوجود احتمال ممارسة ضغوط على الولاياتالمتحدة وأوروبا عن طريق إسرائيل فيما يخص الصحراء الغربية. وعلق عميمور على ما تردد من تغير موقف فرنسا إزاء قضية الصحراء الغربية بالقول إن الجزائر لا تطالب أي بلد بتحويل مواقفه وإنما تطالب فقط بتطبيق قرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن واحترام الشرعية الدولية. من جانبه يرى محمود بلحيمر نائب رئيس تحرير جريدة الخبر أن المشروع الأورو- متوسطي لا يزال غير واضح المعالم حتى بالنسبة لصاحبه ساركوزي مؤكدا أن المهم هو المحتوى مذكرا في هذا الصدد بتجربة مسار برشلونة الذي انطلق عام 1995 دون أن يؤتي ثماره. وبخصوص علاقات فرنسا بدول المغرب العربي قال بلحيمر في تصريح للجزيرة نت إن ساركوزي أنهى طابع "الشخصنة" الذي كان يميز العلاقات بين باريس والرباط في فترة حكم الرئيس السابق جاك شيراك. وتعليقا على طلب الرباط تأجيل زيارة ساركوزي قال إن المغرب "لم يستسغ أن تكون الجزائر المحطة الأولى لجولة ساركوزي "بعد أن كان شيراك يبدأ جولته عادة بالمغرب". ويرى بلحيمر أن هذا " التقليد الذي انتهجه الإليزيه تغير بقدوم ساركوزي لتصبح العلاقة بين دولتين وليس بين شخصين". وأشار بلحيمر إلى أن "الجزائر والمغرب تتساويان تقريبا فيما لديهما من قدرات وإمكانيات على المستوى التجاري وعدد المهاجرين المقيمين بفرنسا". لكنه يعتبر أن الجزائر تتميز بكونها شريكا هاما في مجال الطاقة وتستأثر بنسبة 12% من واردات فرنسا من الغاز وهي نسبة مرشحة للارتفاع إلى 20% أي خمس احتياجات فرنسا من الغاز من الخارج. وخلص بلحيمر إلى أن ساركوزي "يقيم موقف بلاده من منطلق مصلحي بحت بصرف النظر عن العواطف والانطباعات الشخصية للسياسيين".