لجان السيسي تدعي إهداء "الرياض" ل"القاهرة" جزيرة "فرسان" مدى الحياة وحق استغلالها عسكريًا!    شرطة الاحتلال تفرق مظاهرة في تل أبيب تطالب بإنهاء الحرب وإبرام صفقة تبادل أسرى    السيتي يتصدر ويوفنتوس يرافقه إلى دورال16 والعين يودّع بفوز شرفي على الوداد    السيطرة علي حريق مصنع زيوت بالقناطر    حبس عنصر إجرامي لقيامه بجلب وتصنيع المخدرات بالقليوبية    وزير الأوقاف يشهد احتفال الطرق الصوفية بالعام الهجري الجديد بمسجد الحسين    أيمن أبو عمر: الهجرة النبوية بداية جديدة وبشارة بالأمل مهما اشتدت الأزمات    صحة دمياط تقدم خدمات طبية ل 1112 مواطنًا بعزبة جابر مركز الزرقا    حسام الغمري: الإخوان خططوا للتضحية ب50 ألف في رابعة للبقاء في السلطة    عراقجي: إيران صمدت أمام "الضغوط القصوى" لحرمانها من حقوقها النووية    الخارجية الأمريكية: الموافقة على 30 مليون دولار لتمويل "مؤسسة غزة الإنسانية"    إسرائيل توافق على مقترح «ويتكوف» للدخول في مفاوضات بشأن غزة (تفاصيل)    السودان: تصاعد الأزمة الإنسانية وتآكل سيطرة المليشيا في دارفور    المأساة الإنسانية في غزة تتفاقم وسط تصعيد دموي وضغوط دولية متزايدة (تقرير)    إسرائيل توافق على مقترح ويتكوف لوقف إطلاق النار    «30 يونيو».. نبض الشعب ومرآة الوعي المصري    العين يودع مونديال الأندية بفوز معنوي على الوداد بهدفين    مانشستر سيتي يقسو علي اليوفنتوس بخماسية رائعة في كأس العالم للأندية ويحسم صدارة المجموعة السابعة    بمشاركة ربيعة.. العين يهزم الوداد في قمة عربية بكأس العالم للأندية    الأهلي يضع شرطا حاسما لبيع وسام أبوعلي (تفاصيل)    أزمة بين زيزو وتريزيجيه في الأهلي.. عبدالعال يكشف مفاجأة    يرفعون علم فلسطين ويشهرون «الكارت الأحمر» في وجه إسرائيل.. قصة مشجعي أولتراس سياتل ساوندرز    البحوث الإسلامية: الهجرة النبوية لحظة فارقة في مسار الرسالة المحمدية    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في بداية تعاملات الجمعة 27 يونيو 2025    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 36.. حالة الطقس اليوم    مصرية من أوائل ثانوية الكويت ل«المصري اليوم»: توقعت هذه النتيجة وحلمي طب بشري    مصرع سيدة وإصابة آخر في تصادم سيارة ملاكي مع نصف نقل بالجيزة    حسام الغمري: معتز مطر أداة استخباراتية.. والإخوان تنسق مع الموساد لاستهداف مصر    حجاج عبد العظيم وضياء عبد الخالق في عزاء والد تامر عبد المنعم.. صور    صلاح دياب يكشف سر تشاؤمه من رقم 17: «بحاول مخرجش من البيت» (فيديو)    رجل يفاجأ بزواجه دون علمه.. هدية وثغرة قانونية كشفتا الأمر    3 أبراج «أساتذة في التعامل مع التوتر».. هادئون يتحكمون في أعصابهم ويتمتعون بالثبات والقوة    عرض «عروس الرمل» ضمن الموسم المسرحي لقصور الثقافة بأسوان    ترامب: خفض الفائدة بنقطة واحدة سيوفر لنا 300 مليار دولار سنويا    متحدث البترول: إمداد الغاز لكل القطاعات الصناعية والمنزلية بانتظام    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    جدول أعمال مكثف لمجلس النواب الأسبوع القادم    فيديو متداول لفتاة تُظهر حركات هستيرية.. أعراض وطرق الوقاية من «داء الكلب»    نائب رئيس هيئة الدواء: ملتزمون بدعم التصنيع الدوائي المحلي والتكامل الأفريقي    التأمين الصحي بالقليوبية: برامج تدريبية متخصصة ومستمرة للكوادر الطبية والتمريضية    تنويه مهم من محافظة الجيزة بشأن تنسيق القبول بالثانوية العامة ومدارس التعليم الفني    السيدة انتصار السيسى تهنئ الشعب المصرى والأمة الإسلامية بالعام الهجرى الجديد    وزير السياحة والآثار الفلسطينى: نُعدّ لليوم التالي في غزة رغم استمرار القصف    مصطفى قمر يتألق فى حفل غنائى كامل العدد ومى فاروق والعمروسى بين الجمهور    مفتى الجمهورية: الشعب المصرى متدين فى أقواله وأفعاله وسلوكه    عراقجي: لم نتخذ قرارا ببدء مفاوضات مع الولايات المتحدة    السياحة: عودة جميع الحجاج المصريين بسلام إلى مصر بعد انتهاء الموسم بنجاح    إصابة 12 شخصا إثر سقوط سيارة ميكروباص فى أحد المصارف بدمياط    رمضان 2026 أقرب مما تتخيل.. هذا هو موعده المتوقع فلكيًا    الإنقاذ النهرى تكثف جهودها لانتشال جثمان طفل غرق بأسيوط    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 والقنوات الناقلة    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 27 يونيو 2025    هيئة الشراء الموحد توقع شراكة استراتيجية لإطلاق برنامج لتعزيز القدرات البشرية    صحة دمياط تقدم الخدمة الطبية ل1112 مواطنًا فى قافلة طبية بعزبة جابر    نقل الكهرباء : تشغيل المحول رقم (1) بمحطة زهراء المعادي    عقب احتفالية العام الهجري الجديد.. محافظ المنيا يشهد عقد قران عروسين    تسليم 16 عقد عمل لذوي الهمم بالقاهرة    هل يُستَحبُّ شرعًا الصوم في شهر الله المحرم.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منهج الحذف لمواجهة عدم التوافق فى باب المقومات الأساسية للدولة
نشر في الشعب يوم 09 - 10 - 2012


شمعة نضيئها مع الجمعية التأسيسية للدستور (6)
منهج الحذف لمواجهة عدم التوافق فى باب المقومات الأساسية للدولة

محمد صبحى والإلغاء هو الحل
فى أحد أفلام الفنان محمد صبحى بعنوان "هنا القاهرة" تتعطل سيارته فيفتح غطاء الماكينة وكلما فشل فى إصلاح أحد أجزائها يقوم بإلغائه وإلقائه خارج السيارة، وهكذا فعلت الجمعية التأسيسية للدستور عند مراجعة باب المقومات الأساسية للدولة، فكلما فشلت فى التوافق حول إحدى المواد قامت بإلغائها -حذفها، 23 مادة من جملة 51 مادة تم حذفها وفقا للتفصيل التالى:
39 مادة أصلية - 9 مواد مستحدثة - 3 مواد مكررة - بإجمالى 51 مادة.
تم إلغاء 23 مادة وهى نسبة كبيرة إن دلت فإنما تدل على أحد الاحتمالات التالية أو بعضها: إما أن الجمعية متعجلة لإنهاء عملها قبل حلها وليس لديها الوقت اللازم للتوافق، وإما أن الجمعية تفتقد الانسجام اللازم، وإما أن المواد المقترحة مجرد عصف ذهنى للجنة تم العصف بها فى لجنة الصياغة. ومن بين المواد التسع المستحدثة تم إلغاء ستة مواد.
*****
مواد مستحدثة ما زالت قائمة
المادة (32) مستحدثة: "كل الثروات الطبيعية ملك للشعب، وعوائدها حق له، وتلتزم الدولة بالحفاظ عليها وحسن استغلالها دون إخلال بمقتضيات الدفاع والاقتصاد الوطنى، ومراعاة حقوق الأجيال القادمة فيها، وكل مال لا مالك له يؤول لملكية الدولة ولا يجوز منح التزامات أو امتيازات باستغلال أراضى الدولة أو أى من مواردها. الطبيعية أو المرافق العامة إلا بقانون".
وهى إضافة جيدة ومهمة وكنت قد اقترحت مادة مشابهة فى مقال سابق بعدد جريدة الشعب الصادر فى 11 سبتمبر 2012 لإضافتها فى باب الحقوق والواجبات ونصها "لشعب مصر الحق فى الحفاظ على ثرواتها ومواردها الطبيعية" ومستنبطا إياها من "الإعلان الإسلامى العالمى لحقوق الإنسان" والصياغة المقترحة أفضل وأشمل من صياغتى ووضعها فى باب المقومات الأساسية أفضل، إلا أن إقحام المرافق العامة غير مناسب.
المادة (44) مستحدثة: "تلتزم الدولة بإحياء نظام الوقف الخيرى وتشجيعه، وينظم القانون الأوقاف ويحدد طريقة إنشاء الوقف وإدارة الموجودات الموقوفة، واستثمارها وتوزيع عوائدها على مستحقيها وفقًا لشروط الواقفين" وهى إضافة جيدة، ولكن أليس من الأولى أن نعيد أوقاف الأزهر له حتى نضمن استقلاله؟
المادة (48) مادة مستحدثة: "نهر النيل وموارد المياه الجوفية ثروة وطنية، يحظر تحويلها إلى ملكية خاصة، وتلتزم الدولة بالحفاظ عليها وتنميتها وحمايتها ، ومنع الاعتداء عليها، وينظم القانون وسائل الانتفاع بها" وأقترح تعديل بعض عباراته إلى: يحظر ويجرم تلويثها أو تحويلها إلى ملكية خاصة - وتنميتها وحمايتها بشكل عام ومن التلوث بشكل خاص.
*****
مواد مستحدثة لم ترَ النور
وهناك مواد مستحدثة وئدت قبل ولادتها، ودعونا نفحص الأجنّة التى لم تولد إما لإهمال الطبيب أو لانشغاله أو لتشوه الجنين فولد ميتا.
المادة (3) مستحدثة: "لأتباع المسيحية واليهودية الحق فى الاحتكام إلى شرائعهم الخاصة فى أحوالهم الشخصية، وممارسة (شئونهم) أو (شعائرهم) الدينية واختيار قياداتهم الروحية". وهى مادة مكملة للمادة 2 التى تنص على أن "ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع" وبالتالى لا يفهم سبب حذفها!!.
المادة (4) مستحدثة: "الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة، مقرها القاهرة، ومجالها العالم الإسلامي، والعالم كله، تختص بالقيام على كافة شئونها، وتكفل الدولة الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضها ويكفل القانون ذلك. ويكون رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف المرجعية النهائية (أو الأساسية) للدولة فى كافة الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية (ومبادئها)، طبقا لمذاهب أهل السنة والجماعة.
**ملاحظة:** - يقترح البعض إضافة شيخ الأزهر غير قابل للعزل، ويحدد القانون طريقة اختياره".
وحذف المادة بصياغتها الحالية خير لأنها تضر أكثر مما تفيد - فإضافة إلى ركاكة الصياغة فالمادة مشتقة من وثيقة الأزهر التى تحفظ حزب العمل عليها بالمخالفة لجميع الأحزاب والقوى السياسية لأنها وثيقة علمانية بامتياز تضيع الهوية وتضيع فلسطين وتضيع الأزهر ذاته والمقال لا يتحمل التفصيل.
الصياغة الحالية لا تضمن استقلال الأزهر فما دامت الدولة تمول فلن يكون الأزهر ولا شيخه مستقلين والأحق هو أن تعود للأزهر أوقافه حتى نضمن استقلاله أو توقف الأموال له وفقا للمادة 44 المستحدثة.
والأقواس الكثيرة فى المادة تشير إلى تردد اللجنة أو الجمعية وعدم قدرتها على الحسم. وتحدد المادة علاقة الأزهر بالدولة فى مجال محدود وضيق إذ تقصره على الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية وفقط، وتضيق على كبار العلماء بحصر اجتهادهم فى مذاهب أهل السنة والجماعة فى حين أن مساحة الاجتهاد فى الإسلام أوسع وأرحب، وتجعل منهم المرجعية النهائية التى تحتكر الحقيقة فى حين أن الإسلام لا يعرف الدولة الثيوقراطية أو حكم رجال الدين لأننا لدينا علماء إسلام وليس رجال دين، والأمر يحتاج إلى تفصيل فى مقال تالٍ.
ويقترح بعض أعضاء الجمعية تأليه شيخ الأزهر بأن يكون غير قابلا للعزل، وكما أشرنا فإن الإسلام لا يعرف رجال الدين المعصومين فكل يخطئ ويصيب إلا رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام وبالتالى فشيخ الأزهر غير معصوم يخطئ ويصيب ويعزل ولا يؤله باستمراره فى موقعه طوال حياته.
وإذا كان لنا أن نعدل فيمكن أن نبقى المادة وفقا للتعديل التالي: "الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة، مقرها القاهرة، ويمتد مجاله ليشمل العالم عامة والعالم الإسلامى خاصة، وتختص الهيئة بالقيام على كافة شئونه، ويكفل المجتمع الأوقاف والأموال الكافية والتى تضمن استقلاله وتحقيق أغراضه ويكفل القانون ذلك. ويكون رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف مرجعية أساسية للدولة والمجتمع فى شئونه المختلفة ويتم انتخاب شيخ الأزهر من هيئة كبار العلماء لمدة أو مدد محددة، ويحدد القانون طريقة انتخابه ومعايير اختيار هيئة كبار العلماء".
ومن المواد مستحدثة التى لم ترَ النور المادة 9: " الذات الإلهية مصونة يحظر المساس أو التعريض بها، وكذا ذوات أنبياء الله ورسله جميعا، وكذلك أمهات المؤمنين، والخلفاء الراشدين" وإذا كان الجزء الأول معلوم من الدين بضرورة فإن حظر المساس بأمهات المؤمنين، والخلفاء الراشدين من الواجب تحصينه بالدستور أو القانون ولا يعنى هذا تضييق حرية الإبداع فالإبداع يجب أن تكون له ضوابطه.
ومن المواد المستحدثة الملغاة المواد الثلاث التالية:
المادة (45) "تعمل الدولة على إيجاد مؤسسة عامة تقوم على تحصيل الزكاة من المكلفين بها، وفق أحكام الشريعة الاسلامية، مع مراعاة ترك نسبة محددة منها ليتولى الملتزمون بها التصرف فيها لصالح المستحقين من ذويهم. كما تتولى تحصيل زكاة الركاز من المؤسسات العاملة عليها وتتولى إنفاق كل ما يصل إليها فى مصارفها الشرعية.
**ملاحظة**: تحفّظ عليها البعض وطالبوا أن تنظم فى القانون وليس فى الدستور" وأنا أتعجب من حذف هذه المادة التى تنظم أموال الزكاة بدلا من تضييعها وتوزيعها فتاتا على الفقراء وبعشوائية لا تعود بنفع على الفقراء أو المجتمع، كما أن الزكاة تطهر أموال الدولة بتحصيل زكاة الركاز ولا أدرى لما التردد والدولة تخرجه بالفعل ولكن تحت مسمى دعم الوقود أو الطاقة، وإذا كانت الدولة لا تود أن تخرج زكاة الركاز فى صورة أموال فلتخرجه فى صورة عينية على هيئة وقود - بنزين أو سولار أو كهرباء - إننا نقوم بإخراج زكاة الركاز فى صورة دعم ولو أخرجناها فى صورة زكاة لطهرنا ثرواتنا ولأرضينا الله ليبارك لنا فى أرزاقنا. إن هذه مادة نرضى بها الله ورسوله فعلينا أن نعض عليها بالنواجذ.
المادة (46) "الرموز الوطنية المعنوية واجبة التوقير والاحترام، ويحظر ازدرائها وفقًا للقانون" وهى مادة فضفاضة تعطى حصانات غير مبررة وحسنا أن تم حذفها.
المادة (47) "تعمل الدولة والمجتمع على حماية الوحدة الثقافية والحضارية واللغوية للمجتمع المصرى" وقد تم حذف هذه المادة، كما تم حذف المادة 24 الأصلية والتى كانت تنص على: "التربية الدينية واللغة العربية مادتان أساسيتان فى مناهج التعليم بجميع أنواعه ومراحله وتعمل الدولة على تعريب العلوم والمعارف تمهيدًا لتعريب التعليم فى كل مراحله، وتلتزم الجامعات بتدريس القيم والأخلاق اللازمة للتخصصات المختلفة".
لتحل المادة التالية محل المادتين برقم 24 بالصيغة التالية "تحمى الدولة الوحدة الثقافية والحضارية واللغوية للمجتمع المصرى، وتعمل على تعريب العلوم والمعارف. واللغة العربية مادة أساسية فى كافة مراحل التعليم، والتربية الدينية والتاريخ الوطنى مادتان أساسيتان فى التعليم قبل الجامعى بجميع أنواعه، وتلتزم الجامعات بتدريس القيم والأخلاق اللازمة للتخصصات المختلفة".
والمادة الجديدة رقم 24 تلزم الدولة بتعريب العلوم ولكنها تحررها من تعريب التعليم المنصوص عليه فى نص المادة قبل تعديلها وتعريب التعليم له أهميته الكبيرة فلقد ذهب علماء التربية إلى أن تحصيل العلوم فى المرحلة الجامعية بلغة الوطن يعطى نتائج أفضل من تحصيلها باللغة الأجنبية.
والمادة الجديدة تقصر التربية الدينية على التعليم قبل الجامعى ولا حرج فى ذلك فالطالب فى المرحلة الجامعية يمكنه التعرف على دينه بطريقته الخاصة وبحرية ولكنها قصرت تعليم التاريخ الوطنى أو ما كان يسمى بالتربية القومية على المرحلة قبل الجامعية وفى هذا ضرر كبير، فشخصية الطالب تتشكل فى المرحلة الجامعية والبعد الوطنى والانتماء يكتسبه الطالب فى هذه المرحلة المهمة فكل زعماء مصر تكونت شخصيتهم الزعامية أثناء المرحلة الجامعية.
طال المقال وما زال للموضوع بقية فلن ينسينا الدستور الاحتفال بذكرى أنصع يوم طلع على مصرنا العزيزة.
*****
ذكرى يوم عزة فى تاريخ مصر الحديث
السادس من أكتوبر 1973 م العاشر من رمضان 1394 ه، ذكرى يوم من أنصع وأعز أيام مصر فى تاريخها الحديث، يوم غسلت فيه مصر عار الهزيمة عن ثوبها الجميل، ست سنوات خرجت فيها مصر من جب الهزيمة إلى عزة الانتصار، يوم لا ينافسه فى عزته ونصاعته سوى يوم 25 يناير 2011 ، يوم تحرر فيه الوطن ويوم تحرر فيه الشعب. واليوم أرسلت الرسالة التالية لكل من عرفت من أبطال حرب أكتوبر المجيدة جنودا وضباطا "كل عام وأنتم ومصر بخير وحرية، نحن مدينون لكم بحرية الوطن واستقلاله".
وفى ذكرى أكتوبر كل عام وفى ذكرى العاشر من رمضان كنت أبدأ يومى بتهنئة تليفونية لبطل حرب أكتوبر ورئيس أركانها الفريق سعد الدين الشاذلى، وكان الرجل يسعد بالتهنئة فى وقت تنكر له الجميع. لقد كانت لفتة كريمة من الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية -لم يتوقعها أحد- بقيامه بتكريم الفريق الشاذلى، وهى إشارة طيبة من السيد الرئيس بضرورة إعادة كتابة تاريخ حرب أكتوبر بشكله الحقيقى وإعادة الحق لأصحابه.
ولقد استمعت من الفريق الشاذلى إلى حديث حاول أن يخفى فيه إحساسه بالمرارة لتزييف التاريخ، فذكر أن أولاده ذهبوا إلى بانوراما حرب أكتوبر بمدينة نصر ففوجئوا بالصورة الرئيسية لغرفة عمليات الحرب وصورة مبارك قد تم وضعها مكان صورة الشاذلى بجوار الرئيس السادات، مما اضطر أبناءه لرفع قضية أمام محكمة القضاء الإدارى خاصة وهم يمتلكون الصورة الحقيقية فقام المزورون بمعالجة الأمر بتزوير جديد فى محاولة لتزوير وتزييف التاريخ، ولقد آن الأوان أن نعيد الأمور إلى نصابها الصحيح كما أشار الأستاذ فايز محمد على مستشار رئيس الحزب فى مقال سابق له بجريدة الشعب.
*****
وفاة الشاذلى ورحيل مبارك
فى يوم الجمعة 11 فبراير كانت جنازة الشاذلى بعد صلاة الجمعة من مسجد الصديق أبو بكر بمصر الجديدة وفى المساء كان رحيل مبارك واحتفالنا بالنصر فى ميدان التحرير. فى نفس يوم رحيل الشاذلى عن دنيانا كان رحيل مبارك عن حكم مصرنا، وشتان ما بين الرحيلين. وكنت فى الجنازة بالقرب من الشيخ المجاهد حافظ سلامة، ولم يحضر من المسئولين سوى محافظ القاهرة وبعض قيادات القوات المسلحة، رحل الشاذلى ونحن نعيش أجواء ثورة شعبنا العظيم.
*****
سعد الدين الشاذلى والديمقراطية
أذكر هنا موقفا للمغفور له بإذنه الفريق سعد الدين الشاذلى انتصر فيه للديمقراطية، فى عام 1992 فازت جبهة الإنقاذ فى الجزائر فى الانتخابات التشريعية، وانقلب الجيش على الانتخابات والديمقراطية، وكان الشاذلى لاجئا سياسيا بالجزائر، فطلب منه العسكر إصدار بيان تأييد لهم ضد جبهة الإنقاذ، فرفض الشاذلى أن يقف ضد الديمقراطية رغم التهديد برحيله، ورغم علمه أنه بدخوله مصر سينفذ الحكم بسجنه ثلاث سنوات لإصداره كتاب عن حرب أكتوبر دون مراجعة بتهمة تسريب أسرار عسكرية، وفتحت له تونس وعدة دول أخرى أبوابها، وأبى الشاذلى وجاء إلى مصر ليدخل السجن وليكمل حفظ القرآن به، دخل بطل حرب أكتوبر السجن فى نفس الشهر أو الأسبوع الذى أفرج فيه نظام مبارك عن الجاسوس مصراطى وابنته بعد أن بال فى المحكمة وأهان مصر وقضاء مصر
*****
سعد الدين الشاذلى والثغرة
أثار البعض بعض الشبهات والأقوال المغلوطة بحق الفريق الشاذلى، لم يطلب الفريق الشاذلى سحب الجيش من شرق القناة كما يدّعى البعض، لأن عبور القناة والوصول إلى الممرات كان هدف الحرب الإستراتيجى وقد تحقق ولكنه رفض عبور الممرات لأن القوات البرية كانت تحتاج إلى حماية، وسلاح الطيران كان أضعف ما فى القوات المسلحة لضعف إمكانيته مقارنة بإمكانيات العدو، فلا يستطيع حماية القوات البرية -هكذا شرح الرجل فى مؤتمر له فى حزب العمل فى بداية التسعينيات- كما أن مدى الدفاع الجوى لحماية القوات البرية لا يتعدى الممرات ولهذا رفض الشاذلى عبورها، وعندما اتخذ السادات قرارا بعبور الممرات بحجة التخفيف عن الجبهة السورية حدثت الثغرة، وحدث ما حدث من حصار للجيش الثالث الميدانى.
*****
سعد الدين الشاذلى وحرب الخليج
أثناء حرب الخليج الثانية 2003 م دعوت الفريق الشاذلى لحضور صالون ثقافى يعقد فى منزلى، ورحب الرجل وطلب منّى تجهيز خريطة كبيرة للعراق بتفاصيلها الطبوغرافية والإدارية، وكانت أمسية طيبة صال فيها الرجل وجال شارحا السيناريوهات المتوقعة، وتفاعل معه الحضور، وفى نهاية الجلسة استأذن الرجل فى أن يحتفظ بالخريطة، وفوجئت بسعادته بها سعادة القائد الذى يعود إلى غرفة العمليات ليضع الخطط ويحرك العمليات.
عاش الرجل بطلا مجاهدا مؤمنا بقضية وطنه وشرد من أجل قضيته وسجن وعاش زاهدا حافظا للقرآن، ولا أنسى عندما زرته فى منزله وهو يقوم ببعض التجديدات به ورغم زهده ودخله الصغير إلا أنه أصر أن يعطينى تبرعا لحزب العمل دون أن نطلب منه.
رحم الله رمز حرب أكتوبر المجيدة رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء.
الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.