بعد افتتاحه رسميا.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة زينب رضي الله عنها    426 مليون جنيه إجمالي مبيعات مبادرة "سند الخير" منذ انطلاقها    رئيس اتحاد الجاليات الفلسطينية: إسرائيل لن تلتزم بقرارات العدل الدولية    فتح: نخشى أن يكون الميناء الأمريكي على شاطئ غزة منفذا لتهجير الفلسطينيين    روسيا: مستعدون لتوسيع تقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة    الخارجية الروسية: لا نخطط للتدخل في الانتخابات الأمريكية    كولر يعقد محاضرة فنية قبل مران اليوم استعدادا للترجي    بحوزته 166 قطعة.. ضبط عاطل يدير ورشة تصنيع أسلحة بيضاء في بنها    إعدام 6 أطنان أسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بكفر الشيخ    "القاهرة الإخبارية" تحتفي بعيد ميلاد عادل إمام: حارب الفكر المتطرف بالفن    أحمد السقا عن أصعب مشهد بفيلم «السرب»: قنبلة انفجرت حولي وخرجت سليم    وزيرة التخطيط تشارك بافتتاح النسخة الحادية عشر لقمة رايز أب    مصر تشارك بأكبر معرض في العالم متخصص بتكنولوجيا المياه والصرف الصحي بألمانيا "IFAT 2024" (صور)    تضامن الدقهلية تنظم ورشة عمل للتعريف بقانون حقوق كبار السن    الحبس والغرامة.. تعرف على عقوبات تسريب أسئلة الامتحانات وأجوبتها    سعر الدولار فى البنوك المصرية صباح الجمعة 17 مايو 2024    الجزار: انتهاء القرعة العلنية لحاجزي وحدات المرحلة التكميلية ب4 مدن جديدة    مواعيد مباريات الجمعة 17 مايو.. القمة في كرة اليد ودربي الرياض    سيد عبد الحفيظ: مواجهة نهضة بركان ليست سهلة.. وأتمنى تتويج الزمالك بالكونفدرالية    بعد 3 أسابيع من إعلان استمراره.. برشلونة يرغب في إقالة تشافي    ليفربول يُعلن رحيل جويل ماتيب    مصر تفوز بحق تنظيم الاجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في 2027    17 مايو 2024.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    مصرع ربة منزل ونجليها في حادث دهس أسفل سيارة بعين شمس    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق بقطعة أرض فضاء في العمرانية    تجديد تكليف مي فريد مديرًا تنفيذيًا للتأمين الصحى الشامل    الخشت يستعرض دور جامعة القاهرة في نشر فكر ريادة الأعمال    برنامج للأنشطة الصيفية في متحف الطفل    وفاة أحمد نوير مراسل قنوات بين سبورت.. موعد ومكان الجنازة    طارق الشناوي ل «معكم منى الشاذلي»: جدي شيخ الأزهر الأسبق    الإثنين.. المركز القومي للسينما يقيم فعاليات نادي سينما المرأة    دعاء يوم الجمعة المستجاب.. «اللهمَّ اجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أعمارنا أواخرها» ردده الآن    انطلاق قافلة جامعة المنصورة المتكاملة "جسور الخير-21" المتجهة لحلايب وشلاتين وأبو رماد    في 5 دقائق.. طريقة تحضير ساندويتش الجبنة الرومي    مرور مفاجئ لفريق التفتيش الصيدلي على الوحدات الصحية ببني سويف    طريقة عمل الهريسة، مذاقها مميز وأحلى من الجاهزة    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    خبير سياسات دولية: نتنياهو يتصرف بجنون لجر المنطقة لعدم استقرار    «الأوقاف» تعلن افتتاح 12 مسجدا منها 7 إحلالا وتجديدا و5 صيانة وتطويرا    أين وصلت جلسات محكمة العدل الدولية للنظر في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل؟    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 17 مايو 2024 والقنوات الناقلة    احذر.. قلق الامتحانات الشديد يؤدي إلى حالة نفسية تؤثر على التركيز والتحصيل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    سيولة مرورية وسط كثافات محدودة بشوارع القاهرة والجيزة    الاغتسال والتطيب الأبرز.. ما هي سنن يوم «الجمعة»؟    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان وانفجار أخرى في الجليل الغربي    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    النواب الأمريكي يقر مشروع قانون يجبر بايدن على إمداد إسرائيل بالأسلحة دون انقطاع    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    "كاميرا ترصد الجريمة".. تفاصيل تعدي شخص على آخرين بسلاح أبيض في الإسماعيلية    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خريف الإدارة الأمريكية
نشر في الشعب يوم 24 - 03 - 2007


بقلم د/ أحمد دراج [email protected]
" إذا لم يحدث تحول جوهري في الضمير السياسي الأمريكي، فلسوف يترتب على فقدان الذاكرة الناجم عن النزعة الأحادية في إدارة السياسة الخارجية للولايات المتحدة عواقب وخيمة وبعيدة المدى، كما سيخلف ذلك فراغاً ضخماً في النظام العالمي" يوشكا فيشر، وزير خارجية ألمانيا الأسبق.
بإلقاء الضوء على التحركات العسكرية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والحركة المحمومة لدبلوماسية العصا الغليظة في منظمات الأمم المتحدة وتفعيل ماكينات الضغط الأوربي والالتفاف السياسي ضد إيران تتسارع خطى الخريف الأمريكي القادم على عجل.
وبالنظر إلى أبعاد الأنشطة الاستخبارية والأمنية والإعلامية المكثف مؤخرا والتنسيق مع الدول والأنظمة التابعة لها في المنطقة العربية وحشد الجوار الإسلامي في صورة تقطر بالطائفية، كل هذه الجهود الأمريكية والأوربية الحثيثة تشي باحتمالين : إما دفع المنطقة أكثر نحو عنف أوسع وأشمل، وإما وصول الأزمة إلى مفرق خانق يدفع الإدارة الأمريكية للانسحاب، فما المتوقع ؟
ولاشك أن وضع كلام وزير الخارجية الألماني السابق في سياق الأحداث يفهم منه الإحساس بوجود نوع من إصرار الإدارة الأمريكية على زيادة قوة الدفع نحو تفجير الوضع الإقليمي، لهذا جاء تحذيره للإدارة المحافظة من استمرار اللعب الأحادي على دوامة التناقضات في الشرق الأوسط، ولا أظن أن حديثه منبت الصلة عما يدور في كواليس الاتحاد الأوربي، فهل ستنزلق أقدام القطب الأمريكي المتغطرس إلى بؤرة الثقب الأسود والوقوع في حفرة من صنع أقطابه الذين يتساقطون كأوراق الخريف ؟ أم تفضل الانسحاب بصورة تحفظ ما بقي من ماء الوجه " المهبب " ؟ وما العواقب التي تترتب علي أي خيار منها ؟.
والمتوقع حسب رأي فيشر حدوث فراغ سياسي ضخم وفوضوي في النظام العالمي الجديد، فإن لم يتدارك الضمير السياسي الأمريكي يد التغيير ويضع خطة زمنية للانسحاب من العراق، فستظل الإدارة تنتقل بالاستراتيجية الأمريكية من دوامة إلى دوامة أكبر وأشرس ومن خطة جديدة إلى أخرى أحدث وأخطر في سلسلة لا متناهية، نتيجة لحالة فقدان التوازن وانعدام والمصداقية وتبلد حاسة استشراف المستقبل وسط شلالات الدم والفوضى، وستتحول كل استراتيجية فاشلة لإدارة بوش إلى استراتيجية ما قبل الأخيرة حتى أوان رحيلها للحفاظ على الخط الوهمي الفاصل بين هزيمة وقعت بالفعل وأمل لم يزل يراود المحافظين الجدد في حفل لتدشين الإمبراطورية الرومانية الجديدة على رائحة شواء الدم واللحم العربي والإسلامي في العالم الإسلامي والدول العربية وإيران، فأي تلك التوقعات ينسجم مع المنطق ؟
إن الواقع ورأي بعض كبار العسكريين الأمريكيين يدركون أن حرب العراق لا يمكن كسبها([1])، وبناء عليه فإن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة " تجاه العراق هي استراتيجية ليست قاصرة على العراق وحده، بل هي استراتيجية متعددة الأوجه في فلسطين والعراق وإيران وغيرها، وهي من الناحية الميدانية-كما يرى المحللون العسكريون- استراتيجية فاشلة ولن تختلف عن سابقاتها إلا في إضافة معادل إقليمي جديد يسمى بحلف المعتدلين عله يأتي بالحل السحري لصالح استمرار وإحياء مشروع المحافظين الجدد.
ويرشح عن مصادر بحثية مطلعة أنه في حال نجاح التهدئة على الساحتين الفلسطينية والعراقية ستقطف أمريكا وحدها ثمار تأجيج الصراع الطائفي السني الشيعي إضافة إلى تفكيك الظهير الداعم لخط المقاومة الإسلامية، وبالتوازي ستتفرغ الإدارة الأمريكية الصهيونية المشتركة لتنفيذ الإجراءات العملية لتوزيع أدوار الكانتونات العربية العازلة لحماية القوة الإقليمية الكبرى وأقصد بها إسرائيل، فليس في مخيلة الساسة المحافظين استمرار ضمان أمن الكيان الصهيوني ضمن شريط جغرافي ضيق يحيط به وسط جفرافي وديموجرافي عربي إسلامي متصل وكثيف، ومن ثم فإن تفتيت الوحدات الجغرافية والسكانية العربية المحيطة بالخصر الصهيوني وأطرافه لا مفر منه لنجاح بقاء أمريكا أطول مدة في المنطقة، والعراق في الواقع لم تك سوى البداية.
وفي ضوء هذه التصورات سيتنازع مستقبل الشعبين العراقي والفلسطيني أجندات دولية وإقليمية وطائفية متباينة غالبا ومتصادمة أحيانا ومتقاطعة نادرا وهي كالتالي:
1. أجندة الاحتلال الأمريكي وإسرائيل.
حيث تطمح المطرقة الأمريكية الصهيونية إلى فرض أجندتها بتسوية ملفين كبيرين هما : ملف جيو سياسي يفيد في دمج إسرائيل في المنطقة واستكمال منظومة بناء القطب الصهيوني الأقوى في المنطقة، ومنح إسرائيل الفرصة الكاملة لإعادة هيكلة منظومتها العسكرية ( بعد الفشل في لبنان ) استعدادا لمرحلة تصفية القضية الفلسطينية فيما بعد، وبالتوازي مع خطوة تفعيل الفتنة الطائفية يتم تسكين الملف الفلسطيني مؤقتا ببعض المهدئات ( وقد يكون لنظام الحكم السوري نصيب في تلك المهدئات ) ريثما يتم تسوية القضايا الساخنة في العراق الملتهب، ويبدأ الملف الثاني إما باحتواء القطب الإيراني الجامح إقليميا عبر عمليات متوازية تجمع بين التهديد العسكري والإغراء والحصار الاقتصادي، وقد يقفز استخدام القوة للصدارة قبل بداية الانتخابات الرئاسية الأمريكية لتحقيق بعض الأهداف السريعة حيث تفرض بموجبها سياسة الأمر الواقع على الشعب الأمريكي، وقد تختلف الأولويات حسب المتغيرات الإقليمية والداخلية لترتيب هذه العناصر:
أ‌- تصفية المشروع الإيراني بالفتنة أو الوسائل العسكرية بأيد وأموال وأرواح عربية وإسلامية، وهو ما تضمنه تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية مؤخرا من أن حكومتها تعتزم العمل مع دول معتدلة في الشرق الأوسط " لصد الطموح الإيراني"، ويدعمه ما رشح عن التكتل السباعي لوزراء خارجية الدول الإسلامية في كراتشي .
ب‌- عقد صفقة مع إيران تمنح الاحتلال الأمريكي صك بركة الجوار في العراق، وضمان امتيازات تمرير أطول خط أنابيب في العالم 1090 ميل عبر أراضيها ينقل نفط بحر قزوين من باكو ( أذربيجان) إلى سيحان ( تركيا )، مقابل السماح المؤقت بتخصيب اليورانيوم تحت الرقابة الأممية ( الأمريكية فعليا )، ومنح دور إقليمي أكبر لإيران بمشاركة كل من إسرائيل وتركيا.
ت‌-تشتمل الصفقة تحييد المقاومة اللبنانية، وفتح قنوات اتصال بين بقية الدول العربية وإسرائيل بما في ذلك قوى 14 آذار اللبنانية وإسرائيل لبناء جدار أمني دائم يحمي الشمال الإسرائيلي.
ث‌-توظيف احتلال العراق استراتيجيا واقتصاديا للتحكم في مصادر النفط والرقابة على معدلات النمو الاقتصادي في دول آسيا وفي مقدمتها كل من الصين والهند، لضمان الانفراد بالسيطرة على مقدرات العالم لقرن آخر أو أكثر.
وسيضمن التحكم في أوراق هذه الملفات حصار فكرة المقاومة ذات الجذور الإسلامية الجهادية وجيوبها التي مازالت تشكل هاجسا أمنيا لإدارة المحافظين الجدد والنظم الرديفة لها في العالمين العربي والإسلامي.
2. أجندة الشيعة الموالون لإيران.
تتشابك خيوط تلك الأجندة التي تشكل مطرقة أحيانا وسندانا أحيانا أخرى، حيث تعد مطرقة لتحقيق مصالح طائفية لشيعة العراق ضد سنتها وانتهاز الفرصة التاريخية للانتقام من الحكم السني الممتد للعراق طيلة عقود مضت، وتتقاطع معها مصلحة إيران في وجود نظام موال لها على حدودها الجنوبية الغربية لئلا تتكرر تجربة الحرب العراقية الإيرانية مرة أخرى، كما تصب هذه الأجندة في صالح الأطماع الإيرانية في لعب دور إقليمي مواتي يتناسب مع قوتها ووضع شروط جديدة لموازين القوى في ظل غياب كامل لمشروع عربي.
1.
أجندات الأنظمة العربية.
يمكن تحديد أكثر من أجندة وتوجه للأنظمة العربية، فدول الخليج تتبنى مصالحها الذاتية في استقرار الأنظمة الملكية والأميرية واقتصادياتها، وإن كانت السعودية أكثر حرصا على لعب الدور السياسي الأول في المنطقة مقتنصة الفراغ السياسي الذي تركته السياسة المصرية طواعية وقسرا، بينما تتبني الأردن الاستراتيجية الأمريكية الصهيونية حرفيا لأنها دولة وظيفية وجدت في الأصل لتبقى جدارا شرقيا عازلا يحمي المشروع الاستعماري، أما مصر فيبدو أنها في حالة انعدام وزن أو مرحلة التيه، فالنظام الحاكم فيها يمارس سياسة احتواء متضاربة توجهها فكرة مركزية هي استمرار تجميد السلطة وتوريثها بعقد صفقات متبادلة مع الإدارة الأمريكية أحيانا وعبر الحكومة الصهيونية أحيانا أخرى، وقد لا يمنع هذا من المزايدة القومية الشكلية على قوى التغيير الوطنية من جهة أخري عند الحاجة.
إذن ، فالتحالف الاستراتيجي بين الجناح الشيعي الإيراني وأمريكا يصب في صالح الاحتلال بإشعال الحرب الطائفية والقتل على الهوية، ويحد من اتساع جبهة مقاومة الاحتلال ، كما يصب من ناحية أخري في صالح إيران لتوريط الثور الأمريكي أكثر فأكثر في حلبة ووحل العراق المدمم واستنزاف طاقاته ، ومن ثم فإن إضافة أي جندي أمريكي جديد يزيد الموقف الإيراني صلابة بالقدر الذي يضعف الموقف الأمريكي، لأن هذه القوة ستكون عبارة عن رهائن تستخدم وقت الضرورة وما أقربها.

------------------------------------------------------------------------
[1] جورج مكفرن ووليم بولك، الخروج من العراق 10


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.