لا يوجد أمام حكومة المنقلب، عبدالفتاح السيسى، سوى خيارين لا ثالث لهما، حتى يحصل على ما يريد من صندوق النقد الدولى، وكلا الخيارين حسب الخبراء والمحللين يقود البلاد نحو ثورة الخبز، فمخطط رفع الدعم عن المواد البترولية والمحروقات بشكل عام، بجانب تعويم الجنيه، هما الأسباب التى ربما تؤدى إلى ثورة الخبز. فقد جاء تأجيل صندوق النقد قرر البت في قرض مصر خلال اجتماعه الاسبوع الذي انتهي الأحد 9 أكتوبر، لأجل غير مسمى، وتأكيد كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي على ثلاثة شروط تتعلق بضرورة تعويم الجنية فورا ورفع اسعار المنتجات البترولية، ليضع القاهرة أمام خيار مر يرفع حالة التضخم بصورة قد تؤدي لاضطرابات مجتمعية. وأدي تزامن هذه الشروط مع تأكيد مسؤول حكومي في مصر، الاثنين 10 أكتوبر 2016، لرويترز إن أرامكو الحكومية السعودية، أبلغت الهيئة العامة للبترول المصرية شفهياً مطلع أكتوبر بالتوقف عن إمدادها بالمواد البترولية، ليدفع مصر دفعا لرفع اسعار البنزين في القريب العاجل، ويربك خططها المتعلقة برفع الدعم عن الوقود في اجال محدده. وبحسب الموقع الرسمي لوزارة البترول، وافقت السعودية على إمداد مصر بمنتجات بترولية مكررة بواقع 700 ألف طن شهريا لمدة 5 سنوات، بموجب اتفاق بقيمة 23 مليار دولار بين شركة "أرامكو" السعودية والهيئة المصرية العامة للبترول في أبريل الماضي، قبل أن تبلغ المصريين "شفاهه" أنها غير قادرة على الوفاء بهذه الكميات منذ أكتوبر الجاري. كما توقعت المذكرة تعويم الجنية بحيث يرتفع سعر الصرف الرسمي إلى مستوى يتراوح بين 11.50 إلى 11.99 جنيه، للدولار الواحد. وقالت نشرة "انتربرايز" أن كلا الإجراءين (تخفيض الجنيه وتقليص الدعم) يهدد هيكل التكلفة في القطاع الصناعي، ويفاقم التضخم الذي سيؤثر في نهاية المطاف بالاستهلاك الخاص، وهو أحد أهم محركات النمو للاقتصاد المصري، حيث الجزء الأصعب في تنفيذ هذه الإصلاحات سيكون الحصول على القبول الشعبي لبرنامج الإصلاح الوشيك. وقفز سعر الدولار لمستويات تاريخية، في السوق المصري الموازية (السوداء)، ليلامس أمس الثلاثاء مستوى تراوح بين 14 إلى 14.25 جنيها للبيع و13.85 إلى 13.95 جنيها للشراء، وذلك عقب تصريحات كريستين لاجارد المدير العام لصندوق النقد الدولي بضرورة اتخاذ إجراءات مسبقة تتعلق بسعر صرف الجنيه وتقليص الدعم كأحد شروط الموافقة على قرض بقيمة 12 مليار دولار، بحسب تجار عمله. القرض مرهون برفع الاسعار والتعويم ويقول المحلل الاقتصادي ونقيب الصحفيين الأسبق "ممدوح الولي" أن شروط قرض الصندوق بعد تصريح كريستين لاجارد تعني أن "طلب مصر للاقتراض من الصندوق لن يتم عرضه على مجلس مديري الصندوق، قبل وفاء مصر بثلاثة أمور". وحدد "الولي" هذه الشروط بأنها: سد الفجوة التمويلية البالغة ما بين 5-6 مليار دولار من خلال الاقتراض الخارجي، وتحقيق مرونة سعر الصرف من خلال خفض قيمة الجنيه أمام الدولار، وخفض دعم المواد البترولية"، معتبرا أن ما قاله رئيس الوزراء ووزراء المجموعة الاقتصادية للشعب بشأن عدم وجود شروط مسبقة لقرض الصندوق، "كذب"، وطالبهم بتقديم الاعتذار للشعب عما قالوه. وأشارت بيانات البنك المركزي المصري الى بلوغ قيمة الدين الخارجي 8ر55 مليار دولار بنهاية شهر يونيو الماضي، مقابل 2ر43 مليار دولار بنهاية حكم الرئيس مرسى في يونيو 2013، بزيادة 5ر12 مليار دولار خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر النظام الحالي. وبسبب عدم وجود غطاء وضمان حماية للفئات المهمشة والفقيرة نتيجة ارتفاع سعر الصرف والذي يعتمد عليه العديد من السلع والخدمات في مصر، إضافة إلى عدم وجود مخزون للعملة الصعبة من الدولار تتيح للدولة القدرة على استعاضة الفرق بين السعر الحالي والسعر بعد تعويم العملة (ما بين 25 الى 30 مليار دولار) قد يزيد الغضب الشعبي لارتفاع الاسعار. البنزين يزيد 100% خلال عامين وفي سبتمبر الماضي كشف مسئول يتولى منصباً هاماً بإحدى وزارات المجموعة الاقتصادية، عن قرب رفع الدعم عن أسعار البنزين والسولار بنسبة 20% للوصول إلى نسبة 65% ارتفاع في الأسعار شاملة الزيادة التي تم تطبيقها في عهد قائد الانقلاب العسكرى، عيد الفتاح السيسي. وطبقاً لهذه الزيادة سيرتفع سعر بنزين 80 من 160 قرشاً إلى 200 قرش وسيرتفع سعر بنزين 92 من 260 قرشاً إلى 325 قرشاً ويرتفع بنزين 95 من 625 قرشاً إلى 781 قرشاً، ويرتفع سعر السولار من 180 قرشاً إلى 225 قرشاً (الدولار يساوي 8.9 في السوق الرسمي و14 جنيه في السوق السوداء). ووفقاً لخطة الحكومة الخمسية لإعادة هيكلة منظومة دعم المحروقات، التي بدأ تطبيقها منذ عام 2014 برفع أسعار المنتجات النفطية، فإنه من المنتظر، أن يتم تطبيق المرحلة الثانية من الخطة خلال أكتوبر الحالي، حيث سيتم رفع الدعم بنسبة 20% ليصل أسعار البنزين والسولار إلى نسبة 65% من التكلفة الفعلية خلال عام 2016. وكانت الحكومة الانقلاب، قد خفضت دعم الوقود في يوليو 2014، ورفعت آنذاك أسعار البنزين والسولار بنسب تراوحت بين 40% و78%. وضمن الخطة ذاتها، سوف يتم رفع الدعم بنسبة 85% من التكلفة في عام 2017/2018، ثم 100% في عام 2018/2019، ليتضاعف سعر الوقود بالكامل. وفي أبريل الماضي، قال عمر الجارحي وزير المالية "إن الحكومة ستخفض دعم المواد البترولية في موازنة 2016-2017 إلى 35 مليار جنيه، مقابل نحو 61 مليار جنيه في السنة المالية الحالية 2015-2016"، فيما رفعت وزارة الكهرباء أسعارها ما بين 27 و46%. وقالت "لاجارد" خلال اجتماعات الصندوق الاخيرة أن: "هناك العديد من إجراءات ينبغي اتخاذها، وبعض الاجراءات الخاصة بسعر الصرف والدعم ما زالت عالقة وينبغي استكمالها، قبل أن يجتمع مجلس الإدارة وبالتالي يمكن تقديم الشريحة الأولى" هل انتفاضة الخبز قادمة؟ وتقول "رباب المهدي"، أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية أن سلطة السيسي لا تخشى تكرار الانفجار الاجتماعي الذي حدث عام 1977، حينما ادي ارتفاع طفيف في أسعار الخبز والوقود الي مظاهرات عارمة وتخريب منشأت استدعي تدخل الجيش. وترجع جرأة وثقة نظام السيسي على رفع الأسعار ضمن ما يسمي "إصلاحات اقتصادية جريئة" ل "تصورات عند السيسي منذ لحظة التفويض أن هذه لحظة دائمة، وأن الدعم الشعبي الذي يحظى به كافيا، بينما تلك اللحظة ليست مستدامة"، بحسب قولها. وتحصر الأستاذة اليسارية الشابة مستقبل النظام المصري بين احتمالين "سيناريو انهيار النظام للداخل بمعنى أن النظام يحمل أسباب فناءه داخليا والتي ستؤدي إلى انهياره حتى لو لم يحدث انفجار، أو سيناريو انفجار النظام للخارج والثورة عليه. وتري أن هذا يرتبط بمحددات مثل دور المعارضة وأشكال التنظيم وصياغة البدائل، ولو هذه العوامل غير موجودة فسيكون الانهيار للداخل هو الأقرب للحدوث”. وفي فبراير الماضي، تساءل "ستيفن كوك" الباحث ب "معهد دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا" بمجلس العلاقات الخارجية، في مقال نشره بموقع "ناشيونال انترست": "هل يمكن أن يتسبب تعويم الجنيه في انتفاضة خبز جديدة؟" ركز فيه على أن خفض قيمة العملة ينطوي على مخاطرة سياسية