الإيجار القديم.. محمود فوزي: تسوية أوضاع الفئات الأولى بالرعاية قبل تحرير العلاقة الإيجارية    كامل الوزير: الانتهاء من إنتاج جميع أنواع حافلات وسيارات النصر في عيد العمال المقبل    بعثة الأمم المتحدة فى ليبيا تؤكد عدم تأثر مقرها بعد إطلاق صاروخ على محيطه    الأونروا: مخطط تهجير غير مسبوق في غزة سيخلق تسونامي إنساني    مصدر عسكري إيراني: طهران تخطط لضرب قواعد أمريكية في دول غير خليجية    ترتيب الدوري المصري بعد فوز الزمالك على مودرن سبورت    نجم الزمالك السابق يهاجم كولر بسبب عمر الساعي    نجم الزمالك السابق: ألفينا يذكرني ب دوجلاس كوستا لاعب يوفنتوس السابق    قبل هروبهم بأسلحة ومخدرات، مقتل 4 عناصر إجرامية في تبادل إطلاق نار مع الأمن بالمنوفية    عاصي الحلاني ينتقد فكرة ظهور المعجبات على المسرح.. ماذا قال؟    علي الحجار ينسج حكايات الشجن.. وهاني حسن يرقص للحياة على أنغام السيمفوني في محكي القلعة    في ليلة لا تنسى، تامر عاشور وبهاء سلطان يشعلان مهرجان صيف بنغازي (صور)    نائب: العلاقات المصرية السعودية تاريخية وزيارة الرئيس تؤكد قوتها    حرق الكنائس.. جريمة طائفية ودعوة للتدخل الأجنبي    انخفاض جديد في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة محليا وعالميا    فصل التيار الكهربائي عن بعض المناطق بكفر الشيخ    نجم الأهلي السابق: «ديانج» لا يجلس احتياطيًا.. و«ألفينا» صفقة بارزة للزمالك    بيان «المحامين» يكشف الحقيقة في اجتماعات المحامين العرب بتونس    تنفيذ حكم الإعدام بحق مغتصب سيدة أمام زوجها بمقابر الإسماعيلية    تكريم حفظة القرآن والموهوبين من الأطفال ضمن البرنامج الصيفي بدمياط    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر و9 أيام عطلة للموظفين في سبتمبر (تفاصيل)    إيران: الجزء الرئيسي من المناورات لم يبدأ بعد ونطلب من المواطنين التزام الهدوء    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    محمد رمضان يستفز جمهوره في مصر ب فيديو جديد: «غيرانين وأنا عاذرهم»    إذاعة القرآن الكريم| هاجر سعد الدين أول سيدة بمتحف الأصوات الخالدة    هل يمكن تحديد ساعة استجابة دعاء يوم الجمعة ؟ دار الإفتاء توضح    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    آدم كايد يعرب عن سعادته بفوز الزمالك على مودرن سبورت    كيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع فوز الزمالك على مودرن سبورت بالدوري؟ (كوميك)    اليوم انطلاق مباريات دوري المحترفين بإقامة 3 مباريات    تعليم الجيزة تواصل أعمال الصيانة والتجديد استعدادا للعام الدراسي الجديد    اختيار رئيس المصرية للاتصالات وأورانج ضمن أقوى 20 قائدا للبنية التحتية الرقمية في إفريقيا    غرق طالب طب بروسيا خلال إجازته الصيفية في مطروح    روسيا تفرض على مواطنيها تطبيق منافس لتطبيق واتساب.. ما القصة؟    نصر وشاكر ضمن قائمة أقوى قيادات البنية التحتية الرقمية في إفريقيا    إعلام فلسطيني: استشهاد طفل بقصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط غزة    نتنياهو يوجه ببدء مفاوضات لإطلاق الرهائن وإنهاء الحرب في غزة    تقارير إسرائيلية: 83% من ضحايا حرب غزة من المدنيين    رسميا بعد إلغاء الاشتراطات.. خطوات استخراج رخصة بناء جديدة وعدد الأدوار المسموح بها    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    تعرف على العروض الأجنبية المشاركة في الدورة ال32 لمهرجان المسرح التجريبي    قبل انطلاق النسخة الثالثة.. صفقات أندية دوري المحترفين موسم 2025-2026    قناة «هي» تعلن عن برنامج سياسي جديد بعنوان «السياسة أسرار»    جولة مفاجئة لوكيل مستشفى الفيوم العام لضمان جودة الخدمات الطبية.. صور    مش هتشتريه تاني.. طريقة عمل السردين المخلل في البيت    طريقة عمل السينابون بالقرفة بسهولة في المنزل    «هتسد شهيتك وتحرق دهونك».. 4 مشروبات طبيعية تساعد على التخسيس    تظهر على أصابعك- 3 علامات تخبرك بأن كبدك مريض.. أعراض أمراض الكبد على الأصابع    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    مصرع شابين غرقا بنهر النيل فى دار السلام بسوهاج    جمصة تحذر من ارتفاع الأمواج اليوم وتطالب بالالتزام بتعليمات فرق الإنقاذ    الدوري المصري – موعد مباراة الزمالك المقبلة ضد فاركو والقناة الناقلة    منتدى المنظمات الأهلية ب"القومى للمرأة" يعقد اجتماعه الدورى    جمعوا 100 مليون دولار.. غانا تسلم أمريكا "النصابين الثلاثة".. ما القصة    3 ظواهر جوية تضرب البلاد .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : «توخوا الحذر»    خالد الجندي: الدفاع عن الوطن وحماية مصالحه من تعاليم الإسلام    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بين الدولة ونقيضها
نشر في اليوم السابع يوم 24 - 04 - 2009

مع أن تعيين مبعوث رئاسى إلى الشرق الأوسط هو جورج ميتشيل كان من القرارات المبكرة التى اتخذها الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى ساعاته الأولى فى البيت الأبيض.. إلا أن الرؤية الأمريكية العملية لمستقبل التسوية فى المنطقة ماتزال ضبابية. إنها حتى تطرح الشىء ونقيضه معا.
ومع بدء الجولة الأولى لجورج ميتشيل بالمنطقة منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة جرى الإعلان أيضا عن «أضخم مناورات عسكرية مشتركة» بين أمريكا وإسرائيل لاختبار ثلاثة أنظمة مختلفة للصواريخ ذاتية الدفع فى مواجهة «المساعى الإيرانية النووية المتواصلة». صحيح أن مثل تلك المناورات استمرت تجرى بانتظام بين الطرفين طوال السنوات الخمس الأخيرة.. إلا أن هذه المناورات الجديدة التى بدأ التخطيط لإجرائها ستكون هى الأضخم والأكثر تعقيدا. ومع أن أمريكا نفسها تمهد لحوار جاد مع إيران لأول مرة.. إلا أنها فى نفس الوقت تذكر بإمكانية توظيف إسرائيل فى عمل منفرد ضد إيران أو بتنسيق مسبق.
وفى الجولة الأوروبية الأولى للرئيس باراك أوباما، كان الخطاب الرئيسى له فى براغ يدعو إلى عالم خال من الأسلحة النووية وإمكانية التوصل إلى نزع شامل لتلك الأسلحة. إلا أنه قبل أن تمضى 48 ساعة صدر البيان الختامى لقمة دول حلف شمال الأطلنطى (ناتو) داعيا الدول الأطراف فى معاهدة منع الانتشار النووى إلى الانضمام طوعيا إلى البروتوكول الإضافى الذى يسمح بالتفتيش المفاجئ والمطلق لأى منشأة، مدنية أو عسكرية، داخل أى دولة حتى لو كانت مقرا لرئيس الدولة بحجة الاشتباه فى مواد نووية. أمريكا هذه التى تسعى إلى بروتوكول يستبيح دول العالم الثالث طبعا على هذا النحو هى نفسها التى تسمح لإسرائيل بالاستمرار فى رفض الانضمام من الأصل إلى معاهدة منع الانتشار النووى.
ومن اللافت فى هذا الصدد أن مصر مثلا اكتفت بالتوقيع بالأحرف الأولى على تلك المعاهدة فى سنة 1970 رافضة التصديق عليها إلا إذا فعلت إسرائيل ذلك. لكن مع توقيع أنور السادات لمعاهدته مع إسرائيل فى 1979 كفل هو تصديق مصر على المعاهدة فى 1981 فأصبحت ملزمة لمصر بينما إسرائيل مستمرة فى رفض الانضمام إلى المعاهدة.. حتى الآن.
وبينما إدارة الرئيس السابق جورج بوش كانت هى التى وقعت مع إسرائيل اتفاقا أمنيا جديدا ومفاجئا فى 16/1/2009 أى قبل نهاية سلطتها رسميا بثلاثة أيام، إلا أن إدارة الرئيس الجديد باراك أوباما كانت هى التى مضت فى تنفيذ ذلك الاتفاق وضمت إليه دولا أخرى من حلف شمال الأطلنطى بهدف مطاط، هو منع وصول الأسلحة إلى قطاع غزة من خلال مراقبة تشمل الدول المجاورة والقريبة.
وفى يناير وفبراير الماضيين قامت إسرائيل بغارتين سريتين فى شمال شرق السودان تحت عنوان ضرب قوافل أسلحة كانت متجهة برا عبر مصر إلى قطاع غزة. ومع أن إسرائيل لم تؤكد تماما دورها الحقيقى بعد تسريب أخبار تلك الغارات فى مارس الماضى إلا أن رئيس وزرائها وقتها اكتفى بالقول إن ذراع إسرائيل الطويلة تذهب «حيثما وأينما تريد» لضرب ما أسماه «البنية التحتية للإرهاب». وبالطبع لم يكن ممكنا للطائرات الإسرائيلية أن تقطع 1400 كيلومتر ذهابا إلى شمال شرق السودان ثم العودة بغير تنسيق مع أمريكا، إن لم يكن بمساعدة منها، مع تزاحم السفن الحربية ومحطات الرصد الأمريكية فى البحر الأحمر.
وإذا كانت إسرائيل تتعلل بتخوفها من تسرب أسلحة إيرانية إلى قطاع غزة، لتعطى لنفسها حق شن غارات حربية فى شمال شرق السودان.. فبماذا تعلل تواجدها المستتر فى دارفور غرب السودان، ووجود مكتب فى تل أبيب لأحد فصائل المتمردين السودانيين بهدف مساعدته عسكريا وسياسيا ودعائيا ؟ بل كيف نفسر الجهد الإسرائيلى المباشر وغير المباشر فى إطلاق «حملة إنقاذ دارفور» من نيويورك قبل خمس سنوات؟ وبماذا نفسر علاقات إسرائيل المتصاعدة مع أريتريا وقبلها مع إثيوبيا وتنسيقها الأمنى مع الأمريكيين فى جيبوتى وكينيا؟
ولقد كررت سابقا، أن أى تسوية عربية مع إسرائيل الدولة، لن تمتد مطلقا إلى إسرائيل الوظيفة، لأن هذه الوظيفة هى التى تضمن لإسرائيل استمرار شريانها الحيوى.
وكان هناك مروجون سابقا لفكرة أن «العلاقة الخاصة» لأمريكا مع إسرائيل هى من لوازم الحرب الباردة، حيث يتم توظيف إسرائيل لضرب النفوذ السوفيتى فى الشرق الأوسط. لكن الحرب الباردة انتهت منذ عشرين سنة والاتحاد السوفيتى ذاته تفكك إلى شظايا ومع ذلك استمرت «العلاقة الخاصة» ولخدمة وظائف مختلفة استجدت. بالضبط كما جرى اختلاق وظائف جديدة لحلف شمال الأطلنطى تحت عنوان مكافحة التطرف الإسلامى تارة أو الحرب ضد الإرهاب تارة أخرى.
وبرغم معاهدة سلام إسرائيلية مع أنور السادات، مستمرة منذ ثلاثين سنة، ومعاهدة أخرى مع الأردن منذ 1994 وله أطول حدود مع إسرائيل، إلا أن أمريكا كفلت لإسرائيل فى العام الماضى برنامجا تسليحيا إضافيا لعشر سنوات تالية، يتضمن حصولها على أسلحة أمريكية تتجاوز قيمتها ثلاثين بليون دولار، وفى طليعتها أجيال جديدة من الطائرات والصواريخ. ومع أن أمريكا احتفلت باتفاق أوسلو فى سنة 1993 بين إسرائيل وياسر عرفات تحت عنوان تسوية سلمية، إلا أنها تسوية لم تتحقق أبدا. وفى 2002 بشرنا الرئيس جورج بوش بسعى أمريكا إلى إقامة دولة فلسطينية، ونحن الآن فى 2009 أبعد عن تلك الدولة من أى وقت مضى، وما تبقى من الأرض الفلسطينية يتآكل بانتظام بفعل الاستيطان الإسرائيلى.
كل ما أصبح لدينا حاليا هو «سلطة» فلسطينية كاريكاتيرية تعيش فى كنف الاحتلال الإسرائيلى ذاته وتحت رقابته وسيطرته. لم يخفف من ذلك انحناءات ياسر عرفات المستمرة أمام صورة إسحاق رابين، ولا مبادرة محمود عباس هذا الشهر بالاتصال برئيس وزراء إسرائيل الجديد بنيامين نيتانياهو، لتهنئته بعيد الفصح، وهو رئيس نفس الحكومة التى أعلنت منذ لحظتها الأولى عن رفضها لقيام دولة فلسطينية بل وحتى مقررات أنابوليس التى كانت من الأصل مجرد سراب منذ إعلانها قبل 15 شهرا.
رئيس الحكومة الجديدة فى إسرائيل يتحدث فقط عن «سلام اقتصادى» مع الفلسطينيين كبديل عن الالتزام بقيام دولة فلسطينية. ومن اللافت أن أول من بدأ فى الترويج له إعلاميا، هو تونى بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق، ومبعوث اللجنة الرباعية. وفى حواره مع مجلة «تايم» الأمريكية فى عددها الأخير يقول تونى بلير إن «رئيس الوزراء الجديد نيتانياهو بالفعل واضح فى أنه يريد تغييرا اقتصاديا وأمنيا فى الضفة الغربية. وهذا هو ما اتفقت معه على عمله. هناك شىء أو شيئان يمكن أن يعنيهما تعبير (سلام اقتصادى) الذى يستخدمه نيتانياهو. أحدهما أن التنمية الاقتصادية هى بديل عن دولة. واضح أن هذا غير مقبول. لكننى شخصيا أعتقد أنه يريد المعنى الثانى، وهو أن يبنى الدولة الفلسطينية من القاع إلى القمة وهذا أفهمه وأقبله». وعلى حد تعبير هنرى سيجمان رئيس مشروع أمريكا والشرق الأوسط فى نيويورك، فإن الحقيقة هى أن نيتانياهو يعتبر قيام دولة فلسطينية كارثة يجب تجنبها، لكن تونى بلير يريدنا جميعا أن نفهم «ضرورة تهيئة الظروف» أمام نيتانياهو قبل أن يتمكن من إطلاع العالم على حرصه على إقامة دولة فلسطينية!
وإذا عدنا إلى المنظور الأمريكى فإن آخر من عبر عنه هو جون كيرى رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ. فبعد جولة فى المنطقة زار خلالها مصر والأردن وسوريا ولبنان وإسرائيل والضفة الغربية وغزة فى فبراير الماضى، يقرر كيرى أن لديه أربعة أسباب للتفاؤل بالمرحلة الحالية. أولا: تصاعد النفوذ الإيرانى بما يدفع الدول العربية المعتدلة إلى العمل مع إسرائيل. وثانيا: وجود مبادرة السلام العربية كأساس لخارطة طريق إقليمية. وثالثا: الأمل فى التوصل إلى تسوية يمكن القبول بأسسها منذ أيام الرئيس بيل كلينتون. ورابعا: وجود قيادة جديدة فى البيت الأبيض.
والواقع أنه لا جديد فى تلك الأسباب سوى وجود باراك أوباما فى البيت الأبيض، ومحاولة الجمع بين إسرائيل ودول عربية بحجة الخوف المشترك من إيران. جوهريا لا يمكن للخوف أن يصنع سياسة، كما أنه من العبث أن تطلب أمريكا وإسرائيل موقفا عربيا ضد إيران فى اللحظة التى تسعى فيها أمريكا ذاتها إلى فتح حوار مع إيران. لقد طرح العرب مبادرتهم للسلام مع إسرائيل منذ 28/3/2002 خلال قمة بيروت. من يومها تغيرت الحكومات فى إسرائيل ولم يتغير رفض إسرائيل للمبادرة، وانتظارها لمزيد من التنازلات.
ومؤخرا أصبح الملك الأردنى عبدالله الثانى مفوضا من ست دول عربية لنقل رسالة مشتركة إلى الرئيس باراك أوباما فى استقبال الأخير له فى البيت الأبيض فى هذا الأسبوع. رسالة من صفحتين تبدأ بالتأكيد على حل الدولتين وتنتهى إلى المطالبة بوقف الاستيطان الإسرائيلى والالتزام بفترة زمنية للمفاوضات مع الفلسطينيين. المتفائلون يرون أنها قد تصبح فرصة لتوجه أمريكى فى اتجاه التسوية. والواقعيون يرون أن الإدارة الأمريكية الجديدة تقول بعض الكلمات الصحيحة لكنها مستمرة فى تعظيم وظيفة إسرائيل بالمنطقة على حساب مصالح عربية كبرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.