قررت محكمة القضاء الإداري أمس الأربعاء تأجيل النظر في قضية رفع الحراسة عن نقابة المهندسين المصريين وإجراء انتخابات عامة إلى جلسة 3/9/2007 والتي استندت إلى ما قاله محامو الحكومة بأن اللجنة المشرفة على تنقية الكشوف الخاصة بالجمعية العمومية للمهندسين ستنتهي في الأول من شهر سبتمبر. وكان الأمن قد تصدَّى لتجمع "مهندسون ضد الحراسة" أثناء وقوفهم أمام مقر مجلس الدولة، بعد نظر القضية التي اعتادت المحكمة تأجيلها في كل جلسة، وسط سخط كبير من المهندسين. واستنكر تجمع "مهندسون ضد الحراسة" قرار التأجيل الدائم للفصل في القضية، وقالوا إن الحكومة ليس لديها ما تقدِّمه من دلائل حقيقية تبرِّر موقفها من فرض الحراسة على نقابة المهندسين منذ أكثر من 10 سنوات. وهدَّد المهندسون بتصعيد هذه القضية إلى المؤسسات الدولية المختصة بهذا الشأن بعد التقدُّم بطلب التماس إلى رئيس الجمهورية لرفع الحراسة عن نقابة المهندسين، كما قرَّروا طرحَ قضية فرض الحراسة على نقابتهم على اجتماع منظمة حقوق الإنسان الذي سيُعقد في 17/8/2007م في جنيف. وأكد الدكتور مجدي قرقر- عضو لجنة المتابعة المنتخبة من الجمعية العمومية للمهندسين والامين العام المساعد لحزب العمل أن ما تم هو نقطة على منحنى المواجهة بين النظام والمهندسين، بالرغم من عدم قانونية فرض الحراسة على النقابة، وعدم امتثال رئيس محكمة جنوبالقاهرة المسئول عن إجراء الانتخابات المهنية لقرار الجمعية العمومية، وهو من قبيل تدخل النظام الأمني المصري في مجمل الحياة التي نعيشها. وقال قرقر إن المشكلة أن الدولة تتعامل مع هذه القضايا بالتعطيل لحقوق أصحابها، وتقدم الدولة بصور من الطعون والاستشكاليات، وكأن الحكومة تمارس دور المحامي "الخيبان" لتعطيل الأحكام، فمنذ شهور قامت الدولة بتعطيل بعض القرارات لصالح المهندسين التابعين للحراسة لتعطيل الحكم ضد رئيس المحكمة، وهذه الحِيَل والتفاهات التي تلجأ لها الدولة لا بد أن تكون لها نهاية". ويرى قرقر أن الأمر في يد رئيس الجمهورية مستنكرًا أن يكون رئيس الوزراء مهندسًا ويوجد في حكومته ما لا يقل عن 8 وزراء، ويستمر فرض الحراسة على نقابة المهندسين، مضيفًا أنهم لو كانوا ينتمون للمهنة لحاولوا الدفاع عنها. وعن التحركات التي سيقوم بها "مهندسون ضد الحراسة" في المرحلة القادمة شدَّد قرقر على أن التحرك القانوني ليس هو الوحيد، ولكن سيشمل التحرك السياسي والإعلامي والجماهيري، بحشد المهندسين في مناطق تجمعهم لمواجهة هذا الافتراء على النقابة، بالإضافة إلى التصعيد الدولي، موضحًا أن التحرك الأخير يرتبط بدورة الانعقاد للمؤسسات الدولية خاصةً الأممالمتحدة، والتي سيعرض بعض المحامين هذا الملف على الهيئات المرتبطة بها. جانب من جمعية عمومية غير عادية نظَّمها المهندسون وأشار إلى أن وزير الريّ التقى بأحد أفراد تجمع "مهندسون ضد الحراسة" واتفق معه على ترتيب اجتماعات مع ممثِّلي الحكومة ومع مجموعة المهندسين، ولكن بعد أن تم الاتفاق اعتذر الوزير بسبب رفض المهندسين تقديمَ أية تنازلات أو إقصاء أي فصيل، وخاصةً الإخوان المسلمين، بعد أن أثبتوا جدارتَهم في تحويل نقابة المهندسين من مجرد أرشيف في "بدروم" المبنى إلى قلعة من القلاع بمشاركة جموع المهندسين. وأعرب م. رفعت بيومي- عضو تجمع "مهندسون ضد الحراسة"- عن قلقه بسبب الشعور بوجود تسويف ضد رفع الحراسة عن النقابة من رئيس محكمة جنوبالقاهرة، مشيرًا إلى أنه يتوقع عدم حسم هذه القضية؛ لأنها تحوَّلت إلى قضية سياسية من باب تكريس سلطة الحزب الوطني الذي يسعى للسيطرة على النقابات. وقال: "تحرُّكنا سيكون على ثلاثة محاور أولاً: المحور القضائي وثانيًا: التحرك على المستوى الدولي، ففي 18/7/2007 سيُعقد المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان في جنيف، وسيتم عرض ملف نقابة المهندسين على رأس هذا المؤتمر لاتخاذ قرار دولي في هذا الشأن، وثالثًا: محور التحرك الجماهيري مع المهندسين لمحاولة تقديم كادر مالي محترَم لهم. وتساءل: هل يُعقل أن يكون مرتب مهندس اليوم 150 جنيهًا ومعاشه 250 جنيهًا؟! مؤكدًا أن الفساد المالي في مصر إذا كان يلعب المهندسون جزءًا منه من مخالفات في العقارات الموجودة أو العشوائيات فهو بسبب عدم ضمان دخل كريم للمهندس. وأوضح بيومي أن نقابة المهندسين تمثِّل الاستشاري الفني للدولة، حسب قانون النقابة، ولو كان دور النقابة مفعَّلاً في الفترة السابقة لما رأينا مثل هذه المشروعات الفاشلة، مثل توشكى، وشرق التفريعة، ونفق الأزهر، مشيرًا أن وقوف نقابة المهندسين ضد فكرة أنور السادات لتوصيل المياه للكيان الصهيوني كان على يد الدكتور المهندس علي صبري، الذي أقنع الرئيس أن مصر تدخل نفق الفقر المائي، وتم وأْد هذه الفكرة من بدايتها. وقال د. علي بركات- أستاذ الهندسة بجامعة الإسكندرية-: إن مراجعة كشوف الانتخابات لا يمكن أن يتخيَّل عقل أن تتم في 13 سنة هي عمر فرض الحراسة على النقابة، الذي كان من أسبابه تجمَّد المعاشات وعدم وجود سلامة صحية أو مهنية للمهندسين، بالرغم من أن نقابة المهندسين من أغنى النقابات التي يتجاوز دخلها السنوي 100 مليون جنيه. وأشار أن المهندسين حتى الآن لا يريدون أن يتبعوا غير الأسلوب القانوني؛ لأنهم إذا دخلوا في حالة إضراب- كما يفعل العمال والمدرسون والأطباء- لسادَ الركود البلاد، فمصير الدولة ككل يرتبط بالمهندسين، وهذا ليس كلامًا من قبيل المهاترات- والكلام لبركات- فالمهندسون يرتبطون بمرافق البلد الحيوية، مثل المياه والكهرباء والطيران، وخطورة توقفهم عن العمل كبيرة للغاية، لا يمكن حساب مردودها، ولذلك فإن المهندسين لا يريدون أن يدخلوا في حالة إضراب عام، محذرًا من استمرار النظام على هذا التعنُّت؛ حيث لا يمكن أن يتوقع أحدٌ ما قد يقوم به المهندسون.