التعليم تعلن إجراءات إعادة اجتياز التدريبات بمسابقة 30 ألف معلم الدفعة الأولى    رئيس جامعة طنطا: تحديد أعداد الطلاب المقبولين بالكليات وفقا لاحتياجات السوق    خلال اللقاء التحضيري لمؤتمر الواعظات.. وزير الأوقاف يشيد بعهد تمكين المرأة    لماذا لا تصلي الكنيسة على الموتى في أسبوع الآلام؟.. تعرف على السبب    محافظ قنا يوافق على تخصيص 330 فدانا لاستغلالها مشروعات زراعية    «اقتصادية قناة السويس»: توطين صناعة مواسير الزهر لتقليل الاستيراد    مراسم استقبال رسمية لأمير الكويت بقصر الاتحادية    لقاء هام.. العاهل الأردني يحذر بلينكن من اجتياح رفح    نقل مباراة الزمالك وسموحة إلى برج العرب    المحكمة الرياضة توجه صدمة قوية إلى اتحاد العاصمة بشأن أزمة نهضة بركان    تأجيل محاكمة 4 متهمين بخلية داعش العمرانية    معرض أبو ظبي.. طلاب إماراتيون يروون ذكرياتهم بالقاهرة بجلسة مصر التي في خاطري    مخرج فيلم يوم: صعوبات العيش التي تواجه كبار السن لا تُطاق    غدًا.. «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف الإعانة الشهرية لشهر مايو    موسم الحج 2024، نصائح مهمة لمرضى السكر يجب اتباعها    بدء تسليم وحدات إسكان الشباب في الإسماعيلية 8 مايو.. اعرف التفاصيل    غرق بمياه ترعة.. العثور على جثة شخص في الصف    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    15 مايو.. أولى جلسات محاكمة 4 مسئولين كهرباء في حريق ستوديو الأهرام    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم ل القطاع الخاص 2024    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    زاهي حواس يوضح سبب تجاهل الفراعنة لوجود الأنبياء في مصر.. شاهد    حفل ختام فعاليات مهرجان الإسكندرية ل الفيلم القصير في الدورة العاشرة    بسبب الأزمة المالية.. برشلونة مهدد بفقدان أحد صفقاته    للعام الخامس على التوالي.. بنك مصر يرعى الاتحاد المصري للتنس    أمير الكويت يصل مطار القاهرة للقاء السيسي    تفاصيل زيارة وفد منظمة الصحة العالمية لمديرية الصحة في أسيوط    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    موعد غلق باب التقديم للالتحاق بالمدارس المصرية اليابانية في العام الجديد    كيف تجني أرباحًا من البيع على المكشوف في البورصة؟    رئيس الزمالك يعلن استمرار زيزو وعواد مع الفريق ويشيد بفتوح    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    جهاز مشروعات التنمية الشاملة ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    ساويرس يوجه رسالة مؤثرة ل أحمد السقا وكريم عبد العزيز عن الصديق الوفي    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    سرعة جنونية.. شاهد في قضية تسنيم بسطاوي يدين المتهم| تفاصيل    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    حسين لبيب: شيكابالا أحد أعظم كباتن نادي الزمالك عبر التاريخ    رئيس جامعة بنها يفتتح معرض الزهور الأول احتفالا بأعياد الربيع    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    وزير التموين يعلن تفاصيل طرح فرص استثمارية جديدة في التجارة الداخلية    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    كينيا تلغي عقد مشروع طريق سريع مدعوم من البنك الأفريقي للتنمية    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    واشنطن: وحدات عسكرية إسرائيلية انتهكت حقوق الإنسان قبل 7 أكتوبر    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    فيديو| مقتل 3 أفراد شرطة في ولاية أمريكية خلال تنفيذ مذكرة توقيف مطلوب    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    حفل زفاف على الطريقة الفرعونية.. كليوباترا تتزوج فى إيطاليا "فيديو"    خطوة جديدة من الزمالك في أزمة فرجانى ساسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستقبل الدعم في مصر
نشر في العالم اليوم يوم 30 - 05 - 2013

* الشخص الذي ينفق أقل من 172 جنيها شهريا هو فقير معدم
* أكثر من 50% من سكان محافظات الصعيد تحت خط الفقر
* 5.7 مليون طفل يعانون الفقر لانخفاض دخل الأسرة
* موازنة الدعم بلغت 4.30% من قيمة الإنفاق العام للدولة
* 48% من أصحاب الدخول العالية يستفيدون من إجمالي نظام الدعم
74% من غير المستحقين يستفيدون من دعم رغيف الخبز
* الديزل المدعم للزراعة يستخدم كوقود في فنادق البحر الأحمر
* الاقتصاد المصري كثيف استخدام الطاقة المدعومة
* عودة نظام الوقف الخيري يسهم في تقليل حدة الفقر
* من لا يصرف الدعم لا يطالب الدولة بأحقيته فيما بعد
* نظام الدعم المختلط بين العيني والنقدي قد يكون الأفضل
يعد موضوع الدعم من أكثر الموضوعات التي أثارت جدلا واسعا علي المستوي القومي في مصر، من حيث تأثيره علي تحسين نوعية حياة الفقراء والمستهدفين به وعلي الموازنة العامة وأعبائها علي التضخم، كما أثار الدعم جدلا أيضا حول كيفية وصوله إلي مستحقيه، وكيفية الفصل بين المستحق للدعم وغير المستحق، وحول مفهوم الدعم وهل يقدم بشكل نقدي أم عيني! فهناك من يقصر مفهوم الدعم علي السلع الاساسية ومنهم من يمد المفهوم ليمشل الضمان الاجتماعي وأعباء المعاشات، ودعم العملية التعليمية والصحية، ويتعرض برنامج الدعم في مصر لنقد دائم بسبب مساهمته في عجز الموازنة العامة للدولة، وكذا منظومة الفساد المرتبطة به.
والجدير بالاهتمام أن تشخيص المشكلة بمعزل عن الاطار العام للسياسات الاقتصادية يجعلها مشكلة قاصرة أي أننا لا يجب أن نناقش الدعم بدون ربط الأجور بالأسعار وضمان حد أدني لتكاليف المعيشة من خلال تقدير واقعي يتغير سنويا ويقتضي هذا أجورا كافية لمعيشة كريمة ورقابة فعالة لضمان تحقيق معدلات إنتاجية أعلي حتي لا يؤدي الأمر إلي تضخم وتدخل حكومي لضبط الأسواق والسيطرة علي الأسعار عن طريق اظهار اشارات إيجابية توحي بقدرتها علي فرض سيطرتها علي الأسواق وضبط الأسعار من خلال آليات المنافسة ومنع الاحتكار مع ضرورة أن تضمن الحكومة وفرة في السلع ولاسيما السلع الغذائية بأسعار مناسبة وبآليات محددة سواء عن طريق تحديث المجتمعات الاستهلاكية أو تشجيع القطاع الخاص علي الالتزام بذلك.
ان التساؤل الاساسي لهذه الدراسة هو عن مستقبل الدعم في مصر وكيف يمكن ترشيده وتعظيم العائد من الانفاق عليه وتحقيق الاهداف المرجوة منه والاجابة علي هذا التساؤل ليست بالبساطة التي يتصورها البعض لانها ترتبط ارتباطا مباشرا بالتشابكات السعرية في المجتمع، فبعض أسعار المنتجات المدعمة يمثل مدخلا لإنتاج سلع أخري وبالتالي فإن رفع قيمة المدخلات سيؤثر بالضرورة علي أسعار المنتج النهائي، وبالتالي فإن أي قرار اقتصادي في هذا الشأن يجب أن يأخذ بعين الاعتبار جميع هذه التشابكات وهي مسألة ليست بسيطة.
خريطة الفقر في مصر
1 يعرف الفقر بأنه حالة من الحرمان من الحياة اللائقة التي يتطلع الفرد أو المجتمع إلي التمتع بها والفقر لا يعني فقد الافتقار إلي ما هو ضروري لتحقيق الرفاهية المادية للفرد ولكنه يعني أيضا الحرمان من الفرص والاختيارات الأساسية مثل: خوض حياة جديدة وسليمة صحيا وخلاقة، والحصول علي دخل لائق، والتمتع بالحرية، والكرامة واحترام الذات، واحترام الآخرين ومن الواضح أن الدخل هو واحد فقط من الاختيارات التي يرغب الناس في التمتع بها.
2 تتطلب الدراسة الدقيقة لسياسة الدعم معرفة الخريطة الاجتماعية في مصر ووضع الفقراء بها وتشير الدراسات الحديثة عن الفقر في مصر إلي أن نسبة الفقراء في ارتفاع مستمر من 7.16% عام 2000 إلي 6.19% عام 2005 ثم إلي 2.52% عام 2012 وبلغت أكثر من 50% في بعض محافظات الصعيد وأن نسبة الفقر المدقع قد ارتفعت من 9.2% عام 2000 إلي 8.3% عام 2005 إلي 8.4% عام 2012 ويتلاحظ أن الدراسات تفرق بين الفقراء المدقعين ?الذين يقل متوسط دخلهم السنوي عن 995 جنيها في عام 2010? والفقراء ?وهم الذين يقل دخلهم السنوي عن 1432 جنيها? وشبه الفقراء و?يقل دخلهم عن 1854 جنيها?، وهذه المستويات تختلف عن التقديرات الدولية التي تشير إلي الفقير المدفع باعتباره من يقل دخله عن دولار اليوم، والفقير هو من يقل دخله عن 2 دولار في اليوم.
3 وتشير التقديرات التي تبحث في التوزيع الجغرافي للفقراء في مصر إلي أن هناك 4.51% من الفقراء يعيشون في ريف الوجه القبلي و5.29% في حضر الوجه القبلي مقابل 17% في ريف الوجه البحري و3.10% في حضر الوجه البحري 6.9% في الاقاليم الحضرية.
4 ولقد بلغ عدد الأطفال الفقراء في مصر أكثر من 5.7 مليون طفل يعانون الفقر الشديد بسبب انخفاض مستوي دخل الأسرة من العمل ويزيد احتمال التعرض للفقر في الاسر التي لديها سبعة أفراد أو أكثر ليصل إلي 45% ويصل إلي 41% في الأسر التي لديها أكثر من ثلاثة أفراد وأقل من سبعة، كما أن الشخص الذي ينفق أقل من 172 جنيها في الشهر المتوسط هو الفقير المعدم شديد الفقر، وقد ارتفعت معدلات سوء التغذية المرتبطة بالفقر حيث إن 6% من أطفال مصر ناقصون في الوزن نتيجة سوء التغذية والفقر وبلغ مستوي التقزم ما بين 24% و40% في العديد من المحافظة ومعدلات الهزال نحو 7% من إجمالي أطفال مصر والجدير بالذكر أن النمو الاقتصادي مازال لا يترجم إلي تحسن مستدام أو توزيع عادل للدخل أو رفاهية للمواطنين حيث إن الدخل من العمل بأجر مازال هو المصدر الرئيسي للدخل في مصر يليه التحويلات النقدية من الخارج ومازال الدخل من الزراعة يمثل 23% من إجمالي دخل الفقراء وغير الفقراء ومع تزايد معدلات البطالة وارتفاع معدلات التضخم تزداد توقعات ارتفاع مستويات الفقر في مصر خلال السنوات القليلة المقبلة.
خريطة الدعم وتطورها
تعد قضية الدعم من أهم القضايا الاقتصادية التي تطرح عند مناقشة الموازنة العامة سنويا وذلك للتأثير المباشر للدعم علي الطبقات الفقيرة من الشعب والمهمشة. فالدعم من القضايا ذات الحساسية العالية لدي الشعب المصري بالإضافة إي أنها تمثل عبئا علي ميزانية الدولة وجزءا كبيرا من مشكلة عجز الموازنة المصرية من منتصف القرن الماضي وحتي الآن وذلك كما سبق ذكره في مقدمة هذه الدراسة. ولقد بدأت مصر بدعم الغذاء في أعقاب الحرب العالمية الثانية حيث ظهرت ولأول مرة في عام 1942 وزارة التموين وأخذ الدعم يتطور بادخاله علي الطاقة إلي جانب التوسع في عدد المنتجات الغذائية المدعمة إلي أن تم تبني برنامج الاصلاح الهيكلي في بداية التسعيينات من القرن الماضي والذي نص علي ضرورة تخفيض الدعم بسبب تأثيره السلبي المباشر علي ميزانية الدولة ولقد ظل الدعم يتطور حتي وصل في موازنة العام المالي الحالي 2012/2013 إلي 145،2 مليار جنيه وهو الرقم الذي يقترب من إجمالي عجز الموازنة وتقدر قيمة الدعم في الموازنة العامة القادمة 2013/2014 إلي 159،3 مليار جنيه حيث تبلغ 30،4% من قيمة الانفاق العام للدولة. وتؤكد كل الدراسات التي تمت حديثا أن سياسة الدعم الحالية تشجع علي تنامي الأنشطة المهدرة للموارد مثل التهريب والتعاملات بالسوق السوداء، والزيادة غير المحسوبة في استخدام الطاقة الملوثة للبيئة بسبب سعرها المدعوم وضعف الكفاءة في اختيار الاستثمارات المناسبة لاسيما ما يتعلق بالقدرة التنافسية ولقد أدي الدعم المفرط للطاقة إلي تحويل الاقتصاد إلي اقتصاد كثيف استهلاك الطاقة فمصر تأتي في المرتبة الخامسة في دعم الطاقة وتسبق العديد من الدول المنتجة للطاقة وذات الثروات النفطية الأكبر وتشير أيضا معظم الدراسات إلي أن الدعم يرسخ النمط الاستهلاكي في أذهان الشعب فأخطر ما في الدعم أننا ندعم الاستهلاك فكلما استهلك الفرد أكثر نقدم له مزيدا من الدعم ولقد أدت هذه السياسة إلي سوء استخدام موارد البلاد غير المتجددة من البترول والغاز إلي جانب أن ضآلة السعر وعدم استخدام التكنولوجيا الحديثة أدي إلي عدم ترشيد استخدام المنتجات البترولية بالإضافة إلي عدم محاولة ايجاد بدائل أخري من الطاقة وسوء هيكلة أسعار المنتجات البترولية المختلفة كل ذلك أدي إلي ظهور أنماط استهلاكية سيئة وغير اقتصادية وبالتالي زادت كمية الاستهلاك من المواد البترولية دون إضافة عائد اقتصادي للبلاد وهكذا أصبحت قضية الدعم الآن من أكبر المشكلات الاقتصادية والاجتماعية.
الدعم في المؤشرات الأولية لموازنة 2013 2014
تشير المؤشرات الأولية لمشروع الموازنة العامة الجديدة للدولة للعام المالي 2013 2014 أنه في إطار الحماية الاجتماعية لمحدودي الدخل وتوفير متطلبات الدعم اللازم للمواطنين من سلع تموينية ومواد بترولية ودعم الإسكان لمحدودي الدخل وتنشيط الصادرات ودعم التنمية الصناعية وغيرها فقد تتضمن مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2013 2014 نحو 159،3 مليار جنيه لهذا الغرض تمثل نسبة 23% من إجمالي المصروفات البالغة 692،4 مليار جنيه كما يمثل الدعم نسبة 7،7% من الناتج المحلي الاجمالي.
وقد تتضمن مشروع الموازنة العامة نحو 57 مليار جنيه لمساندة نظم المعاشات والضمان الاجتماعي وغيرها من المساعدات مقابل 47،9 مليار جنيه في موازنة 2012 2013 بزيادة قدرها 9،1 مليار جنيه بمعدل نمو 19% وتشكل هذه الاعتمادات نسبة 8،2% من اجمالي المصروفات البالغة 692،4 مليار جنيه كما تمثل نسبة 2،8% من الناتج المحلي الاجمالي ولقد بلغت نسبة الدعم الصافي إلي الانفاق العام في موازنة (2013 2014) 30،4% بينما بلغت في موازنة (2012 2013) 32،1%.
والجدير بالذكر أن هذه الأرقام قد يتم تعديلها إذا تم التوصل إلي اتفاق مع صندوق النقد الدولي حول قرض الصندوق لمصر والبدء في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يهدف إلي ترشيد دعم الطاقة بشكل أساسي وفرض بعض الضرائب الجديدة مشيرا إلي أنه سوف يتم تخصيص 10% من الوفورات من دعم الطاقة والضرائب لإنفاقها علي البعد الاجتماعي بالموازنة الجديدة.
المشكلات الحالية لنظام الدعم
1 تشير أهم الدراسات وكذا بيانات مركز معلومات مجلس الوزراء إلي أن 75% من الفقراء في مصر يحصلون علي الدعم السلعي من خلال البطاقات التموينية والتي يبلغ عددها حاليا نحو 15،8 مليون بطاقة ما بين دعم كلي وجزئي يستفيد منها العاملون بالحكومة والقطاع العام والمستحقون لمعاش السادات والضمان الاجتماعي وأصحاب المعاشات والأرامل والحرفيون والعاملون بالحرف باليومية والعمالة الزراعية المؤقتة، أما الدعم الجزئي فيستفيد منه أصحاب المهن الحرة والورش وغيرهم ويوفر السلع المدعومة للمواطنين عبر آلية محددة تتحكم في الأسعار. وعلي الرغم من أن 75% من المصريين يستفيدون من الدعم السلعي من خلال البطاقات التموينية كما ذكرنا. إلا أن هناك نحو 48% من أصحاب الدخول العالية يستفيدون من هذا النظام خارج نظام البطاقات التموينية.
فيما يعتبر هدرا للموارد خاصة أن هذه النسبة ترتفع إلي نحو 74% فيما يتعلق بالاستفادة من دعم الخبز والدقيق.
2- ومازالت مشكلة هذا النظام تكمن في وصول الدعم إلي غير مستحقيه، وهنا تشير الدراسات التي أجريت علي بحث ميزانية الأسرة اخيرا إلي أن أغني 20% من فئات المجتمع تحصل علي نحو 28% من اجمالي الدعم بينما يحصل أفقر 20% من فئات المجتمع علي 16% منه وتزداد هذه المسألة بشدة في دعم الطاقة حيث تحصل الفئة الأعلي إنفاقا علي 34% من الدعم مقابل 17% للفئة الدنيا.
3- ومن أهم مشكلات هذا النظام هي سوء استخدام السلع المدعمة خاصة في ظل الاستخدامات المختلفة للسلعة الواحدة فمثلا الديزل الذي يستخدمه الفلاح البسيط في أمور الزراعة يستخدم كمولد للطاقة في فنادق البحر الأحمر، وينطبق نفس الوضع في رغيف الخبز المخصص للطبقات الفقيرة باعتباره الغذاء الرئيسي يستخدم كعلف للحيوانات، وتشير الاحصاءات إلي أن الفقد في دعم رغيف الخبز يصل إلي 30% وفي البوتاجاز يتراوح بين 10% و15% وكذلك في البطاقات التموينية حيث يتراوح ما بين 15% و20%.
4- ويؤدي نظام الدعم الحالي إلي التعدد في أسعار السلعة الواحدة بالأسواق وعلي سبيل المثال وجد أن 10% فقط من المواطنين يحصلون علي أنبوبة البوتاجاز بسعرها الرسمي بينما يحصل 90% عليها بسعر يتراوح من 15 50 جنيها حسب طبيعة التوزيع، وكمثال آخر في مجال الدعم الزراعي، فإن القطاع الخاص يتسلم الأسمدة بسعر 1500 جنيه للطن ويبيعها بسعر 3400 جنيه للطن وذلك في الوقت الذي تمارس فيه الدولة ضغوطا علي المنتجين من أصحاب مصانع المناطق الحرة التي تعتمد عليها لسد الفجوة وتجبرها علي طرح أسعارها الرسمية للمستهلك بما لا يزيد علي 1500 جنيه للطن.
الدعم النقدي ومشكلاته
1- تأسيسا علي المشكلات الحالية التي سبق ذكرها، تعلو بعض الأصوات مطالبة بالدعم النقدي باعتباره يضمن وصول الدعم لمستحقيه خاصة وان الدراسات تشير إلي أنه لو استفاد الفقراء من الأموال الموجهة للدعم علي الوجه الأكمل، لانخفض الفقر بمعدل يفوق أثر زيادة معدل النمو الناتج بنسبة 3% واختفاء السوق السوداء للسلع وترشيد الاستهلاك مع ضمان عمل الأسواق بصورة سليمة.
2- والمشكلة الأساسية في هذا النظام تكمن في حقيقة تحديد الفئات المستحقة للدعم والمعايير التي يمكن استخدامها في سبيل تحقيق ذلك وهنا يري البعض أن أفضل هذه السبل هي استخدام قيمة الانفاق علي الكهرباء كمؤشر لمستوي إنفاق الأسرة ولكن هذا المؤشر عيوبه كثيرة منها أن الأسر الأكثر فقرا قد لا ترتبط بشبكة الكهرباء العامة بالبلاد كما هو الحال في العشوائيات حاليا، كما أن هذا المؤشر لا يعكس الاستهلاك الحقيقي للأسر التي لديها أكثر من مسكن ناهيك عن انه يأخذ في الاعتبار أثر حجم الأسرة علي قيمة الانفاق علي الكهرباء.
3- والمشكلة الثانية والأهم تكمن في كيفية الوصول إليهم في ظل الأوضاع السائدة بالمجتمع المصري والزيادة الكبيرة في العشوائيات.
4- أما المشكلة الثالثة فهي تكمن في كيفية تحديد المبالغ المستحقة لكل أسرة ومشكلة المتابعة المستمرة لهذه الأسر، ناهيك عن الآثار الأخري المتوقعة لهذا النظام مثل التضخم نتيجة لذهاب الأموال إلي أفراد يرتفع لديهم الميل للاستهلاك مما يؤدي إلي المزيد من الارتفاعات في الأسعار وزيادة مبالغ الدعم وليس العكس كما أن هذا النظام لا يصلح اطلاقا في الخدمات العامة مثل النقل والمياه والكهرباء والطرق وغيرهم، والأهم من كل ما سبق ان الغالبية العظمي ترفض هذا التحول إذ إنه وفقا لاستطلاح الرأي الذي أجراه مركز معلومات مجلس الوزراء وأخيرا وجد نحو 4.64% لا يفضلون التحول إلي نظام الدعم النقدي وهناك 6.3% محايد و3.3% لم يحدد وبالتالي كانت نسبة من يؤيد هذا التحول نحو 7.28%.
نحو سياسة متكاملة لإصلاح نظام الدعم انطلاقا من كون السياسة الاقتصادية يجب أن تظل في خدمة الأفراد والمجتمع فرفع معدلات النمو وحدها ليست كافية لانتشال الفقراء ومحدودي الدخل اذ يجب ان يكون نموا مواليا للفقراء وموسعا لقدرتهم وفرصهم وخيارات حياتهم، أي ضرورة العمل علي ازالة أسباب الفقر وليس فقط التخفيف من آثاره، وذلك في إطار يهدف إلي توفير السلع الأساسية والضرورية للمواطنين خاصة محدودي الدخل بأسعار في متناول أيديهم حتي تحقق عدالة التوزيع وذلك من خلال:
1- اتباع استراتيجية تنموية متكاملة ومن منظور شامل وواسع يأخذ بعين الاعتبار علاج الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد القومي كمدخل لرفع مستويات المعيشة لكل المصريين.
2- رفع كفاءة الاستخدام للموارد المتاحة وتنميتها كمدخل لترشيد الدعم.
3- الاستمرار في سياسة الدعم بمفهوم جديد من حيث امكانية الأخذ بفكر الدمج بين الدعمين العيني والسلعي.
4- حسن ادارة الأموال المنفقة علي الدعم والقضاء علي الفساد الذي شاب المنظومة.
5- العمل علي سد الفجوة في السلعة الأساسية المدعومة عن طريق ترشيد الاستهلاك وخاصة في مجال السلع التي يتم استيرادها بالعملات الأجنبية.
6- اتخاذ الاجراءات التشجيعية الكافية لتحفيز المزارعين علي تسليم المحاصيل الزراعية بشكل اختياري وبما لا يتعارض مع آليات السوق.
7 - استمرار الجهود المبذولة للحد من خسائر هيئة السلع التموينية.
8 - ضرورة الاحتفاظ بمخزون سلعي مناسب ووضع ضوابط التي تكفل ترشيد تكلفة الانتاج وزيادة الطاقة التخزينية من الصوامع للمطاحن والمخابز وذلك لتعظيم الانتاجية وتقليل الفاقد من القمح وتحسين جودة منتجاته.
9 - ترشيد دعم الهيئات الاقتصادية من خلال:
أ - اعادة النظر في تبويب هذه الهيئات وذلك بتبويبها إلي مجموعات متجانسة واتباع سياسة اقتصادية محددة تحقق الهدف من استقلالها.
ب - هناك هيئات يغلب عليها الطابع الاقتصادي واطارها القانوني يؤهلها للعمل كوحدة اقتصادية مثل هيئات الموانئ البحرية والبرية وكلها هيئات يمكن أن تتحول إلي شركات قابضة.
ج دراسة اقتصاديات التشغيل بما يقضي علي أوجه الإسراف ومراجعة نظم التشغيل وقوائم التكاليف لترشيد وضبط الإنفاق.
د الاهتمام بالصيانة واستغلال الطاقات العاطلة، مع التخلص من الأنشطة غير الاقتصادية.
ه فض التشابكات بين الهيئات الاقتصادية وبعضها البعض، وبينها وبين الحكومة.
و حل مشكلة تزايد الفاقد السلعي وخاصة في مياه الشرب المنتجة نتيجة عدم محاسبة بعض المشتركين بنظام العداد، والاقتصار علي المحاسبة بطريقة المتوسطات.
ز توحيد المعاملة في استخدام الفوائض بمراعاة القواعد المحاسبية في احتجاز الاحتياطيات اللازمة للوفاء بأقساط القروض أو لتدعيم مراكزها المالية.
10 وضع حد أدني حقيقي للأجور يتناسب مع مستويات المعيشة، ويتحرك سنوياً وفقاً لمعدلات التضخم المعلنة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، علي أن يكون هذا الحد جزءاً لا يتجزأ من عقود العمل الجماعية والفردية.
11 تعديل الرقم القياسي لأسعار المستهلكين وتصحيح الأخطاء التي تشوبه حتي يصبح أكثر قدرة علي التعبير عن الواقع الفعلي المعاش، خاصة وأن هذا المؤشر مازال يحتوي علي العديد من السلع المحددة بأقل من قيمتها في السوق.
مقترح تمويل الدعم
علاوة علي المبلغ الذي يتقرر في الموازنة العامة للدولة للدعم، فإنه يمكن تدبير موارد إضافية تتلخص فيما يلي:
1 استثمار المبالغ المخصصة لدعم السلع التي لا يرغب المستهلكون في الحصول عليها في مشاريع إنتاجية تستوعب العاطلين من أبناء فئات المعدمين ومحدودي الدخل وتحقق عائدا يستخدم لتمويل الدعم.
2 إنشاء صناديق اجتماعية يمولها رجال الأعمال لتلبية احتياجات الأسر من المعدمين ومحدودي الدخل مع وضع شروط معينة لعملها.
3 عودة نظام الوقف الخيري ليلعب دورا مهما في تقديم الدعم للمعدمين وذوي الدخول المحدودة كما كان في الماضي.
مقترح آليات توصيل الدعم إلي مستحقيه
وفي محاولة لإلقاء الضوء علي آليات توصيل الدعم إلي مستحقيه، فإن معظم المقترحات المجتمعية تتركز حول ما يلي:
1 إن أنسب طريقة لحصر من لا دخل لهم هي أن يتقدم كل من لا يعمل وغير قادر علي العمل بطلب للحصول علي دعم مباشر من الدولة.. بينما تقوم الدولة علي الجانب الآخر بمسح شامل للأسر المصرية لتحديد مستحقي الدعم الحقيقيين مع المتابعة الدورية والمستمرة لدخول المواطنين شريحة الدعم والخروج منها، وبحيث لا يبقي الدعم ثابتاً دائما لمن استحقه برغم تغير ظروفه الاجتماعية.
2 أهمية الاستمرار في تقديم دعم الخبز البلدي والمحدد له خمسة قروش للرغيف، غير أن الأمر يتطلب فرض رقابة فعالة علي الخبز للتأكد من تطبيق نظام دعم الرغيف في مرحلته الأخيرة فقط مع فصل الإنتاج عن التوزيع بشكل نهائي وحاسم.
3 ضرورة إعادة النظر في عدد السلع التموينية المدعمة، حيث إن عددا منها يعد منخفضا للغاية من حيث النوعية ولا يشتريه حتي محدودي الدخل، ولقد أعلنت الحكومة عن نيتها في تحسين سلع الدعم قريباً.
4 يشكل دعم البنزين عبئا كبيرا علي موازنة الدولة، وهو في حقيقة الأمر دعما للأغنياء ويؤدي إلي الإسراف في استخدامه، كذلك هناك ضرورة لوضع ضوابط صارمة في استخدام البطاقات الذكية لتقنين دعم جميع أنواع الوقود ?بنزين سولار مازوت? للمستحقين مع ترك الباقي في السوق بالأسعار الحرة، ولقد أعلنت الحكومة عن بدء تطبيق هذه الآلية اعتباراً من يوليو القادم.
5 غالبية الدعم الموجه للبوتاجاز لا يصل إلي مستحقيه بسبب عدم فاعلية الرقابة علي منافذ التوزيع ووجود الوسطاء في عملية نقل وتوصيل أنابيب البوتاجاز للمستهلكين لذلك يجب إيجاد آلية حكومية/شعبية لإحكام الرقابة علي توزيع البوتاجاز خاصة في المناطق الشعبية والعشوائيات.
6 لتوصيل الدعم لمستحقيه فيما يتعلق باستخدام المياه والكهرباء والنقل بالسكك الحديدية فإنه من الضروري الأخذ بمبدأ التكافل الاجتماعي، وذلك باستخدام أسعار متباينة علي أساس تقسيم الاستهلاك من المياه والكهرباء إلي شرائح جديدة، وزيادة السعر مع زيادة الاستهلاك، أما بخصوص تعريفات النقل فيجب مراجعة أسعار تذاكر السفر للدرجتين الأولي والثانية لدعم أسعار الدرجة الثالثة.
7 مراجعة ودراسة أي مدي حققت البطاقات الذكية التموينية التي تم تطبيقها تجريبيا في بعض المحافظات هدفها من حيث توصيل الدعم لمستحقيه وما الدروس المستفادة من هذه التجربة.
8 ومن خلال ترتيبات علي المدي المتوسط، يجب التحرك نحو بناء وتشغيل وإدارة منظومة الكترونية متكاملة لدعم المواد البترولية، يتم من خلالها ضبط وتنظيم عمليات نقل وتداول وتوزيع المواد البترولية بما يضمن وصول المواد المدعومة إلي مستحقيها والقضاء علي ظاهرة تهريبها، بحيث تشمل نظاما للتحكم في الكمية والقيمة المدعومة من المواد البترولية التي يتم منحها لكل شريحة من المستهلكين وطريقة منحها سواء شهريا أو سنويا وإمكانية زيادتها أو تقليلها وفق السياسات والقرارات التي يتم اتخاذها في هذا الشأن.
9 عدم تحمل الدولة أعباء الدعم إلا بعد قيام المستهلكين بصرف الحصص المخصصة لهم والتي يتم تحديدها وفق القرارات المختلفة لذلك.
10 التأكيد علي أنه ليس من الضروري أن يكون هناك نظام موحد للدعم بمفهوم إما دعم سلعي أو دعم نقدي، وذلك بالأخذ بالنظام المختلط فبعض السلع يصلح لها النظام السلعي والبعض الآخر النظام النقدي، والمهم هو إيجاد آلية يمكن من خلالها تنفيذ النظام المختلط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.