من المعروف أن "الدستور هو أبو القوانين" (على الرغم من أنه دستور أعده الانقلاب حسب ما يريدونه).. بل ويجب على الدول أن تحترم دستورها لتسير نحو خطوات الإصلاح الصحيحة، إلا أن الحال في مصر يختلف تمامًا؛ حيث يتجه برلمان الانقلاب إلى ارتكاب مخالفات دستورية جديدة، حيث ينوي فور عودة جلساته تمرير قرار بتمديد حالة الطوارئ في مناطق عدة في محافظة شمال سيناء، لمدة ثلاثة أشهر جديدة، للمرة التاسعة على التوالي، لتكون هذه المخالفة ال18 لمجلس الانقلاب منذ بدء جلساته في العاشر من يناير الماضي. ومن المقرر أن تعلن حكومة الانقلاب أمام البرلمان اليوم الأحد، عن الأسباب الداعية لتمديد حالة الطوارئ، وفق قرار قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الذي نصّ على حظر التجوال في مناطق بمحافظة شمال سيناء طوال مدة إعلان الطوارئ من السابعة مساء وحتى السادسة من صباح اليوم التالي حتى نهاية يناير 2017.
وهذه ليست المرة الاولى التي يخالف فيها نواب الانقلاب للدستور حيث وافق مسبقًا على تمديد حالة الطوارئ مرتين سابقتين، في إبريل ويوليو الماضيين، إذ نصت المادة 154 منه على أن يكون "إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة، لا تتجاوز ثلاثة أشهر، ولا تُمدد إلا لمدة أخرى مماثلة، بعد موافقة ثلثي عدد أعضاء المجلس". والمثير للسخرية أنه تم تمرير قانون الإرهاب الذي يعطل أحكام الدستور وكذلك العقوبات الذي وصف مخالفة الدستور بانها "جريمة" تفضي إلى عقوبة السجن، وذلك تم عن طريق نواب السيسي أنفسهم الذين يخالفون الدستور ولكن دون أي عقوبة. المعارضة الناعمة.
مخالفة الدستور أمر ليس بجديد على برلمان الانقلاب؛ حيث تم اختيار أعضائه، من قبل دوائر أمنية واستخباراتية، شكّلها قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي لضمان الموالاة، وسط غياب تام للمعارضة باستثناء ما سمي بالمعارضة الناعمة من داخل النظام نفسه، ممثلة في تكتل (25-30)، الذي يضم 15 نائبًا من أصل 595 عضوًا.
مخالفات بالجملة
انتهاك الدستور بدأ مع أولى جلسات برلمان الانقلاب العام الماضي حيث رفض مرتضى منصور أداء اليمين الدستورية، وفق نص المادة 104 من الدستور، وأضاف كلمة "مواد الدستور"، على الرغم من عدم وجودها بالقسم، لأنه يرفض الاعتراف بثورة 25 يناير. اما المخالفة الثانية فكانت في ثاني جلسات نواب الانقلاب، بعد أن قرر علي عبد العال وقف البث المباشر للجلسات، في مخالفة للمادة 120 من الدستور.
وتوالت المخالفات حتى جاء اتفاق الحكومة على قرض صندوق النقد الدولي ليُشكّل انتهاكًا دستوريًا جديدًا، إذ نصّت المادة 127 على أنه "لا يجوز للسلطة التنفيذية الاقتراض، أو الحصول على تمويل، أو الارتباط بمشروع غير مدرج في الموازنة العامة المعتمدة، يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزانة العامة للدولة لمدة مقبلة، إلا بعد موافقة مجلس النواب".
وكان لا بد من أن تسبق موافقة البرلمان توقيع الحكومة على القرض، في حين لم تُرسل الأخيرة الاتفاقية من الأساس إلى البرلمان، على الرغم من مُضيها قدمًا في ترتيبات استلام الدفعة الأولى من القرض، والمحددة بنحو 12 مليار دولار.
ولم تتوقف المخالفات عند ذلك، إذ خالف المجلس المادة 115 من الدستور، حول استمرار دور الانعقاد العادي لمدة تسعة أشهر على الأقل، على أن يفض رئيس الجمهورية دور الانعقاد بعد موافقة المجلس، إذ فض المجلس دور انعقاده الأول نهاية أغسطس، بعد سبعة أشهر وأحد عشر يومًا فقط، من دون إكمال المدة المحددة دستوريًا.