ميدو: وجود هذا اللاعب في تشكيل الزمالك «مهم»    «مصادرة الآلة وإلغاء مادة الضبط».. إحالة 12 طالبًا ب«آداب وأعمال الإسكندرية» للتأديب بسبب الغش (صور)    استقرار أسعار الدولار أمام الجنيه المصري في بداية التعاملات    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الأحد 19 مايو 2024.. الطماطم ب 5.5 جنيه    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    اليوم.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 55 مليار جنيه    مقتل جنديين إسرائيليين في جنوب قطاع غزة    مسيرات حاشدة في باريس لإحياء ذكرى النكبة والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة    القاهرة الإخبارية: مجلس الحرب الإسرائيلي يجتمع لبحث عملية رفح الفلسطينية    كوريا الجنوبية تستضيف وفدا أمريكيا لبحث تقاسم تكاليف نشر القوات الأمريكية    الدفاع الروسية تعلن اعتراض 60 طائرة مسيرة في مقاطعة بيلغورود وإقليم كراسنودا    بحضور وزير الأوقاف.. «النواب» يناقش تضمين الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في الخطاب الديني اليوم    بعثة الأهلي تصل مطار القاهرة بعد التعادل مع الترجي التونسي    تداول امتحان مادة العلوم للشهادة الإعدادية بالقليوبية    الدفع بمعدات لإزالة آثار حريق اندلع في 10 أكشاك بشبرا الخيمة    النشرة المرورية.. خريطة الكثافات والطرق البديلة بالقاهرة والجيزة    كشف تفاصيل صادمة في جريمة "طفل شبرا الخيمة": تورطه في تكليف سيدة بقتل ابنها وتنفيذ جرائم أخرى    القناة الدولية الأهم التى تحمل القضية المصرية والعربية: أحمد الطاهرى: «القاهرة الإخبارية» صاحبة الرؤية الموضوعية فى ظل ما أفسده الإعلام العالمى    بالصور.. متحف شرم الشيخ ينظم معرضا للصور وعروض للأطفال    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    «البحوث الإسلامية» يوضح أعمال المتمتع بالعمرة إلى الحج.. «لبيك اللهم لبيك»    حديث أفضل الأعمال الصلاة على وقتها.. الإفتاء توضح المعنى المقصود منه    «الصحة» توجه عدة نصائح مهمة للمواطنين بشأن الموجة الحارة    دراسة طبية تكشف عن وجود مجموعة فرعية جديدة من متحورات كورونا    الفنان سامح يسري يحتفل بزفاف ابنته ليلى | صور    حظك اليوم وتوقعات برجك 19 مايو 2024.. مفاجأة للجوزاء ونصائح مهمة للسرطان    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    ماس كهربائي وراء حريق أكشاك الخضار بشبرا الخيمة    جانتس يطالب نتنياهو بالالتزام برؤية متفق عليها للصراع في غزة    ترامب: فنزويلا ستصبح أكثر أمانًا من الولايات المتحدة قريبا    برنامج واحد من الناس يواجه أحمد ماهر بابنه لأول مرة على قناة الحياة غداً الإثنين    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    تعرف على سعر الدولار اليوم في البنوك    ظاهرة عالمية فنية اسمها ..عادل إمام    بأسعار مخفضة.. طرح سلع غذائية جديدة على البطاقات التموينية    8 مصادر لتمويل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وفقًا للقانون (تعرف عليهم)    خبير اقتصادي: صفقة رأس الحكمة غيرت مسار الاقتصاد المصري    القومي للبحوث يوجه 9 نصائح للحماية من الموجة الحارة.. تجنب التدخين    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    "التنظيم والإدارة" يكشف عدد المتقدمين لمسابقة وظائف معلم مساعد مادة    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    بن حمودة: أشجع الأهلي دائما إلا ضد الترجي.. والشحات الأفضل في النادي    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    إجراء من «كاف» ضد اثنين من لاعبي الأهلي عقب مباراة الترجي    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    رقصة على ضفاف النيل تنتهي بجثة طالب في المياه بالجيزة    مدافع الترجي: حظوظنا قائمة في التتويج بدوري أبطال أفريقيا أمام الأهلي    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صلاح الدين يغلق مضائق تيران ويحمي قبر الرسول
دراسة: المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- حلقة (13)
نشر في الشعب يوم 08 - 02 - 2018


دور المصريين في موقعة حطين وفتح القدس

ملحوظة: سقطت على سبيل الخطأ والسهو الحلقة (13) من الدراسة ونحن إذ نعتذر عن هذا الخطأ ننشرها مع مراعاة الترتيب بالنسبة للقارئ العزيز
(هذه دراسة غير منشورة وغير مكتملة بعد لمجدي حسين رئيس حزب الاستقلال ورئيس تحرير جريدة الشعب الذي يقبع الآن مغيبا خلف أسوار السجون بأحكام ظالمة وغير دستورية.. لقد تم ترتيب الجزء المكتوب من الدراسة في حلقات وسننشر تباعا الحلقات الموجودة لدينا لحين خروجه من محبسه وإكمال عطائه الفكري والسياسي والذي نأمل أن يكون قريبا بإذن الله..)
بوفاة نور الدين زنكي أصبح صلاح الدين مستقلاً وأعلن الدولة الأيوبية من القاهرة عام 569ه وتمددت دولته في نفس الدوائر المعتادة لمصر عندما تكون حاكمة. فبعد شمال العراق والشام تم ضم أو إعادة ضم السودان والحجاز واليمن وليبيا وجزء من تونس. ورغم أن صلاح الدين لم يعلن تمرداً رسميا على الخلافة العباسية، إلا أنه اهتم بشكل خاص بالحرمين الشريفين، وسمي بهذا اللقب (خادم الحرمين الشريفين) واهتم بشكل شخصي بكل خدمات المسجد الحرام والحج وتأمين مساره خاصة مع تصاعد أعمال اللصوص وتهديدات الصليبيين. وهذا من أسباب دفعه لضم اليمن لتأمين طريق الحج والتجارة. وهكذا كما ترون لم تكن هناك وثيقة اسمها ا(المستطيل) عندما يأتي أي قائد للمنطقة يطلبها ويلتزم بها ولم يُستخدم أبداً لفظ المستطيل أو الاقليم المتوسط أو الشرق الأوسط في ذلك الزمان، ولكن تداعيات وضرورات الأمور هي التي تدفع قائد المنطقة إلى كل مواقع ما نسميه (المستطيل)، فقد كانت هناك هجمات فعلية متصاعدة من الصليبيين على حجاج بيت الله الحرام وقتلوا مرة عدداً منهم، وكان الصليبي أرناطو له مستعمرة قريبة من خليج العقبة بدأ يؤسس أسطولا- لأول مرة- في البحر الأحمر، ووضع خطة لاقتحام مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والاستيلاء على جثته الشريفة. وكان لابد لصلاح الدين أن يعزز أسطوله في البحر الأحمر ويحكم السيطرة على كل البحر وهذا يتطلب الوجود في اليمن. كما تمكن من قتل هذا الصليبي وإبادة قوته قبل تنفيذ مخططه الآثم على المدينة المنورة. وهذا العمل لصلاح الدين لا يقل أهمية عن تحرير القدس ولكن أحداً لا يذكره. وقد أدرك صلاح الدين أهمية مضائق تيران وجزيرتي صنافير وتيران باعتبارهما مدخل أي سفينة للصليبيين في اتجاه المدينة المنورة وكل البحر الأحمر. لذلك نجد قلعة صلاح الدين في هذه المنطقة من سيناء. وحرر صلاح الدين كل البحر الأحمر وجعله بحيرة اسلامية، واليوم نحن نفتحه لليهود والصليبيين من ايلات حتى أريتريا وما بينهما من قواعد أخرى. فهناك قواعد اسرائيلية أمريكية وفرنسية وصينية أما المسلمون فلا توجد لهم قواعد بحرية في جنوب البحر الأحمر إلا القوتين اللتين تزحفان على المستطيل (تركيا- ايران).
إذا كنا كما يزعم المنبطحون والمستسلمون نعيش في حالة سلام ووئام دولي وإقليمي، فلماذا أقيمت كل هذه القواعد في جنوب البحر الأحمر؟!
ولنؤكد مرة أخرى أن سواحل البحر المتوسط الشرقية والبحر الأحمر والخليج العربي أجزاء لا تتجزأ من المستطيل القرآني.
وفي حالة البحر الأحمر فهو أشبه ببحيرة بين الجزيرة العربية ومصر، وما هو إلا اخدود صنعه زلزال رهيب، وإلا فإن الأرض كانت متصلة بين أفريقيا وآسيا وبين مصر وجزيرة العرب.
إذن وحد صلاح الدين الاقليم القرآني وظل يعمل تحت القيادة الاسمية للخليفة العباسي في بغداد. وبعد كل هذه الحركات الالتفافية والمعارك والمناوشات المتقطعة في فلسطين والشام مع الصليبيين، جاء دور تحرير القدس، وكانت معركة حطين التي قصمت ظهر الحركة الصليبية وانتزعت الجوهرة التي ترمز لأهمية وجودهم واستيطانهم في المنطقة، فقد تم تشتيت وإبادة القوة العسكرية الضاربة لهم، لذا عندما تقدم جيش المسلمين نحو القدس بعد حطين كانت معركة يائسة بالنسبة للمحاصرين، فبعد بعض المقاومة رأوا أن يسلموا المدينة المقدسة. وما ترويه كتب التاريخ في تساهل صلاح الدين مع المستسلمين أكثر بكثير مما هو منشور ومعروف حاليا، فقد تجاوز الأمر فعلاً التسامح إلى حد التساهل فخرج الصليبيون بأسلحتهم وأصبحوا قوة احتياطية لهجوم مضاد فيما بعد. ومع ذلك سيظل يذكر التاريخ هذا التناقض الحاد (contrast ) بين دخول الصليبيين للقدس وقتل 70 ألف مسلم وإراقة الدماء حتى ركب الخيل. وهذا الدخول السلمي الحضاري لصلاح الدين، لقد كسب الاسلام والمسلمون كثيراً من هذه اللوحة المناقضة للوحة الدم الصليبي. وأسرع صلاح الدين فحرر كل أنحاء مملكة القدس والساحل الشامي كله عدا مدينة صور المحصنة.
والشائع شعبياً أن الحملة الصليبية انتهت تماماً في معركة حطين، ولكنها كما ذكرنا قصمت ظهر القوات الرئيسية في ظل وجود كبار قادة أوروبا كريتشارد قلب الأسد. وقد كانت ضربة مؤثرة إلى حد أن الأمر احتاج لحملة صليبية ثالثة أي حشد عسكري جديد من أوروبا تحت شعار استرداد القدس.
في الفيلم السنيمائي يستحسن الوقوف عند هذه النقطة وإنزال (تتر) النهاية. ولكن مع الأسف وفي الواقع فإن نهاية حياة صلاح الدين كانت محزنة إلى حد ما، وإن كان هذا لا يقلل مما فعله في تحرير القدس، وقد حماها وظلت تحت سيطرة المسلمين في حياته. ولكن الحملة الصليبية الثالثة نجحت في إستعادة معظم الساحل: عكا- يافا- حيفا- عسقلان، أما مهمة تطهير فلسطين من الصليبيين نهائيا فقد كانت على يد المماليك الذين يحب أخواتنا المثقفون أن يسبوا فيهم ليل نهار، بالحق والباطل. وسنأتي إلى ذلك.
إذن عند وفاة صلاح الدين في 589 ه كان معظم المستطيل والقدس تحت سيطرته عدا الساحل الشامي (سواحل فلسطين ولبنان وسوريا حاليا) وكان بالامكان المواصلة من وضع قوي في الفصل الأخير من هذه الملحمة.
دور مصر في معركة حطين:
ليست مهمتنا التأريخ بل التحليل الاستراتيجي للاستفادة اليوم بهذه الخبرات. ذكرت فيما مضى عندما أشرت إلى أن مصر ذكرت في القرآن أكثر من الشام وأن الشام تم تمجيده في القرآن أكثر من مصر (الأرض التي باركنا حولها) والأحاديث النبوية سارت في نفس الاتجاه. وتشجعت وقلت ان أحداث التاريخ ستثبت أن المعارك الكبرى الحاسمة ستجري في الشام وأن مصر ستكون لها اليد الضاربة القيادية ومعركة حطين وكل معارك صلاح الدين في فلسطين تجسد هذا المعنى.
سيقال..ان صلاح الدين كان كردياً، ونعود لنقول، ما ذكرناه في البداية، أن الدور المصري الذي نستشفه من القرآن (ومن الواقع لا تعارض بينهما) ليس دورا عنصرياً عرقيا، بل هو دور عبقرية المكان الذي صنع ليس القدرة على التحكم الجغرافي فحسب، بل صنع مناخاً لنمو حالة حضارية خاصة وكل من يأتي لمصر ويستقر فيها يتشبع بها بعد حين. وإلا لماذا تذهب لأقصى الغرب والجنوب بينما الصليبيون أمامك مباشرة؟!
لقد أدرك الزعماء والقادة الناجحون الدور المفتاحي لمصر، قبل صلاح الدين وبعده. وقد رأينا الفهم العبقري لعمرو بن العاص. ولكن دعونا الآن نركز على الحالة الأيوبية!!
(1) عندما نقول أن مصر كان لها الدور الحاسم في هزيمة الصليبيين رغم أن القائد كردي يبدو الأمر غريبا. ولكننا نقول أكثر من ذلك ان صلاح الدين لم يكن كرديا وحده، فالأيوبيون كلهم أكراد (ولم يجر عليهم رق). وكان عماد الدين زنكي يحكم تكريت ثم الموصل (ومن بعده نور الدين زنكي). وكانت تكريت معظمها اكراد (على خلاف الوضع الحالي) وقد كان والد صلاح الدين يعمل مع زنكي ولذلك ولد صلاح الدين في تكريت وتربى في الموصل. وقد كان الأكراد عماد الجيش الأيوبي، وقد قاتل الأكراد والتركمان مع العرب في بداية التصدي للصليبيين في منطقة الجزيرة (بين دجلة والفرات) المقابلة لإمارة الرها الصليبية. إذن لم يكن صلاح الدين كرديا وحده بل كل أسرته وعائلته الكبرى وقواده العسكريين. ويعتبر الجيش الأيوبي مسئولاً عن إدخال نظام المماليك في مصر باستقدام مماليك من أصل تركي لدعم الجيش الأيوبي، وكان كل قائد كبير لديه مجموعة مملوكية خاصة به فهناك المماليك النورية (المرتبطة بنور الدين) والمماليك الأسدية المرتبطة بأسد الدين شيركوه (وكانوا 500 مملوك)..الخ
ومع ذلك ومع استمرار وجود صلاح الدين الأيوبي في مصر بدأ يرتاح للمصريين، وبدأ يعتمد عليهم بصورة تدريجية، ووصل الأمر إلى حد أن الحلقة الخاصة لصلاح الدين كانت من المصريين. والحلقة الخاصة تعني الحراسة الخاصة وهي أهم فرع في أي جيش وفي أي نظام أمني. وهذه القوة كانت تشارك مع صلاح الدين في كل الحروب. وكان قائد الأسطول البحري المصري حسام الدين وقد كان قائداً بارعاً مشهوداً له وهو الذي دمر أسطول أرناط الصليبي الذي كان يستهدف قبر الرسول. وقد كان كذلك وبتعاون صلاح الدين مع علماء الاسلام فقد كان هؤلاء يدعون الناس إلى التطوع للجهاد في سبيل الله، وبالتالي أقبلت أعداد كبيرة من المصريين على التطوع في الجيش وكانت لهم وحدات خاصة باعتبار أنهم أقل تدريبا. وفي معركة حطين تحديداً كانت أعداد المتطوعين المصريين كبيرة ثم لعبت دوراً مهما في فتح القدس، حيث قاموا بمهمة حرق الأعشاب المحيطة بأسوار القدس وقد أدت كثافة الدخان إلى إرباك المدافعين، وفقدانهم الرؤية والتركيز مما ساعد على بداية اقتحام الأسوار، وهو من الأمور التي عجلت بالاستسلام. وتواصلت مشاركة المتطوعين في الجيش الأيوبي.
(2) لاحظ أن صلاح الدين لم يستخدم نظرية كسارة البندق في معركة حطين (كما فعلنا في حرب اكتوبر ونجحنا في الأيام الأولى) بمعنى أن يهجم جيش من مصر وجيش من سوريا ويطبقان على الخصم. كان صلاح الدين يعتمد على الجيش المركزي القادم معه من مصر وإن كان يضم قوى من كل أنحاء البلاد الشامية والعراق. ولكن نظرية كسارة البندق ظلت تعمل من النواحي السياسية فالشام عمق الجيش.
(3) وهذه نقطة بالغة الأهمية، ان مصر كانت قاعدة مستقرة آمنة عادة. ونقول عادة لأنها لا تسلم من من بعض الاضطرابات هنا وهناك، إلا أنها لا تقارن بكم وحجم الاضطرابات والمشاكسات والمناوشات بين أمراء الشام وشمال العراق (ونقول الشمال لأن جنوب العراق كان ساكنا مع الخليفة في بغداد!! أو لا يحرك ساكنا). وهي نفس المشكلات التي نراها الآن في سوريا والعراق. وكانت مواجهة هذه المشاجرات تأخذ من عماد الدين ثم من نور الدين زنكي مجهودات فظيعة تستنزف الطاقة بدلاً من التركيز على محاربة الصليبيين. فقد كان نور الدين أشبه بالأب كلما استدار أو خرج من المنزل، يتضارب الأولاد مع بعضهم البعض، ولا تحل المشكلات إلا بعودته!!
أما القائد الذي يخرج من مصر ليقاتل الأعداء فما كان له أن يتوقع هذا النوع من الاضطرابات في ظهره!!!.
رأى وفكر
إقرأ
البابا يدعو البرتغال ل (إطفاء شعلة شيعة محمد)
دراسة: المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- حلقة (17)
بقلم: مجدى حسين

منذ 10 يوم
عدد القراءات: 4053
AddThis Sharing Buttons
Share to Facebook9Share to TwitterShare to Google+Share to PrintShare to EmailShare to More3
أمريكا سميت "أمريكا" على اسم القرصان "أميرجو"
بغداد تتضامن مع مصر وتقاطع التجارة الأوروبية
كيف أصبح شيخ الاسلام في مصر بائعاً للملوك

(هذه دراسة غير منشورة وغير مكتملة بعد لمجدي حسين رئيس حزب الاستقلال ورئيس تحرير جريدة الشعب الذي يقبع الآن مغيبا خلف أسوار السجون بأحكام ظالمة وغير دستورية.. لقد تم ترتيب الجزء المكتوب من الدراسة في حلقات وسننشر تباعا الحلقات الموجودة لدينا لحين خروجه من محبسه وإكمال عطائه الفكري والسياسي والذي نأمل أن يكون قريبا بإذن الله..)
الشيخ العز بن عبد السلام شيخ الاسلام في مصر في زمن المغول شخصية فذة وتاريخية، فهناك شخصيات من علامات التاريخ بعضهم علماء وبعضهم قادة عسكريون أو حكام أو أصحاب رأي ومواقف، ونحن نقف قليلا أمام شخصية العز بن عبد السلام لأنه كان من أركان النصر على المغول، حتى لا يفهم أحد ان مصر تعويذة سحرية في حد ذاتها، وان مصر أو حاكم مصر إذا أراد شيئا يحققه لأنه حاكم مصر ولديه مصر بوزنها الحضاري والتاريخي وشعبها المتميز.
عندما نتحدث عن أهمية مصر في قيادة المستطيل القرآني/ الشرق الأوسط مركز العالم فإننا نعني أن الله حباها بخصائص مواتية لابد أن يكون هناك مجاهدون في الحكم حتى يستفيدوا من هذه الخصائص، وإلا إذا كان يحكمها عملاء وخونة أو ضعاف النفوس فإنهم لن يستفيدوا من خصائص مصر (الموقع والحضارة والموضع) إلا في تسويق التبعية لأي دولة عظمى. كذلك الشخص الذي ورث ثروة عظيمة فإما أن يستثمرها في الخير والعمران وإما أن يبددها على موائد الميسر وصالات الخلاعة والمجون والسفه.
أي لابد أن يكون واضحاً إننا حين نروج لأهمية مصر في المنطقة والعالم فيجب أن يفهم اننا لانفعل ذلك إنطلاقاً من تعصب وطني او قومي احمق أو جاهلي. مصر تقدم عبقرية المكان الذي يمكن على أرضه ومن خلاله أن تقوم القيادة المؤهلة بدورها التاريخي. أي لابد من توافر عناصر أساسية بعد المكان والشعب: قيادة مؤمنة صالحة مجاهدة تأخذ بالأسباب في امتلاك القوة العسكرية والاقتصادية والعلمية وتعرف أهداف الأمة المشروعة وتسعى في طريق تحقيقها وتوفر لها أسباب النجاح.
عشية هجوم المغول على مصر- وكما حدث في عهد صلاح الدين- تجمعت كل هذه العناصر على أرض مصر، ففتح الله الطريق للنصر. ومن أهم هذه العناصر توفر القيادة الصالحة المؤهلة والمجاهدة وتفاعلها الصحي مع رجال الدين الأتقياء. حتى وإن كان الحاكم أصله من أفغانستان (قطز) ورجل الدين أصله من (الشام)!!
قلنا أن العز بن عبد السلام أصلا من الشام وقد ترك لنا مؤلفات في مختلف فروع الفقه، وهي مراجع يستنير بها العلماء حتى الآن. ولكن الأهم انه كان تقيا مخلصاً مدافعا عن أبناء الشعب من المستضعفين.. غيوراً على الدين والأخلاق.. في إحدى المرات عندما لم يستجب المماليك لمطالبه العادلة أعلن انه سيهاجر ويترك مصر ويذهب إلى الشام، أعلن هذا الموقف وحمل "عزاله" وبدأ في التحرك، وحدثت مفاجأة إذ بدأت مجموعت من المواطنين تنضم إليه في هذه الهجرة الاحتجاجية، وهونوع لا مثيل له من العصيان المدني لم نسمع به من قبل او من بعد، واضطر الحكام إلى إرسال مبعوثين إليه- وهو في بداية الطريق- لاسترضائه وإعادته إلى القاهرة مع وعد بتنفيذ مطالبه الخاصة بانصاف الشعب!!
وفي إحدى المرات اكد الشيخ المعز بن عبد السلام أن حكم المماليك غير شرعي لأنهم عبيد أرقاء، ولم يتم تحريرهم بصورة رسمية، وحتى يصبحوا أحراراً بصورة إسلامية صحيحة فلابد أن يشتريهم أي مشتر ثم يحررهم ولو تم الشراء بأي سعر، وتم تحريرهم بدون مقابل، لأن من شروط الحاكم المسلم أن يكون "حراً"! وهنا رأى المماليك أن الشيخ تجاوز كل الحدود، ولابد من ردعه على هذه الاهانة، خاصة وقد لاحظوا خطورة هذه الفتوى لأنها ستضرب شرعية حكم المماليك عموما. فأرسلوا إليه من يهدده بالقتل (وكان نائب السلطان) إذا لم يتراجع عن هذه الفتوى فوراً، وحاصروا بيته وطالبوا برأسه ان لم يتراجع.
وقال ابن الشيخ له : لقد جاءوا يقتلونك! فابتسم الشيخ بن عبد السلام وقال له هون عليك يابني فإن شأن أبيك أقل من أن يموت شهيداً. ولما رأوا اصرار الشيخ واستعداده للاستشهاد في سبيل الحق تراجع المحاصرون وعلى رأسهم نائب السلطان.
واضطر المماليك لتنفيذ الفتوى بصورة شكلية ما، ومن هنا أطلق على الشيخ العز بن عبد السلام لقب "بائع الملوك"!
كان المماليك يتم شرائهم صغارا ويتم تربيتهم في معسكرات تربية عسكرية وأيضا تربية إسلامية. وكل قائد أيوبي ثم مملوكي يستجلب مجموعة تابعة له ويتم إعدادها وتقسم هي بدورها إلى مجموعات. وكان المملوك يلقب باسم من اشتراه أو باسم قائده المملوكي القديم لأن المملوك كان يختطف أو يؤسر صغيرا ولا يعرف اسم أبيه.
المهم أن المماليك ليسوا مجرد محاربين بل يتمتعون بقدر من الثقافة الاسلامية والعقائدية وبالتالي فهم مؤهلون للمشاركة في حكم دولة اسلامية ومجتمع اسلامي.
وطبعا تتفاوت المستويات، فكان سيف الدين قطز يميل إلى الالتزام الديني وكان يعتبر نفسه تلميذا للشيخ العز بن عبد السلام. وكان شديد الحماس في التعبئة للجهاد لمواجهة التتار، ودعا الجماهير للمشاركة المالية وفرض رسوماً لدعم المجهود الحربي، ولكن الشيخ العز اعترض وقال للمماليك: عليكم أن تتبرعوا أنتم أولاً بكل ما تملكونه من أموال فائضة ومن الذهب والمصوغات المتراكمة لديكم ولدى نسائكم قبل ان تطالبوا الجماهير الفقيرة بالدفع، وتذمر المماليك من هذا الشيخ الذي أرهقهم كثيرا، ولكن كانت حجته بينة وما كان ليتراجع، كما ان قطز كان يتجاوب معه وتم تنفيذ الفتوى التي تحولت إلى أوامر!
ولاشك أن كل هذه الأجواء كانت من شروط النصر بالاضافة لحزم القيادة وصلابتها (قطز ومن حوله من قادة شاركوا جميعا في هزيمة الصليبيين في موقعة المنصورة) والتي اعدمت بعثة هولاكو كما ذكرنا.
ولكن ما نركز عليه هنا هو النمط الخاص للعلاقة بين الحاكم والمحكوم خاصة في ظل وجود حاكم صالح وقائد شعبي صالح، معارضة صريحة وحازمة تعبر عن نفسها بمنتهى الهدوء والسكينة، وتجاوب من الحاكم وإن على مضض!! هذا النموذج يندر أن تجد له مثيلا في المشرق العربي في الماضي اوالحاضر. في المشرق عادة من يعترض على الحاكم تقطع رقبته! وكذلك يتعرض الحاكم لاغتيالات بمعدلات أكبر وتمردات وانتفاضات مسلحة. الحاكم في مصر أقل دموية حتى وإن كان مستبداً، والشعب المصري مطوع أكثر، وهي معادلة يغذي كل طرف فيها الطرف الآخر.
فلأن الشعب أكثر ليونة فلا داعي للتوسع في القمع، ولأن الحاكم أقل دموية فلا داعي للتوسع في المعارضة! (معادلة البيضة الأول أم الدجاجة!)
طبعا في حالة قطز- العز نحن أمام حالة راقية: الحاكم الصالح- القائد الشعبي الصالح، ولكنها خرجت من المعادلة الأوسع الموجودة من قبل والتي تحكم العلاقات السياسية في مصر..ولأنها كانت حالة راقية: الاندماج بين السلطة التنفيذية والشعبية والشرعية معاً فهذا من شروط النصر. وإلا فليست كل معركة شاركت فيها مصر أو خرج الجيش منها لابد أن تنتصر. كل ما هناك ان مصر بها شروط طبيعية تساعد القيادة الصالحة- إن وجدت- على النصر.
عودة إلى كوارث المماليك:
عند عودة جيش قطز ظافراً مظفراً في طريقه إلى مصر بعد هذا الانتصار التاريخي في عين جالوت وما تبعه من استعادة عدة مدن من المغول على رأسها حلب والذي كان إنقاذا للعالم الاسلامي من هذا الاعصار المدمر (المغول) حدثت إحدى سخافات التاريخ (وسخافات المماليك) وهي قيام الظاهر بيبرس أحد أبرز قيادات الجيش المنتصر باغتيال قطز حتى يدخل بيبرس كقائد منتصر ويتولى حكم مصر. وليس من مهمتنا أن نناقش هذا الحادث المروع، ولكن نشير إلى أن التصفيات والاغتيالات بين قادة المماليك فيما يتعلق بمواقع الحكم كانت ظاهرة ممتدة ومستمرة عبر حكم المماليك أي حتى عام 1517، عام دخول العثمانيين لمصر. فكل قائد مملوكي ليس له شرعية موروثة كشرعية الملوك وأبنائهم، وكان كل واحد منهم يرى انه ند لأخيه وأنه الأحق منه بالحكم. وعندما كان المملوك يتمكن من إحكام قبضته على الحكم تستقر الأوضاع ويخضع له الجميع ويسعى لتوريث الحكم لأبنائه. وخلال هذه العملية كانت تحدث تصفيات وتصفيات مضادة بين كل فترة وأخرى. ولا يجوز أن نحصر مرحلة حكم المماليك التي استمرت قرابة 3 قرون أو أقل قليلاً في هذه النقطة، لأن هذه كانت سمة الحكم في العالم بأسره. وحدثت بين الأسر المالكة في النظم الاسلامية كافة: الأمويين- العباسيون- العثمانيون...الخ وكذلك حدثت في نظم الغرب اليونانية والرومانية. فإذا قرأت عن التصفيات الجسدية في عهد المماليك يصيبك الغثيان ولكن ستصاب بنفس الحالة عندما تقرأ تاريخ الامبراطورية الرومانية من تصفيات داخل الأسرة الواحدة بسبب الصراع على السلطة. وكان لابد من هذا التوضيح لتجنب تكرار الحديث عنه لأنه ليس موضوع هذه الدراسة.
الظاهر بيبرس:
ورغم شعورك بالحنق تجاه الظاهر بيبرس ولكنه بعد أن استقر في الحكم كان أداؤه جيداً في مواجهة التتار والصليبيين حيث وجه للطرفين ضربات موجعة في معارك متكررة في الشام. كذلك فقد اهتم بالنواحي العمرانية والتعليمية والثقافية وأنشأ مجمعاً متكاملاً جامع- مدرسة شرعية...الخ وهو اثر لا يزال موجوداً (جامع الظاهر بيبرس) بالقاهرة وغير ذلك كثير.
ومن الآن فصاعداً فإن المماليك سيحكمون المستطيل، ويمثلون العالم الاسلامي وسيواصلون تصفية تواجد التتار والصليبيين في المشرق. وسيظلون يحكمون باسم الخلافة العباسية حيث توجد- كما ذكرنا- الأسرة العباسية في القلعة ويوجد خليفة محدد بالاسم، وتضرب العملة على وجهين: وجه باسم الخليفة ووجه باسم السلطان المملوكي. وكلما جاء سلطان مملوكي يتم الدعاء له في الحجاز مع الخليفة العباسي.
وامتد الحكم في مصر كما هي العادة في لحظات القوة إلى شمال السودان: النوبة وحتى دنقلة، وفي عهد ابن طولون امتد الحكم بعد مصر والشام إلى مناطق في الفرات وحتى المغرب.
وظل عهد المماليك يتراوح بين لحظات القوة والضعف مثلا في 8 أكتوبر 1365 في عهد السلطان شعبان المملوكي، عادت قبرص هذه الجزيرة الصغيرة لمهاجمة مصر وقام الملك بطرس حاكم الجزيرة باقتحام الاسكندرية في غارة مفاجئة، وخلال ساعتين هرب الأهالي فلم تكن هناك قوة مسلحة لمواجهتهم، فنهبوا الحوانيت والفنادق وأحرقوا القصور والخانات واعتدوا على النساء والبنات وخربوا الجوامع والمساجد وقتلوا كل من صادفوه في الشوارع وذلك لعدة أيام، وتم نهب النفائس والبضائع ووضعها في السفن وتم ذبح الدواب وأخذوا 5 آلاف أسير وأسيرة. واحتفلت أوروبا كلها بهذا النصر. (وهذه مجرد لقطة من حضارة الغرب) واستمرت إغارة قبرص على سواحل مصر والشام وظهرها محمي بأوروبا. وفي المقابل نرى صورة رائعة من التضامن الاسلامي فحاكم بغداد (الذي كان مسلما في ذلك الوقت) رد على ذلك بمنع تجار إيطاليا من دخول بغداد للمتاجرة وقال لهم: (ارجعوا أولا إلى سلطان مصر واستدركوا ما أفسدتم في الاسكندرية وأتوني بخط ملك مصر بدخولكم تحت طاعته وحينئذ تبيعون ببلدي وتبتاعون منه) (النويري). وليس كما يحدث الآن الأمريكان والغرب يدمرون العراق ونحن نصادقهم ونتاجر معهم! وشعرت البندقية وجنوه بخسائر اقتصادية متصاعدة بسبب توقف التجارة مع مصر والشام والعراق، ومارس تجار المدينتين ضغوطاً من أجل ابرام الصلح وإلغاء قرارات ومراسيم بابوية تمنع التجارة مع المسلمين منعً باتاً. وقد رفض تجار أوروبا هذا التوجه لصعوبة الوصول للبضائع الآسيوية عبر آسيا الصغرى (تركيا حاليا). وهذا يعيدنا إلى التذكرة بأن مصر وبلاد المستطيل يتحكمون في عنق زجاجة التجارة العالمية.
صعود البرتغال واكتشاف رأس الرجاء الصالح:
وهكذا كانت أوروبا تشعر بالاختناق من سيطرة المسلمين (المماليك) على عنق زجاجة التجارة العالمية، خاصة في بلاد المستطيل (الشرق الأوسط) حيث تصب بضائع طريق الحرير البري وأيضا البضائع الآسيوية عبر البحر من الخليج العربي ثم براً إلى موانئ البحر المتوسط، أو من السويس ثم براً حتى موانئ البحر المتوسط في مصر، والعكس بالعكس.
وما تسمى الكشوف الجغرافية وهكذا قالوا لنا وعلمونا في المدارس لم تكن إلا حلقة من حلقات الحروب الصليبية ضد المسلمين.
وقد صوروا لنا كريستوفر كولومبس كبطل عالمي للانسانية جمعاء، بينما كانت أساس رحلاته التوجه غرباً عبر المحيط تحت رعاية الملكة الأسبانية الصليبية إيزابيلا لاكتشاف طريق آخر إلى الهند والصين للتخلص من طريق اللئام المسلمين في الشرق الأوسط، وعندما عثروا على الذهب في الأمريكتين أصبح الهدف جمع الذهب لمحاربة المسلمين.
المهم أن سفن كريستوفر كولومبس عندما حطت على سواحل ما أصبح أمريكا كانت في الواقع سواحل في الكاريبي (أمريكا الوسطى) وليس في أمريكا الشمالية.
زهذا السبب في تسمية سكان أمريكا الهنود الحمر، لأنهم تصوروا في البداية انهم وصلوا إلى الهند. ولأن بشرتهم البيضاء تميل إلى الحمرة فسموهم الهنود الحمر. ولكنهم في الحقيقة كانوا مجموعة متنوعة من القبائل ولم يكونوا أمة واحدة لها اسم واحد خاصة في أمريكا الشمالية. أما في أمريكا الجنوبية فقد تم العثور على مراكز حضارية عريقة الأزتيك والأنكا. أما الذي نزل على سواحل أمريكا الشمالية فعلاً فكان قرصان (من أصل ايطالي على الأغلب، اسمه أميرجو، وهذا هو سبب تسمية أمريكا، فمن مساخر الصدف أن تسمى أمريكا على اسم قرصان، وهو اسم على مسمى، وهي جديرة بهذا الاسم حتى الآن. الذي يهمنا إن هدف الالتفاف على الشرق الأوسط لم يتحقق، فلم تجد أوروبا وآسيا ولكن وجدت الأمريكتين وهذا حدث ضخم سيغير مجرى أحداث العالم ولكنه لم يحل لهم مشكلة المسلمين، إلا عن طريق جمع الذهب من أمريكا لقتال المسلمين. وهذا لم يحدث لأن أسبانيا كدولة عظمى ستتداعى كما سنرى.
وكان الفرع الآخر لما سموه الكشوف الجغرافية وهو اكتشاف رأس الرجاء الصالح في أقصى جنوب أفريقيا. واستخدام لفظ الكشوف خادع أيضا لأن هناك معلومات جغرافية وخرائط منذ عهود قديمة والقضية كانت دائماً وجود سفن قادرة على الابحار مدة طويلة.
أما الكشوف فهي في التفاصيل والمنحنيات والخلجان...الخ وقالوا لنا في المدارس أن الاستعماري الصليبي فاسكو دي جاما البرتغالي ليس إلا مكتشفا جغرافيا، وانه اكتشف طريق رأس الرجاء الصالح حيث توجد دولة جنوب أفريقيا حاليا. وانه بالالتفاف حول القارة الأفريقية يمكن الوصول إلى آسيا بدون المرور على الشرق الأوسط. وهذا صحيح ولكن في الواقع فإنه طريق أطول من الناحية الزمنية ولا شك انه أكثر كلفة. ولكنهم فرحوا به في البداية، وبدأت بلاد الشرق الأوسط تشعر ببعض الكساد. ثم سرعان ما تبين انها حملة عسكرية وليس مجرد فتح طريق للتجارة، وبدأت حرب البرتغال الصليبية من الجنوب الأفريقي على بلاد المسلمين والمستطيل تحديداً وبدأ المماليك في التصدي لهم.
لم تكن- إذن- رحلة فاسكو دي جاما لاكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح رحلة علمية للكشوف الجغرافية لصالح البشرية جمعاء، كما علمونا في المدارس، حيث رأينا هالات التقديس تحيط بهذه الأسماء (دي جاما- كولومبس- كوك مكتشف استراليا التي تقع على بُعد خطوات من آسيا!) ولم يكن اكتشاف طريق آخر للتجارة هو السبب الوحيد وإن كان ذلك يدخل في قضية الحرب على المسلمين (في المجال التجاري)، ولكن هذه الرحلات كانت حملات صليبية صرفة بالأساس لاحتلال بلاد المسلمين، وأن تتوج البرتغال نفسها كدولة عظمى، فمن يهزم المسلمين (وهم القوة الأعظم في العالم) ومن يحتل قلب بلادهم (المستطيل/ الشرق الأوسط) يصبح هو زعيم العالم وزعيم الغرب. وكان بابا روما يرعى الحملة الصليبية البرتغالية (البرتغال دولة كاثوليكية) إذ أرسل خطاب مباركة وتأييد لأمير البرتغال نظراً لسعيه (لإطفاء شعلة شيعة محمد) وجاء في رسالة الرد من حاكم برتغاليا (لو انتزعنا تجارة ملقا هذه من أيديهم لأصبحت القاهرة ومكة أثراً بعد عين).
انظر إلى الخريطة .. خريطة جنوب أفريقيا ورأس الرجاء الصالح، فبعد عبور رأس الرجاء الصالح تكون المحطات الأولى: الساحل الأفريقي الشرقي- باب المندب- جزيرة العرب قبل الوصول إلى الهند. فلم يكن الهدف هو اكتشاف طريق آخر للتجارة فحسب، لأنه ليس بديلاً أفضل (بل أطول) ولكن أيضا الالتفاف من الخلف واحتلال الشرق الأوسط بدءاً من جزيرة العرب وموانئ البحر الأحمر والاستيلاء على الطريق الأقصر في النهاية. أما تجارة ملقا فالمقصود بها تجارة الصين والشرق الأقصى وهي المركز الرئيسي للتصدير في العالم في ذلك الزمان، وكانت تمر عبر مضيق ملقا في المحيط الهندي القريب من ماليزيا الحالية، حتى تصل إلى الخليج العربي وتمر من مضيق هرمز حتى البصرة أو تصل إلى باب المندب في الطريق إلى السويس. كان الحد الأدنى هو تحويل هذه التجارة قصراً عبر رأس الرجاء الصالح أو تسير في نفس الطريق القديم بعد احتلاله من البرتغال في الحد الأعلى، بل كان القضاء على الاسلام كدين هو الهدف الجوهري، نعم القضاء على الدين! كما سنوضح.

إقرأ أيضًا:
·المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- حلقة (1) الحلقة 1
·دراسة المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- الحلقة (2) الحلقة 2
·آدم يمني..نوح عراقي..أيوب مصري..إلياس فلسطيني الحلقة 3
·نوح عاش في المستطيل.. دلائل قرآنية إضافية الحلقة 4
·لماذا مصر في رباط إلى يوم الدين؟ الحلقة 5
·مصر هي البلد الوحيد الذي ذكر اسمه في القرآن الحلقة 6
·بعثة محمد (ص) وضعت الشرق الأوسط في البؤرة الحلقة 7
·هنا.. يجري استعداد أمريكا واليهود لمعركة نهاية العالم الحلقة 8
انجيل أمريكا: مصر والشرق الأوسط أساس السيطرة على العالم الحلقة 9
رسول الله لم يسع إلى إقامة دولة اسلامية بالحبشة الحلقة 10
البابا يدعو لتحرير القدس من قبضة المسلمين الأنجاس الحلقة 11
الفاطميون يندفعون كالاعصار من طنجة إلى مكة الحلقة 12
صلاح الدين يغلق مضائق تيران ويحمي قبر الرسول الحلقة 13
لماذا أقسم الله بالشام ومصر ومكة في سورة التين؟ الحلقة 14
المغول اجتاحوا آسيا وأوروبا وروسيا والمشرق..وهزمتهم مصر! الحلقة 15
قطز ذبح سفراء هولاكو وعلقهم على أبواب القاهرة الحلقة 16
البابا يدعو البرتغال ل (إطفاء شعلة شيعة محمد) الحلقة 17


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.