إن رؤية حزب الاستقلال من مسألة الدعم، والتي قد صدرت في ( كتاب الرؤية الإسلامية لحزب العمل "الاستقلال حالياً" )، والمطبوع في مارس عام 2011. والتي جاء فيها: "نحن نتناول هنا المبادىء العامة الموجهة فى تناول مسألة الدعم, أى دعم الدولة لبعض السلع والخدمات الضرورية ضمانا لتحقيق العدالة الاجتماعية, أو حفزاً لبعض الأنشطة الاقتصادية, أو دفعاً للاقتصاد فى اتجاه معين، والدعم أحد أدوات الدولة فى التدخل فى العملية الاقتصادية للصالح العام, وبالتالى فإن سياسة الدعم تختلف من مرحلة لأخرى ومن بلد لآخر، ومن قطاع لآخر، وما يكون صالحاً لمصر فى عام 2000 قد لا يكون مناسبا لعام 2010 وهكذا. ولكننا نتناول القضية من زاوية اللغط الذى تثيره الحكومة المصرية بين آن وآخر حول مسألة رفع الدعم لأن حجمه المالى فى ازدياد مستمر, فقد وصل مؤخراً لقرابة مائة مليار جنيه سنويا, وهو ما يؤدى من الناحية الظاهرية إلى عجز فى الموازنة العامة. ورفع الدعم أحد محاور روشتة صندوق النقد الدولى فى إطار التخفيف المستمر لدور الدولة فى الاقتصاد. وقد أدت الضغوط فى هذا المجال على مدار العقدين الماضيين إلى رفع مستمر وتدريجى للدعم، وهو ما أدى إلى ارتفاع مستمر فى أسعار السلع والخدمات الضرورية، وهذا هو السبب وراء ارتفاع أسعار المياه والكهرباء والنقل العام بما لا يتوازى مع دخول المواطنين، كما أدى إلى الارتفاع المستمر فى أسعار الخبز والوقود والدواء والخدمات التى من المفترض أن تكون مجانية وفقا للدستور (التعليم والصحة). ويبدو رقم الدعم كبيراً بسبب النمو السلحفائى للاقتصاد, فالمشكلة الكبرى فى الحجم الكلى المتدنى للاقتصاد, وليس فى حجم الدعم. وأيضاً المشكلة فى انعكاس فشل التنمية الاقتصادية مع عدم العدالة فى التوزيع, على انخفاض دخول معظم المصريين بما لا يسمح بالاستغناء عن الدعم. ومسألة الدعم مؤشر بالغ الأهمية على الازدواجية المعيبة التى يتبعها الغرب معنا، نحن وكل دول الجنوب، كما فى مسألة الخصخصة، فهو يدفعنا لرفع الدعم حتى تكون الأسعار متوافقة مع واقع التكلفة الاقتصادية، بينما سياسة الدعم مطبقة فى بلاد الغرب على نطاق واسع, سواء فى السلع أو الخدمات ومختلف أشكال الإنفاق الاجتماعى، بل إن البلاد الغربية تقدم دعماً بعشرات المليارات للمزارعين، للحفاظ على ازدهار القطاع الزراعى وخفضا لأسعار التصدير, كما يظهر الدعم الحكومى فى قطاعات التعليم والصحة. إذن لا توجد سياسة رشيدة اسمها إلغاء الدعم، فالدعم الحكومى للسلع والخدمات سيظل أحد أدوات التدخل الحكومى لضمان العدالة الاجتماعية وحد أدنى من الرفاهية للشعب. ولكن الدعم يختلف حجمه ونطاقه - كما ذكرنا - من دولة لأخرى ومن زمن لآخر، وهذا المبدأ من القواعد المستقرة فى الاقتصاد الإسلامى الذى يستهدف تحقيق حد الكفاية (لا الكفاف) للجميع. وتقدم الحكومة مفاهيم مغلوطة فى هذا الموضوع فتتحدث عن تحويل الدعم العينى إلى دعم نقدى، وهذا تلاعب بالألفاظ, فكيف ستحدد الشخص المستحق لهذا الدعم النقدى، والأهم من ذلك أن الدعم النقدى يعنى إطلاق السوق من عقاله، فهل كلما ارتفع سعر الخبز سيرتفع مبلغ الدعم النقدى؟! إذن نحن أمام إلغاء مستتر للدعم. كذلك عندما تحسب الحكومة الدعم للمواد البترولية فإنها تحسب ذلك بالأسعار العالمية، وهذه مغالطة كبرى، لأن هذه المواد منتجة فى مصر بأسعار أقل بكثير من الأسعار العالمية، وهذه الأخيرة ليست مقدسة، ولا أهمية لها إلا فى مجال التجارة الدولية, ومن المفترض ألا تكون معياراً بين الحكومة, والشعب فى مواد تنتج وطنيا!! فالأصل أن البترول ينتج من أجل النهضة الوطنية، أما التصدير فيكون فى حالة الفائض، بل والفائض الكبير لأننا نتحدث عن سلعة إستراتيجية معرضة للنضوب. عندما تحسب الحكومة دعم المواد البترولية بالأسعار العالمية يبدو الرقم كبيراً جداً، ولذلك فهى تعلن أنها تتجه لإلغاء الدعم نهائيا على المواد البترولية!! وكما ذكرنا فإن أحوال مصر الراهنة فى ظل انخفاض الدخول فى مقابل الأسعار فإن الأوضاع لا تحتمل رفع الدعم عن السلع, والخدمات الضرورية، فوفقاً لآخر تقرير صادر من البنك الدولى 2010 فإن قيمة الحد الأدنى للأجور فى مصر هى الأقل فى المنطقة العربية بأكملها! بل الأغرب من ذلك فإن الخبراء والمستثمرين الأجانب طالبوا فى مؤتمر دولى انعقد فى مصر (المؤتمر الدولى الرابع عشر للألمونيوم) عام 2010 بتخفيض أسعار الطاقة فى مصر لتشجيع الاستثمار الأجنبى الصناعى, وأكدوا أن أسعار الطاقة فى مصر هى الأعلى فى العالم, ولا يسبقها فى ذلك إلا الصين".!. للاطلاع على الرؤية الأسلامية لحزب الاستقلال http://www.estqlal.com/article.php?id=41948