مصطلح الخروج الآمن صار مرادفا لكل من بيده سلطة يخشى أن يحاسب عليها ، وهذا أمر لابد منه لأن الجميع مٌحَاسب عن عمله في الدنيا و الآخرة ، لكن الخروج الذي نتحدث عنه هو الخروج من المأزق السياسي الذي تمر به بلادنا الحبيبة حماها الله من كل مكروه ، وخلال الأيام الماضية وفي هذه الأثناء تُجري الدعوة السلفية بكل علمائها ومشايخها مجموعة من اللقاءات والمشاورات على جميع المستويات وذلك مع جميع الفرقاء السياسيين والمسئولين بالدولة من أجل الخروج من الأزمة السياسية المتمثلة في تأسيسة الدستور أو مرشحي الرئاسة ، ولأن مرشحي الرئاسة منهم من له نفوذ ومنهم من له جماهيرية وكل منهم له أيدولوجية خاصة ، وأصبح هناك صخب إعلامي وجدل قانوني ، لأن طبيعة النص القانوني أنه يحتاج إلى تفسيرات وهذا معلوم عند القانونيين ، ولذلك نجدهم مختلفين لأن القانون من صنع البشر وليس وحياً سماوياً مقطوع به ، لذلك لا تتعجب من التشكيك في كل ما حولك ولا تتعجب ممن يقول بنظرية المؤامرة وما يُدبر بالليل ، و أصبح عامل الثقة مفقود بين الجميع والذي زاد من ذلك الإعلام الليبرالي الذي يريد أن يدمر كل شيء والكتاب الليبراليين الذين يرون في مرشحي النظام القديم أملهم في الوجود والذين نادوا بحكم العسكر عن الإسلاميين و ادعوا أنهم يريدون كل شيء ، ولكن الحقيقة غير ذلك والذي يحكم حتى الآن هم الليبراللين .. أليس النظام السابق ليبرالياً والإعلام السابق ليبراليا و القضاء ليبرالياً ؟ إن السلطة التنفيذية في أيديهم و القضائية في أيديهم ، ولولا إرادة الله ثم الانتخابات لما جاء الإسلاميون إلى البرلمان والذي يمثل السلطة التشريعية والرقابة ثم يزعمون بعد ذلك أن الإسلاميين يحكمون وأنهم لم يحققوا شيئا منذ أن استلموا السلطة فأي سلطة استلموها ؟ لقد حاولوا أن يسحبوا الثقة من الحكومة ولكن السلطة التنفيذية رفضت ذلك وكأن شيئا لم يكن ، ثم نأتي إلى التأسيسية والتي تم التراضي على تكوينها من 50 عضواً من الشعب والشورى و50 عضواً من الخارج ، ولم يسيطر الإسلاميون فيها إلا على 54 عضواً فقط ، وهم لا يقبلون بذلك وكأن الإسلاميين لم ينتخبهم الشعب ولا يمثلون الأغلبية من الناس ، ولكن من يملك الإعلام يلبس على الناس الحقيقة ويعتبر أن ذلك استئثاراً بالسلطة لنفسه مع أنه لو كان هو الأغلبية ما أعطى الإسلاميين مقعداً واحداً ، ثم بعد ذلك يطعنون عليها ويؤخرون عملها ويطالبون أن تكون من خارج المجلسين ونسوا أن الأغلبية البرلمانية هي من ستنتخب أعضائها وهذا حقهم الذي كفلته المادة لهم وهذه هي الديمقراطية التي تنادون بها بعد أن طعنوا على تأسيسية الدستور. ولما ترشح الإسلاميون للرئاسة قامت الدنيا ولم تقعد ، وأخذ الهوس الإعلامي مداه ضد الإسلاميين وزعموا أنهم سوف يسيطرون على كل شيء ، وقالوا نار العسكر ولا نار الإسلاميين وأدعوا جهل الإسلاميين بالمدنية والعودة إلى الجمال والحمير ، ونسوا أن الذي أعاد الجمال و الحمير إلى ميدان التحرير هم المفسدون من النظام السابق ، هل كان مبارك وعصابته إلا الليبراليون الذين حكموا ثلاثين عاما واليوم تريدونها إلى الأبد ؟ ومع ذلك نقول أن الموقف السياسي متأزم ولابد للخروج منه لكن الفرقاء السياسيين لا يريدون شريكاً معهم وهو الشريك الإسلامي . إن إعلان اللجنة عن خروج عشرة مرشحين منهم ثلاثة مرشحين يثيرون جدلا إعلاميا وسياسيا ، منهم من ينتمي إلى النظام السابق ومعه ملفات كثيرة بحكم منصبه وله أتباع ومريدون تخصصوا في التزوير وأصحاب مصالح شخصية ، ومنهم من يمثل أكبر الكتل البرلمانية والذي يرى فيه الفرقاء السياسيون أنه نوع من الاستئثار بالسلطة ، ومنهم من يُرى أنه يمثل الإسلام المتشدد وأنه سوف يصطدم مع العالم ، إن خروج هؤلاء جميعاً يهدئ من صعوبة المشهد السياسي لأن الكل يرى أنه الأحق بالرئاسة ، ولذلك لابد من خروج آمن، يجب أن تهدأ مخاوف الصدام السياسي لأن كل واحد من هؤلاء وراءه من يؤيده سواء كان من الشعب أو من النظام السابق ، ولذلك تلاحظ ان التيار السلفي يحاول أن يجمع الجميع على مرشح تكون له فرصة النجاح ، ومن ثم يجب أن يتوافق الفرقاء السياسيون وهذا يتطلب من الجميع الهدوء وضبط النفس للخروج من هذا المأزق السياسي ، وهناك شبه إجماع من شيوخ وعلماء التيار السلفي على أنه لو ثبت خروج الشيخ حازم من السباق حقيقياً دونما أي لبس أو خداع فعلى الجميع أن يرضى بذلك ويسلم أمره لله ، ولا يُلتفت إلى نظرية المؤامرة والتي من المكن أن تأكل الأخضر واليابس و شيوخ وعلماء التيار السلفي من ذلك براء ، وهم يعقدون اجتماعات لبحث هذه الأمور ويحاولون جمع الناس على مرشح واحد يكون الأقرب إلى تنفيذ الرؤية الإسلامية والمناداة بتطبيق الشريعة الإسلامية ، ويُهدأ من روع التيارات الأخرى والعالم من حولنا وهذه ليست انهزامية كما يراها البعض المتحمس لشخص وكأن الولاء والبراء معقود عليه ، إنما هو معقود على من يطبق شرع الله أياً كان هذا الشخص ويكون صادقا في دعواه ، لأن رؤية الواقع تفرض أن هناك سنن للتغيير طالما أننا لن نفرط في الشرع والثوابت والأمور تجري بقدر الله ، ولن يكون هناك استقرار إلا بالإخلاص والتعاون فيما بيننا ، لأنه لا خروج آمن من هذه المرحلة إلا بالاتفاق والرضا ، وليعلم الجميع أن التيار الإسلامي الآن هو صاحب المرحلة وأنه مالك اللحظة وهذا ليس استئثارا بالسلطة ، لأن العالم كله جرب الليبرالية والعلمانية سنوات طويلة ما رأينا إلا الدمار والذل والمهانة فوجب علينا أن نعود إلى إسلامنا نرضى بشرع ربنا مع الحفاظ على حقوق غيرنا . E-mail:[email protected]