الذهب يهبط وسط تفاؤل بشأن مفاوضات التجارة    بيان بريطاني فرنسي ألماني يدعو إلى إنهاء الكارثة الإنسانية في غزة    الأجواء تشبه الأهلي.. أول تعليق من السولية بعد انضمامه ل سيراميكا كليوباترا    استمرار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس السبت 26 يوليو 2025    عزة لبيب: مش غلط الراجل يعجب بجمال ست قدام مراته.. بس بحدود    ناني سعد الدين تروي موقفا لها مع ياسمين عبد العزيز: زعقت للاستايليست بسببي    وزير الخارجية يهدي مستنسخًا لمومياء وتابوت الملك توت عنخ آمون إلى متحف الحضارات الإفريقية في داكار    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    بطاقة طرد توقف مباراة الأهلي بنغازي والأهلي طرابلس وتتسبب في دخول الشرطة    باحثة في قضايا المرأة: الفتيات المراهقات الأكثر عرضة للعنف الرقمي    جوتيريش: ما يحدث في غزة أزمة أخلاقية تتحدى الضمير العالمي    تنسيق الثانوية العامة 2025.. التعليم العالي: هؤلاء الطلاب ممنوعون من تسجيل الرغبات    لا مزيد من القمصان الممزقة.. هالك هوجان أسطورة المصارعة يسقط خارج الحلبة    حمادة عبداللطيف: عبدالله السعيد مكسب للزمالك.. ومن الصعب الحكم على الصفقات الجديدة    رئيسة المفوضية الأوروبية تلتقي ترامب في أسكتلندا الأحد المقبل لبحث العلاقات التجارية عبر الأطلسي    روما يوافق على رحيل سعود عبدالحميد إلى الدوري الفرنسي    نادين الحمامي تضرب موعدًا مع أمينة عرفي في نهائي بطولة العالم لناشئي الإسكواش    قصور الثقافة تواصل تقديم فعاليات جودة حياة دعما للوعي المجتمعي بالمناطق الجديدة الآمنة    بعد أزمة القبلات.. راغب علامة يعلن عن حفل غنائي رفقة نانسي عجرم    وزير الخارجية يختتم جولته الإفريقية بعد زيارة 6 دول    مشروبات طبيعية تخفض ارتفاع ضغط الدم    الجلوكوما أو المياه الزرقاء: سارق البصر الصامت.. والكشف المبكر قد يساهم في تجنب العمى الدائم    زيلينسكي: أوكرانيا بحاجة إلى مزيد من التمويل لمواصلة الحرب ضد روسيا    محافظ شمال سيناء: مين يقدر يقول لأمريكا لأ؟ مصر قالت لأمريكا لأ (فيديو)    يسرى جبر: حديث السقاية يكشف عن تكريم المرأة وإثبات حقها فى التصرف ببيتها    «الخطيب هو إللي عمل كدة».. نقاش حاد على الهواء بين إكرامي وأحمد سليمان    التحالف الوطني: جاهزون لاستئناف قوافل دعم الأشقاء في غزة فور عودة حركة المعابر لطبيعتها    الشيوخ اختبار الأحزاب    «الجوز» ومرض السكري.. وجبة مثالية بفوائد عديدة    بالأسماء.. إصابة 8 عمال زراعيين في انقلاب سيارة على صحراوي البحيرة    حدث في 8ساعات| دخول 161 شاحنة مساعدات لقطاع غزة.. وموعد انكسار الموجة شديدة الحرارة    عالم أزهري: خمس فرص ثمينة لا تعوض ونصائح للشباب لبناء المستقبل    ترامب: أُفضل الدولار القوي رغم فوائد انخفاضه لقطاع التصنيع    ضبط مواد غذائية غير صالحة وسجائر مجهولة ودقيق مهرب بالإسكندرية    رددها الآن.. أفضل أدعية لاستقبال شهر صفر 1447 هجريًا    برلماني: الدولة المصرية تُدرك التحديات التي تواجهها وتتعامل معها بحكمة    «ابتدينا» لعمرو دياب يواصل اكتساح منصات الموسيقى العربية    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    أسعار حديد التسليح مساء اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    مهرجان البحرين السينمائي يكشف عن هويته الجديدة ويستعد لدورة خامسة تحت شعار قصص عظيمة    معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية يواصل جهودة لدعم التصنيع الغذائي في مصر    وزير العمل عن دمج وتوظيف ذوي الهمم: قضية تحتاج تكاتف المؤسسات    نيابة باب شرقي تطلب تحريات اتهام شخص بهتك عرض طفل في الإسكندرية    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    محافظ الجيزة يوجه بضبط «الاسكوتر الكهربائي للأطفال» من الشوارع    عامل يقتل زوجته ويدفنها خلف المنزل تحت طبقة أسمنتية بالبحيرة    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    شرطة النقل تضبط 1411 قضية متنوعة في 24 ساعة    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    بعد إيكيتيكي.. ليفربول يستعد لإبرام صفقة قياسية    متحف الفن المعاصر بجامعة حلوان يستعد لاستقبال الزوار    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحدي المصيري الفلسطيني والاستجابة الفاعلة
نشر في الشعب يوم 30 - 06 - 2007


عوني فرسخ

يواجه شعب فلسطين وأمته العربية في الوقت الراهن تحديا مصيريا يكاد يكون غير مسبوق من حيث خطورته على مدى تاريخ الصراع. ولقد تعددت وجهات النظر في توصيف وتعليل ما جرى ويجري في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلين من استباحة للدم الفلسطيني، واستهانة بالوحدة الوطنية، ووجود حكومتين كل منها غير شرعية، كونهما من بعض افرازات اتفاق أوسلو المطعون في مشروعيته لتجاوزه الثوابت الوطنية المنصوص عليها في “الميثاق الوطني” للعام 1968. كما تباينت الآراء في الإجابة عن سؤال ما العمل تجاه ما يواجهه الشعب العربي الفلسطيني في وطنه المحتل والشتات.

ولا شك في أن نزاع قادة الفصائل، وان بدا صراعا على سلطة حكم الذات في الأرض المحتلة سنة ،1967 والتفرد في صناعة القرار الوطني، وان وصل حد اقتتال الإخوة الأعداء لا يعيب شعب فلسطين، ولا يشوه صورته المشرقة بفعل صموده ومقاومته. إذ يصدق عليه قانون التاريخ الذي لم يعرف حركة وطنية أو دينية لم تشهد صراع الأخوة واقتتالهم على دور في السلطة وصناعة القرار. وحسبي التذكير بموقعتي الجمل وصفين في تاريخنا العربي الإسلامي، واقتتال قادة الثورة الفرنسية، والقول المعروف بأن الثورات كالقطط تأكل أبناءها.

ثم إن نزاع فصائل المقاومة الفلسطينية لا يخرج عن كونه بعض افرازات سنوات أوسلو العجاف، وما حفلت به من فساد وإفساد أنتج مكاسب مادية ومراكز اجتماعية لغير يسير من “الأبوات”، المنخرطين في مخططات التحالف الأمريكي الصهيوني. فضلا عن أنه الشق الفلسطيني من سياسة “الفوضى الخلاقة” الأمريكية. وحين تجمع كبريات الصحف الأمريكية غداة تفجر الاقتتال الدامي في غزة على الحديث عن سقوط الدعوة لإقامة الدولة الفلسطينية، والاستعاضة عن ذلك بدويلتي “حماستان” في القطاع و”فتحستان” في الضفة، فانه يصبح غير موضوعي استبعاد دور أجهزة التحالف الأمريكي الصهيوني وتوابعه الإقليمية في إثارة وإذكاء اقتتال “الإخوة الأعداء”، والدفع به ليصب في قناة مخطط تصفية الصراع العربي الصهيوني بإهدار الحقوق الفلسطينية المشروعة كافة، باعتبار ذلك أول شروط إقامة “الشرق الأوسط الجديد”.

وحين يكون هذا هو واقع احتراب “الأخوة الأعداء”، فان ما تبعه من قرارات وإجراءات أقدمت عليها رئاسة سلطة حكم الذات يغدو غير منطقي ولا منصف اعتبار الطرف الملتزم بالمقاومة ومحاربة الفساد المسؤول عما حدث، وتجاهل التمايز الكيفي بين خطايا رموز التفريط والفساد وبين أخطاء من استدرجوا لفخ سلطة محكومة باتفاقات أوسلو وتوابعها، وتحملوا كل الذي تحملوه لرفضهم الالتزام بها. وبما تضمنته من إضفاء المشروعية على اغتصاب 78% من أرض فلسطين، وان كان هذا لا يعني مطلقا إعفاءهم من المسؤولية التاريخية والأخلاقية عن التجاوزات المدانة وبخاصة التعامل مع رفاق السلاح، حتى وان هم أخطأوا، بمثل ما كان يتعامل معهم الصهاينة.

ومع تقدير وتأييد دعوة وزراء الخارجية العرب للحوار على قاعدة احترام شرعية رئيس السلطة والمجلس التشريعي، وصولا لحل توافقي بضمانة عربية، قد لا يخرج عن مضمون اتفاق مكة المكرمة الذي باركه كل العرب في حينه، غير أن هذه المبادرة لا يبدو أن لها حظا كبيرا من النجاح ليس فقط لأن عددا من مستشاري الرئيس محمود عباس والناطقين باسم الرئاسة أعلنوا رفضهم لها، وإنما أيضا لتعارضها مع المسمى الأمريكي الصهيوني للتعويض في الساحة الفلسطينية عن مأزق إدارة الرئيس بوش في العراق، وفشل العدوان الصهيوني على لبنان.

ولا خلاف مطلقا على أن الدعوة لإسقاط سلطة حكم الذات صحيحة نظريا، من حيث كونها سلطة محكومة بالقرار الأمريكي الصهيوني، إلا أن تنفيذها يتطلب بادئ ذي بدء وجود البديل الوطني القادر على النهوض بأعباء المجتمع الفلسطيني في الضفة والقطاع المحتلين.

وحتى لو نجحت مبادرة وزراء الخارجية العرب في رأب الصدع، فان ذلك لن يجاوز حل التهدئة المؤقتة الذي جاء به اتفاق مكة، وفيما لو تم إسقاط سلطة حكم الذات وإعادة إلقاء عبء الصامدين في ظل الاحتلال على سلطة الاحتلال وتحميلها مسؤولية توفير احتياجاتهم الضرورية كما تقضي بذلك اتفاقية جنيف الرابعة، فان ذلك ليس بالاستجابة الفاعلة للتحدي المصيري الراهن، والذي ما كان الشعب العربي الفلسطيني ليواجهه لولا افتقاد منظمة التحرير الفلسطينية فعاليتها وغياب الدور الرقابي للمجلس الوطني الفلسطيني، والقيادة الجماعية للحراك الوطني وتغييب مشاركة عرب الأرض المحتلة سنة 1948 والشتات الفلسطيني، ما يقارب 70% من شعب فلسطين.

وعليه يتضح أن الاستجابة الفاعلة للتحدي الذي يواجهه شعب الصمود التاريخي والمقاومة الأسطورية إنما يكمن بعقد مؤتمر وطني ممثل لكل ألوان الطيف السياسي والفكري الفلسطيني للبحث في إعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني على أساس الانتخاب حيث أمكن ذلك، وإعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وأجهزتها كافة، واستبعاد تعديلات الميثاق الوطني في العام ،1996 وتشكيل محكمة وطنية للنظر في كل التجاوزات المدانة منذ اعتماد برنامج النقاط العشر في العام 1974 والى ما بعد اقتتال “الأخوة الأعداء” في القطاع والضفة، ووضع استراتيجية إدارة الصراع مع التحالف الأمريكي الصهيوني. ولا خلاف على أن عقد مؤتمر كهذا يواجه إشكالية تحديد مكان انعقاده الذي يوفر الحرية الكاملة للمشاركين فيه، وتكاليف متطلباته اللوجستية. وهذا هو التحدي الذي يواجه النخب الفلسطينية المدركة أنه غير مجد الوقوف عند حد شق الجيوب ولطم الخدود على المحنة الجارية فصولها في الضفة والقطاع المحتلين. والسؤال الأخير هل النخبة الفلسطينية المستقلة الإرادة من الارتباطات الخارجية في مستوى تقديم الاستجابة الفاعلة في مواجهة التحدي المصيري لشعبها؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.