تنسيق المرحلة الأولى..85.37% للعلمي و81.71% للشعبة الهندسية نظام قديم    موعد التقديم والمزايا.. المستندات المطلوبة للالتحاق بجامعة دمنهور الأهلية    البابا تواضروس يصلي القداس مع شباب ملتقى لوجوس    حروب تدمير العقول !    الحكومة: غلق جميع الفتحات فى الحواجز الوسطى والجانبية بالتحويلات المرورية    وزير السياحة: نستهدف شرائح جديدة من السياح عبر التسويق الإلكتروني    الشمس تحرق جنود الاحتلال بغزة.. إجلاء 16 مقاتلا من القطاع بسبب ضربات شمس    بوتين يعلن إعادة هيكلة البحرية الروسية وتعزيز تسليحها    الكونغو.. مقتل 21 شخصًا على الأقل بهجوم على كنيسة في شرق البلاد    تحقيق| «35 دولارًا من أجل الخبز» و«أجنّة ميتة».. روايات من جريمة «القتل جوعًا» في غزة    بعثة الأهلي تصل القاهرة بعد انتهاء معسكر تونس    رابطة الأندية تحدد يوم 29 سبتمبر موعدا لقمة الأهلى والزمالك فى الدورى    بيراميدز يكشف سبب غياب رمضان صبحي عن مباراة قاسم باشا    ليفربول بين مطرقة الجماهير وسندان اللعب المالي النظيف    جنايات الإسكندرية تقضى بالإعدام شنقا ل"سفاح المعمورة"    ننشر أسماء أوائل الشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء.. الطالبات يتفوقن على الطلبة ويحصدن المراكز الأولى    موجة شديدة الحرارة وسقوط أمطار على هذه المناطق.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس غدًا الإثنين    مدبولي يوجه بمراجعة أعمال الصيانة بجميع الطرق وتشديد العقوبات الخاصة بمخالفات القيادة    تأجيل محاكمة 108 متهمين بخلية "داعش القطامية" ل 28 أكتوبر    "أنا ست قوية ومش هسكت عن حقي".. أول تعليق من وفاء عامر بعد أزمتها الأخيرة    ب "لوك جديد"| ريم مصطفى تستمتع بإجازة الصيف.. والجمهور يغازلها    هل الحر الشديد غضبًا إلهيًا؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    بتوجيهات شيخ الأزهر.. قافلة إغاثية عاجلة من «بيت الزكاة والصدقات» في طريقها إلى غزة    بعد 11 عامًا.. الحياة تعود لمستشفى يخدم نصف مليون مواطن بسوهاج (صور)    تعرف على طرق الوقاية من الإجهاد الحراري في الصيف    ذكرى وفاة «طبيب الغلابة»    الغربية تستجيب لمطالب أولياء الأمور وتُخفض الحد الأدنى للقبول بالثانوي العام    محافظ دمياط يطلق حملة نظافة لجسور نهر النيل بمدن المحافظة.. صور    «فتح»: غزة بلا ملاذ آمن.. الاحتلال يقصف كل مكان والضحية الشعب الفلسطيني    نجوى كرم تتألق في حفلها بإسطنبول.. وتستعد لمهرجان قرطاج الدولي    غدًا.. وزير الثقافة ومحافظ الإسكندرية يفتتحان الدورة العاشرة لمعرض الإسكندرية للكتاب    يسرا ل"يوسف شاهين" في ذكراه: كنت من أجمل الهدايا اللي ربنا هداني بيها    وزير الثقافة يزور الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم بعد نقله إلى معهد ناصر    رانيا فريد شوقي تحيي ذكرى والدها: الأب الحنين ما بيروحش بيفضل جوه الروح    وزير الإسكان يواصل متابعة موقف مبيعات وتسويق المشروعات بالمدن الجديدة    رئيس اقتصادية قناة السويس يستقبل وفدا صينيا لبحث التعاون المشترك    لماذا تؤجل محكمة العدل الدولية إصدار حكمها في قضية الإبادة الجماعية بغزة؟    العثور على جثة شخص بدار السلام    الأردن يعلن إسقاط 25 طنا من المساعدات الغذائية على غزة    تجديد الثقة في الدكتور أسامة أحمد بلبل وكيلا لوزارة الصحة بالغربية    7 عادات صباحية تُسرّع فقدان الوزن    "البرومو خلص".. الزمالك يستعد للإعلان عن 3 صفقات جديدة    بعد عودتها.. تعرف على أسعار أكبر سيارة تقدمها "ساوايست" في مصر    أمين الفتوى: النذر لا يسقط ويجب الوفاء به متى تيسر الحال أو تُخرَج كفارته    قبل كوكا.. ماذا قدم لاعبو الأهلي في الدوري التركي؟    وزير البترول يبحث خطط IPIC لصناعة المواسير لزيادة استثماراتها في مصر    لمروره بأزمة نفسيه.. انتحار سائق سرفيس شنقًا في الفيوم    مجلس جامعة بني سويف ينظم ممراً شرفياً لاستقبال الدكتور منصور حسن    الجيش السودانى معلقا على تشكيل حكومة موازية: سيبقى السودان موحدا    «مصر تستحق» «الوطنية للانتخابات» تحث الناخبين على التصويت فى انتخابات الشيوخ    وزير التموين يفتتح سوق "اليوم الواحد" بمنطقة الجمالية    جواو فيليكس يقترب من الانتقال إلى النصر السعودي    مصر تنتصر ل«نون النسوة».. نائبات مصر تحت قبة البرلمان وحضور رقابي وتشريعي.. تمثيل نسائي واسع في مواقع قيادية    إصابة 11 شخصا في حادثة طعن بولاية ميشيجان الأمريكية    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر.. والإدعاء بحِلِّه تضليل وفتح لأبواب الانحراف    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    وسام أبو على بعد الرحيل: الأهلى علمنى معنى الفوز وشكرا لجمهوره العظيم    تأكيدا لما نشرته الشروق - النيابة العامة: سم مبيد حشري في أجساد أطفال دير مواس ووالدهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستبداد واستقلال الأوطان
نشر في الشعب يوم 29 - 03 - 2012

عل الرغم من أهمية استقلال الأوطان, على مستوى الاستقلال من الاحتلال, أو استقلال القرار الوطنى من التبعية لأى قوى خارجية, إلا أن هناك دائما من يحاول أن يرسخ فى عقيدتنا أن هذا الاستقلال مرتبط دائما بالاستبداد, وأننا إذا أردنا الاستقلال فعلينا أن نرضى بالاستبداد والطغيان من الحاكم الذى يسعى إلى الاستقلال.
رأينا ذلك فى ثلاث نماذج من عصرنا الحديث, ففى عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر, حارب طيلة فترة حكمه من أجل استقلال الوطن من التبعية لأمريكا والغرب, وخاص منذ بدايات ثورة 1952 معارك عديدة من أجل ذلك, بدءا من قرار تأميم قناة السويس, إلى قرار تعدد مصادر تسليح الجيش المصرى, إلى تأسيسه لحركة عدم الانحياز, وغيرها من المعارك, التى كان دائما يحرص فيها على إظهار روح الاستقلال عن القوى الكبرى, وأنه يجب أن يُترك لكل دولة أن تدير شئونها طبقا لمصالحها القطرية والإقليمية, دون التقيد بالتبعية للقوى الكبرى, التى بالتأكيد يمكن أن تتعارض مصالحها مع مصالح الدول النامية والساعية لدور إقليمى أو دولى.
لكن على الجانب الآخر, كان هناك استبداد داخلى, ونزعة إلى الانفراد بالحكم, وما يتبع ذلك من قمع للحريات, وفتح السجون والمعتقلات لكل من لا يؤمن بآراء وتوجهات الدولة فى هذا الوقت, ورأينا كان كانت مصر تُحكم من خلال جهاز المخابرات برئاسة صلاح نصر, وكيف كان الجيش يدار بطريقة الشللية بقيادة عبد الحكيم عامر, وهو ما أوصلنا إلى هزيمة 1967, التى احتاجت مصر إلى الكثير من السنوات لكى تعيد التئام الجرح الذى سببته هذه الهزيمة, وما زلنا نعانى من آثار هذه الهزيمة حتى اليوم من خلال ضياع القدس, والحصار الخانق الذى يقتل أهلنا فى غزة كل يوم.
وكانت الحجة فى ذلك الاستبداد الذى مارسه عبد الناصر, أن الوطن يخوض معركة الاستقلال ضد القوى الكبرى الساعية إلى الهيمنة على العالم والدول النامية ذات الموقع الجغرافى والإقليمى المهم.
أما ثانى النماذج فى هذا الاستبداد فكان فى العراق, حينما جاء صدام حسين إلى الحكم, وحكم بغداد بالحديد والنار, وما أشيع عن حجم القتل الذى مورس ضد معارضيه, للدرجة التى قيل أنه كان يعدم معارضيه بيديه بدم بارد دون محاكمة, ناهيك عن المعتقلات والتعذيب الذى يتم بداخلها, والمذابح التى تم ارتكابها ضد أى انتفاضات شعبية, والتاريخ يشهد على مذبحة "حلبجة" التى أباد فيها معارضيه من أهل العراق بالسلاح الكيماوى.
وكل تلك الجرائم أيضا تم ارتكابها تحت زعم المحافظة على استقلال الوطن ووحدة أراضيه, وظل على استبداده وديكتاتوريته حتى أوصل للعراق إلى الاحتلال الأمريكى عام 2003, وهى الكارثة التى لن يتعافى منها العراق قبل قرون من الزمان.
أما ثالث النماذج, والذى نعيش اليوم أفعاله, ونرى كل يوم مذابحه بحق أبناء شعبه, فهو "بشار الأسد", وإن كان هذا ليس بغريب عليه, فهو ابن لديكتاتور آخر هو "حافظ الأسد", وكلاهما ظل فى الحكم عنوة رغم إرادة الشعب السورى, ومارسا كل أشكال الديكتاتورية والحكم الفردى, وتعذيب المعتقلين فى السجون والمعتقلات, وكانت أيضا الحجة الأساسية فى كل هذه الممارسات أنه لا وقت للديمقراطية ولا للحريات ما دامت الأرض محتلة واستقلال الوطن مهدد.
صحيح أن النظام السورى كان الداعم الأساسى لفصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية ضد الكيان الصهيونى, لكن ذلك لا يعد مبررا لحالة التسلط والديكتاتورية, خاصة إذا ما نظرنا إلى الأمر على أنه نوع من ممارسة الضغط السياسى على الكيان الصهيونى لكى يقبل بتسوية سلمية لاستعادة الجولان.
وفى حين لم يطلق نظام الأسد - الأب والابن - طيلة 45 عاما, هى عمر احتلال الكيان الصهيونى للجولان طلقة رصاص واحدة تجاه تحرير الأرض السورية, أطلق بشار الأسد رصاصه ومدافعه ودباباته تجاه شعبه وثورته من أجل البقاء فى الحكم.
كل تلك النماذج تضعنا تجاه معضلة أوجدها هؤلاء الحكام, وهى الاختيار ما بين "الاستقلال والديكتاتورية", أو "التبعية والديمقراطية", وكأن الاستقلال لا يستقيم مع الديمقراطية, وكل هؤلاء كانت نظرتهم إلى شعوبهم على أنهم لا يعرفون مصلحة الأوطان, وأنهم كحكام هم من يدركون فحسب طبيعة المرحلة ومتطلباتها, وأن الديمقراطية لا يمكن أن تفرز إلا الساعين إلى الحكم, وكأنهم هم أنفسهم لا يسعون للحكم مدى الحياة, وكان القاسم المشترك بينهم هو عدم اللجوء لشعوبهم إلا كوقود للحروب أو طوابير للهتاف للزعيم المفدى فى المناسبات الوطنية.
ولا أدرى كيف يمكن لحاكم خرج الآلاف, بل والملايين من أبناء شعبه فى تظاهرات تطالبه بالرحيل, ثم لا يرحل, بل ويجعل من ميادين التظاهر ساحة لسفك الدماء والقتل والترويع, تحت زعم أن الشعب لا يدرك مصلحته, وتحت هزل يقوله أن ما يحدث مؤامرة خارجية لإسقاط نظامه المقاوم, وأصبح الاختيار أمام الشعوب إما أن تكون مع النظام بكل بطشه وجبروته وديكتاتوريته, أو تكون فى صف الخونة وعملاء الخارج.
قالها عبد الناصر بعد هزيمة 1967, بأن الهدف هو إسقاط مشروعه الاستقلالى, وقالها صدام حسين بعد حرب الخليج الثانية, على الرغم من أنه كان الذراع الأمريكى والغربى الذى حاول إسقاط النظام الإيرانى بعد نجاح ثورته الإسلامية, ويقولها الآن بشار الأسد ضد ثورة سوريا, وأن هذه الثورة ليست اعتراضا على ديكتاتوريته, ولا حكمه الفاسد الذى لم يحرر الأرض المحتلة, ولكنها ثورة مدعومة من الخارج لإسقاط مشروع المقاومة.
بئس التحليل, وبئس التصرف من حكام لم يراعوا شعوبهم, ولم ينتقلوا بهم خطوة إلى الأمام فى مسار الأمم المتقدمة, وجعلوا من ديكتاتوريتهم حرما مقدسا لا يجب المساس به, فى حين أنهم لو لجأوا إلى شعوبهم واحتموا فى ظلال الديمقراطية لكان لهذه الدول شأن آخر, ولحصلوا على الحسنيين (الاستقلال والديمقراطية) الذى لا يجب أن يكون بينهما تعارض, فالديمقراطية حصن يتم اللجوء إليه لمزيد من الاستقلال, فليس هناك من شعب يرفض أن يكون مستقلا, ومتمتعا بكامل حريته.
لا بديل للحرية, ولا بديل للاستقلال, وإن كره الطغاة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.