للمرة التاسعة منذ استيلائه على الحكم، فرض قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي حالة الطوارئ على شمال شبه جزيرة سيناء، لتدخل أرض الفيروز عامها الثالث من القيد والحصار وتقييد الحريات فضلاً عن حملات القمع والقتل التي يشنها زبانية الانقلاب بزعم الحرب على الإرهاب. ونشرت الجريدة الرسمية الثلاثاء قرارًا أصدره السيسي بتمديد فترة الطوارئ المفروضة في بعض مناطق محافظة شمال سيناء لمدة ثلاثة شهور جديدة تبدأ في 31 أكتوبر.
من جهته، وصف الناشط الحقوقي أحمد مفرح قرار السيسي بأنه "مهزلة تشريعية جديدة"، لافتًا إلى أن إعلان حالة الطوارئ في منطقة شمال سيناء بهذا القرار تجاوز ال24 شهرًا، منذ إقرارها ب"المخالفة للدستور" في 24 أكتوبر 2014 وحتى الآن.
واستطرد: "قرارات السيسي بإعلان حالة الطوارئ في شمال سيناء فاقدة للمشروعية الدستورية، منذ أن تم انتهاء العمل بها في 25 أبريل 2015 الماضي، لأن أقصى فترة مسموح فيها له بتمديد حالة الطوارئ طبقا للدستور 6 أشهر فقط، إلا أننا فوجئنا بإصداره قرارات جمهورية مختلفة لإعلان حالة الطوارئ مرة أخرى برقم قانون مختلف، التفافًا على الدستور كان آخرها هذا القرار قبل يوم واحد من انعقاد مجلس النواب".
مسخ البرلمان
وبدا جليًا أن "برلمان الدم" الذي شكله العسكر لم يكن إلا مسخًا كرتونيًا لا أساس ولا دور له في الحياة التشريعية بمصر بعد الانقلاب؛ فمن المفترض أن مجلس النواب هو المختص بالتصديق على حالة الطوارئ بعد انعقاده طبقًا للدستور وليس رئيس الجمهورية.
وتنص المادة "154" على أن "يعلن رئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مجلس الوزراء حالة الطوارئ على النحو الذي ينظمه القانون ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه، وإذا حدث الإعلان في غير دور الانعقاد العادي وجبت دعوة المجلس للانعقاد فورًا للعرض عليه.
وفي جميع الأحوال تجب موافقة أغلبية عدد أعضاء المجلس على إعلان حالة الطوارئ ويكون إعلانها لمدة محددة لا تجاوز الثلاثة أشهر، ولا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة بعد موافقة ثلثي عدد أعضاء المجلس، وإذا كان المجلس غير قائم يعرض الأمر على مجلس الوزراء للموافقة على أن يعرض على مجلس النواب الجديد في أول اجتماع له.
أغراض صهيونية
وأشار "مفرح" إلى أن إعلان حالة الطوارئ في شمال سيناء لم يكن الهدف منة حماية المدنيين، وإنما كان لأغراض سياسية لما ظهر بعد ذلك، فالمدنيون وليست الجماعات المسلحة هم أول من عانوا من إعلان حالة الطوارئ، خاصة في التهجير القسري للمدنيين باعتباره أحد التدابير التي نص عليها إعلان الطوارئ بالرغم من مخالفته للدستور المصري الذي يمنع منعا باتا التهجير القسري للسكان ويعتبره في مادته 63 جريمة لا تسقط بالتقادم.
يشار إلى أن المحكمة الدستورية العليا قضت في 2 من يوليو 2013 بعدم دستورية بعض فقرات المادة الثالثة من قانون الطوارئ، وطالبت رئيس الجمهورية بعدم التوسع في استخدام تلك التدابير، وأن تتقيد السلطات بالغاية المحددة طبقا لقانون الطوارئ، وإلا فإن إجراءاتها هذه تصبح مخالفة للدستور.
وتحت مزاعم الإرهاب ومواجهة شبح "تنظيم الدولة"، يحاول السيسي توظيف الأحداث لصالح كيان العدو الصهيوني، وفرض سياسة الأمر الواقع، يأتي ذلك مع استمرار حالة فرض الطوارئ على أهالي سيناء.
وهو ما كشفت عنه إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، وصحيفة معاريف الإسرائيلية، من أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، يحاول مجددا التغطية على مقترح تقدم به رئيس الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، في سبتمبر من العام الماضي، وتضمن إقامة دولة فلسطينية داخل سيناء، مقابل تنازل الفلسطينيين عن حق العودة.
وعاد عباس لاتهام الرئيس المصري محمد مرسي بأنه عرض عليه إقامة دولة فلسطينية في سيناء، وهو ما يتنافى مع ما جاء في تقرير بثته إذاعة الجيش، وقناة التلفزيون الإسرائيلي الثانية، في 8 سبتمبر 2014.