أكدت دراسة أن قرار “المجلس الأعلى للجامعات” برئاسة وزير التعليم العالي بحكومة الانقلاب خالد عبد الغفار، السبت الماضي، استبدال نظام التعيين في شغل وظيفة المعيد بعقود مؤقتة لمدة ثلاث سنوات، قابلة للتجديد بموجب قرار من مجلس الجامعة. وأشارت دراسة بعنوان “أزمة تعيين المعيدين بالجامعات.. قمع أكاديمي لقتل الإبداع والسيطرة العسكرية” نشرتها صفحة “الشارع السياسي”إلى أن القرار الجديد أثار حالة واسعة من السخط بين المعيدين، الذين قضوا أعوامًا في التعلم للحصول على وظيفة أكاديمية تساعدهم في تأمين مستقبلهم. واعتبرته يمثل تهديدًا لمستقبل الطلاب والخريجين المتفوقين، ويقتل دوافع التفوق في نفوس الطلاب، موضحة أنه كارثة علمية غير مسبوقة تهدد مصر باهدار قيمة الابداع والتفوق العلمي وهجرة العقول للخارج ونزيف مقدرات مصر العلمية والبشرية، اعتمدت حكومة السيسي نطام التعيين بالتعاقد للكوادر الأكاديمية بالجامعات، بدلا من الاعتماد على حصيلة الدرجات والترتيب على الدفعة. لا ضمان وأشارت الدراسة إلى أنه في حال وافق برلمان العسكر على هذا مشروع حكومة السيسي فإنه لا يوجد أي ضمان لوظيفة ثابته للخريج المتفوق والطلبة أوائل دفعاتهم كأعضاء هيئة تدريس، وتوقعت أن تتدخل العديد من الجهات الأمنية والسياسية والوساطات والمحسوبية، في قرار التعاقد، محذرة من ضياع مستقبل الطلاب والخريجين المتفوقين في مهب الريح، فضلا عن قتل دوافع التفوق في نفوس الطلاب. وضمنا قالت منى مينا، الأمين العام لنقابة الأطباء إن كل المعيدين ونواب الجامعة، المفترض أنهم في نيابات الجامعة بمجموعهم واجتهادهم في الدراسة أصبحوا موجودين في مكانهم كعقود مؤقتة، لمدة 3 سنوات فقط، و بعدها ممكن يتم التعاقد مع المعيد أو النائب بعد حصوله على الماجستير كمدرس مساعد لمده 3 سنوات جديدة أو لا يتم. وألمحت إلى أن هذا النظام تم تطبيقه في فترة سابقة في تعيينات النواب بالمستشفيات الجامعية، ثم جرى إلغاؤه، بناء على الاعتراض الشديد عليه من نقابة الأطباء وأغلب أعضاء هيئة التدريس بكليات الطب. القبضة الأمنية وأرجعت الدراسة السبب الرئيسي للقرار إلى الواقع الذي تحكمه القبضة الأمنية؛ حيث يتحكم السيسي في مفاصل العملية التعليمية بكافة مستوياتها، وهناك سوابق لتفضيل البعد الأمني على حساب العملية التعليمية والقواعد العلمية. ونصت المادة المستحدثة على أنّه “في حال حصول المعيد على درجة الماجستير أو ما يعادلها خلال مدة سريان العقد، يُبرم معه عقد لشغل وظيفة مدرس مساعد، وفي جميع الأحوال يشترط لإبرام أو تجديد العقد استيفاء الضوابط والمتطلبات التي يصدر بها قرار من المجلس الأعلى للجامعات، على أن تطبق المادة اعتبارًا من العام الجامعي المقبل 2020-2021″. وفي أغسطس 2015، أصدرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير نشرة “الحرية الأكاديمية واستقلال الجامعة”، لتشير إلى قرارات النظام لتقييد حرية البحث والتدريس والتعلم والنقاش الأكاديمي، بحيث تصبغ القيود المفروضة على الحرية الأكاديمية بالطابع القانوني. ومن ذلك قرار لنائب رئيس جامعة طنطا لشئون الدراسات العليا والبحوث، في نهاية يوليو 2015، يلزم أعضاء هيئة التدريس بالحصول على موافقة وزارة الخارجية عن طريق وزارة التعليم العالي كشرط مسبق للمشاركة في الندوات أو المؤتمرات أو ورش العمل الدولية أو تقديم أوراق بحثية لجهات أجنبية. وعلى نفس المنوال، جاء إعلان رئيس جامعة دمنهور حاتم صلاح الدين، نهاية يوليو 2015، منع توقيع أي بروتوكولات ولا اتفاقيات مع أي جامعة أجنبية داخل كليات الجامعة، إلا بعد الحصول على موافقات من وزارة الخارجية والجهات الرقابية والأمنية. وكانت جامعة عين شمس قد ألغت اتفاقية مركز التعليم المفتوح الموقعة بين الجامعة وتركيا، لسفر عدد من الأساتذة للإشراف على امتحانات الطلاب السوريين اللاجئين المقيمين بتركيا، في يونيو 2015، وتم منع سفر الطلاب الأوائل بقسم اللغة التركية بكلية الألسن إلى تركيا في إطار المنحة المقدمة من السفارة التركية للطلاب؛ بسبب رفض الأجهزة الأمنية بسبب توتر العلاقات السياسية بين البلدين. تقليص الموظفين ورأت الدراسة أن قرار المجلس الأعلى للجامعات بتطبيق نظام التعيين بالتعاقد بالجامعات، ضمن خطة حكومية، أقرت منذ توقيع عبد الفتاح السيسي على قرض صندوق النقد الدولي، بقيمة 12 مليار دولار، والبدء في تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي، لتخفيض عجز الموازنة وتقليص الافاق الحكومي وتقليص الدعم الحكومي المقدم للمواطنين. واعتبرته ضمن خطة قانون الخدمة المدنية، الصادر في 2016، ويفتح القانون عبر التضييقات الوظيفية والمالية الباب على مصراعية لخروج الموظفين للمعاش المبكر، وتطبيق سلسلة من الإجراءات التعسفية من شاكلة منع بدل الإجازات للموظفين، وإلغاء الانتداب والإجازات، ما يضطر كثير من الموظفين للاستقالة من الوظائف. كما جرى التوسع في الشبهات وإلصاق التهم للمعارضين للنظام لفصلهم من الوظائف، وفصل أكثر من 1073 موطفا حكوميا بعد اعتقالهم في قضايا سياسية، مضيفة أن ذلك بجانب إعداد قائمة للموظفين المدرجين بقوائم الإرهاب، إضافة إلى تحليل المخدرات للموظفين. حصاد مر وحذرت الدراسة من هجرة العقول والكفاءات من مصر؛ حيث ينبغ الكثير من العلماء والكفاءات المصرية بالخارج، لتوافر ظروف الابداع والبحث العلمي والديمقراطية والشفافية. وأضافت لذلك ما تسببه هجرة العقول من خراب للمنظومة العلمية، وتراجع مستويات التعليم، والتي غالبا ما تحل في مؤخرة التصنيفات العالمية لجودة الحياة، من تعليم وصحة وشفافية وتنافسية دولية. وفي مآلات قرارات الانقلاب استقال 11 معيدا من كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة عين شمس للعمل بأمريكا، فيما تشير الدوائر العلمية إلى أن أكثر من 844 ألف شاب منهم 450 ألف كفاءة وعبقرية علمية في كافة المجالات البحثية العلمية، هاجروا خارج مصر، بحثا عن العلم والتقدير المادي والمهني، ما تسبب بخسارة مصر لأكثر من 54 مليار دولار سنويا في الوقت الذي تحتاجها مصر وتستوردها من الخارج مرة أخرى. وأكدت دراسة صدرت مؤخرا عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي أن هناك 54 ألف عالم وخبير مصري في الخارج يعملون في مختلف التخصصات العلمية من بينهم 11 ألفا في تخصصات نادرة و94 عالما في الهندسة النووية و36 في الطبيعة الذرية و98 في الأحياء الدقيقة و193 في الإلكترونيات والحاسبات والاتصالات. وتبين الإحصاءات أن أمريكا تحظى بالنصيب الأكبر من الكفاءات والعقول المصرية المهاجرة بنسبة 39% تليها كندا بنسبة 13.3% واسبانيا في المؤخرة بنسبة 1.5%. وتؤكد الإحصائيات ذاتها أن عدد العلماء المصريين بالخارج من ذوي التخصصات النادرة يقدرون بنحو 618 عالما منهم 94 عالما في الهندسة النووية و26 في الفيزياء الذرية و48 في الكيمياء و25 في الفلك والفضاء و48 في البيولوجي والميكروبيولوجي و46 في إستخدامات الأشعة السينية و22 في الجيولوجيا وطبيعة الزلازل و67 في المؤثرات الميكانيكية و66 في الكباري والسدود و93 في الإلكترونيات و72 في استخدامات الليزر و31 في تكنولوجيا النسيج، فيما يطمح الآلاف إلى الهجرة بسبب ضعف البحث العلمي في مصر؛ حيث إن التمويل المخصص للبحث العلمي حوالي 0.78% من الناتج القومي، فيما ينص الدستور على تخصيص نسبة 1% أي حوالي من 18 إلى 19 مليار جنيه بحسب رئيس أكاديمية البحث العلمي محمود صقر. وبالاعتراف بالكارثة أشارت الدراسة إلى دعوة السيسي الدول المتقدمة إلى تقديم نسبة من العائد الذي تحققه عقول العلماء المهاجرين، مشيرا إلى أن الدول الفقيرة هي التي تحملت تكاليف تعليم هؤلاء النابغين قبل أن يهاجروا إلى الخارج وتستفيد الدول المتقدمة من عقولهم.