مشروع "قانون بناء الكنائس".. ما له و ما عليه 2 إجراءات الترخيص : تناول مشروع القانون محل الدراسة تنظيم إجراءات الترخيص بالأعمال المطلوب الترخيص بها و التى بينها بالبند رقم (9) من مادته رقم (1) بالنص على أن : " الأعمال المطلوب الترخيص بها : بناء أو توسيع أو تعلية أو تعديل أو تدعيم أو ترميم أو هدم أو تشطيبات خارجية بالكنيسة أو ملحق الكنيسة . " و قسَّم هذه الإجراءات إلى مرحلتين رئيستين : المرحلة الأولى : الحصول على شهادةٍ من المحافظ المختص بعدم وجود مانعٍ من القيام بالأعمال المطلوب الترخيص بها . لقد تناول مشروع القانون المقترح تنظيم إجراءات الحصول على هذه الشهادة و بيَّن المستندات الواجب تقديمها في سبيل ذلك في المواد : (3) ، (4) ، (5) . و قد جرى نص المادة رقم (3) منه على أن : " يتقدم الممثل القانوني للطائفة إلى المحافظ المختص بطلبٍ للحصول على شهادةٍ بعدم وجود مانعٍ من القيام بأي من الأعمال المطلوب الترخيص بها ، و علي الجهة الإدارية إعطاء مقدم الطلب ما يفيد استلام طلبه يوم تقديمه . و يجب أن ُيرفَق بهذا الطلب مستندات الملكية و المستندات اللازمة لبيان طبيعة الأعمال المطلوبة و موقعها و حدودها، و سائر المستندات الأخرى التي يصدر بتحديدها قرارٌ من الوزير المختص بشؤون الإسكان خلال ستين يوما من تاريخ العمل بهذا القانون . و في جميع الأحوال لا يُقبل الطلب غير المستوفي للمستندات المشار إليها . " و نصت المادة رقم (4) من ذات القانون على أنه : " يجوز للمثل القانوني للطائفة التقدم للمحافظ المختص بطلبٍ للحصول على شهادةٍ بعدم وجود مانعٍ من هدم وإعادة بناء كنيسةٍ مقامةٍ بترخيصٍ أو تم توفيق وضعها وفق أحكام هذا القانون و ذلك باتباع الإجراءات المنصوص عليها فيه . " كما نصت المادة رقم (5) من ذات القانون على أنه : " يقوم المحافظ المختص بالبت في الطلب المشار إليه في المادتين (3) و (4) من هذا القانون بعد التنسيق مع الجهات المعنية في مدةٍ لا تجاوز أربعة أشهر من تاريخ تقديمه و إخطار مقدم الطلب بكتابٍ مسجلٍ موصًي عليه بعلم الوصول بنتيجة فحص طلبه . و في حالة رفض الطلب يجب أن يكون قرار الرفض مسببًا . " إجراءات استخراج شهادة عدم الممانعة : 1 تقدُّم الممثل القانوني للطائفة إلى المحافظ المختص بطلبٍ للحصول على شهادةٍ بعدم وجود مانعٍ من القيام بأيِّ من الأعمال المطلوب الترخيص بها . و قد عرَّف البند رقم (8) من المادة رقم (1) من مشروع القانون المقترح " الممثل القانونى للطائقة " بالنص على أنه : " شخصٌ طبيعيٌّ من غير رجال الدين يختص دون غيره باتخاذ كافة الإجراءات المتعلقة بأيٍّ من الأعمال المطلوب الترخيص بها وفق أحكام هذا القانون و يحدده الرئيس الديني الأعلى لكل طائفة في كل حالة . " و عرَّف أيضًا البند رقم (5) من ذات المادة " الرئيس الدينى المختص " بالنص على أنه هو : " الرئيس الدينيُّ الأعلى للطائفة المسيحية المعترف بها في جمهورية مصر العربية . " كما عرَّف البند رقم (7) من ذات المادة " الطائفة بالنص " على أنها : " الطائفة الدينية التي تعترف لها الدولة بشخصية اعتبارية . " وعرَّف كذلك البند رقم (6) من ذات المادة " المحافظ المختص" بالنص على أنه : " المحافظ الذي تقع في دائرة اختصاصه الأعمال محل الترخيص التي ينظمها هذا القانون . " لم يتطرق مشروع القانون محل الدراسة إلى تحديد كنه الموانع التى تحول دون الموافقة على طلب الترخيص بالأعمال المشار إليها فيه بتبيانها على سبيل الحصر أو وضْع المعايير التى تُستقى منها كما هو الحال فيما يتعلق بتحديد مساحة الكنيسة المطلوب الترخيص ببنائها ، الأمر الذى يُخضِع طلب الترخيص ببناء الكنائس الجديدة إلى مطلق إرادة جهة الإدارة في تحديد الموانع التى يستند إليها لرفض الطلب دون أن يكون لذوى الشأن من سبيلٍ لدحض أسبابه ودون أن يتسنى للقضاء في هذه الحالة بسط الرقابة القضائية عليها . 2 يتولى المحافظ المختص البت في الطلب المشار إليه بعد التنسيق مع الجهات المعنية في مدةٍ لا تجاوز أربعة أشهر من تاريخ تقديمه . أبقى مشروع القانون المذكور في يد جهة الإدارة الحق المطلق في الترخيص ببناء الكنائس الجديدة كما هو الحال وفقًا لأحكام الخط الهمايونى ، كلُّ ما هنالك أنه نقل الاختصاص بها إلى المحافظين بدلًا من رئيس الدولة مقيدًا سلطتهم في البت فيها بموافقة ما أسماه بالجهات المعنية التى لم يحددها ، و بالطبع فإن رئيس الدولة يقع على رأس هذه الجهات التى فرض النص على المحافظين ضرورة التنسيق معها ، و كان الأحرى بمن وضع صياغة مشروع هذا القانون أن يستبدل عبارة " بعد التنسيق مع الجهات المعنية " بعبارة " بعد استطلاع رأى الجهات المعنية " ذلك أن النظام القانونىَّ المصرىَّ يُلزِم المحافظين بالانصياع المطلق لأوامر رئيس الجمهورية ، الأمر الذى يؤكد أن سلطة الترخيص ببناء الكنائس لازالت باقيةً في يد رئيس الدولة يمارس المحافظون إجراءاتها بعد الرجوع إليه و استطلاع رأيه ، ومن ثم فإن مشروع القانون المقترح قد أبقى على الأحكام الواردة بالخط الهمايونى نافذةً دون إلغاءٍ أو تعديلٍ في هذا الصدد . 3 يتولى المحافظ المختص إخطار مقدم الطلب بكتابٍ مسجلٍ موصًي عليه بعلم الوصول بنتيجة فحص طلبه على أن يكون القرار مسببًا في حالة الرفض . 4 لم يتناول مشروع القانون المقترح حالة ما إذا تأخر المحافظ المختص في البت في طلب الترخيص ليجعل لجهة الإدارة الحق في عدم الرد بنتيجة الفحص . المستندات الواجب تقديمها للحصول على الشهادة : 1 مستندات الملكية 2 المستندات اللازمة لبيان طبيعة الأعمال المطلوب الترخيص بها و موقعها و حدودها. 3 المستندات التي يصدر بتحديدها قرارٌ من الوزير المختص بشؤون الإسكان خلال ستين يوما من تاريخ العمل بهذا القانون . مرةً أخر تُصاغ نصوص مشروع القانون المقترح على نحوٍ مجملٍ مبهمٍ دون تفصيلٍ أو توضيحٍ لتُخضع طالب الترخيص لمطلق إرادة جهة الإدارة ، فالبسبة للمستندات الواجب تقديمها استلزم النص تقديم مستنداتٍ يجرى تحديدها فيما بعد بمعرفة وزير الإسكان خلال ستين يومًا من تاريخ العمل بهذا القانون دون أن يُمكِّن أعضاء البرلمان من بسط رقابتهم على تحديدها ؛ الأمر الذى يجعل الترخيص ببناء الكنائس خاضعًا للملاءمات السياسية للسلطة التنفيذية ، فإن كانت سياسة الدولة تستهدف ابتزاز المسيحيين أو جرهم للانصياع لإملاءات النظام حدد وزير الإسكان مستنداتٍ يسهل الحصول عليها و تقديمها ، و إن كان غير ذلك فإنه بالطبع سيحدد مستنداتٍ يكاد يكون من المستحيل الحصول عليها حتى ما انصاع المسيحيون لما يُرَاد منهم عدَّل قراره تخفيفًا و تيسيرًا لصالحهم . المرحلة الثانية : الحصول على الترخيص من الجهة المختصة بشئون التخطيط و التنظيم . تناول مشروع القانون المقترح إجراءات الحصول على الترخيص من الجهة المختصة بشئون التنظيم في المادة رقم (6) منه و التى جرى نصها على أن : " يكون القيام بأيٍّ من الأعمال الصادر بشأنها الشهادة المشار إليها في المادتين (3) و(4) من هذا القانون بعد الحصول على ترخيصٍ في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشؤون التخطيط و التنظيم وفق أحكام قانون البناء الصادر بالقانون 119 لسنة 2008 و لائحته التنفيذية بما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون . و تُعدُّ شهادة عدم وجود مانع من القيام بالعمل المطلوب الترخيص به من المستندات اللازمة لاستخراج الترخيص . و يصدر الترخيص باسم الطائفة الدينية . " استلزمت هذه المادة بعد الحصول على الشهادة بعدم وجود مانعٍ من القيام بأىٍّ من الأعمال المطلوب الترخيص بها على النحو السالف بيانه أن يتقدم طالب الترخيص إلى الجهة المختصة بشؤون التنظيم للترخيص له بإجرائها وفقًا للشروط و الأوضاع المقررة بقانون البناء الصادر بالقانون 119 لسنة 2008 و لائحته التنفيذية و بما لا يتعارض مع أحكام مشروع القانون المقترح شريطة أن يقدم شهادة عدم الممانعة المشار إليها و إلا رُفِض طلبه . أوردت الفقرة الأخيرة من هذه المادة وجوب صدور الترخيص باسم الطائفة الدينية فإذا كانت المادة رقم (3) قد اشترطت ضرورة أن يباشر الممثل القانونى للطائفة طالبة الترخيص كافة الإجراءات الخاصة باستخراجه في مرحلتيه على نحو ما بينا سلفًا ، فإنه يُستفَاد من ذلك أن مشروع القانون المقترح يحظر على غير الطوائف الدينية من آحاد الناس و الأشخاص الاعتبارية التقدم بطلبٍ الحصول على التراخيص بالأعمال المشار إليها . حظر مشروع القانون المقترح استخدام الكنائس أو ملحقاتها في غرضٍ آخر يخالف أو يجاوز حدود الترخيص بها ، و رتب بطلان كل تصرفٍ يخالف ذلك ، و قد أورد ذلك الحظر ما تضمنته مادته رقم (7) التى جرى نصها على أنه : " لا يجوز تغيير الغرض من الكنيسة المرخصة أو ملحق الكنيسة المُرخَّص إلى أيِّ غرضٍ آخر، و لو توقفت إقامة الصلاة و الشعائر الدينية بها ، و يقع باطلًا كلُّ تصرف يتم على خلاف ذلك . " توفيق أوضاع الكنائس المقامة بغير ترخيص : تناول مشروع القانون المقترح مسألة توفيق أوضاع الكنائس المُقامة بغير ترخيصٍ و ذلك في المادة رقم (8) التى جرى نصها على أن " يُعتبَر مُرخَّصًا ككنيسةٍ كلُّ مبنًى تُقاَم به الشعائر و الخدمات الدينية المسيحية وقت العمل بهذا القانون بعد التأكد من السلامة الانشائية للمبنى وفق تقريرٍ من مهندسٍ استشاريٍّ إنشائيٍّ على أن يتقدم الممثل القانونيُّ للطائفة بكشوفٍ بحصر هذه المباني إلى المحافظ المختص خلال ستة أشهرٍ من تاريخ العمل بهذا القانون . و لا يجوز منع أو إيقاف الشعائر و الأنشطة الدينية في أيٍّ من الكنائس المشار اليها أو ملحقاتها لأي سببٍ . " وفقًا لنص هذه المادة فإن كل مبنًى تُقاَم به الشعائر و الخدمات الدينية المسيحية وقت العمل بهذا القانون يُعتبَر كنيسةً مُرخَّصًا بها بمراعاة الشرطين الآتيين : أ تقديم تقريرٍ صادرٍ عن مهندسٍ استشارىٍّ يؤكد السلامة الإنشائية للمبانى التى يُراد توفيق أوضاعها . ب أن تكون المبانى التى يجرى توفيق أوضاعها مدرجةً بكشوف الحصر التى يلتزم الممثل القانونىُّ لكل طائفة بتقديمها إلى المحافظ المختص في غضون ستة أشهرٍ من تاريخ العمل بالقانون . حظرت هذه المادة منع أو إيقاف الشعائر و الأنشطة الدينية في أيٍّ من الكنائس المشار اليها أو ملحقاتها لأي سببٍ . يُؤخَذ على ما أوردته هذه المادة المآخذ الآتية : 1 التوسع قى تعريف الكنسة التى يجرى توفيق أوضاعها بالنص على أنها " مبنًى تُقاَم به الشعائر و الخدمات الدينية المسيحية " و هو ما يسمح باعتبار الأماكن التى لم تخصص للصلوات الخاصة بالدين المسيحىِّ وإنما خُصِّصَت لإقامة الشعائر و الأنشطة الدينية فحسب أن تدخل في عداد الكنائس ، فضلًا عن إغفال النص على ضرورة انتظام ممارسة الصلوات و الشعائر داخل المبنى ليتسنى اعتباره من عداد الكنائس ، الأمر يخالف تعريف الكتيسة الذى أوردته المادة رقم (1) من أنها " مبنًي مستقلٌ محاطٌ بسورٍ، تُمارَس فيه الصلاة و الشعائر الدينية للمسيحيين على نحوٍ منتظمٍ . " ؛ و هو ما يثير التناقض و اللبس و يفتح الباب لإدخال مبانٍ لم تكن يومًا من الأيام كنائس أو لم تجرى بها الصلوات و الشعائر على نحوٍ منتظمٍ لتوفيق أوضاعها باعتبارها تدخل في عداد الكنائس . 2 الاستعانة بالخبراء الاستشاريين في الهندسة الإنشائية للوقوف على السلامة الإنشائية للمبانى التى يجرى توفيق أوضاعها للترخيص بها ككنائس من دون الخبراء الفنيين التابعين للدولة في ذات التخصص والذين يخضهون لرقابتها في توخى المعايير القياسية المتعارف عليها يفتح باب التلاعب و التدليس ، إذ أن ممثلى الكنائس سيلجأون إلى استشاريين مسيحيين و هؤلاء لن يتمكنوا من مخالفة أوامر الكنيسة . 3 التسليم المطلق للممثلين القانونيين للطوائف في شأن تحديد و حصر المبانى التى يراد توفيق أوضاعها للترخيص بها ككنائس دون أن يخضع ذلك للرقابة أو التحرى من قبل الدولة للتأكد من أن تلك المبانى كانت بالفعل كنائس غير مرخصةٍ تقام بها الصلوات و الشعائر الدينية على نحوٍ منتظمٍ . 4 الحظر المطلق لمنع أو إيقاف الشعائر و الأنشطة الدينية في أي من الكنائس المشار اليها أو ملحقاتها لأي سببٍ كان ، ربما يؤدى إلى نتائج غير مقبولةٍ ، كأن يثبت مثلًا أن المبنى غير سليمٍ من الناحية الإنشائية و بالتالى فإنه لا يجوز توفيق و ضعه للترخيص به ككنيسة بالإضافة إلى أنه يشكل خطرًا على حياة رواده ؛ الأمر الذى يستوجب منعهم من دخوله . 5 لم تراعِ هذه المادة من أجل توفيق أوضاع المبانى للترخيص بها ككنائس الشروط الواردة بالمادة رقم (1) من هذا المشروع و التى تضمنت تعريف الكنيسة و ملحقاتها و محلاتها . 6 لم تراعِ المادة المذكورة أيضًا شروط الترخيص ببناء الكنائس المنصوص عليها في مشروع القانون المقترح أو الشروط المنصوص عليها في القوانين الأخرى التى أنشئت بالمخالفة لها و الأحكام المقررة فيها للتصالح و توفيق الأوضاع كالقانون رقم (53) لسنة 1966 بإصدار قانون الزراعة الذى يحظر البناء في الأراضى الزراعية ، وغيره من القوانين التى تحظر التعدى على أملاك الدولة أو أملاك الغير ، و بالتالى فإنه وفقًا لهذه المادة سيتم اعتبار الكنيسة غير المرخصة المقامة على أرضٍ زراعيةٍ أو على أرضٍ مغتَصبَةٍ أو مملوكةٍ للدولة كنيسةً مرخصًا بها متى ثبت سلامة إنشائها و وردت بكشوف الحصر المشار إليها . 7 تطبيق أحكام هذه المادة سينجم عنه على النحو المبين آنفًا مساسٌ جسيمٌ بالحقوق الخاصة و العامة التى تكفَّل الدستور بحمايتها و إخلالٌ كبيرٌ بالنظام العام ، كما سيؤدى إلى خللٍ بيِّن في المراكز القانونية المتساوية نتيجة محاباة طائفةٍ معينةٍ من طوائف الشعبِ على أساسٍ دينىٍّ بحت بمميزاتٍ لم تُقَرَّر لغيرهم تتمثل في اعتبار كنائسهم غير المرخص بها مرخصًا بها دون مراعاة الشروط و الأحكام الواردة في القوانين التى بُنيت تلك المنشآت بالمخالفة لها ، في حين تبقى المنشآت الأخرى غير المرخص بها لباقى طوائف الشعب و أفراده بما فيها المساجد دون توفيقٍ لأوضاعها للترخيص بها أسوةً بالكنائس ، و في ذلك إخلالٌ بَيِّنٌ بمبدأين دستوريين أساسيين هما : المساوة و تكافؤ الفرص ، و من ثم فإن هذه المادة يشوبها عيب عدم دستوريتها ، مما يجعل أمر هذه الكنائس معلقًا على استصدار حكمٍ من المحكمة الدستورية بعدم دستورية هذه المادة ، فيستطيع النظام إذا ما وقف وراء تحريك الدعوى بانعدام دستوريتها في الوقت و الزمان الذى يريدهما وفقًا لمتطلباته السياسية أن يُنهىَ أمر هذه الكنائس و يعيدها سيرتها الأولى . أحكامٌ عامةٌ : 1 عدم خضوع الأديرة لأحكام مشروع القانون المقترح ، حيث أوردت المادة الأولى من قانون الإصدار النص على أن : " يُعمَل بأحكام القانون المرافق في شأن تنظيم أعمال بناء و ترميم الكنائس و ملحقاتها بالوحدات المحلية و المناطق السياحية و الصناعية و التجمعات العمرانية الجديدة و التجمعات السكنية التي يصدر بتحديدها قرارٌ من الوزير المختص بشؤون الإسكان . على أن يصدر بتنظيم أوضاع الأديرة و ما تحويه من دورٍ و أماكن عبادةٍ قانونٌ مستقلٌ . " وفقًا لهذا النص فإن ما يتعلق بإقامة الأديرة و تنظيم أوضاعها و ما تحويه من دورٍ و أماكن عبادةٍ لا يخضع لأحكام مشروع هذا القانون ، بل يخضع لأحكام الخط الهمايونى إلى أن يصدر القانون الذى أحالت هذه المادة إليه إذا ما تناوله ذلك القانون بالتعديل أو الإلغاء . 2 اعتبار قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008 هو قانون الشريعة العامة التى تسرى أحكامه فيما لم يرد بشأنه نصٌ خاص في مشروع القانون المقترح دون إخلالٍ بأحكام قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983 و أحكام القانون رقم 144 لسنة 2006 في شأن تنظيم هدم المباني و المنشآت غير الآيلة للسقوط و الحفاظ على التراث المعماري ، و قد تناولت المادة الثانية من مواد الإصدار ذلك بنصها على أنه : " لا تُخِلُّ أحكام القانون المرافق بأحكام قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983 و أحكام القانون رقم 144 لسنة 2006 في شأن تنظيم هدم المباني و المنشآت غير الآيلة للسقوط و الحفاظ على التراث المعماري . و يسري فيما لم يرد بشأنه نصٌّ خاصٌّ في القانون المرافق أحكام قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008 . " يترتب على ذلك : أ عدم جواز الترخيص ببناء الكنائس الجديدة في المناطق الأثرية إعمالًا لنص الفقرة الأولى من المادة (20) من قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983 الذى جرى على أنه : " لا يجوز منح رخص للبناء في الموقع أو الأراضي الأثرية . " ب عدم جواز الترخيص بهدم الكنائس التى تُعبتَر من المبانى الأثرية إعمالًا لنص البند الأول من الفقرة الأولى من المادة رقم (13) من قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983 الذى جرى على أنه : " يترتب علي تسجيل الأثر العقاري و إعلان المالك بذلك طبقا لأحكام المادة السابقة الأحكام الآتية : 1- عدم جواز هدم العقار كله أو إخراج جزء منه من جمهورية مصر العربية . " ج عدم جواز الترخيص بترميم وصيانة الكنائس المسجلة كأثرٍ عقارىٍّ إعمالًا لنص المادة (30) من قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983 الذى جرى على أنه : " تختص الهيئة دون غيرها بأعمال الصيانة والترميم اللازمة لجميع الآثار والمواقع والمناطق الأثرية والمباني التاريخية المسجلة . " د عدم جواز الترخيص بهدم أو توسعة أو تعلية الكنائس ذات الطراز المعمارى المتميز و استلزام الترخيص بأىٍّ من هذه الأعمال بالنسبة للكنائس الأخرى عير الآيلة للسقوط وفقًا للأوضاع و الشروط المقررة في القانون رقم 144 لسنة 2006 في شأن تنظيم هدم المباني و المنشآت غير الآيلة للسقوط و الحفاظ على التراث المعماري و قد أوردت المادة الثانية من هذا القانون النص على أن : " يُحظَر الترخيص بالهدم أو الإضافة للمباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميز المرتبطة بالتاريخ القومي أو بشخصية تاريخية أو التي تمثل حقبةً تاريخيةً أو التي تُعتبَر مزارًا سياحيًا ، و ذلك مع عدم الإخلال بما يُستَحَقُّ قانونًا من تعويض . " 3 رغم ورود النص على إلغاء كل حكمٍ يخالف أحكام هذا القانون في المادة الثالثة من مواد الإصدار و التى جرى نصها على أن : " يُنشَر هذا القانون في الجريدة الرسمية ، و يُعمَل به من اليوم التالي لتاريخ نشره ، و يلغى كل حكم يخالف أحكامه . " إلا أن نصوص مشروع القانون المقترح لم تتناول أحكام الخط الهمايونى أو شروط العزبى بما يخالف أحكامها ، و بالتالى فإنهما حتى في حالة إصدار هذا القانون بالصورة التى عليها سيستمر سريانهما معه جنبًا إلى جنبٍ دون تعارضٍ أو تناقضٍ . خاتمة الدراسة : 1 لم يأتِ مشروع القانون المقترح بجديدٍ من الناحية الموضوعية إذ أبقى على سلطة الترخيص ببناء و ترميم و توسيع و تعلية و إحلال و تجديد الكنائس في يد جهة الإدارة على نحوٍ مطلقٍ ، كل ما هنالك أنه تناول تنظيم المسائل الإجرائية لاستخراج التراخيص بالأعمال المشار إليها فيه فحسب بما لا يمس الأحكام الموضوعية الواردة في الخط الهمايونى و شروط العزبى ، و بالتالى فإنه يستمر سريانهما حتى في حالة إصدار هذا القانون . 2 بمقارنة ما أورده المشروع المقترح من أحكامٍ بما ورد في الخط الهمايونى و شروط العزبى يتبن أنه قد زاد الأمور تعقيدًا مما استقر عليه العمل بأحكامهما و أنه استخدم ألفاظًا و عباراتٍ مجملةً مبهمةً دون أن يُورِد ما يفصلها أو يوضحها ليكون تفسيرها و تأويها خاضعًا لمطلق حرية جهة الإدارة دون أن يتسنى لطالب الترخيص تفنيدها و الرد عليها أو أن يتمكن القضاء من بسط رقابته القضائية عليها لانعدام المعايير التى تمكنه من فك طلاسم الألفاظ و العبارات المبهمة . 3 مطالبات بعض المسيحين باستصدار قانونٍ مُوْحَّدٍ لتنظيم بناء دور العبادة هى مطالباتٌ قائمةٌ على غير سندٍ من الواقع و القانون لانتفاء الصفة والمصلحة التى تخولهم ذلك ، إذ ليس لهم إلا المطالبة بحقوقهم دون حقوق غيرهم من المسلمين و أهل الأديان الأخرى . 4 ادعاء بعض المسيحيين عدم المساواة بينهم و بين المسلمين في إنشاء دور العبادة استنادًا إلى فكرة المواطنة لا يتساند إلي ما يدعمه من الأدلة و البراهين ؛ لأن البت في ذلك الأمر يحتاج إلى إحصاءٍ دقيقٍ يتناول التوزيع السكانىِّ لكلٍ من المسلمين و المسيحيين في الأحياء و القرى و المراكز و المدن و المحافظات و يتناول أعداد و مساحات المساجد و الكنائس بكلٍ منها وتناسبها عددًا و مساحةً مع الكثافة السكانية لكل فريقٍ كلٌ فيما يخصه ، و نظرًا لعدم توافر مثل هذه البيانات و الإحصاءات ستبقى ادعاءات المسيحيين مجرد ادعاءاتٍ مرسلةٍ تفتقر إلى الأدلة التى تقوم عليها . إذا كان دستور النظام الحالى قد ترك للمسلمين و غيرهم من أهل الكتاب كلٌ حسب شريعته الخاصة تنظيم ما يتعلق بشئونهم الدينية التى تشمل كل ما يتعلق بشكل و هيكل مبنى دار العبادة ، و إذا كانت عمارة المساجد في الشريعة الإسلامية لا تتطلب ما تتطلبه الديانة المسيحية في بناء الكنائس من مساحاتٍ أوسع و مبانٍ أكثر ، فإن مقارنة المسجد بالكنيسة في هذا الصدد تكون محسومةً لصالح المسيحيين لا ريب ، فضلًا عن أن الشريعة الإسلامية لا تعرف نظام الرهبنة و الأديرة التى تُعدُّ من الأمور الجوهرية في الديانة المسيحية ، أعتقد أنه إذا توافرت المعلومات الكافية بعدد و مساحات الأديرة والكنائس المخصصة لكل طائفةٍ بالمقارنة بأعداها فإن النسبة المتحصلة من هذه المقارنة ستكون أكبر بكثير من النسبة المتحصلة من مقارنة أعداد و مساحات المساجد بالنسبة للعدد الإجمالى للمسلمين في مصر . يَفهم البعض فكرة المواطنة بشكلٍ يعتريه اللبس و الخلط و القصور ؛ ذلك أن فكرة المواطنة لا يُمكن أن تتعارض مع النظام العام لبلدٍ إسلامىٍّ يشكل الدين الإسلامى فيه المقومات الأساسية للنظام و الآداب العامة ، و لا يمكن أن تتعارض أيضًا مع المراكز القانونية المستقرة و الحقوق التى اكتسبتها الأغلبية المسلمة منذ مئات السنين ، كما لا يمكن أن تتعارض مع الحقوق الأخرى التى تقف معها على التماس ، إذ أن استعمال الحق لا يعنى تعطيل استعمال الآخرين لحقوقهم أو الا نتفاص منها ، فضلًا عن أن إساءة استعمال الحق بتوخى مصالح لاتتناسب في الأهمية مع ما يصيب الأخرين مجتمعًا و أفرادًا من أضرارٍ أمرٌ لا يقره الشرع أو القانون . 5 الحقيقة أن النظام الحالىَ الطامح إلى بسط نفوذه و تدعيم وجوده في الحكم وجد الأرض الخصبة لأطماعه في أطماع بعض المسيحيين فى المزيد من المكاسب إن كان بحقٍ أم بغير حقٍ فاستغل الفرصة لذلك بأن جعل السماح ببناء الكنائس سلطةً خالصةً له ليتمكن بذلك من ابتزاز المسيحيين و مساومتهم على الخضوع لإرادته كثمنٍ للمَنِّ عليهم بالترخيص ببناء بعض الكنائس. انتهت الدراسة هذه كلمة حقٍ أقولها، والله الموفق، المستشار عماد أبوهاشم - رئيس محكمة المنصورة الابتدائية والمستشار القانونى للبرلمان المصرى بالخارج.