تحولت السفارات الفنزويلية في عواصم عربية عدة إلى مقصد لزعماء وممثلي قوى سياسية لتقديم رسائل الشكر والإشادة بقرار الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز سحب سفير بلاده من دولة الاحتلال وتحول بسبب قراره إلى بطل في نظر بعض النخب العربية. ففي القاهرة التقى صباح أول من أمس الاثنين وفد يضم 10 من نواب الإخوان المسلمين في البرلمان وعدداً آخر من المثقفين سفير فنزويلا بالقاهرة، وفي تصريح صحفي قال النائب الإخواني محسن راضي «إن الهدف من الزيارة مزدوج يتعلق بشكر دولة فنزويلا على قرارها المتميز بسحب سفيرها من تل أبيب، ووقوفها بجانب الحقوق العربية ورفض الهيمنة الصهيونية، وتوجيه نقد غير مباشر للحكام العرب بسبب مواقفهم التي خذلت المقاومة والشعب اللبناني». وفي الجزائر توجه علي بلحاج، الرجل الثاني في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» الجزائرية المحظورة، إلى سفارة فنزويلا الأحد الماضي حاملا رسالة «شكر واعتراف بالجميل» للرئيس شافيز. وجاء في الرسالة: «يسعدني بالغ السعادة أن أخط بقلمي الواهي الحزين كل عبارات الإشادة والتنويه بتلك المواقف الرائعة الفريدة من نوعها التي صدرت من الرئيس الفنزويلي الشهم الجسور إزاء قضايا الأمة العربية والإسلامية، وعلى رأسها مساندة المقاومة العادلة في فلسطين ولبنان، وكذا تنديده الصريح الواضح بالولايات المتحدة الأميركية بعبارات قوية فضحت زيف الشعارات التي طالما رفعتها أميركا». وأعرب بلحاج عن «أسفه لمواقف الخزي والعار والشنار التي صدرت عن الدول العربية». أما في الأراضي الفلسطينية فقد صار شافيز رمزا؛ ترفع صوره في الجامعات، خاصة من جانب أنصار التيار اليساري بجوار صور «تشي جيفارا» المناضل اليساري بأميركا اللاتينية. بل إن بعض مطابع رام الله بالضفة الغربية، وغيرها من المدن الفلسطينية، باتت تعد لطباعة صور لشافيز؛ تمهيداً لتعليقها في الميادين العامة، كرمز لثائر عالمي جديد، في زمن «التردي العربي» كما يقول بعض النشطاء العرب. وترى منار ناصر، الطالبة بجامعة بيرزيت، أن موقف شافيز «البطولي» جعله من رموز الثورة العالمية ضد الظلم، في وقت لا تزال فيه بعض الدول العربية لا تجرؤ على مثل هذه المواقف الشجاعة، وتكتفي بالدعوة لوقف إطلاق النار. الطالب ليث بلاطة يعتبر هو الآخر أن «شافيز وقف موقفاً بطولياً، ويستحق منا كل التقدير، نحن كطلاب نعد رسالة تأييد وشكر له، ليعلم أن ثمة في فلسطين من يقدر له مواقفه الشجاعة». ويعرف عن شافيز تعاطفه مع القضايا والحقوق العربية، وهو من أشد المنتقدين للغزو الأميركي للعراق في مارس 2003. كما أعلنت بلاده عن استعدادها لاستقبال قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تقود الحكومة الفلسطينية الحالية، بعد أن فرض الغرب حصاراً اقتصادياً وسياسياً عليها إثر فوزها في الانتخابات التشريعية مطلع العام الجاري. على النقيض تشهد العلاقات بين فنزويلا والولايات المتحدة توتراً متواصلاً. وكان ناطق باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أشاد بموقف فنزويلا ورئيسها، «صديق العرب والشعوب المضطهدة»، معتبراً موقفه، موقفاً أممياً علا سقفه عن سقوف النظام الرسمي العربي. وعبر وسائل الاتصال الالكترونية أعرب نشطاء إنترنت عرب عن تثمينهم لقرار فنزويلا، فيقول أحدهم: «لو كان الزعيم المصري مصطفى كامل حياً هذه الأيام لغير مقولته الشهيرة إلى لو لم أكن عربياً لوددت أن أكون فنزويلياً»!