الطرفان الرئيسيان ،اللذان يتحملان مسؤولية اطفال ملجأ الايتام، هما حكومة المالكي وادارة الاحتلال الاميركي في العراق، ومهما قيل من كلام، وجرت محاولات لاضفاء طابع الانسانية للجنود الاميركي،الذين دخلوا ذلك الملجأ في بغداد، فان الدعاية الاعلامية قد تحقق بعض الشئ، وتغير من الصورة الواقعية لهؤلاء الجنود، لكن ذلك لن يحصل، الا في أذهان الذين لم تكتمل في عقولهم حقيقة سلوك جنود الاحتلال الامريكي في العراق. ان قراءة بسيطة للقصة المصورة، التي بثتها الفضائيات، وتتحدث عن عشرات الأطفال والصبية المعاقين ، الذين تركتهم حكومة المالكي في وضع مخيف، بعد ان ربط المسؤولون عن الملجأ هؤلاء الاطفال اليتامى والمعاقين بالحبال، وتركوهم يموتون ببطء وهم يصارعون الجوع والألم والمرض والخوف، هذه القراءة تكشف عن هدفين ارادت قوات الاحتلال الاميركي تحقيقهما: الاول: ظهر الجنود الاميركيون، كأنهم جند الرحمة والانسانية، بعد ان جاؤوا بمصورين متخصصين بالدعاية التلفازية، وسجلوا تلك اللقطات، التي يظهر فيها الجنود وهم يركضون ويلهثون لانقاذ اؤلئك الصبية، الذين ينازعون في ساعاتهم الاخيرة، وهذه الرسالة موجهة الى الرأي العام الاميركي، الذي تتصاعد داخله حدة االغضب بسبب الوجود المخزي لقواتهم في العراق، حيث يتسبب هذا الوجود بدفع البلد الى مزيد من القتل والتخريب والدمار، وبعد مرور اكثر من اربع سنوات، فإن خلاصة ما يصل الى العالم، هو دخان العراق الأسود، وروائح الاجساد البشرية، التي ترمى يوميا في الطرقات ومكبات الانقاض، وذات القناعة تلتصق بأذهان الجميع في مختلف انحاء العالم، كما ان الرسالة موجهة الى العراقيين، عسى ان يحصل بعض التلميع الى حقيقة ما ينظر به العراقيون الى جيش الاحتلال، الذي يعيث فسادا وتدميرا واهانة للعراقيين في كل ساعة. الثاني: اراد الاميركيون اختصار جميع السلبيات الكارثية لحكومة المالكي، التي جاؤوا بها من خلال عمليتهم السياسية، التي صنعوها بمقاسات طائفية وعرقية، ولم يجدوا أفضل من هذه القصة الفاجعية، التي اعلنت في تفاصيلها، ان القائمين على الادارة والمسؤولية في حكومة المالكي، لا هم لهم سوى سرقة ما موجود في دوائرهم، حتى لو كانت عبارة عن ملابس وأغذية خاصة بالأيتام والمعاقين، وان الأجهزة الأمنية، لا تعرف ما الذي يحصل داخل بغداد، وحتى لو تعلق الامر باليتامى والمعاقين، ولا هم لهم سوى اعتقال الأبرياء وتأجيج الفتنة الطائفية، وان الوزراء والبرلمان والرئاسة، لا يعرفون ولا يتابعون ولا يهتمون لكل ما يحصل للعراقيين، وهمهم الأول هو لصق أجسادهم على الكراسي. هذه الخلاصة، التي خرجت بها قراءة بسيطة لتلك المشاهد التلفازية الفاجعية، التي عرضت اطفالا عراقيين من اليتامى والمعاقين، وهم في حالة يرثى لها، بعد ان سرق المسؤولون موجودات دار الايتام وربطوهم على الاسرة، وتركوهم يموتون ببطء، بعد ان ينالوا ذلك العذاب الأليم. *كاتب عراقي