بداية يشرح الدكتور حسين زهدي، كبير خبراء الأرصاد الجوية، السيول بأنها عبارة عن أمطار غزيرة تحدث في المناطق الجبلية، نتيجة دخول هواء بارد علي منطقة جبلية ساخنة، ويحدث ذلك في منطقة جنوبسيناء علي سلسلة جبال سانت كاترين وسلاسل جبال البحر الأحمر في الصعيد.. مضيفاً أن المطر الكثيف يحمل معه كل ما يصادفه من أحجار أو مواد صلبة موجودة علي سطح الجبل فيسبب ذلك دمارا شديدا عند القري التي توجد في الأسفل عند سفح الجبل ويقتلع الطرق والمنشآت.. ويري أنه يجب أن نتماشي مع الطبيعة ولانقاومها، مشيراً إلي تشييد الطرق بدون مراعاة حدوث مثل هذه الظاهرة مما يتسبب معه كل مرة كوارث وإتلاف هذه الطرق، فيجب عمل أنفاق في مخرات السيول أسفل الطرق فتمنع جرف الطريق بالماء وتمر من الناحية الأخري. ويقول الدكتور محمد محمود عيسي، رئيس هيئة الأرصاد الجوية السابق، أن فصل الخريف هو موسم السيول الرئيسي في مصر، ويليه فصل الربيع، وتكشف لنا الأقمار الصناعية وخرائط الطقس قبلها بفترة بإبلاغ الجهات المعنية والمسئولة بالأماكن المتوقعة التي ستتعرض للسيول، لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وقبل وقوع السيل بحوالي 3 ساعات - بعد دراسة بيانات الأقمار الصناعية بدقة - يتم إبلاغ المسئولين عن وقوع سيول قريبة بالمنطقة التي تم تحديدها لاتخاذ الإجراءات السريعة اللازمة لحماية الأرواح والمنشآت. ويعدد الدكتور مغاوري شحاتة، عالم مصادر المياه والباحث في مجال السيول، المناطق المشهورة بالسيول وهي أحواض الصرف والوديان علي امتداد ساحل البحر الأحمر، ومناطق استقبال الأمطار لهضبة الصحراء الشرقية الموازية لوادي النيل، ومناطق أحواض الصرف والوديان في سيناء، وعلي الساحل الشمالي الغربي ويبلغ حصاد الأمطار من الساحل نحو مليار متر مكعب فقط حيث يذهب للبحر نحو 01 مليارات متر مكعب، وجزء يتسرب للخزان الجوفي المتواضع. وتعد منطقة البحر الأحمر أهم مناطق استقبال السيول، حسب كلام عالم مصادر المياه، حيث يصل حجمها 2 مليار متر مكعب، ويختلف بعدها عن الشاطئ من عشرات الأمتار إلي بضعة كيلومترات، وتمثل السهل الساحلي وهو محدود للغاية، وسلاسل الجبال مكونة من صخور القاعدة الجرانيتية والبازلتية الصلبة، وشكلت الأمطار علي مدي التاريخ مجاري طبيعية لها، لتكون في النهاية حوض الصرف، وتختلف أشكالها وكثافتها وأطوالها وشدة الانحدار. ويواصل: تشكل الوديان في اتجاه البحر منطقة مستوية فتستهوي البعض في إقامة منشآت وللأسف تكون في مجري الوادي مخر سيول، ورغم أن الجميع يعرفون أنه مخر سيل يقومون بالبناء فيه، وتم عمل بعض المشروعات للاستفادة من مياه السيول وتقليل مخاطرها من ناحية البحر الأحمر، أما ناحية النيل فأقل خطورة. وفي سيناء تتعرض عدة مناطق للسيول سواء في الجنوب والوسط أو الشمال في العريش، وكثير من السيول يمكن ترويضها لكن بالأخذ بالأسباب العلمية وتعاون الوزارات والهيئات المعنية، فللأسف عند حدوث السيول نفاجأ بعدم تطهير مجراها رغم العديد من التصريحات من المسئولين. وماضي السيول مع محافظة قنا مليء بالخسائر، حيث تعرضت مدن بالكامل إلي الدمار وذلك في أعوام (1954، 9791، 3891، 4991، 6991) ومازالت تنتظر العديد من المناطق التي تقع في مناطق الأحزمة الزلزالية ومخرات السيول.. الانهيار، فيقول الدكتور مصطفي محمود، استشاري العلوم البيئية والجيولوجية، إن هناك 29 حوضا أو مخر سيول بقنا تمثل درجات خطورة متفاوتة، ومن أشدها وادي قنا الذي يمتد علي مسافة 35 كيلو مترا وعرض من 20 إلي 30 كيلو مترا، مضيفاً أن هناك العديد من المشروعات تم تنفيذها في مناطق مخرات سيول وعلي رأسها مدينة قنا الجديدة والتي تم إنشاؤها في موقع خاطئ منذ البداية، كما أن الاحتياطات التي قام بها جهاز المدينة لن تجدي في شيء؛ لأنها تمت بدون دراسة علمية للمكان أو الخطورة التي يمثلها. ويستكمل استشاري العلوم البيئية والجيولوجية أن جهاز المدينة قام بإنشاء طريق أسفلتي فوق ترعة سيول وادي قنا وتم إغلاقها بسد ترابي، مما يمثل خطورة بالغة، ففي حالة نزول مياه السيول من وادي قنا سوف تغير مجراها وتقوم بتدمير المنشآت الموجودة بالمنطقة، مشدداً علي ضرورة قطع طريق قناسوهاجالغردقة في منطقة وادي قنا، وإصلاحه بعمل كوبري معدني قطعة واحدة؛ لتصريف مياه السيول، حتي تمر إلي ترعة السيول التي تم إنشاؤها عام 1955 - لتفادي أو التقليل من المخاطر. 651 عدد مخرات السيول في محافظات مصر، تعاني من إهمال الحكومة والمواطنين، فالأولي تتراخي في صيانتها وإعدادها مع بدء فصل الشتاء، والمواطنون الذين يقومون ببناء المنازل فوقها، مما يجعلهم أكثر عرضة للخطر . فتنهار منازلهم، وفي بعض المناطق تغرق السيارات، وتتساقط أعمدة الكهرباء، وتتوقف حركة الحياة نسبيا لتراكم المياه في الشوارع، ولاشك أن الاحتياطات، والاستعدادات لاتواجه هذه المخاطر، ولا تمنع حدوثها، وإنما يمكن التقليل والتخفيف من حدتها، وآثارها التي قد تكون مدمرة في بعض الأحيان. ففي بعض المحافظات، يعيش سكان المناطق التي تجاور مخرات السيول حالة من الفزع انتظارا للكوارث الوخيمة التي تعقب الأمطار الكثيفة، فهناك مخرات سدتها القمامة من مداخلها ومخارجها كما في مخرات محافظة حلوان بمناطق (حدائق حلوان والمعصرة وطرة ووادي حوف وكوتسيكا وكفر العلو)، مما يهدد بتلوث مياه النيل بمئات الأطنان من القمامة والحيوانات النافقة في حال جرفتها السيول إلي نهر النيل، فهذه المخرات يبدأ مجراها من الجبل، وتصب في النهر مما تسبب في زيادة مخاوف المواطنين من حدوث كارثة سيول نيلية مقبلة إذا ما فاض النيل وزادت معدلات الأمطار علي المنطقة. ويشدد الدكتور يحيي القزاز، أستاذ الجيولوجيا، علي ضرورة تحذير المواطنين من إقامة المباني في مجري أي مخرات السيول حتي لا تحدث الكوارث مثلما حدث في محافظات أسوانوسيناء والبحر الأحمر، والمناطق المقامة في مجري مخرات السيول مثل منطقة زهراء المعادي التي تم بناؤها في وادي دجلة بالقرب من منطقة شق الثعبان إلي جانب مناطق شرق القاهرة، خاصة المدن الجديدة ومناطق وادي حوف والمعصرة هذه كلها تحت تهديد السيول. ويستطرد أستاذ الجيولوجيا إن لم تكن مخرات السيول تعمل بكفاءة كاملة، ويجري صيانتها دورياً، في فصول الشتاء وهنا يجب الاستعانة بالدراسات العلمية الموثقة للاستفادة بمياه السيول في مناطق مثل أسوانوسيناءوالقاهرة، وكذلك الاهتمام بالمناطق الجديدة مثل مناطق القاهرة الجديدة ومدينة الشروق ومدينة العبور والعمل علي حمايتها من سيول غير متوقعة.