براتب 5000 جنيه.. وزارة العمل تعلن عن وظائف جديدة بالقاهرة    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الثلاثاء 21 مايو 2024    محافظ جنوب سيناء يلتقى عددا من رؤساء وأعضاء البعثات الدبلوماسية الأفريقية    بوريل يعلق على قرار «الجنائية الدولية» بشأن إسرائيل وحماس    مستشار الأمن القومي الأمريكي يطالب إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات إلى جميع أنحاء غزة    ترتيب الدوري المصري 2023-2024 قبل مباريات اليوم الثلاثاء    عباس أبو الحسن يتكفل بعلاج المصابتين في حادث الدهس بسيارته| خاص    ننشر بالأسماء ضحايا حادث العقار المنهار بالعياط    مصرع طفل وإصابة شقيقه بحلوان.. والسبب «حلة شوربة» ساخنة    الثلاثاء 21 مايو.. توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية    شهداء وجرحى جراء غارة إسرائيلية على منزل لعائلة "أبو طير" شرق خان يونس    اليوم.. طلاب الشهادة الإعدادية بالشرقية يؤدون امتحان مادة الهندسة    خالد عبد الغفار: مركز جوستاف روسي الفرنسي سيقدم خدماته لغير القادرين    قبل طرحه في السينمات.. أبطال وقصة «بنقدر ظروفك» بطولة أحمد الفيشاوي    وزير الصحة: لا توجد دولة في العالم تستطيع مجاراة الزيادة السكانية ببناء المستشفيات    ضياء السيد: مواجهة الأهلي والترجي صعبة.. وتجديد عقد معلول "موقف معتاد"    أمير هشام: الكاف تواصل مع البرتغالي خوان لإخراج إياب نهائي دوري أبطال إفريقيا    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات كثيفة شرقي مدينة رفح الفلسطينية جنوبي قطاع غزة    تفاصيل طقس الأيام المقبلة.. ظاهرة جوية تسيطر على أغلب أنحاء البلاد.. عاجل    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    فرصة للشراء.. تراجع كبير في أسعار الأضاحي اليوم الثلاثاء 21-5-2024    أحمد حلمي يتغزل في منى زكي بأغنية «اظهر وبان ياقمر»    مندوب مصر بالأمم المتحدة: العملية العسكرية في رفح الفلسطينية مرفوضة    وزير الصحة: صناعة الدواء مستقرة.. وصدرنا لقاحات وبعض أدوية كورونا للخارج    وزير الصحة: 700 مستشفى قطاع خاص تشارك في منظومة التأمين الصحي الحالي    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    هل يرحل زيزو عن الزمالك بعد التتويج بالكونفدرالية؟ حسين لبيب يجيب    «في حاجة مش صح».. يوسف الحسيني يعلق على تنبؤات ليلى عبداللطيف (فيديو)    وزير الصحة: العزوف عن مهنة الطب عالميا.. وهجرة الأطباء ليست في مصر فقط    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    محمود محيي الدين: الأوضاع غاية في التعاسة وزيادة تنافسية البلاد النامية هي الحل    مصطفى أبوزيد: احتياطات مصر النقدية وصلت إلى أكثر 45 مليار دولار فى 2018    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    مبدعات تحت القصف.. مهرجان إيزيس: إلقاء الضوء حول تأثير الحروب على النساء من خلال الفن    وكيل "صحة مطروح" يزور وحدة فوكة ويحيل المتغيبين للتحقيق    "رياضة النواب" تطالب بحل إشكالية عدم إشهار22 نادي شعبي بالإسكندرية    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين في الإسكندرية    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    رفع لافتة كامل العدد.. الأوبرا تحتفي وتكرم الموسيقار عمار الشريعي (تفاصيل)    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    بعد ارتفاعها ل800 جنيها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي «عادي ومستعجل» الجديدة    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    طبيب الزمالك: إصابة أحمد حمدي بالرباط الصليبي؟ أمر وارد    الدوري الإيطالي.. حفل أهداف في تعادل بولونيا ويوفنتوس    إيران تحدد موعد انتخاب خليفة «رئيسي»    إجازة كبيرة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    مصطفى أبوزيد: تدخل الدولة لتنفيذ المشروعات القومية كان حكيما    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    على باب الوزير    كأس أمم إفريقيا للساق الواحدة.. منتخب مصر يكتسح بوروندي «10-2»    سعر الدولار والريال السعودي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. سلوي العنتري مدير عام قطاع البحوث في البنك الأهلي سابقاً:دعم السلع الغذائية حال دون زيادة عدد الفقراء في مصر
نشر في الأهالي يوم 12 - 01 - 2011

حال دعم السلع الغذائية دون زيادة نسبة الفقراء في مصر من 20% إلي 30% من السكان عام الأزمة العالمية للغذاء، وساهم دعم الخبز وحده بنحو 50% من هذا الأثر، بحسب د. سلوي العنتري، الخبير الاقتصادي ومدير عام قطاع البحوث بالبنك الأهلي المصري سابقا في حوارها مع «الأهالي».. وقالت إن فاتورة الدعم تتأثر بارتفاع الأسعار العالمية للبترول والمواد الغذائية كنتيجة لانخفاض الاكتفاء الذاتي لمصر من هذه السلع، وأكدت أن إجمالي المنصرف علي الدعم والمنح والتحويلات الاجتماعية في مصر والذي يمثل 44% من إجمالي المصروفات الجارية مشابه بل أقل من العديد من الدول مثل شيلي حيث تبلغ نسبة الإنفاق 58% وفي الجزائر 48%، وتونس 40%، وتركيا 41%.. وربطت د. سلوي بين تخفيض دعم المواد البترولية بضرورة تعويض أثر ارتفاعات الأسعار علي الدخول الثابتة والمنخفضة، مشيرة إلي تجارب الدول الأخري برفع الأجور والمعاشات وزيادة الإنفاق علي دعم السلع الأساسية والمساعدات الاجتماعية في حالة خفض دعم المنتجات البترولية شهدت فاتورة الدعم ارتفاعا كبيرا منذ عام 2005 - 2006، من 8.13 مليار جنيه عام 2004 - 2005 إلي 6.93 مليار جنيه عام 2009 - 2010.. فما سبب هذا الارتفاع الكبير؟
يرجع السبب الرئيسي في هذا الارتفاع الكبير إلي دعم المواد البترولية، والتي لم تظهر كدعم صريح ضمن بنود الموازنة العامة للدولة إلا في عام 2005 - 2006، وبتحليل بنود الدعم في عام 2009 - 2010 نجد أن 1.71% من إجمالي الدعم هو دعم المواد البترولية، فيما يشكل دعم السلع الغذائية 9.17%، ودعم تنشيط الصادرات 5.4%، أما باقي بنود الدعم فتحصل علي نسب متواضعة في كثير من الأحيان كدعم إسكان محدودي الدخل أو دعم نقل الركاب أو التأمين الصحي والأدوية، ودعم الإنتاج الزراعي ودعم تنمية الصعيد.
وهنا يجب أن نشير إلي أنه عند إدراج دعم البترول عام 2005 - 2006 أشارت التصريحات الرسمية إلي أن هذا الدعم يتم احتسابه علي أساس الفرق بين أسعار بيع المنتجات البترولية في السوق المحلي وأسعارها العالمية، بما يعني أنه دعم حسابي ولا يمثل إنفاقا حقيقيا تتحمله الموازنة العامة للدولة، أو علي أحسن الفروض يمثل تكلفة الفرصة البديلة فيما لو كان متاحا بيع كامل الإنتاج في السوق العالمية، ورفض العديد من الاقتصاديين هذا المفهوم للدعم النقدي يستند إلي الأسعار العالمية، وطالبوا في حالة تطبيق هذا المنطق علي الدعم، أن يسري علي الأجور والمرتبات أيضا.
دعم المواد البترولية
لكن ما تأثير إدراج دعم المواد البترولية علي الموازنة العامة للدولة؟
أدي إدراج دعم المواد البترولية ضمن بنود الموازنة العامة للدولة إلي تسجيل قفزة كبيرة في إجمالي نفقات الدعم من 8.13 مليار جنيه عام 2005 إلي 2.54 مليار جنيه عام 2006، وارتفعت نسبة الدعم إلي إجمالي النفقات العامة من 5.8% إلي 1.26% في هذين العامين، ووصلت فاتورة الدعم ارتفاعها إلي 6.93 مليار جنيه عام 2009 - 2010.
والنتيجة الثانية: تسجيل قفزة ضخمة في الأموال المحولة من الهيئة العامة للبترول إلي الموازنة العامة للدولة في شكل ضرائب علي الأرباح وعائد حقوق الملكية ضمن بنود الإيرادات، وقفزت الضرائب المحصلة من الهيئة من 4 مليارات جنيه عام 2005 إلي 1.24 مليار جنيه عام 2006، كما قفزت المبالغ المحصلة منها كعائد علي حقوق الملكية من 154 مليون جنيه إلي 5.12 مليار جنيه، وتعزي هذه الزيادة إلي الأثر الإيجابي للدعم علي ربحية الهيئة، رغم أن الزيادة في متوسط أسعار النفط العالمية خلال العامين محل الدراسة من 60 إلي 70 دولارا لا تكفي لتبرير هذه الزيادة.
الاكتفاء الذاتي
تراجع معدلات الاكتفاء الذاتي لمصر هل تؤثر علي فاتورة الدعم في مصر؟
بالطبع، فتراجع معدلات الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الرئيسية والمنتجات البترولية أدي إلي ارتفاع فاتورة الدعم، خاصة مع موجة ارتفاع الأسعار العالمية خلال عام 2007 علي سبيل المثال، حيث زادت فاتورة الدعم بنحو 2.30 مليار جنيه، منها 1.20 مليار جنيه لدعم المنتجات البترولية و7 مليارات جنيه لدعم السلع الغذائية.
فدعم الخبز البلدي، مثلا، يستحوذ علي 77% من مخصصات دعم السلع الغذائية في موازنة 2010 - 2011، ويتم الاعتماد علي استيراد القمح كانعكاس لفجوة الإنتاج المحلي، حيث تصل هذه الفجوة إلي 70% من إجمالي احتياجات الاستهلاك، كما يتم الاعتماد علي الاستيراد لتغطية نسبة مهمة من الاستهلاك المحلي للزيت والسكر، وكامل متطلبات الاستهلاك من الشاي، فموازنة 2010 - 2011 تشير إلي استيراد 9.5 مليون طن قمح مقابل 5.2 مليون طن من القمح المحلي.
أما فيما يتعلق بالمنتجات البترولية، فإن نسبة تغطية الإنتاج المحلي للاستهلاك من المنتجات البترولية لم يتجاوز 9.52% عام 2009 - 2010 مقابل 8.51% في العام السابق.
الاستيراد وسعر الصرف
مصر كدولة مستوردة.. ما تأثير سعر الصرف علي فاتورة الاستيراد؟
انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأخري يؤدي إلي ارتفاع تكلفة المكون الاستيرادي للدعم، حتي ولو لم يطرأ أي تغيير علي سعر أو كمية السلع التي تم استيرادها، فتحرير سعر صرف الجنيه المقترن بتخفيضه عام 2003 أدي إلي ارتفاع أسعار المواد الغذائية المستوردة بنسبة 46% وأدي ذلك إلي ارتفاع فاتورة الدعم من 9.6 مليار جنيه عام 2003 إلي 3.10 مليار جنيه عام 2004.
فالارتفاع الحاد في المستوي العام للأسعار بعد تخفيض سعر الجنيه وارتفاع الأسعار العالمية خاصة للقمح، دفع الحكومة إلي زيادة عدد السلع المدعمة في البطاقات التموينية نتيجة لانخفاض مستويات المعيشة وارتفاع التضخم، وفي عام 2007 - 2008 في أعقاب أزمة الغذاء العالمي بلغ معدل التضخم السنوي 2.20% مقابل 6.8% عام 2006 - 2007، وتدهورت القوي الشرائية للنقود بنحو 29% كأثر تراكمي لتلك الارتفاعات في الأسعار، مما دفع الحكومة إلي زيادة الإنفاق علي الدعم لمواجهة التدهور في مستويات المعيشة، عبر مجموعة من الإجراءات منها السماح بإصدار بطاقات تموينية للفئات لا يتوافر لها مصدر للدخل، وإضافة مواليد ما بين 1989 إلي 2005 إلي بطاقات التموين، وتحويل بطاقات الدعم الجزئي إلي بطاقات دعم كلي، وزيادة كمية الزيت والسكر والأرز لكل بطاقة، وأسهمت هذه الإجراءات في زيادة عدد المستفيدين من بطاقات التموين بنحو 22 مليون شخص، ليصل العدد الكلي لحائزي البطاقات إلي 62 مليون مواطن يمثلون 79% من إجمالي السكان، وأدي ذلك إلي ارتفاع دعم الغذاء من 8.10 مليار جنيه «معتمد» من ميزانية 2008 إلي 21 مليار جنيه في عام 2009.
مستويات الدعم
أثيرت في الفترة الماضية قضية الدعم باعتبارها تزاحم الإنفاق علي التعليم والصحة.. فهل الدعم في مصر بالمقارنة بالدول الأخري أعلي وهل يؤثر علي الإنفاق علي الصحة والتعليم؟
وفقا لمؤشرات التنمية في العالم التي يقوم بإعدادها البنك الدولي، فإن إجمالي المنصرف علي الدعم والمنح، والتحويلات الاجتماعية في مصر عام 2008 يمثل 44% من إجمالي المصروفات الجارية، مقابل 47% كمتوسط عالمي، أما علي مستوي مجموعة الدول النامية متوسطة الدخل ومنها مصر، فإن مصر تقع في موقع متوسط بين دول المجموعة والتي تتراوح فيها النسبة ما بين 58% كما في شيلي و19% كما في الفلبين، وتقارب نسبة الإنفاق في مصر مع تونس 40%، وتركيا 41% والجزائر 48%.
أما فيما يتعلق بمزاحمة الدعم للإنفاق علي التعليم والصحة، فلا شك أن طرح القضية علي هذا النحو أمر يتنافي مع المبادئ المستقرة في إدارة مالية الدولة، فمفهوم المزاحمة يتضمن افتراض وجود سقف محدود للنفقات العامة لا يمكن تجاوزه، بحيث يتطلب التوسع في أحد بنود الإنفاق تخفيضا للإنفاق علي بند آخر، ويتناقض هذا المفهوم أيضا مع حقيقة أن الأصل في الموازنة العامة هو أسبقية النفقات، أي أن الدولة تقوم أولا بتحديد أوجه الإنفاق الضرورية، ثم تحدد وفقا لذلك مقدار ما يتعين تدبيره من موارد عامة لتغطية هذه النفقات.
وبذلك تصبح القضية إلي أي مدي يعتبر الإنفاق علي الدعم ضرورة، وما مدي نجاح الموازنة العامة للدولة في تحقيق أهدافها من الدعم، خاصة في دعم المنتجات البترولية ودعم السلع الغذائية اللذين يستحوذان علي 90% من المتوسط من إجمالي الإنفاق علي الدعم.
الأسعار والأرباح
دعم المنتجات البترولية متاح لكل الأفراد دون النظر إلي مستوي الدخل أو غرض الاستخدام ودون تحديد الكميات الممكن شراؤها، في الفئات المستفيدة بالتحديد، وما أثره علي الأسعار؟
أعدت مجموعة من الاقتصاديين المصريين دراسة حول طبيعة المستفيدين من دعم المنتجات البترولية، ووجدوا أن المستفيد الرئيسي من دعم المنتجات البترولية يتمثل في الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة مثل الأسمنت والأسمدة والحديد والألومنيوم، التي تستأثر بنسبة 7.32% من إجمالي الاستهلاك، يليها قطاع الكهرباء بنسبة 5.27%، وقطاع النقل والمواصلات بنسبة 1.22%، في حين يقتصر نصيب القطاع العائلي علي 5.5% من جملة استهلاك المنتجات البترولية.
ويعني ذلك أن 95% من دعم منتجات البترول موجه إلي قطاعات النشاط السلعية والخدمية، ويكفل لها الدعم تخفيض تكلفة الإنتاج وارتفاع معدلات الربحية لها أيضا.
وهذا النوع من الدعم يمارس أثرا مزدوجا علي الموازنة العامة للدولة، فمن ناحية تؤثر قيمة الدعم في جانب النفقات، ومن ناحية أخري فإن خفض تكلفة الإنتاج بفعل الدعم وزيادة الأرباح يقترض إلي أن يؤدي إلي زيادة ما يؤول للموازنة من إيرادات في شكل ضرائب وعوائد ملكية.
كما أن خفض تكاليف الإنتاج يساعد علي طرح السلع أو الخدمة بسعر منخفض سواء لدعم قدراته التنافسية عند التصدير أو لبيعها بسعر منخفض في السوق المحلي، إلا أن هذا لم يحدث في الحالة المصرية، خاصة في الصناعات كثيفة استخدام المنتجات البترولية كصناعة الأسمدة والحديد والأسمنت.
نقطة أخيرة، أن ترشيد الإنفاق وتعظيم العائد علي دعم المنتجات البترولية يتطلب التمييز بين الأنشطة والصناعات المختلفة والتمييز بين فئات المستهلكين، كما أن تخفيض هذا الدعم يتطلب في كل الأحوال تعويض أثر ارتفاعات الأسعار علي أصحاب الدخول الثابتة والمنخفضة، وتؤكد تجارب الدول الأخري في هذا الشأن إن إلغاء الدعم علي المنتجات البترولية قد اقترن دائما برفع الأجور والمرتبات والمعاشات أو زيادة الإنفاق علي دعم السلع الغذائية والمساعدات الأجنبية.
دعم الغذاء
لكن ماذا عن دعم السلع الغذائية في مصر؟
يغطي دعم السلع الغذائية في مصر دعم الخبز البلدي الذي يتاح للمواطنين جميعا دون تحديد الكميات، ودعم مجموعة من السلع الغذائية الأساسية التي يتم إنتاجها بكميات وأسعار محددة لحائزي البطاقات التموينية فقط، وبلغ المنصرف علي دعم الغذاء عام 2009 - 2010 نحو 8.16 مليار جنيه بما يمثل 7% من إجمالي المصروفات العامة، ونحو 4.1% من الناتج المحلي الإجمالي، وتقارب هذه النسبة إلي حد كبير مع المنصرف علي دعم الغذاء في بعض الدول العربية، فتصل هذه النسبة إلي 7.1% في الأردن و5.1% في تونس، و2.1% في المغرب.
لكن تشير دراسة لبرنامج الغذاء العالمي بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي إلي أن 81% من دعم الخبز البلدي و80% من دعم السلع التموينية في مصر يذهب إلي فئات السكان المستهدفة في الحضر، أما في الريف فتحصل الفئات المستهدفة علي 64% فقط من دعم الخبز، و58% من دعم السلع التموينية.
وتؤكد الدراسات المختلفة أنه رغم تسرب نسبة ملموسة من دعم السلع الغذائية لفئة الوسطاء أو لشريحة من فئات الدخل الأعلي، فإن الإنفاق الذي تتحمله الموازنة العامة لدعم السلع الغذائية يلعب دورا بالغ الأهمية في الحفاظ علي مستويات المعيشة لشرائح السكان منخفضة الدخل، وأشارت دراسة حديثة للبنك الدولي إلي أنه لولا دعم السلع الغذائية في مصر عام 2008 - 2009 لارتفعت نسبة الفقراء من 20% إلي 30% من السكان، وأن دعم الخبز قد ساهم وحده بنسبة 50% من هذا الأثر.
وهنا يجب أن نشير إلي أن نسبة الفقر في مصر، وفقا لتقديرات المنظمة الدولية للأغذية والزراعة «فاو» تصل إلي 7.35% من السكان، كما أن وفقا لمعايير الأمم المتحدة للفقر فإن نسبة السكان الذين يعيشون بأقل من دولارين في اليوم تصل إلي 8.42%، ومن هنا فإن دعم السلع الغذائية وبوجه خاص الخبز يمثل شبكة الأمان الرسمية الأساسية لمواجهة الفقر، في ظل ضآلة المنصرف علي برامج المساعدات الاجتماعية التي تستهدف الفقراء، فلم يتجاز المنصرف علي هذه البرامج عام 2009 سوي 7.189 مليون جنيه.
عجز الموازنة
هل هناك علاقة وطيدة بين الدعم وعجز الموازنة العامة للدولة؟
توضح أرقام عجز الموازنة العامة للدولة خلال السنوات الخمس الماضية عدم وجود تلازم حتمي بين زيادة الدعم والزيادة في عجز الموازنة العامة للدولة، فعلي سبيل المثال فإن قيمة الدعم حققت استقرارا وتراجعا خلال عام 2006 - 2007، وعام 2009 و2010 ومع ذلك تزايد عجز الموازنة في هاتين السنتين بنحو 7.4 مليار جنيه، و9.25 مليار جنيه علي التوالي، وعلي العكس تماما ارتفع الإنفاق علي الدعم عام 2005 - 2006 بنحو 4.40 مليار جنيه، ومع ذلك شهد عجز الموازنة العامة للدولة في هذا العام تراجعا بنحو 2.1 مليار جنيه.
فالموازنة العامة للدولة هي محصلة مجموع بنود الإنفاق من ناحية، ومجموع بنود الموارد من ناحية أخري، فعجز الموازنة غير قابل للتقسيم أو التجزئة، طالما أنه لا يتم تخصيص أنواع معينة من الإيرادات أو نسب محددة من مختلف الإيرادات لبند محدد من الإنفاق وفقا لأحد المبادئ الأساسية للمالية العامة، وهو مبدأ عمومية الموازنة وعدم التخصيص.
ومعني ذلك أن تخفيض الدعم لا يؤدي تلقائيا إلي انخفاض عجز الموازنة بنفس القيمة، فالأثر النهائي علي العجز سيكون محصلة للتغيرات التي تطرأ علي بنود الإنفاق والإيرادات المختلفة نتيجة تخفيض الدعم.
الإيرادات الضريبية
يربط البعض بين الدعم وزيادة عجز الموازنة والدين العام، ويؤكد أنه لا سبيل لزيادة الدعم إلا بالاقتراض.. لكن السؤال المطروح هل الإيرادات الضريبية لا يمكن زيادتها فعلا كما يدعي البعض؟
السمة الرئيسية للهيكل الضريبي في مصر هي ارتفاع الوزن النسبي للضرائب غير المباشرة «الضرائب علي السلع والخدمات والجمارك» التي ارتفعت نسبتها لإجمالي الإيرادات الضريبية من 4.45% في عام 2005 - 2006 إلي 48% في عام 2009/2010 ويتسم هذا النوع من الضرائب بتراجع عبء الضريبة علي الممول كلما ارتفع مستوي الإنفاق ومستوي المعيشة، مما يجعل وطأته أشد علي أصحاب الدخول الثابتة والفئات محدودة الدخل.
كما يتسم النظام الضريبي في مصر بتطبيق حد أقصي موحد لمعدل الضريبة علي الدخل والأرباح بواقع 20% دون تفرقة بين المشروعات والأفراد من جهة، وبين مستويات الدخول المختلفة من جهة أخري، ويمثل فرض حد أقصي موحد للضريبة بغض النظر عن مستوي الدخل ومصدره، محاباة للدخول من عوائد الملكية مقارنة بدخل العمل، أخذا في الاعتبار التناقص المستمر في نصيب الأجور وتعويضات العاملين من الناتج المحلي الإجمالي لتقتصر علي نحو 25% في عام 2008/2009 مقابل نحو 27% في عام 2005/2006 ونحو 28% في عام 1999/2000، والوجه الآخر للعملة بالطبع هو التزايد المستمر في نصيب عوائد التملك من الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلي 75% في عام 2007/2008 مقابل 72% في عام 1999/2000، ومع ذلك يتم المساواة علي سبيل المثال بين الحد الأقصي للضريبة علي كل من الأجور والمرتبات والضريبة علي أرباح شركات التطوير العقاري، التي حققت أرباحا خيالية من الفرق بين السعر المدعم لأراضي الدولة التي خصصت لها وسعر متر المباني التي تطرحها للبيع.
وفي كل الأحوال يعتبر الحد الأقصي للضرائب علي أرباح المشروعات في مصر من أقل المعدلات في العالم، حيث تتراوح تلك المعدلات بين 25% و35% في معظم النظم الضريبية وتصل إلي 40% في الولايات المتحدة الأمريكية و41% في اليابان، ولا يمكن الاستناد إلي المقولة الشهيرة بأن رفع معدل الضريبة علي أرباح الشركات يؤثر بالسلب علي معدلات الاستثمار ولا يتناسب مع وضع مصر كدولة نامية، فمعدلات الضرائب علي أرباح الشركات في كل من الصين وماليزيا تبلغ 25% وفي كل من أندونيسيا والمكسيك 28% وفي الهند والبرازيل 34%، وجميعها دول تحقق معدلات مرتفعة للاستثمار والنمو.
ومن ناحية أخري فإنه خلافا للوضع في مصر تتسم معظم الأنظمة الضريبية في العالم بتصاعد معدلات الضرائب علي دخول الأفراد بحيث يبلغ معدل الضريبة علي أعلي شريحة للدخل 40% في انجلترا وفرنسا وسويسرا، كما يصل إلي 45% في استراليا وألمانيا، وإلي 50% في اليابان و57% في السويد و62% في الدنمارك.
والواقع أن تفاصيل الإيرادات الضريبية المحصلة في مصر تقدم نموذجا واضحا لكل من الإمكانيات المهدرة والمحاباة للفئات مرتفعة الدخل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.