بعد أن تغافل المجلسان حق الأزهر نقول " الأزهر خير لهم لو كانوا يعلمون" نعم: الأزهر خير للمجلسين وللأمة كلها، هو خير لهم من غيره لأنه إليه أمر حراسة الملة، وسياسة الأمة، ونشر الدعوة، رضي من رضي وكره من كره. لقد ذاد المجلسان التشريعيان الأزهر الشريف وعلماءه عن حياض الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وهو أو لى الناس به ، لأنه هو القائم على رعاية حق الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، الكتاب الذي يغني عن كل دستور ولا تغني عنه كل الدساتير ولو اجتمعت له، ومع هذا فبالأزهر الشريف كلية تسمى بكلية الشريعة والقانون، إن لم يكن علماء الدعوة ليسوا في تقدير هذا المجلس من ذوي الشأن الدستوري – الذي عرفته مصر عام 1882م-، أو أن المجلس اختار الظلم لأحد أصوله حتى يقال عنه إنه عادل، أو رضي لنفسه أن يلتمس رضى من يخشاهم بسخط الله فما عذره في تغافله وإهماله وتحايده عن كلية الشريعة والقانون وعندها كان من الممكن له أن يأمن العثار لو أنه لم يكن له هوى فيما أقدم عليه ؟ لقد أرغمنا هذا المجلس بصنيعه هذا الذي لن ينسى له على أن نقول متألمين: إنها غدرة ،ومن أسف لم تكن أول الغدرات على اختلاف العهود والوجوه، فإلى مجلس الشعب كان أمر تدمير الأزهر من قبل يوم أن فوَّض المجلس أكابر مجرميها في أن يفعل به ما يشاء بدعوى أنه هو الأمين عليه دون غيره ،فذبح على ذلك التفويض الفاجر من الأزهر ما ذبح من أعوام وعلوم و مناهج ،ثم طارد المخلصين من أبنائه وعلمائه،ثم جاء هذا المجلس فلم يفعل لدينه ما كان مؤملا فيه ،حيث سكت على ما نال هيئات الأزهر أثناء وجوده وانعقاد جلساته من قوانين طُبِخت بليل، ثم ذاد الأزهر وعلماءه عن الجمعية التأسيسية التي جُعِل إليها أمر كتابة الدستور وذلك بعد أن قدّم الأزهر الرسمي للمجلس وسادته من الوثائق والتنازلات ما لم يقدمه أحد من أفراد أو هيئات، ومع هذا لم يشفع له شافع لدى المجلسين وهما يعدان للجمعية الدستورية التي تلزمها الأعراف والقواعد فضلا عن الأخلاق بدعوة من هو أقل منه شأنا فضلا عن دعوته إليها لم يشفع له شافع بذكر حقه أو تقدير شأنه، فإذا بالمجلسين ينكآن جروحا ظنناها صارت دفينة ،ويجددان آلاما حسبناها بمقدمهم سكينة،وأنها على ما وعد المجلسان –قبل أن يُخلفوا- صارت نسيا منسيا، فإذا بهم يفجأونا والأمة بل والعالم كله بهذا النكران ،وذلك الانحراف غير المقبول ولا المسوغ ،فذكرنا بموقفهم هذا ما كان من سابقهم فيه أحمد عمر هاشم الذي وصف علماء الجبهة تحت قبته على ما نشر له بصحيفة الأهرام والأحرار وقتها وصفهم بأنهم " شوية أولاد صغار لا يعلمون شيئا" وذلك لما حوجج من بعض أعضائه بشريف مواقفهم ، ويبدو أن التاريخ بعد زوال الهاشمي يعيد نفسه. لكن هذه المرة بالأفعال لا بالأقوال !!! فاللهم إليك وحدك نشكو أمر أزهرنا الشريف وحظه ممن حسبناهم أوليائه، كما نشكو إليك حظه كذلك من خصومه وأدعياءه، وأعدائه، الأزهر الذي تؤخذ باسمه زور ا وبهتانا الدنيا جميعا دون أن يرد إليه حقٌّ، أو ترعى له حرمة ،نشكو ربنا إليك حالنا وحاله بمثل ما شكا خير خلقك أمره إليك مع الناس وأهله حين قال صلى الله عليه وسلم " اللهم إليك أشكو ضعف قُوَّتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني إلى قريب يتجهَّمُني أم إلى عدُوٍّ ملكته أمري، إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي سخطك ،أو يحلَّ علي غضبُك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" والله ،وكل ذلك الذي شكا منه عبدك ونبيك هو اليوم فينا وفي الأزهر الشريف قائم وقد كان، وإن الذي نصر نبيه بالأمس على هذا الحال لقادر أن يثأر لمعهده وورثته وينصرهم وينصره ( ويشف صدور قوم مؤمنين * ويذهب غيظ قلوبهم) فيا أيها المجلسان بعد أن رضعتم لبانها ،و ذقتم حلاوتها إعلموا أنها نعمت المرضعة وبئست الفاطمة،ثم (اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ*وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) (هود 121 :122) صدر عن جبهة علماء الأزهر 3من جمادى الأولى 1433ه الموافق 25 مارس 2012م