بعد قرار حل البرلمان الذي صدر من المحكمة وتم التصديق عليه اُسُقط في يد التيار الإسلامي الذي كانت له الأغلبية البرلمانية وشعر الجميع بخيبة أمل كبيرة في العملية السياسية والتي كان يتمنى الجميع أن تبرز أول تحول ديمقراطي حقيقي في البلاد بعد الثورة ، وكانت ردة الفعل من التيار الإسلامي الصمت وذلك لانشغالهم بانتخابات الرئاسة التي كانت شغلهم الشاغل بل هي أم المعارك عندهم وذلك لكي ينجح الدكتور "مرسي" فهو آخر ورقة يمكن الاعتماد عليها بعد حل البرلمان ، وإن نجاح الطرف الآخر يعتبر عودة لنقطة الصفر ومع ذلك كان لابد من ردة فعل مختلفة من التيار الإسلامي عكس التيارات الليبرالية التي ترى في حل البرلمان المنقذ لها من ابتلاع التيار الإسلامي لكل السلطات بعد نجاح "مرسي" فكانت فرحتهم بالحل عارمة ولو كانت على حساب الثورة وحساب الشهداء. التيار الإسلامي ومنه الفصيل السلفي واضح أنه أسُقط في يده أيضا بل وصل هول المفاجئة المتوقعة أنهم سكتوا عن الكلام ولم يخرج أحد ليصرح إعلامياً كردة فعل على حل البرلمان والذي سوف يؤثر سلباً على الجمعية التأسيسية و التي هي حلم التيار السلفي من دخول البرلمان ، إن الاحزاب ذات المرجعية الإسلامية لا تملك رؤية واضحة للحكم والسياسة وذلك لقلة خبرتها ولضعف طريقتها في التعامل مع المراوغة السياسية والتي هي في الأصل مبنية على الخداع والكذب بل إنهم يصدقون كل ما يتشدق به السياسيون والعسكريون ثم يتلاعبون بهم باسم النصوص القضائية والتي هي من صنعهم دون أن يكون عندهم بُعداً ثالثاً أو طريقاً ثالثاً في التعامل مع الأمور ، والاحتفاظ بورقات الضغط السياسية عند الحاجة بل حتى الشارع الذي هو الورقة الرابحة لهم هم أول من تركها وما أحداث العباسية منهم ببعيد ، وهم الآن يحاولون أن يصححوا ما أصابهم من هول المفاجئة من الاتصال بقواعدهم ومحاولة استرضائهم والنزول إلى الميدان مع أول دعوة وذلك لكي يحققوا أية مكاسب بعد أن فقدوا كل شيء ، والإخوان وإن سكتوا إلا أنهم يعلمون أن الحصول على مقاعد البرلمان في صالحهم ، وأنهم يمكنهم استعادتها بخلاف السلفيين الذين أُرهقوا من العملية السياسية والانتخابات المتعاقبة والتي شعروا معها أن السياسة تعطيك كل شيء ثم تسلبه منك مرة أخرى بجرة قلم ، ذلك لأنهم صدقوا الجدل والوعود السياسية . إن الشعور بخيبة الأمل وبكذب السياسة يرسل نوعاً من الإحباط وخاصة عند الذين لا يجيدون المراوغة السياسية ، لقد اعتقد السلفيون أنهم يملكون صناعة الحدث السياسي بالصدق والوعود الكاذبة من الحكام لمجرد أخذ رأيهم في بعض الأمور و جلوسهم مع كبراء القوم وهم المهمشون في الماضي كان ذلك من الأسباب التي أدت إلى بطلان التأسيسية مرتين حيث كل مرة لا يلتفت إلى القانون بل يلتفت إلى التوافق والذي سرعان ما ينسف بالدعوة القضائية . إن الحياة السياسية في الفترة الماضية كانت تعتمد على التوافق ، وكان هذا مخالفاً للقوانين المعمول بها في الدولة ، ولكن الطرف الثاني كان إذا رأى أن من صالحه أن يلجأ للقانون لجأ ،في حين يلتزم الطرف الآخر بالتوافق ويضيع حقه المقرر قانوناً هكذا وقع مع التأسيسية ووقع الإسلاميون في الفخ مرتين وأبطلت التأسيسية لعيب واحد وهو دخول أعضاء المجلس فيها ، ثم بعد ذلك تطورت الأحداث المترتبة على حل البرلمان و جاء الإعلان المكمل وهو إعلان ضروري من وجهة نظر العسكري ليحد من صلاحيات رئيس الجمهورية والذي يحتمل أن يكون إسلامياً ، وكل ما في الإعلان المكمل يثبت ذلك وإلا لماذا حل البرلمان سريعاً ؟ ذلك يثبت أنهم لن يسلموا السلطة للتيار الإسلامي مهما حقق من نجاحات لأنهم يعتبرونه قاصراً ولا قدرة له على الفهم مع معطيات العصر الحديث ، وأنه يعود بنا إلى ألف وأربعمائة سنة للخلف وأنه سوف يعلن الحرب ويعادي العالم كله ، الإعلان المكمل والاستعجال في حل البرلمان و"الضبطية القضائية" والتي وإن صحت قانوناً بعد إلغاء الطواريء إلا أنها لو استخدمت سياسياً فسوف تكون أسوأ من قانون الطواريء كل ذلك يدل على خوف شديد من التيار الإسلامي ، والذي هو جزء من الشعب المصري وجزء من العملية السياسية، ولابد للجميع أن يعترف بالديمقراطية التي ارتضاها الجميع . إن حسابات الداخل والخارج دائما تضيع حق الإسلاميين مع أن هذا حق أصيل يجب أن يعترف به الجميع لكي نحقق مباديء الثورة التي ثارت على الظلم والاستبداد وعلى الضعف والهوان الذي أصاب هذه الأمة وضيع كرامتها بين الأمم . اللهم ارزق مصر قائداً ربانياً يحكم بشريعتك ويقيم العدل بين عبادك الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة