قال الكاتب الصحفى الأردنى، أحمد الذبيان فى مقال له اليوم السبت، أن قائد الانقلاب العسكرى عبدالفتاح السيسى، قام بإلقاء حجر فى بحر المفاوضات الفلسطينية الصهيونية، واصفًا ذلك الحجر بالملوث، وأنه لم يأتى إلا بعد استئذان الجانب الصهيونى، الذى سمح بدوره ذلك. وأضاف الكاتب الأردنى، أن وساطة تونى بلير فى العملية كان لها سرعة التنفيذ وخروجه فى احدى خطاباته يتحدث عن السلام الدافئ مع الكيان الصهيونى. وقال "ذيبان" فى بداية مقاله، حرك رئيس الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي المياه الراكدة، في بركة المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، بقذف حجر في تلك المياه، لكنه حجر ملوث بالنسبة للفلسطينيين ويخدم العدو الإسرائيلي بالدرجة الأولى!. وأوضح" ذيبان"، وهو ما تؤكده تسريبات نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية، أكدت أن عرض السيسي سبقته اتصالات سرية مباشرة بين القاهرة وتل أبيب، وأن الخطاب الذي عرض فيه المبادرة، جاء بناء على طلب مباشر من مبعوث اللجنة الرباعية السابق توني بلير، الذي نسق مع الساسة الإسرائيليين لإيصال "الرسالة" إلى السيسي، بهدف مساعدة نتنياهو في التغلب على الأزمة الوزارية التي واجهت الائتلاف الحكومي، بإشراك حزب العمل برئاسة اسحاق هيرتزوج في حكومة نتنياهو، وهو ما ورد بالفعل بخطاب السيسي الذي طلب من " الأحزاب الإسرائيلية التوصل لتفاهم وطني، حول الحاجة لدفع عملية التسوية السياسية مع الفلسطينيين" !. وأشار "ذيبان" قائلاً، لكن النتائج جاءت مختلفة، حيث وجه نتنياهو صفعة مدوية للسيسي وبلير، عندما أوقف المفاوضات مع هيرتزوج، وتوجه إلى أقصى اليمين بالاتفاق على ضم حزب "إسرائيل بيتنا" بقيادة وزير الخارجية السابق ليبرمان، الذي سيتولى وزارة الحرب، وقد سبق أن طالب بقصف السد العالي في عهد مبارك! وتابع، كان أمرا طبيعيا أن يرحب نتنياهو وعباس بعرض السيسي، فعباس مأزوم سياسيا ويبحث عن أي مخرج من متاهة أوسلو! أما نتنياهو فهو يدرك أن عرض السيسي مجرد "نكتة ساذجة" ! وما يعنيه هو استمرار لعبة المفاوضات إلى مالا نهاية، واستثمار الوقت لتكريس إجراءات تهويد الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وتوسيع الاستيطان، والحقيقة الراسخة أن دولة الاحتلال ترفض أي مبادرة جدية لتحريك التسوية وفق القرارات الدولية، وقبل أيام رفض نتنياهو مبادرة فرنسية لإحياء المفاوضات مع الفلسطينيين، من خلال عقد مؤتمر متعدد الأطراف يعقد في باريس. وأوضح الكاتب الأردنى، وهو مؤتمر أقرب إلى لعبة العلاقات العامة، فقد أصبح مفهوما للجميع أن تقرير مصير القضية الفلسطينية سياسيا، مرتبط بتدخل أمريكي حقيقي للضغط على إسرائيل، للاستجابة للمطالب الفلسطينية المشروعة، لكن واشنطن وضعت هذا الملف على الرف، فهي مشغولة بترتيب الوضع في سوريا بالتنسيق مع الروس، ومن جهة أخرى فإن الرئيس أوباما في الأشهر الأخيرة من فترة حكمه، وقد أضاعت إدارته أكثر من سبع سنوات، في كلام فارغ حول استئناف المفاوضات و "حل الدولتين" ، ولم يسبق أن اتخذت إدارة أمريكية قرارات مصيرية، بحجم قضية مستعصية كالقضية الفلسطينية في نهاية ولايته، أما الخيار الثاني لحسم الصراع، فهو حدوث "انقلاب تاريخي" في الواقع العربي يقود لتحرير فلسطين، وهذا يحتاج إلى "معجزة" ! وأكد "ذيبان"، دور مصر القومي يحتم عليها دعم الفلسطينيين، وليس طرفا محايدا أو وسيطا، لكن سلطة الانقلاب وضعت "أم الدنيا" في خدمة العدو، بتشديد الحصار على قطاع غزة، وابتكرت أساليب لإغلاق أي منفذ، كان أكثرها بشاعة إغراق الأنفاق -التي كانت تستخدم كشريان حياة، بين القطاع والأراضي المصرية- بمياه البحر، وكان ذلك هدية ثمينة لحكومة نتنياهو ! ولم تكتف سلطة الانقلاب بذلك، بل رعت حملة إعلامية وسياسية منهجية ل "شيطنة" حركة حماس، واتهامها بتهريب السلاح من القطاع إلى الجماعات المسلحة، التي تقاتل الجيش المصري في صحراء سيناء! كان من الطبيعي أن ترحب إسرائيل بخطاب السيسي، وبعض المحللين شبهوه بخطاب السادات عام 1977، الذي دعا فيه نفسه لزيارة إسرائيل ومخاطبة الكنيست مباشرة، وهو ما حدث بالفعل والنتائج معروفة! وأوضح "ذيبان"، ما يقرأ بين سطور مبادرة السيسي أن هناك أمرا جديدا، وهو ما ينسجم مع ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر غربية، عن استعداد السعودية ودول خليجية أخرى تعديل مبادرة السلام العربية، وهو ما أشار له زعيم المعارضة الإسرائيلية، هيرتزوج، بقوله خلال ندوة في مدينة كفر سابا قبل أيام "أن نتنياهو أبدى لأول مرة خلال المحادثات الائتلافية تجاوبا مع مبادرة السلام العربية" ، والتعديل الذي يتم الحديث عنه، يتعلق بإعادة هضبة الجولان وحق عودة اللاجئين. واختتم الكاتب الأردنى مقاله، ومن هنا يمكن للمراقب أن يلاحظ، أن عرض السيسي ربما تم طبخه بالتنسيق مع الدول العربية وسلطة عباس، فمنذ إطلاق المبادرة قبل 15 عاما رفضتها إسرائيل، لكن يبدو أن التعديل المقترح مغر لنتنياهو، ويحولها عمليا إلى "مبادرة إسرائيلية" ! تكون مناسبة لإطلاق مفاوضات مع الدول العربية المعنية، يكون لمصر السيسي دور قيادي فيها، وهو بذلك يجد فرصة لتحويل الأنظار، عن الأزمات المتفاقمة التي تواجهها مصر منذ انقلاب يوليو. ويبقى التأكيد أن الانقسام الفلسطيني، يشكل أكبر عقبة في طريق تحقيق تقدم في مسار الصراع، سواء عن طريق المقاومة أو المفاوضات!.