أكدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في تقرير لها من العاصمة السودانية الخرطوم، إن المحتجيين السودانيين رددوا شعارات ترفض أي تدخُّل من السعودية والإمارات في شؤون بلادهم، كما رفعوا لافتات تؤكد رفضهم المساعدات السعودية حتى لو اضطروا إلى أكل "الفول والفلافل"، وجاءت الاحتجاجات بعد أن أعلنت السعودية والإمارات تقديم 3 مليارات دولار للحكومة العسكرية الانتقالية التي أطاحت بالرئيس السوداني عمر البشير بعد 30 سنة من الحكم. وأوضحت أنه ، رغم الإطاحة بالبشير، فإن الاحتجاجات استمرت في جميع أنحاء البلاد، لتكون الأكبر التي يشهدها السودان منذ عقود، فبعد الإطاحة بالبشير يضغط المحتجون على الجيش، من أجل نقل السلطة بسرعة إلى مجلس مدني، حتى يتمكن من إجراء انتخابات. ويخشي المحتجين السودانيين يخشون استخدام السعودية والإمارات، ثروتها الهائلة لقمع الديمقراطية ودعم "الثورة المضادة" كما سبق أن اتُّهمت بفعل ذلك في أماكن أخرى، (في إشارة إلي مصر).
في حين أن السفارة السعودية في واشنطن قالت: إنه "سيتم تقديم 500 مليون دولار للبنك المركزي السوداني كمساعدة لتخفيف الضغط عن الجنيه السوداني وتحسين الوضع المالي للبلاد، وسيكون هذا المبلغ مخصصاً لدعم شعب السودان من خلال الغذاء والأدوية والمشتقات النفطية". وأشارت الصحيفة إلى أن الولاياتالمتحدة أعربت عن دعمها الاحتجاجات، لكن سنوات العقوبات وخطط عزل السودان أضعفت الدور الأمريكي في هذا البلد، الذي ما زال على قائمة الولاياتالمتحدة الخاصة بالدول الراعية للإرهاب، في حين رُفعت معظم العقوبات الأمريكية عام 2017، بعد أن تركت تأثيراً كبيراً على الاقتصاد السوداني، أدى إلى ارتفاع التضخم إلى نحو 70%، العام الماضي. ومساء الثلاثاء الماضي، قالت "واشنطن بوست" إن نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي، ماكيلا جيمس، التقى رئيسَ المجلس الانتقالي السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، في الخرطوم، حيث أكد المبعوث الأمريكي أنه يجب وضع جدول زمني، من أجل الانتقال السريع للسلطة. وترى الصحيفة الأمريكية أن هناك شعوراً بالخطر داخل السعودية والإمارات، بسبب التظاهرات الأخيرة في السودان والجزائر، بعد أن تمكنت كل من الرياض وأبوظبي من امتصاص زخم الموجة الأولى من ثورات الربيع العربي عام 2011، حيث استخدمتا أموالهما في دعم حلفائهما بمصر والبحرين وليبيا، وشجعت حلفاء آخرين مستبدين على الوقوف بوجه القوى الناشئة الجديدة. وتابعن أن المحتجيين السودانيين يدركون هذا الإرث، فلقد ناقشوا على مدى عدة أشهر، كيفية تجنُّب السيناريو المصري، فبعد احتجاجات 2011 وما تلتها من انتخابات نفذ السيسي انقلاباً عسكرياً، ليشكل حكومة دعمتها الإمارات والسعودية. وقال خالد مصطفى مدني، أستاذ العلوم السياسية ورئيس برنامج دراسات أفريقيا بجامعة ماكجيل: إن "السعودية مستعدة للتدخل في معارضة الديمقراطية، ولكن هذه المرة كان هناك وعي". وفي 2017، حاصرت السعودية والإمارات دولة قطر، كما أضافت "الواشنطن بوست"، متهمتين الدوحة بدعم إيران والجماعات الإسلامية مثل "الإخوان المسلمين"، هذا بالإضافة إلى المنافسة الاقتصادية بين هذه الدول. السودان كان واحداً من بين المناطق التي شهدت تنافساً اقتصادياً بين الدول الخليجية، بحسب مدني؛ نظراً إلى موقعه الاستراتيجي على البحر الأحمر والأراضي الزراعية الوفيرة، فلقد استثمرت تركيا والسعودية وقطروالإمارات بكثافة في البلاد. هذا بالإضافة إلى مصالح مصر المجاورة، التي تسعى إلى تأمين تدفُّق نهر النيل وضمان عدم اندلاع احتجاجات في السودان قد تشجع المصريين بعد سنوات من قمع العسكر.