بالرغم انه يمتد الى قبيلة من المجد الغابر .. قبيلة الحويطات الا انه قد انتهى به المطاف غريبا في نجد .. عاد ذات يوم الى بيته في بطحاء الرياض بنجد مثقلا بصنوف الهموم من هذا اللوبي المتصهين في العمل ..والذي ما فتيء من اول يوما الا وهوتفادي طعناتهم الغادرة واسافين تضرب عند المدير العام .. ليقول احدهم في احد الاجتماعات انه لا يعرف آليات الترجمة ..سمعها احمد زين .. واسرها لابو مهند .. قائلا ماذا يريد منك فلان . قلت لا باس انه مصداق الاية الكريمة .. (إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) (الممتحنة : 2 ) لا باس .. فلقد تعود ابا مهند على هذه الاسافين وفي كل مرة يعود الى البيت كاسف البال .. كما قال جورج صيدح يا كاسف البال لا تحزن لاحزاني باريس مهما قست ليست كلبنان لقد قالوا ان الدنيا جيفة وطلابها كلاب ومن اراد منها شيئا فليصبر على مهارشة الكلاب .. الا ان ابا مهند لا صبر له على مهارشة الكلاب .. فليترك لهم القصعة برمتها .. يتناوشونها ويبحث عن باب رزق اخر وقد يستمر البحث لاشهر .. وهكذا دواليك.. في وقت هو يعول وصاحب الايجار لا يصبر . قالت زوجته مرارا ينقصك الذكاء الاجتماعي ... كان يقول لها انها النخوة العرباء .. وليس غباء اجتماعيا.. عربية الاحساس في نخواتها لله تلك النخوة العرباء وفي العادة بعدما يلملم اوراقه ويقفل عائدا الى المنزل .. وما ان يفتح الصغير الباب الا وتخنقه دمعه .. أليس من حق هذا الطفل ان يعيش كابناء الاخرين .. يجد عملا اخر .. امضى فيه اسبوعا والاوضاع على خير حال .. الا انهم في نجد قد سنوا قانونا جديدا .. الا وهو السعودة .. اي قرار بسعودة الشركات ..بالعمالة السعودية ..بدلا من المقيمين .. على الغداء يبدو اننا سنرحل قريبا عن هذه الديار .. فقالت له ولم .. قال السعودة ..قال مهند .. يا بت ماذا يريدون . الم تقل لي .. الارض وطني والمسلمون قبيلتي .. قلت له يابني كان هذا قبل سايكس بيكو وظهور النفط في الخليج .. قال مهند ولم لا نسعّود هذا البيت على غرار الشركات قلت كيف .. قال الامر بسيط نطلق على الاء اسم حصة وعلياء الهنوف ومحمد تركي .. وبهذا نكون سعوديون .. ولا تتعرض لاشكاليات في العمل . وماذا عن ابيك هل تسميه الفحطاني او العتيبي .. لا يا بني انها سياسة الخليج ..خليج النفط والبترو دولار .. وكان حظنا فيه ما قاله محمود السعدني الموكوس في بلاد الفلوس .. وهذا مهند في مشكلة كل يوم مع اقرانه .. بأن يقول له الاولاد في المدرسة : يا مصريين يا حقين (بتوع) الفول والطعمية .. قلت له وايه المشكلة .. من يقول لك يا حقين الفول والطعمية .. قل له يا حقين الكبسة والمراصيع والمندي وبعد ان عاد من العمل مساء ..سأل زوجته وهو يقلب القنوات قبل النوم .. ماهي اخبار الاولاد .. قالت له مهند يريد مشلح وشماغ وعقال .. قلت لها وايه المشكلة .. قالت المعلمة لهم اليوم : من يود ان يكون رجال(رجل) لابد ان يلبس شماغ ومشلح وعقال .. فعلى ما يبدو ان رؤية المعلمة البدوية النزعة ونظرا لظروف البيئة لها اذواقها الخاصة ووجهة نظر في ان وسامة الرجال لا تكون إلا بعقال وشماغ ومشلح(عباءة) .. وهي بالتاكيد تختلف عن مرئيات المصريات في الوسامة .. قلت لها وما هو رايك : قالت الزوجة : انا قلت له بعينك .. اذهب الى المدرسة بالقميص والبنطال ومفيش مشلح ولا عقال .. ذا يعين ابوك .. وطالما قالت بعين ابوك اي قرار عائلي من القيادة العليا لا رجعة فيه ..اما انا فقلت لها . في روما افعل ما يفعله الرومان In Rome Do As The Romans Do وفي بلاد العوران اعور عينك كما يقولون في اليمن... قالت ان الاذواق تختلف وانا وان كنت اختلف معك ليس تعصبا لمصريتي ولكن من المفترض ان يكون المرء ذاته لا يكون الاخرين.. ان يكون المصري مصري والسعودي سعودي ولا يكون ابنك امعة .. وواحد من القطيع .. وفي الصباح يدب الطفل المصري قدميه باكيا اريد مشلح وعقال .. لن اذهب الا بهما .. مهند نزل الصيف قبل النزول النهائي باربع سنوات وكانت اول مرة يطأ فيها ارض مصر .. ذهب مع خاله الى المصيف وكانت الطامة الكبرى .. لقد وجد النساء بلباس البحر .. فانتفخت اوداجه واحمرت عيناه فذهب الى النساء يقول لهم غطوا واستتروا..هذا لا يصلح .. انه موقف مشابه لما فعله الرحالة المقدسي في لندن عندما وجد النساء تستحم عرايا مع الرجال في نهر التيمز .. فقال جهدت ان يستتر النساء عن الرجال فلم يستو لي ذلك .. ذهب مهند ليعالج الموقف برؤية مدرسة الامام الدوري ورجال هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .. لم انكر عليه مافعله .. فلقد تصرف صحيحا من الرؤية الدينية .. ولكن قليلا قليلا .. سيتأقلم مع واقع الحياة ..الا ان خاله .. هاتفني مغتاظا .. قال ما لاهل ابنك والنساء على الشاطيء .. قائلا لقد جّمع الناس علينا على الشاطيء .. ليقصوا خبره .. فقلت لهم معذرة انه لتوه قادم من السعودية .. يريد النساء ان تغطي وجوههن فكيف يصلح حالا ليست مشكلة غطاء الراس ولكن البدن كله .. ربما قد اكتسب مهند اشياء جيدة من هناك .. الا ان اباه لم يحصد الا مكابدة الصحراء بغلظتها .. والاستعلاء النفطي بغروره .. في اخريات ايامه ..ركب المصعد في برج المملكة ذاهبا الى الشركة التي يعمل فيها .. تعلم الا يلق السلام على من في المصعد .. نظرا لانهم عادة لا يردون السلام في الشركة المواجهة له كان احدهم يتكلم بلهجة مصرية ولكن لا ثمة ارتياح الى السحنة او المعاملة .. وتمر الايام واذا بقناة البي بي سي تستضيف محاورا من تل ابيب اسمة مائير كوهين .. لقد كان هذا هو الذي في الشقة المجاورة ..في اعلى برج بالرياض .. المعضلة في القوم ان يهود اسرائيل لا تطبق عليهم السعودة .. - بل هم النخبة - بقدر ما تطبق على المصريين في بطحاء نجد .. ذات يوم قال صديقي الاردني علي عطا الله ..مازحا اين سيفك البتار يا ابن عبد الوهاب .. حيت كان حديثنا دائما عما قاله العرب عن الفروسية و السيوف والرماح .. قلت مازحا : كسر في صحراء نجد .. معضلة ان تتعامل بمنطق الفروسية في واقع طلق المجد ثلاثا وكبر اربعا على الاصمعيات والمفضليات والمعلقات .. وصار يتحدث العربية بلكنة امريكية ..ذات المخارج الانفية ..في مضارب بني تغلب والمجد الغابر.. لو قدر لابي فراس ان يظهر في هذا الزمان ..لانتفض وقلب الطاولة .. دع سيف بن عبد الوهاب يكسر في نجد..أليس واحد من الناس المغتربين .. وله كفيل .. احدى انماط العبودية في العصر الحديث .. ربما تلك هي معضلة الادباء عموما مع الصحراء .. حينما قال مظفر بن النواب تعالوا نتحاكم امام الصحراء العربية ..كان هو الوحيد الذي اجترأ وقال ابناء القحبة لا استثن منكم احدا ..!لانهم ادخلوا كل زناة الليل الى غرفتها اي فلسطين .. وصرخوا فيها ان تسكت صونا للعرض .. ابناء القحبة هل تسكت مغتصبة ,, وقالها ابن ابي طالب .. الذي من ارقى بيوت المجد قاطبة .. حيث قال جده عبد المطلب :لا ينزل المجد الا في منازلنا كالنوم ليس مأوى سوى المقل.. وبالفعل لم ينزل جبريل في بيت من بيوت العالمين الا منازل عبد المطلب. يومها قال ابو الحسن : لا تكونوا كجفاة الجاهلية لا عن الله يعقلون ولا في الدين يتفقهون ..