وزارة الداخلية تشارك المواطنين الاحتفال باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة    آخر تطورات سعر جرام الذهب، عيار 21 وصل لهذا المستوى    نعيم قاسم: سندافع عن أنفسنا وأهلنا وبلدنا ومستعدون للتضحية إلى أقصى الحدود    الرئيس الأمريكي يصل إلى مقر حفل سحب قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026    ترامب قبل انطلاق قرعة كأس العالم 2026: فيفا قدم عملا استثنائيا وجاهزون للبطولة    الإسماعيلي يفوز على الإنتاج الحربي بهدف وديا استعدادا للجونة    حالة الطقس غدا، انخفاض ملحوظ بدرجات الحرارة ورياح تزيد من البرودة    تفاصيل تخلص عروس من حياتها بتناول قرص حفظ الغلال بالمنيا بعد أشهر قليلة من زوجها    البريد المصرى يتيح إصدار شهادة «المشغولات الذهبية» من مصلحة الدمغة والموازين    المستندات المطلوبة لإحلال التوكتوك بالسيارة البديلة «كيوت» ب6 أكتوبر    بعد حكم قضائي.. فيلم الملحد يُعرض رسميا في 31 ديسمبر    ما سبب غياب دنيا سمير غانم عن مهرجان البحر الأحمر؟ شقيقتها إيمي تجيب    تيلدا سوينتون: استقبال الجمهور لفيلم الست يعبر عن قوة السينما    صور من كواليس حلقة اليوم من دولة التلاوة.. تعرف على موعد عرض البرنامج    تجديد شهادة الادخار لمدة سنة و3 سنوات.. إزاى تختار    إعلامي سعودي ينصح صلاح بالرحيل عن ليفربول    تايمز: مصر تسعى لاستعادة حجر رشيد لخروجه من البلاد بشكل غير قانونى    أهل مصر تنفرد.. أول صور من زفاف بوسي تريند البشعة بالإسماعيلية (خاص)    هانز فليك يتفوق على أساطير تدريب برشلونة فى الدوري الإسباني    الأمم المتحدة تدعو لتحقيق شامل ومحاسبة المسئولين عن جرائم الأسد والهجمات الإسرائيلية في سوريا    تأجيل محاكمة طفل المنشار وحبس المتهم بالاعتداء على طالب الشيخ زايد.. الأحكام × أسبوع    علام: بعض الجماعات تسيء استغلال المرحلة السرية بالسيرة النبوية لتبرير أعمالها السياسية    الصحة: فحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم» بالمدارس الابتدائية    بيان ناري من الداخلية في غزة بشأن مقتل أبو الشباب    رئيس مصلحة الجمارك: نتطلع إلى نقلة نوعية في كفاءة وسرعة التخليص الجمركي للشحنات الجوية    فرنسا ترحب بتوقيع اتفاق السلام بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا بواشنطن    الزمالك يترقب قرار اتحاد الكرة بشأن قضية زيزو.. واللاعب يجهز للتصعيد    حلمي طولان: تصريحي عن الكويت فُهم خطأ وجاهزون لمواجهة الإمارات    جامعة المنصورة الأهلية تشارك بمؤتمر شباب الباحثين لدول البريكس بروسيا    ميادة الحناوي ترد على استخدام AI لتحسين صوتها: مش محتاجة    جامعة حلوان تنظّم ندوة تعريفية حول برنامجي Euraxess وHorizon Europe    مخالفات جسيمة.. إحالة مسؤولين بمراكز القصاصين وأبو صوير للنيابة    شركة "GSK" تطرح "چمبرلي" علاج مناعي حديث لأورام بطانة الرحم في مصر    لمدة 12 ساعة.. انقطاع المياه غرب الإسكندرية بسبب تجديد خط رئيسى    طريقة استخراج شهادة المخالفات المرورية إلكترونيًا    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    الصين وفرنسا تؤكدان على «حل الدولتين» وتدينان الانتهاكات في فلسطين    سورة الكهف نور الجمعة ودرع الإيمان وحصن القلوب من الفتن    لجنة المسئولية الطبية وسلامة المريض تعقد ثاني اجتماعاتها وتتخذ عدة قرارات    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    حريق مصعد عقار بطنطا وإصابة 6 أشخاص    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    وزارة العمل تقدم وظائف جديدة فى الضبعة بمرتبات تصل ل40 ألف جنيه مع إقامة كاملة بالوجبات    بعد انقطاع خدمات Cloudflare.. تعطل فى موقع Downdetector لتتبع الأعطال التقنية    وسام أبو علي: نسعى للفوز على سوريا وسأبقى مع فلسطين حتى النهاية    لقاءات ثنائية مكثفة لكبار قادة القوات المسلحة على هامش معرض إيديكس    الأهلي يلتقي «جمعية الأصدقاء الإيفواري» في افتتاح بطولة إفريقيا لكرة السلة سيدات    وزير الكهرباء: تعظيم مشاركة القطاع الخاص بمجالات الإنتاج والتوزيع واستخدام التكنولوجيا لدعم استقرار الشبكة    محافظ الجيزة: توريد 20 ماكينة غسيل كلوي ل5 مستشفيات بالمحافظة    ضبط 1200 زجاجة زيت ناقصة الوزن بمركز منفلوط فى أسيوط    طريقة عمل السردين بأكثر من طريقة بمذاق لا يقاوم    مصر ترحب باتفاقات السلام والازدهار بين الكونغو الديمقراطية ورواندا الموقعة في واشنطن    رئيس جامعة القاهرة: نولي اهتمامًا بالغًا بتمكين أبنائنا من ذوي الإعاقة    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    الليلة، سحب قرعة كأس العالم 2026 بمشاركة 48 منتخبا لأول مرة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر هي البلد الوحيد الذي ذكر اسمه في القرآن
دراسة: المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- حلقة (6)
نشر في الشعب يوم 23 - 09 - 2017

كل من مكة والمدينة ومصر ذكر 4 مرات
المشروع الايراني يسبق التركي في الزحف على المستطيل
والمشروع السني يتوارى خلف الأمريكان واسرائيل
(هذه دراسة غير منشورة وغير مكتملة بعد لمجدي حسين رئيس حزب الاستقلال ورئيس تحرير جريدة الشعب الذي يقبع الآن مغيبا خلف أسوار السجون بأحكام ظالمة وغير دستورية.. لقد تم ترتيب الجزء المكتوب من الدراسة في حلقات وسننشر تباعا الحلقات الموجودة لدينا لحين خروجه من محبسه وإكمال عطائه الفكري والسياسي والذي نأمل أن يكون قريبا بإذن الله..)

لم يتبق لنا لاستكمال طبوغرافية (تضاريس) القرآن إلا النظرة إلى الأوزان النسبية لتكرار البلد، كمؤشر على أهميته داخل المستطيل القرآني (ونذكر دائما أنه القسم الآسيوي من الوطن العربي + مصر) والذي حددناه وفقاً لما ذكر في القرآن صراحة من مواقع جغرافية. فحتى داخل المستطيل القرآني وهو ليس كبيراً من حيث المساحة: فالمسافة بين مكة والعراق 1200 ك.م وبين مكة واليمن 1200 ك.م، ومكة ومصر 1200 ك.م كأضلاع مثلث متساوية. المسافة الكلية للمستطيل ليست كبيرة ومع ذلك فإن الأوزان النسبية للأهمية ليست متساوية.
سنجد أن المواقع الجغرافية للجزيرة العربية تكررت في القرآن الكريم 37 مرة، ومصر 17 مرة، والشام 12 مرة واليمن مرتان، والعراق مرة واحدة (بابل).
ونلاحظ هنا بلا خلاف أن مواقع الجزيرة العربية تركزت حول الكعبة والمدينة وشعائر الحج، وستظل لها دائما الأولوية القصوى، فهي العاصمة الروحية (مكة) لأمة الاسلام، أم القرى وما حولها.
ولكن تاريخ 14 قرن برهن أنها لم تكن مركزاً للقيادة السياسية الشاملة للأمة إلا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين (كان ذلك في المدينة) بل لقد انتقل الخليفة الأخير (علي بن أبي طالب) إلى العراق لأسباب تاريخية معروفة ومن يومها لم تعد القيادة أبداً لمكة أو المدينة إلا خلال محاولة عبد الله بن الزبير التي لم تستقر وظلت القيادة متنقلة بين دمشق وبغداد ثم القاهرة حتى انتهت في استانبول، وانتهت هناك.
وبعد ذلك تأتي مصر في الترتيب القرآني من حيث عدد تردد اسمها ومواقعها (17 مرة) وهذا دلالة على أهميتها الخاصة، بالاضافة إلى ان ذلك لا يدخل فيه احصاء الآيات التي تناولت أو جرت أحداثها على أرض مصر، ولنلحظ أن قصة موسى وفرعون شكلت 1:14 من القرآن الكريم وسنعود لمصر.
أما الشام (12 مرة) فهي في المرتبة الثالثة ولكن:
خلاصة قانون التاريخ وقراءة المستقبل فإن المعركة الفاصلة ستجري على أرض الشام وستحسم فيها، وأن مصر سيكون لها دور القيادة في هذه المعارك.
التاريخ الذي سنستعرضه بإذن الله ينطق بذلك بدقة، والتنبؤات القرآنية تدور حول هذا (سورة الاسراء) ولابد أن نشير سريعاً إلى أن انتقال القيادة الاسلامية لأول مرة خارج المستطيل في استانبول ألا يكسر ذلك فكرة ونظرية المستطيل القرآني الذي يقود العالم الاسلامي وربما العالم بأسره.
بالعكس، فإذا ظن المسلمون داخل المستطيل انهم القادة وانهم مركز العالم وانهم سيظلون كذلك حتى وان لم يعملوا بجد وصلاح وتقوى فهم واهمون فالله عز وجل لا يحابي أحدا، والسنن الالهية تعمل بدون أي محاباة أو تحيز. (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم).
لقد كانت القاهرة عاصمة الخلافة تحت حكم المماليك فعليا مع وجود الخلافة العباسية فيها أيضا منذ سقوطها في بغداد 1258 م ولكنه كان وجوداً شكليا.
وعندما تدهورت أحوال المماليك إلى ما هو معروف عنها، جاء العثمانيون وضموا المستطيل القرآني (بضربة سريعة ساحقة) لدولة الخلافة في استانبول فضموا الشام وضموا مصر 1517 وأعلن أمير مكة مبايعة العثمانيين، وكذلك ضموا العراق واليمن فيما بعد. ولكن النقطة التي تهمنا هنا أن الدولة العثمانية لم تصبح دولة الخلافة الاسلامية إلا بهذا الضم لمصر وللمستطيل القرآني وظلت هكذا من 1517 حتى الحرب العالمية الأولى 1914- 1919- وسقوط الخلافة ثم أيضا في المستطيل القرآني في الشام (بعد احتلال مصر 1882).
اذن من يريد أن يحكم العالم الاسلامي أو العالم بأسره لابد أن يسيطر على المستطيل (الشرق الأوسط)، اذن ليس من المهم أن تكون مولودا أصليا في هذا المكان لأنك إذا كنت خائبا سيأتي صديق مسلم أو غريب ويأخذ المكان منك، فمن الترف أن يترك هذا المكان المحوري للأغبياء.
إذن سنكتشف معاً إننا لا ندعو إلى عصبية قبلية شرق أوسطية أو عربية، ولكننا ندعو للقيام بدورنا لأننا ولدنا في هذا المكان الخطير الاستراتيجي المحوري، فإما أن نعمل منه لإقامة دولة عظمى أخرى وإلا ستأخذ المكان منا دولة عظمى أخرى وهذا ما حدث على مدار أكثر من 4 آلاف سنة بشكل دقيق جداً دقة الساعة كما سنوضح ان شاء الله.
العراق- اليمن:
ورد ذكر اليمن (مرتان) في القرآن (سبأ)، لا شك أن اليمن أقل أهمية في القيادة بحكم موقعه الجغرافي المتطرف البعيد في أقصى الجزيرة ولكن الحاكم الاسلامي الأريب هو الذي يعرف كيف يستفيد من حكم اليمن، خزان الأمة الصافي الذي صدر المجاهدين لنشر الاسلام من أذربيجان (وسط آسيا) حتى الأندلس. واليمن خزان الأمة الصافي الذي صدر الكثير من القبائل العربية المعروفة. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الايمان يمان.. والحكمة يمانية).
ولنتذكر جيداً أن اليمن هو البلد الذي دخل الاسلام بدون قتال. وتحدث القرآن عنه كمركز حضاري قديم، والآثار الراهنة تشهد على ذلك.
العراق ذكر في القرآن مرة واحدة (بابل) وربما مرتان (الجودى)، العراق بلد مهم وسيظل كذلك وفيه اعرق الحضارات بالتوازي مع مصر. ولكن عبر التاريخ الاسلامي فإن حكم بغداد للخلافة الاسلامية كان قصيرا، في الجزء الأول من الحكم العباسي ولكن معظم ما يسمى الخلافة العباسية كان الحكم شكليا في بغداد بينما كان فعليا في يد دول أخرى كالسلاجقة وأخيرا في يد المماليك بالقاهرة حيث انتقل الخليفة فعلا إلى القاهرة بعد سقوط بغداد.
العراق لديه مشكلة في القيادة عبر التاريخ لأنه بلد غير مستقر بسبب الصراعات الداخلية أو بالتأثيرات الخارجية، وهذا ليس موضوعنا الآن.
وكما ذكرنا فان الأصلح للقيادة سيقود في النهاية سواء أكان من العراق أو مصر أو استانبول ولكننا نتحدث عن الفرص الكبرى، وهي تعني مسئوليات أكبر وأكثر خطورة، وليس من أجل التفاخر، ان مصر هي المرشحة الأكبر للقيادة في المنطقة ولكن بالالتزام الاسلامي السليم، وليس لمجرد أنها مصر. ولا نعني احتكار مصر للقيادة أي المصريين، فالقيادة الحكيمة تشرك معها آخرين لضمان نجاح مشروع إعادة الحضارة الاسلامية سيرتها الأولى.
المستطيل الآن بين تركيا وإيران:
قبل أن نشرح أهمية مصر في القرآن الكريم وفي الواقع. وبما أننا أشرنا إلى انتقال قيادة العالم الاسلامي من المستطيل (القاهرة) إلى استانبول عام 1517. لابد ان يطرأ على الذهن ما يجري الآن من مشروعين: تركي- ايراني يزحفان على المستطيل أيضا. ونحن نخرج مؤقتا على تسلسل الدراسة، لأننا لم ننته بعد من نقطة اخيرة في عرض النظرية وهي: تلمس حكمة الله في اختيار هذا الموقع المتوسط ليكون مكان قيادة العالم. بالاضافة لاستعراض تاريخي يوضح كيف دار تاريخ العالم فعلا حول محور هذه الساحة (الشرق الأوسط) كمؤشرات أو عقارب الساعة.
ولكن لا يمكن تأجيل ما يشغل الأذهان حول الصراعات الطاحنة داخل المستطيل. فلنتحدث في هذه النقطة قليلاً ثم نعود إليها بتوسع أكبر في نهاية الدراسة.
كما ترون فإن الشرق الأوسط في المرحلة الأخيرة خضع لصراع دام أيضا بين القوتين الأكبر في الاقليم (مصر- اسرائيل) وترافق مع صراع دام أيضا وان سمي بارد بين الاتحاد السوفيتي وامريكا.
والآن الاتحاد الروسي وامريكا على نفس الاقليم. ومنذ خروج التحالف الثنائي اللدود انجلترا وفرنسا من السيطرة على وتقسيم الشرق الأوسط. لم تتمكن أمريكا ولا الاتحاد السوفيتي (أو روسيا) من السيطرة الكاملة على المستطيل، حيث يتم تبادل المواقع هنا وهناك وهذا سبب التطاحن والزلازل الرهيبة التي تعتمل في الشرق الأوسط، وحيث لم يحسم الصراع بعد. ولم يتم تقسيم النفوذ بصورة مستقرة.
وبسبب ضعف المراكز الأساسية في المستطيل الشرق الأوسط (أستخدم مصطلح الشرق الأوسط لأنه قريب إلى الأذن وإن كان مصطلحا غربيا بالأساس). وهي بغداد- دمشق- القاهرة فإن القوتين البازغتين بالجوار لابد أن يتمددوا في الاقليم ، وهذا قانون طبيعي لا مراء فيه، والقوة الأكبر تتمدد على القوى الأضعف بطريقة الأواني المستطرقة. فمنذ قيام الثورة الايرانية وبزوغ القوة الواضحة للجمهورية الايرانية فإن العالم السني داخل المستطيل وخارجه يعيش حالة من الاضطراب.
(1) فلا هو يسلم بالقيادة لإيران بما لها من قوة عسكرية وصناعية وتكنولوجية وبالأساس بما لها من قدرة استقلالية والاستقلال هو أساس القوة، وبما دعت إليه من القضاء على اسرائيل وطرد النفوذ الأمريكي، لا يسلم بالقيادة بسبب الخلاف المذهبي والقومي (شيعة وفرس).
(2) ولا يقوم- العالم السني- بإبراز مشروع اسلامي متمايز ومنافس للمشروع الايراني، وهذا هو رد الفعل الطبيعي، وحيث يؤدي التنافس إلى تقوية أواصر الأمة وفي نفس الوقت يؤدي إلى علاقات متوازنة وصحية بدون تشنج طائفي وقد يؤدي إلى تقسيم مناطق النفوذ بصورة تعايش هادئ ولكن في اتجاه إبعاد القوى الخارجية التي تريد التسلط على الاقليم.
(3) ولكن حكام السنة في الاقليم اختاروا طريق الالتحاق بأعداء الأمة (أمريكا- اسرائيل) لضرب المشروع الايراني. وهذا طريق لا يؤدي في النهاية إذا نجح إلا إلى تسليم (المستطيل القرآني) للتحالف الأمريكي- الاسرائيلي، لأن السنة أصبحت قوتهم هي في اعتمادهم على الأعداء!! فلم يعد بإمكانهم أن يكون لهم مشروعهم الخاص.
مشروع أردوجان:
ونفس المشكلة تتكرر مع تركيا، فقد نهضت بدورها نهضة كبيرة وأصبحت في مصاف الدول المتقدمة (من الدرجة الثانية)، وكان ذلك بمساعدة أمريكا والغرب وتشجيعهما على أمل نشر نموذج اسلامي معتدل (من وجهة نظرهم) وصديق للغرب واسرائيل. ولكن أردوجان بدأ يعمل لحسابه الخاص وبحسابات تركية محضة وهذا ما وسع الهوة بينه وبين امريكا والغرب من ناحية ، وبينه وبين دول الاقليم (المستطيل) من ناحية أخرى.
ومشروع أردوجان- وان سمي نفسه العثمانية الجديدة- ليس مستقيما بما يكفي كي ينجح فالمشروعات الحضارية الكبرى لا تنجح بدون وضوح بل وصرامة في الوضوح لتحشد الأمة خلفها. فقلب خطته من (صفر مشاكل) والتي حققت انجازات كبرى بالعلاقات الطيبة مع ايران وسوريا والعراق وأرمينيا واليونان وكردستان العراق...الخ (يبدو أن هذه كانت خطة أوغلو الذي استبعده أردوجان) فانقلبت هذه الخطة إلى سلسلة من المشاكل مع الجميع إضافة إلى مصر. وظهر من توجهه انه مشروع تركي وليس اسلاميا وانه يستدعي الخطاب الاسلامي من حين لآخر حسب الاحتياج.
بل ويتخذ بعض القرارات الداخلية المحدودة ذات طابع اسلامي كأمور متعلقة بالحجاب والزي...الخ ولكن هذا لا يكفي كي تشعر الأمة الاسلامية داخل المستطيل وخارجه أن تركيا بدأت تتزعم العالم الاسلامي. وبالتالي فإن كل مكاسب تركيا التجارية والاقتصادية والدبلوماسية في المستطيل تقلصت، وتركيا لم تعد مرشحة لتزحف بسلطانها الأدبي والمادي في المنطقة. بالاضافة إلى أن تركيا تعتمد على دول الخليج وهذا يدخلها في تحالفات مع دول تابعة لأمريكا، ومشغولة بحشد الطاقات ضد ايران.
ان كثرة تقلبات أردوجان واتخاذه القرار وعكسه في مدة قصيرة أضعف مواقفه في السباق. وأصبح مشروع ايران الذي لا يتقلب ولا يتغير هو الأكثر قوة في التمدد داخل المستطيل. وفي المقابل فإن الدول السنية الكبرى والصغرى تنتظم خلف الموقف الأمريكي في مشروع مشترك لمحاربة إيران.
وسيظل الشرق الوسط في هذه الدوامة طالما ظلت القيادة المصرية المستقلة غائبة، وسيظل الصراع يتمحور بين الحلف الايراني المتعاون مع روسيا – والحلف الأمريكي- الاسرائيلي.
مصر في القرآن الكريم:
هذه مسألة بالغة الأهمية.. نحن نتحدث عن كتاب محكم أنزله الله عز وجل خالق الكون والمؤمنون يؤمنون بذلك ويسلمون به. فلا توجد كلمة ولا يوجد حرف في غير موضعه، وهذا من أهمية حفظ الله للقرآن الكريم. فهو الدستور الذي لا يختلف عليه حتى يوم الدين. طبعا قد يختلف في تفسيره ولكن من خلال العلماء الموثوقين، وليس من خلال عابري السبيل من المثقفين أو الذين يدعون الثقافة.
ولذلك فإن تكرار موضوع أو معنى عدة مرات في القرآن لابد أن يكون له مغزى...الخ
في موضوعنا هذا، فان القرآن لم يذكر اسم بلد يستخدمه الناس (أي الاسم) حتى الآن سوى مصر.
وكل ما ذكرناه من مواقع جغرافية كانت لمدن أو مواقع أو بلاد بأسمائها القديمة غير المستخدمة الآن (بابل- سبأ) أو بالاستنتاج المؤكد (كما ذكرنا عن الشام وفلسطين واستخدام تعبير الأرض التي باركنا حولها). إذن لا يوجد بلد مذكور اسمه الحالي في القرآن سوى مصر.
وأغلب الاسلاميين لا يحبون الحديث في هذا الموضوع خشية السقوط في نعرة وطنية أو قومية. بل على العكس عندما يتعرضون لمتاعب يقولون أن مصر ملعونة في القرآن فلا توجد سجون إلا في مصر. ومصر هي التي حبست سيدنا يوسف!! الخ
في المقابل فإن الاعلام المصري الرسمي يستخدم هذه الحقيقة القرآنية ولكن في سياق استعلاء مصري وتعميق النعرة الوطنية والقومية في مواجهة باقي العرب خاصة عندما تحدث خلافات وما أكثر ما يحدث ذلك.
ان استخدام الاعلام لمعنى أن مصر هي التي ذكرت في القرآن يجب ألا يغيظ الاسلاميين ولكن المطلوب هو وضع هذه الحقيقة في إطارها الصحيح، فهي إشارة لدور تاريخي ومسئولية خطيرة، وليست مسألة تفاخر لن ينفعنا في الدنيا ولا الآخرة.
وهنا أهمية العودة للأحاديث التي ذكرناها عن مصر في الفصل السابق، وانها في رباط إلى يوم الدين.
ويجب أن نفهم ان المصريين لا يرثون دور بني اسرائيل الذين فشلوا في الرسالة التي ابتعثها الله إليهم، لأن الله سبحانه وتعالى نقل هذه المسئولية إلى أمة الاسلام وهي أمة غير عرقية (كبني اسرائيل) فكل من يدخل في الاسلام فهو مقبول من أي عرق وبأي لغة.
وإن خيرية هذه الأمة مرتبطة بدورها (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).
فليس المقصود هنا أي ريادة عقائدية للمصريين، بل هو دور مرتبط بما سماه المفكر الكبير الراحل د.جمال حمدان عبقرية المكان فمصر هي الموقع والموضع والحضارة والتاريخ وهي وحدة متميزة يصعب أن تجد لها مثيلا في العالم وسنقول لماذا؟ (فيما بعد ان شاء الله).
ومصر أيضا ليست عرقاً، بل العكس فمصر أبعد من كل الأمم أن تكون عرقاً، مصر على قارعة الطريق وعلى مفارق طرق العالم، لا تعلم حكاية العرق النقي.
والمصري الأصيل بشخصيته الأصيلة يتراوح بين الزنجية شديدة السواد أو الزرقة إلى البياض الفاتح والشعر الأصفر والعيون الملونة!! وكثير من المصريين لا ينتبهون لهذه الفروق لأنهم تعودوا التعايش معها وكأنها موجودة في باقي الأمم.
وأيضا مصر والمصريون لا تعني الذي ولد في مصر أو من عائلة أصلها من مصر، فكل من استوطن في مصر واندمج مع شعبها يتحول إلى مصري أصيل. حتى وان كان كرديا كصلاح الدين الأيوبي أو من عرق تركي آسيوي مثل قطز وسائر المماليك أو محمد على الألباني وأسرته التي حكمت مصر وأصبحت في النهاية مصرية تماما...الخ
إذن الدور القيادي في الصراع الاقليمي والعالمي وهو دور سياسي عسكري هو الدور الريادي لمصر الذي أشار إليه القرآن بشكل غير مباشر حتى ذكر مصر وحدها دون البلدان. وبشكل مباشر حين قال على لسان يوسف (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) هذه آية لا يمكن أن تكون من خصوصيات القصة، فهذا معنى عام برهن التاريخ على صحته كما سنوضح ان شاء الله.
ولكن نقف في هذا الفصل عند هذه الحقيقة..
مصر ذكرت في القرآن 4 مرات ومكة 4 مرات والمدينة 4 مرات (والحديث متواصل)
لمطالعة الأجزاء السابقة اضغط علي الرابط التالي:-
المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- حلقة (1)
دراسة المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- الحلقة (2)
آدم يمني..نوح عراقي..أيوب مصري..إلياس فلسطيني
نوح عاش في المستطيل.. دلائل قرآنية إضافية
لماذا مصر في رباط إلى يوم الدين؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.