اعتاد النظام العسكري اطلاق الوعود الرنانة ، ليطمس بعضها ببعض ، فيمنح المواطنين بريقًا مزيفًا من الأمل ، يمنحه مزيدًا من الوقت فى سرقة الشعب والقضاء على معارضية بغطاء شعبي ، معتمدًا على أن تراكم المشاكل فوق عاتق المواطنين ينسي بعضه بعضا. وبالرغم من أن جميع وعود النظام "فنكوش" ، حيث أظهرت التطورات عدم صحة الوعود وبالمشاريع التي بدت وهمية ، ألا أنه مستمر في اطلاق الكثير منها ، متعمدًا بذلك استغلال الحالة السيئة التى بات عليها الشعب المصري من غلاء للأسعار وضعف ذات اليد وحاجتهم الماسة إلى أى بارقة أمل ، ليزيد من تضليل الرأى العام ، وكسب تعاطف المزيد ممن غالبهم كبريائهم في الإعتراف بفشل الانقلاب الذي انتزع السلطة من أول هيئات منتخبه بإرادة الشعب المصري ، ووصوله لكرسي الحكم على جثث الأبرياء حتى أطاح بأول رئيس مدني منتخب. فبعد فشل قناة السويس الجديدة ، والعاصمة الإدارية الجديدة ، وجهاز علاج الإيدز "الكفته" ، ومشروع المليون ونصف فدان ، أطلق وزير الموارد المائية والري في حكومة الانقلاب ، الدكتور محمد عبد العاطي ، وعدًا جديدًا ، ليُضاف إلى قائمة طويلة من الوعود الخادعة للشعب. وقال "عبد العاطي" ، أن حكومته نجحت فى تجارب لزراعة القمح مرتين في العام من أجل زيادة الإنتاج ، زاعمًا أن هذه الخطوة تأتي ضمن مجموعة مشروعات لتوفير المياه وإعادة استخدامها والمحافظة عليها من التلوث لتحسين إدارة الموارد المائية ، وأضاف الوزير في ورشة عمل لمشروع تحسين إدارة الموارد المائية الفنكوش الجديد.. زيادة انتاج القمح قال الدكتور "محمد عبد العاطي" ، وزير الموارد المائية والري في حكومة الانقلاب ، من الضروري تطبيق التجربة على كل المحافظات ، مضيفًا: "الفلاحين ناصحين لما بيلاقوا تجربة ناجحة بينفذوها". وبعد تصريح الوزير ، خرج المتحدث باسم وزار ة الري "وليد حقيقي" ليقول إن تجربة زراعة القمح مرتين سنويًا تحدث لأول مرة في مصر على مستوى تجريبي ببعض المراكز البحثية التابعة للوزارة مثل مركز بحوث المياه ، وتم زراعة المحصول وسيظل 3 أشهر في الأرض ، وكمية المياه التي يستهلكها أقل من المعتاد ، على أن يكون حصاد أول دفعة من القمح في شهر يناير من كل عام ، والبدء في زراعة المحصول الثاني في فبراير ، وحصده في أبريل وأوائل مايو. وزعم "حقيقي" ، أن إنتاجية الفدان ستزيد لنحو الضعف ، في نفس الفترة والمدة الزمنية ، مما يساعد على تعظيم المنتج الخارج من وحدة الأرض والمياه التي تستخدم في تلك التجربة ، والوزارة تحاول أن تعزز الاستفادة من وحدة الأراضي والمياه ، وأن مواردنا المائية محدودة واحتياجاتنا تنامية، خاصة في مجال النمو السكاني ، من خلال تعظيم الإنتاجية في وحدة المياه. هناك حلول كثيرة.. هذا دليل الفنكوش ! من ناحيته ، أكد الدكتور "أحمد الخولي" ، رئيس مجلس بحوث الصحراء ، وأمين التنظيم بحزب الاستقلال ، ل"الشعب" أن الأبحاث العليمة تنفي هذا الكلام بشكل قطعي ، مشيرًا إلى أن هناك الكثير من الحلول التى تساعد عن زيادة انتاج القمح ولكن الحكومة تغض النظر عنها ، مدللًا أن هذا غير دليل على عدم جدية المشروع. وأشار "الخولى" إلى أن الدلتا ووادي النيل يزرعون محاصيل كثيره غير استراتيجية بالنسبة لمصر ، مثل العنب في الصعيد وأشجار الموز في الدلتا ، مؤكدًا أنه يمكن الاستغناء عن مساحات واسعه من تلك الأراضي وزرعها بالقمح. ولفت رئيس مجلس بحوث الصحراء ، وأمين التنظيم بحزب الاستقلال ، إلى أن مصر تتمتع بمساحات واسعه من الأراضي التى يمكن زراعتها ، وهناك العديد من الأبحاث والتجارب التى ثبتت بالفعل جدارتها ويمكن الأخذ بها فى عين الاعتبار ، ولكن محاولات التشويق التى يقودها النظام ما هى إلا "شو إعلامي" ، وبالأخص أن النظام يحاول إعادة تدوير فكرة التنمية الزراعيه بعد فشل مشروع المليون ونصف فدان. الدكتور "أحمد عبد العاطي" ، خبير المحاصيل ، أكد في حديثة ل"الشعب" ، أن هذه فكرة صعبة للغاية بسبب أن مصر تعتمد على القمح الربيعي ، والمناخ المصري لا يسمح بزراعة القمح إلا في الفترة الربيعية التى لا تزيد فيها درجة الحرارة عن 25 درجة مئوية. وأشار "عبد العاطي" ، إلى أن مصر زراعيًا وعلميًا ، خارج إطار زراعة القمح ، معتبرًا أن الإنتاج الذي يخرج هو انجاز لابد أن نستغله ونعمل على اتساع الرقعة الزراعية وتنميتها وتنمية قدرة الأرض الإنتاجية. ونفى خبير المحاصيل ، زراعة الأرز الشتوي في مصر ، مؤكدًا أنه يجوز ذلك فى الأطراف الشماليه من العالم كروسيا مثلًا ، لأن البذرة تحتاج إلى معدل حرارة منخفض ، وكذلك الثلوج التى تتراكم على البذرة وغيرها من العوامل التى لا تتوفر في مصر. ومن جانبه ، قال الدكتور "يوسف عطالله" ، خبير وقاية وإنتاج وتغذية المحاصيل في مركز بحوث الصحراء ل"الشعب" ، أن مصر ليس لديها الأمكانيات لمثل هذه التطورات ، معتبرًا أن مثل هذه النقاشات غير مفيدة بالمره وما هي إلا "تضيع للوقت". وأوضح "عطالله" ، أن مصر تفتقر للأمكانيات الحديثة للزراعة ، على الرغم من اتساع الرقعة الصالحة للزراعة ، وتابع: "إعلان وزارة الري بنجاح التجربة وإن صحت ، فليس بالضرورة تعميم التجربة". النظام يحارب المزارعين.. فكيف يطور الزراعة ؟! واستنكر "الشاذلي أمين" عضو أمانة الفلاحين بحزب الاستقلال تجاهل الدولة ومؤسساتها للفلاح المصري ، مؤكدًا أن الأمة المصرية لن تتقدم إلا بتقدم الفلاح الذي قال عنه أنه مضهد منذ عصور طويلة مطالبًا بتقديم كامل الدعم للفلاح مشيرًا إلى أن الفساد أكل كل مقاومات الزراعة فى مصر ودمر أهم المحاصيل التى تعتمد عليها ك"الأرز" و"القمح" و"القطن". من جهته قال "الشحات شتا" أمين مساعد لجنة الفلاحين ب"الاستقلال" ، أن حكومة الانقلاب تتعمد تهجير الفلاح من الأرض الزراعية عن طريق فرض ضرائب باهظة على الفلاحين ، وإرتفاع أسعار الأسمدة بطريقه جنونيه ، بجانب تعمدهم قهر الفلاح المصري وتصغير قيمة الأرض والمحاصيل لديه ، مشيرًا إلى أن حكومة الانقلاب تسعي لاستكمال ما بدأه "يوسف والى" أول من أفسد الزراعة فى مصر لصالح الغرب ، ولإرضاء الكيان الصهيوني ، والولايات المتحدةالأمريكية ، لضمان استعباد الشعب المصري. وتسأئل "شتا" عن كيفية توفير الفلاح لاحتيجاته هو وأسرته فى ظل ارتفاع الأسعار الجنوني فى الأسمدة والمواد البترولية والأعمال الزراعية ، مؤكدًا أنه منذ الانقلاب العسكري في 2013 وهناك تعمد واضح لقهر الفلاح وتدمير الزراعه المصرية ، وهذا ما أكدته الكواراث التى عصفت بالفلاح ولم ينتبه إلها أحد كالحمي القلاعيه وإنخفاض سعر شراء القطن والأرز وغيرها من المحاصيل الزراعية. وشن "شتا" هجومًا حادًا على حكومة الانقلاب بسبب تجاهلها للحلول التى تساعد على الارتقاء بالزراعه المصريه متهمًا أياها بتنفيذ مخطط صهيوني أمريكي للقضاء على الزراعه المصرية لضمان اسعباد الشعب المصري ، موضحًا أن أى دولة تابعه للسيادة الأمريكية ممنوع عليها الاكتفاء الذاتى من القمح ، وهو ما يقوم الانقلاب على تنفيذه. سياسيون يرفضون الترويج ل"فنكوش القمح".. الأمر غير قابل تتنفيذ قال النائب "عامر الحناوي"، عضو لجنة الزراعة بمجلس نواب العسكر، أن تصريحات الوزير عن زراعة القمح مرتين في العام غير صحيحة ، بل تفتقد إلى المصداقية ، معتبرًا أن ذلك غير قابل تتنفيذ ؛ بسبب عدة عوامل بينها عدم تناسب درجات الحرارة لزراعته بما يمنع حصاده بالزراعة في فترة أخرى من العام، ومن الأفضل زراعة المساحات الفارغة بمصر، بدلًا من الحديث عن زراعته مرتين في العام. وعلق الدكتور سرحان سليمان ، خبير الاقتصاد الزراعي ، بأن ما ذكرته وزارة الري عن زراعة القمح مرتين في العام يعد "فلتة" من المسؤولين الغير التخصصين في مجال الزرعة ؛ لأنه لا يوجد في مصر أو العالم أصناف من القمح من الممكن أن يتم زراعتها وحصادها ما بين شهرين إلى شهرين ونصف. وأضاف "سليمان" ، أنه بافتراض زراعة القمح مرتين سيكون على حساب محاصيل أخرى مهمة كالبرسيم ، مما يخفض نسبة زراعته ، ويتسبب في ارتفاع أسعار اللحوم ، باعتبار أن البرسيم يتدخل بشكل كبير في أسعار اللحوم، لأهمينه في تربية المواشي ، فضلًا عن أن عائد البرسيم المادي بالنسبة للمزراع الفلاح أكبر من عائد القمح ، مما يجعل الفلاح يرغب في زراعته ، موضحًا أن زراعة القمح تعتمد على أيضًا على سعر توريده وارتباطه بالتجارة الخارجية. من جانبه ، قال المهندس حمدي عاصم ، رئيس قطاع الخدمات الأسبق بوزارة الزراعة ، أن أفضل ظروف لزراعة القمح في 15 نوفمبر حتى لا يكون نضوج السنبلة في الشتاء ؛ للحصول على انتاجية عالية، أما في حال زراعته في يناير فإن تلك الفترة تقضي على حبوب لقاحه، وبالتالي لن يطرح محصولًا جيدًا. وأضاف عاصم أنه كان من الأفضل التوسع في زراعة القمح بدلًا من زراعته مرتين في العام ، موضحًا أن التوسع في زراعته من الممكن أن يضع سعرًا جيدًا لشرائه من المزراعين يجعلنا نحقق اكتفاءً ذاتيًّا خلال 3 أعوام.