قالت صحيفة "ميديابار" الفرنسية في تقرير لها، إن عبد الفتاح السيسي يستعد منذ أشهر عديدة لتنقيح الدستور، من أجل البقاء في السلطة إلى العام 2030 على أقل تقدير ، ويوم الثلاثاء 16 أبريل، تم تجنيد البرلمان المصري، من أجل المصادقة على هذه الخطوة، وسط صمت دولي مطبق ، واصفه إياه بأنه شخص متسلط ودكتاتوري. كما استنكرت الصحيفة عدم التصريح بأي كلمة أو أي موقف بشأن التعديلات الدستورية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال المرة الثانية التي يستقبل فيها ساكن البيت الأبيض. وأشارت الصحيفة إلى أنه لم تصدر أي كلمة أو تنديد بالانتهاكات المتعددة لحقوق الإنسان منذ وصول السيسي إلى الحكم منذ 2014، بعد أن حول هذا الجنرال مصر إلى سجن كبير يتم فيه تكميم وقمع وسجن النشطاء السياسيين والنقابيين والفنانين، وكل صوت يصدر عنه قليل من النقد. وترى الصحيفة أنه منذ وصوله للسلطة إثر انقلاب عسكري دموي في 2013، ضد الإخوان المسلمين الذين فازوا بأول انتخابات ديمقراطية في مصر بعد 30 سنة من دكتاتورية حسني مبارك، يبدو السيسي اليوم كأنه لا يشبع من السلطة. وذكرت الصحيفة أن السيسي تمت إعادة انتخابه في آذار/ مارس 2018 للمرة الثانية بنسبة تفوق 97 % من الأصوات، بعد أن ألقى بكل منافسيه إلى السجن، والآن قرر القيام بهذا التنقيح الدستوري من أجل تجاوز المدة التي تنتهي بها عهدته الثانية، وهي 2022، حتى يبقى في منصبه إلى العام 2030. ونقلت الصحيفة عن ليزلي بيكمال، من معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، قولها: "إن غياب الدعم الصريح من ترامب هو علامة على أن السيسي يحظى بدعم من المجتمع الدولي أقل من الذي كان يريده." وبرأي هذه المتخصصة في الشؤون المصرية، فإن هذا التعديل الدستوري يشكل "خطرا كبيرا، إذ أن السيسي لن يقوم فقط بغلق الباب أما التداول على السلطة، بل إنه سيضعف ما تبقى من دولة القانون والفصل بين السلطات." وأوضحت الصحيفة أن الفصل 140 من الدستور في شكله الجديد يسمح برفع عدد سنوات العهدة الرئاسية من أربعة إلى ستة، وهو ما يجعل هذه العهدة تنتهي في 2024. كما يسمح له بالترشح لعهدة ثالثة في ذلك العام، مدتها ست سنوات. وأوضحت الصحيفة أن تصويت البرلمان سوف يكون متبوعا أيضا بعملية تجميل أخرى تتمثل في الاستفتاء الشعبي، الذي سيتم في الأسبوع المقبل، من الاثنين 22 إلى الأربعاء 24 نيسان/ أبريل. وقد بدأت فعلا الحملة الترويجية لهذا الحدث، من خلال تعليق العديد من اللافتات في شوارع القاهرة منذ أيام عديدة، تشجع على التصويت ب"نعم"، وتوضح بأن التصويت ب "لا" ليس خيارا مطروحا في هذا البلد. وذكرت الصحيفة أن هذا الوضع جعل المنظمات غير الحكومية الناشطة في مصر في وضع محرج، وقد قامت أربعة منها، وهي المنتدى المصري لحقوق الإنسان، ورابطة حقوق الإنسان، والاتحاد الدولي لرابطات حقوق الإنسان، وجمعية أيروماد الحقوقية، بتنظيم مؤتمر صحفي في باريس من أجل التنديد بهذه الخطوة التي بحسب رأيها تهدف لتأبيد الدكتاتورية العسكرية. وذكرت الصحيفة أن هذا المؤتمر الصحفي، شهد حضور الممثلين عمرو واكد وخالد أبو النجا، الذين صدر قرار بمنعهما من التمثيل في مصر، لأنهما قاما بالتعريف بالوضعية الكارثية لحقوق الإنسان في بلدهما. وقد قاما بهذا الأمر أمام مجموعة من أعضاء الكونغرس الأمريكي، وهو ما أدى إلى توجيه النظام المصري لتهمة الخيانة لهما، وهو ما يعكس حالة الاستبداد التي تعيشها مصر والتي لا تستثني أي شخص. ونقلت الصحيفة عن هذه المنظمات الحقوقية الأربعة، تأكيدها أن "هذه التعديلات الدستورية تمنح الجيش سلطات بلا رقيب، وتهدف لوضعه فوق كل المؤسسات المنتخبة. حيث أن هذه التعديلات تمنح صلاحيات واسعة من المحاكم العسكرية في القضايا التي تتعلق بمدنيين." وبحسب ماغدالينا مغربي، المديرة المساعدة لمكتب هذه المنظمة في الشرق الأوسط، فإن "هذه التعديلات الدستورية تثبت ازدراء السلطات المصرية لحقوق الجميع في مصر." وأوضحت الصحيفة أن نظام السيسي، الذي قبلت الدول الغربية التعامل معه وبشكل خاص فرنسا التي أصبحت أول مزود له بالأسلحة، تجاوز في دكتاتوريته نظام مبارك، فيما يتعلق بالاستبداد وانتهاكات أبسط حقوق الإنسان. لقد باتت مصر بلدا ينتشر فيه التعذيب والاختفاء القسري، وعمليات الإعدام وسجن المعارضين والتضييق وتكميم الصحافة. وهو ما دفع بالمنظمات غير الحكومية لدعوة الدول الغربية المتحالفة مع مصر للخروج من صمتها أمام خطوة تعديل الدستور. وأشارت الصحيفة إلى أن خطوة توسيع سلطات السيسي، التي يبررها أنصاره بأنها تهدف لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي، تأتي في وقت يسقط فيه الحكام الدكتاتوريون في السودان والجزائر .