كشف الحاج سيد منصور -أمين الفلاحين بحزب الاستقلال- فى حوار خاص للشعب، عن أبرز القضايا التي تواجه الفلاح والأراضي الزراعية فى البلاد، موضحًا فى حواره أسباب انخفاض المحاصيل وجودتها، كما تحدث منصور أيضًا عن المتسببين فى تلك الأزمات من الطرفين (الفلاح والحكومة). كما تطرق "منصور" إلي مشكلة المياه، وكيف تواجه الأرض والفلاح معها ويلات ذلك الملف الهام، الذي لم تستثمرة الحكومة على النحو الذي يجب العمل عليه من قبلهم، مشيرًا فى الوقت ذاته إلي مشاكل الأسمدة والمستلزمات، التي تقف على رأس قائمة تعذيب الفلاح فى مصر. ** الزراعة تمثل الأمن الغذائي للبلاد، كيف تري ذلك عقب قرارات النظام الأخيرة والغير مدروسة وتأثيرها على ذلك الملف بالتحديد؟
بالطبع الزراعة هي عمود أساسي للوطن، وهناك دول اقتصادها قائم على الزراعة قبل أى شئ، لأن هذا كل ما تملكة أو ما تتقنه إن صح المعني، ورغم أن الظروف كانت فى صالحنا طوال الأعوام الماضية، إلا أن الأنظمة العسكرية المتعاقبة، والأخيرة منها على وجه التحديد عقب أحداث (2013)، عمدت على تهبيط عزيمة الفلاح فى المقام الأول بعدما تم تكبيله بالديون نظرًا لارتفاع أسعار المستلزمات. هذا بجانب قراراته الغير مدروسة، بشأن تنظيم المساحات المزروعة واهماله الآفات التي تحاصر الأراضي التي تنتج بشكل جيد بالفعل، وتقوم بتصدير منتجاتها للخارج ما يوفر العملة الصعبة للبلاد، ضف على ذلك مشكلة المبيدات والمستلزمات الزراعية، التي ارتفع سعرها إلي أضعاف مضاعفه ما أثقل كاهل الفلاح. وهذا له تفاصيل كثيرة لشرحه، لكنه فى النهاية؛ الهدف من تلك المخططات ليست فى صالح البلاد بالمرة.
** ما هي هذه التفاصيل التي تتحدث عنها سيادتكم؟، وإلي أين وصل ارتفاع الأسعار بالأخص بالنسبة للمبيدات ؟
ضف إلي قائمة تعذيب الفلاح ما يلي: "الأسمدة" .. الحكومة لا تصرف المقررات كاملة له ولأرضه، رغم ارتفاع سعرها الرسمي الذي يقدر بنحو مائة وستون جنيه، وهذا سعر ضخم للغاية، فكان ثمنها منذ سنوات قليلة نحو 35 جنيه فقط، فهل تري مدي الفرق، ولكن الفلاح رضخ فى النهاية لتلك الزيادة، ولكن لا يوجد صرف حكومي يكفي الأرض أو الحصة المقررة لكل فلاح، لا نعلم هل هو تقصير من الجهة المعنية أم أن هناك سرقة فى الأمر. وفى النهاية نذهب للسوق الموازية لشرائها حتي لا تفسد المحاصيل، وحينها نجد سعر "الشيكارة" 250 جنيه، أى بزيادة تسعون جنيه عن السعر الحكومي المرتفع بالأساس، وبحسبه بسيطة نجد أن الفلاح أحيانًا لا يجد أى أرباح أو حتي ما تم انفاقه على كل فدان إذا قررت الحكومة تخفيض أسعار المنتج الزراعي. ومشكلة الأسمدة توجهنا إلي مشكل أضخم وأكبر، فمنع مياه النيل عن الأراضي والاعتماد على المياه الجوفية، جعل الفلاح مضطرًا إلي استخدام الكثير من الأسمدة لتعويض نقص الطمي المرفق بمياه النيل، مما يجعل الفلاح أمام مصيرين إما الغلاء أو يترك الأرض لتبور بالأساس. فمقررات المياه غير كافية بالمرة، فمياه الترع والقنوات، أصبحت مقلب قمامة وحيوانات نافقة، والوزارة والحكومة بأسرها لا تهتم بذلك ولا تنظر إليه بعين الجدية، وهذا لا يرفع الذنب عن المواطنين الذين تسببوا فى تلك الأزمة، أو هم جزء من تلك الأزمة.
** للتوضيح حاج منصور، ما هي مشاكل الري التي تواجه الفلاح؟
هذه مشكلة كبيرة وجميع مكوناتها ضارة، فكما ذكرت سابقًا، أن القنوات والترع وقلة مياه الري القادمة من النيل تؤثر على الفلاح والأرض والمحاصيل أيضًا، فعلى سبيل المثال بالنسبة للطرف الأول (الفلاح)، ماكينة المياه التي كانت تسحب من مياه النيل كانت تكلفة وقود (المرتفع السعر أساسًا) يكفي ثماني ساعات، أم الاعتماد على المياه الارتوازية يكلفه أقل من ست ساعات، ما يجعله يستهلك وقود أكثر، ما يعلي التكلفة. أما الطرف الثاني(الأرض)، من الممكن أن تضرر بالأساس من المياه الارتوازية، التي من الممكن أن تكون مليئة بالأملاح ما يضرها بشدة، ضف إلي ذلك وجود الرصاص، الذي يضر بالأرض وإنتاجيتها ومحاصيلها أيضًا. وعند التطرق للطرف الثالث وهو "المحصول" نجد أننا أمام خيارات ليست فى صحة المواطن، فتركيبة المياه الارتوازية التي فرضنا أنها قد تكون ضارة (وهذا يحدث كثيرًا)، ومياه الترع الملوثة، واضرار الفلاح لزيادة الأسمدة، كل ذلك يؤثر على جودة المحاصيل بشكل كبير، ما يؤدي إلي تعرض حياتهم للخطر، بالإضافة إلي وقف تصدير تلك المنتجات التي ترفضها الدول المستوردة، ما يجعل من الحصول على العملة الصعبة مستحيلاً نسبيًا، أو فى هذا الشأن. ** ما هو أقرب محصول سيتم جنّيِه قريبًا، وكيف يتعامل معه النظام؟ القمح بالطبع، فيفصلنا عن جني ذلك المحصول الاستراتيجي حوالي شهرين، وحتي الآن لم تحدد الحكومة سعر الأردب، الذي ارتفعت تكلفته كثيرًا بالنسبة للفلاح، فسعر العام الماضي كان قبل تعويم الجنيه أمام الدولار، أى بعد أن قاموا بحساب الأسمدة والمستلزمات إلخ، وضعوا سعر للأردب، ولكن لا نعلم حتي الآن كيف سيتعاملوا مع ذلك المحصول.
** كيف تري الحكومة الفلاح من طبيعة تعاملك وأنت رجل مزارع بالأساس؟
الحكومة لا تري أحد، وليس الفلاح فقط، فحتي إن أرادت أن تري فهي تسئ التصرف، دعني أحدثك مثلاً عن زراعة القصب وأزمة أسعاره التي اشتعلت بين المزارعين فى الصعيد والحكومة، القصب يحتاج إلي مياه كثيرة، وتكاليفة ليست بسيطة، والحكومة وضعت سعرًا غير مناسب تمامًا للتكلفة، ما جعل المزارع يتجه إلي زراعة الموز، فهو سعره مرتفع بالأساس فى الأسواق ومطلوب، وتقريبًا يدفع الفلاح فى الفدان نفس تكاليف القصب، فتخلي عن الأول لصالح الثاني، وخسرت البلاد مساحات كبيرة كانت تزرع بذلك المحصول الذي يتم منه إنتاج العديد من المشتقات كالسكر وغيره.
** هناك الكثير من الوعود التي تطلقها الحكومة على مسامع الفلاح، فهل يتم تنفيذها؟
بالطبع لا ولنا فى وعود العام الماضي بالنسبة للقطن، لم ينفذ منها أى شئ حتي الآن، وبالأخص بند المكافآت.
بالعودة للوراء قليلاً حاج "منصور"، ما هي أبرز المشاكل التي تواجه الزراعات بمصر؟ بالنسبة للزراعات هناك الكثير من المشاكل، فقد تحدثنا عن مشكلة الأسمدة، ضف عليه مشكلة تسويق المحاصيل الزراعية، فلا يوجد تسويق تعاوني إطلاقًا، فهم يتركون الفلاح فى مهب الريح، وهم يقومون بتعويم الفلاح كما فعلوا مع الجنيه سابقًا. أيضًا مشكلة المياه، فالنظام فاشل بجدارة فى توعية الفلاح باستخدام أنظمة الري الحديثة، خاصًة إننا نسمع دائمًا فى الصحف والمجلات العالمية والمحلية بمشكلة سد النهضة، التي سوف تتسبب فى كارثة كبري على الفلاح والأرض الزراعية ومن ثم المواطن، والدولة واقتصادها للدولة. فخلاصة، نقول أن المشاكل كثيرًا جدًا وحلولها موجودة وبسيطة للغاية ولكنها تحتاج إلي نظام وطني وشجاع ينفذ استراتيجية قوية تنهض بالفلاح والزراعة بالبلاد. ما هي المشاكل التي تواجه المحاصيل فى الوقت الحالي؟ المحاصيل الرئيسية تواجه مشكلة كبيرة، وعلى رأسها البصل والبطاطس، فلا يوجد منزل بمصر يستطيع الاستغناء عن المحصولين المذكورين، فإنتاجنا منهم مرتفع جدًا، وأعلي من الاستهلاك المحلي، ونقوم بتصديرهم إلي العديد من الدول، والأوروبية منها على وجه الخصوص، ما يوفر العملة الصعبة، ويضع سمعة البلاد الزراعية فى تقدم دائمًا. لكن ماذا إن تم وقف التصدير، نجد أن هناك كارثة تقع على رأس الفلاح، فعلي سبيل المثال سعر كيلوا البطاطس من ناحية التكلفة على المزارع هو جنيهان ونصف، وسوق الجملة يستقبله بجنيه ونصف فقط !!، يعني هناك خسارة جنيه فى كل كيلوا يورده الفلاح للتاجر. وبحسبه بسيطة، إن فرضنا أن ربح الفلاح نصف جنيه فقط فى كل كيلوا، فمعني ذلك أنه يخسر فى الطن 500 جنيه، والفدان يعطي 10 طن، أي أن الفلاح يخسر فى كل فدان خمسة آلاف جنيه دفعة واحدة، فحدثني من يعوضه عن تلك الخسارة الكبيرة ؟. ونفس المشكلة تواجه محصول البصل، فأين مكاتب التمثيل التجاري بالخارج لتسويق تلك المنتجات، التي قد تشفع للنظام فى نفس الفلاح، رغم أن مواقفه غير جيدة معه دائمًا.
ما هو أساس تلك المشكلة.. هل النظام أم الفلاح أم الإثنين معًا هذا بالنظر إلي قيام عدد من الدول العربية والأوروبية بحظر محصول البصل المصري على سبيل المثال؟ الأمور هنا متشعبه، لكن أساس المشكلة من النظام، فمشكلة تقاوي تلك المحاصيل نقوم باستيرادها من الخارج، جميعها وليس جزء منها، ويقوم المزارع بشرائها من التجار الكبار المحتكرين لتلك التقاوي، وبالطبع سعر الدولار مرتفع، إذًا فالتجار يرفع السعر بحسب ذلك مع تحديد هامش ربح خاص به، ما يجعل سعرها مرتفع جدًا، والفلاح مضطر لشرائها والحكومة لا تتدخل لدعم تلك التقاوي حتي تخفف من تأثير ارتفاعها على الفلاح وعلى الأرض.