دائمًا تثير السيول فى مصر الأحاديث الوعود بل والكثير من المصروفات أيضًا ،و دائما ماتكون خاسرة دون استفادة من هذه المياه الغزيرة بل يكون لها آثار مدمرة فى الغالب رغم العلم بمعظم الوديان الخطيرة التى يتجمع فيها الماء وتندفع لضرب المنشآت وقطع الطرق وتهديد السيارات والأرواح. وبالرغم من أن المياه التى أغرقت الإسكندرية العام الماضي نتيجة الأمطار الغزيرة ، وتسببت فى "شلل" تام للحياة فى المدينة الساحلية ، دقت ناقوس الخطر ، وأتت تتوعد بالمزيد والمزيد ، ألا أن حكومة الانقلاب لم تتخذ موقفًا حاسمًا ، واعتبرتها سيول ، وما هى إلا أمطار غزيرة فقط. ورغم إعلان حكومة الانقلاب عن استعداتها التام لمواجهة أى سيول تضرب المحافظات خلال فصل الشتاء ، ألا أنها فشلت فى التعامل مع أول موجه باردة تضرب البلاد ، فى الصعيد وسينا على وجه الخصوص. فقد قتلت السيول، التي بدأت منذ الخميس الماضي، نحو 26 شخصًا في عدة محافظات ، وأصيب نحو 72 آخرين ، بالإضافة إلى إتلاف المئات من الأفدنة ، وغرق وانهيار مئات المنازل وتضرر الألاف من المواطنين. غير أن السيول تسببت في قطع الطرق وغمرها بالمياه، وتوقف حركة السير في عدد من الطرق الرئيسية وخاصة في مناطق البحر الأحمر، كما تسببت في إغلاق 4 موانئ. ووصل سوء البنية التحتية إلى مطار الغردقة الدولي، حيث اضطرت إدارة المطار بتحويل حركة الطيران من مبنى الركاب القديم إلى المبنى الجديد ، كما تسببت الأمطار في قطع الكهرباء عن عدة مناطق وخاصة في سيناء، ووصل انقطاع التيارإلى 28 ساعة متواصلة. وكشفت السيول التى ضربت بعض محافظات فى الجمهورية، عن كمية التصدع والفساد الذي أصاب الطرق العامة والكباري خصوصًا بعد فشل الاستعدادات التي أعلنت عنها الحكومة في تقريرها عقب اجتماع مجلس المحافظين في 17 أكتوبر الجاري ، حول الإجراءات والاستعدادات الجارية لتنفيذ خطط مواجهة السيول والأمطار الغزيرة حال حدوثها، ومنها تشكيل لجان على مستوى مختلف المحافظات من مراكز إدارة الأزمات والمياه الجوفية والطرق والكباري ومديريات الخدمات المعنية بالأزمات، وتحديد أعضاء غرف العمليات، وخطط العمل الموضوعة لمواجهة الأزمة حال حدوثها. ونرصد من خلال هذا التقرير ، أزمة السيول كاملة ، وكيف فشلت المؤسسات فى التصدى لهذه الظاهرة الأرصاد أبلغت بالسيول منذ شهر.. والمسؤولين: الأمطار كتير أكد الدكتور "وحيد سعودي"، رئيس هيئة الأرصاد الجوية، إن الهيئة ابلغت مجلس الوزراء والمحافظات المعنية بسوء الأحوال الجوية فيها، عن احتمالية سقوط أمطار غزيرة ورعدية تصل إلى حد السيول، منذ شهر مضى ، موضحًا أن الجهات المعنية لم تأخذ التحذيرات مأخذ الجدية، وهو الأمر الذي يعتبر "مضحكًا" ومؤلمًا في نفس الوقت. وعليه ، فإن تساقط السيول لم يكن بالأمر المفاجئ فى مصر، فمن المعتاد أن تشهد مصر أمطارًا غزيرة في هذه الفترة من العام تصل إلى درجة السيول. وبعد مقتل نحو 5 أشخاص على الأقل صعقًا بالكهرباء العام الماضي في موجة الطقس السيئ الذي ضرب البلاد، تحدثت حكومة الانقلاب آنذاك عن خطة شاملة لمواجهة تلك الكارثة الطبيعية ، وأعلن عبدالفتاح السيسي - آنذاك- تخصيص ملياري جنيه من صندوق تحيا مصر لصالح مشروعات عاجلة لحل مشكلة مياه الأمطار ، ولكن لم يأتى بجديد حتى الآن. من جانبه، أكد الدكتور "وحيد سعودي"، المتحدث باسم هيئة الأرصاد الجوية، أن ما حدث إهمال شديد وخطير للغاية ، مشددًا على أنه الجهات الرسمية والمعنية والتنفيذية أبلغت من خلال النشرات الجوية، منذ شهر، وقبل حدوث السيول ب3 أيام، بسقوط أمطار غزيرة في مناطق عدة تؤدي إلى السيول. وأعرب "سعودى" عن استيائه بسبب إهمال المسؤولين فى تنبؤات الأرصاد الجوية، وعدم توخي الحذر من الأخطار التي تحذر منها ، مما يعرض حياة المواطنيين للخطر الشديد الذي يصل إلى الموت. وبالرغم من أن هيئة الطرق والكباري التابعة لوزارة النقل فب حكومة الانقلاب، أعلنت أن الطرق التابعة للهيئة مصممة بميول هندسية بحيث لا تقوم بتجميع المياه عليها ويتم تصريفها تلقائيا على جانبى الطريق ، لكن اللواء عادل ترك، رئيس هيئة الطرق والكباري، زعم أن المياه كانت غير متوقعة كما أن معدل الأمطار كان كثيرًا، منوهًا بتشكيل 16 مجموعة فورية للتغلب على أخطار السيول، واستعادة كفاءة الطرق التي أصابتها السيول في عدة مناطق، وخاصة في المناطق المتوقع تكرار الأمر فيها. خطر السيول.. فنكوش ظاهرة السيول من الظواهر التي تحتاج إلى تضافر الجهود لمواجهتها ليس فقط للإقلال من مخاطرها وإنما أيضًا لكيفية الاستفادة من مياهها، وإننا لا نعتبر السيول من الكوارث إلا إذا لم نستطع أن نتغلب عليها وترويضها و تخفيف آثارها المدمرة، وبالتالي تكون فوائدها أكثر بكثير من أضرارها، والوديان موجودة في مصر منذ ملايين السنين وسوف تحدث سيول أخرى مرات و مرات فيجب أن نتعايش معها كما تتعايش اليابان مثلا مع الزلازل ، مع حفظ فارق المخاطر بين السيول التى لا نستطيع التغلب عليها وبين الزلازل التى تروضها اليابان. أما عن الاستفادة من مياه السيول فإن الماء المخزون سواء في وديان الصخور البلورية أو الرسوبية المسامية أو تكوينات الصخورالمسامية يعتبر خيرًا ونعمة إذا ما أحسن استغلاله ودرست مصادرها دراسة وافية وصولًا للاستخدام الأمثل لهذا المخزون، أما المياه التي تجري و تسيل مكونة السيول بأشكالها فإنه يمكن الاستفادة بمياهها إذا ما درست طبيعة الوديان التي تسير فيها و أقيمت عليها مثلا الخزانات أو السدود لحجز هذه المياه. و قد يؤدى إقامة بعض الأنواع من المشروعات إلى نتائج اقتصادية إيجابية مثل خلق فرص عمل جديدة في هذه المناطق، وزيادة الإنتاج، و كذلك فإن هذه المشروعات تعد أداة مهمة من أدوات الدفع التنموي والتي تعمل على تنشيط العملية الاقتصادية في هذه المناطق بعيدًا عن مناطق التركز التقليدية، وقد يكون ذلك في إضافة مشروعات جديدة في مواقع جديدة أو التوسع في مشروعات قائمة. وفى كلتا الحالتين فإن إقرار مثل هذه المشروعات يؤثر على هيكل ونمط الدخل الإقليمي سواء كان ذلك بالنسبة لزيادة الدخل أو توزيعه، ويؤثر ذلك في العديد من النواحي مثل الناحية البيئية سواء كان مفهوم البيئية حماية المناطق أو الاستفادة من كميات المياة المصاحبة للسيول، و كذلك النواحي الاجتماعية بسبب تغيير الهيكل الاجتماعي وخلق علاقات وروابط اجتماعية جديدة، و أيضا النواحي الثقافية من خلال وجود علاقات إنتاجية جديدة قد تعمل على زيادة دخول الأفراد وزيادة نسبة التعليم. جاءت الرياح بما لا يشتهي "السيسي"!! جاء الرد الحكومي الرسمي على هذه الاتهامات بالتقصير عندما أكد رئيس وزراء الانقلاب ، شريف إسماعيل، أمس السبت، أن ما حدث في محافظة البحر الأحمر نتيجة السيول والأمطار التي تعرضت لها البلاد سيدفع الحكومة لإعادة حساباتها فيما يتعلق بالاستعداد لمثل تلك الأحداث. ومن المعروف أن الإنذار المبكر للسيل من الجهات المتخصصة في التنبؤات الجوية سواء كانت الأرصاد أو الاستشعار عن بُعد في وزارة الري يعد من المراحل الأساسية لتقليل الآثار الناجمة عن السيل، فلماذا فشلت الحكومة في أمر متوقع؟. الواقع يؤكد فشل حكومة الانقلاب فى التعامل مع الأمر ، بل أيضًا كشف أكد اللواء رضا فرحات، محافظ الانقلاب بالإسكندرية ، عن فشل البيئة التحتية لمدينة الأسكندرية مما يعرضها لمخاطر مضاعفه عن العام السابق ، فاضحًا قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي وعصابته برئاسة شريف إسماعيل ، حينما أعلن أمام الجميع على شاشات التلفاز تخصيص ملياري جنيه لإصلاح البنية التحتيه فى المدينة. وقال اللواء رضا فرحات، محافظ الانقلاب بالإسكندرية ، أنه رغم كل الاستعدادات والاحتياطات التي أعدتها المحافظات فإنها لن تمنع من حدوث الكارثة ، مضيفًأ: "جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن" ، مشيرًا إلى أن السيول خير من الله ، كذلك غرق المدن "من حكمة ربنا".