وقف التمدد فى العراق ووقف أى دعم ل"بشار الأسد" من أى جهة أبرز الأسباب.. الدعوات تطالب مجلس التعاون الخليجى مكتملاً بإتخاذ نفس الطريق.. خبراء: القرار لا يعنى الحرب ولن يكون.. القرار يمهد لمقاضاة إيران فى المحاكم الدولية.. ما علاقة التحالف العسكرى السنى بقطع العلاقات ؟. كتب: حامد عبدالجواد خرجت الثورة الدبلوماسية السعودية الصامتة للنور بعدما قررات المملكة منذ أيام تنفيذ حكم الإعدام بحق 47 شخصًا متهمين بالإرهاب، وعلى رأسهم الرمز "الشيعى" نمر باقر النمر، الذى أحدث خلافات عديدة أولها بمنطقة القطيف السعودية والتى تضم عدد كبير من الشيعة ويتولى أمرها ولى العهد السعودى ووزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف، وبعدها شيعة البحرين، والعديد من المناطق الإيرانية شيعية المذهب، والتى خرجت بتظاهرات كبيرة أول أمس وقامت باقتحام القنصلية السعودية وحرق المقر فى تصعيد هو الثالث من نوعة فى الفترة الأخيرة. قضية "النمر" لم تكن هى المحور الأول فى الخلافات السعودية _الإيرانية، بل إن الأمر تخطى تلك المرحلة وابتعد عن الطائفية فى نفس الوقت، واتخذ البعد السياسى للمنطقة، خاصًة بعد تمدد إيران فى العراق والسيطرة على العديد من مقاليد الأمور هناك، بعد إتمام الاتفاق النووى الشهير مع القوى الغربية، والدعم المستمر الذى تقدمه طهران ل"بشار الأسد" فى سوريا وهو مالايوافق رغبة المملكة. فقرار المملكة العربية السعودية يوم أمس بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، على خلفية حادث اقتحام وحرق قنصليتها، أثار جدلاً واسعًا فى الأوساط السياسية العالمية، واعتبره بعض الخبراء تصعيد على غير وقتة، لكنه جاء بعد إعلان التحالف السنى العسكرى المزعوم، الذى من المعتقد أن تعتمد عليه السعودية فى الوقت الحالى وفى قرارها الأخير. هذا القرار تضامنت معه العديد من الدول الخليجية بل بعضها اتخذ نفس الطريق ك"البحرين" التى شهدت تظاهرات عديدة منذ إعدام النمر، وقطعت العلاقات الدبلوماسية مع طهران، كما أن السودان التى تبتعد عن منطقة الحدث الخليجى والحليف للملكة، أعلنت هى الآخرى قطع العلاقات، ورغم أن حجم الاقتصاد والتعامل العسكرى بينهم ليس كبيرًا إلا أنه يعتبر خطوة للتصعيد ضد طهران فى المحاكم الدولية لإثنائها عن الدور الذى تقوم به فى سوريا بدعم بشار الأسد، الذى تسعى المملكة إلى الإطاحة به. الأستاذ، عبدالحميد بركات، نائب رئيس حزب الاستقلال، قال أن العلاقات الإيرانية _السعودية تشهد توتر كبير منذ القدم، خصوصًا بعد بعد توقيع بروتكول الاتفاق النووى مع القوى الغربية وهو ما جعل القلق السعودى يزداد، وكانت الحادثة الثانية وهى الأبرز حرب اليمن والقصف السعودى العربى على مناطق تمركز الحوثيين بعد الأحداث الأخيرة والدعم الإيرانى الكامل للحوثيين فى الصراع الدائر هناك، وهو ما سبب ارتفاع فى حالة الاحتقان بين البلدين. وتابع "بركات" فى تصريحات خاصة ل"الشعب"، ان حزب "الاستقلال" ضد الأحكام القاسية والإعدام فى قضايا الرأى مهما كانت الأسباب أو الدول الصادر فيها مثل تلك الأحكام، مضيفًا أيضًا أن حادثة إعدام "النمر" رغم أنه قاس ومرفوض إلا أنه لايحق لإيران أو غيرها التدخل فيها لأنها شأن داخلى، بجانب أن المنفذ فيهم الاعدام أغلبيتهم سنه فإن كان أولى بالتصعيد سيكون من جانب الدول السنية، لكن التمدد السياسى لإيران فى المنطقة فى السبب الحقيقى وراء قطع العلاقات. وفى سياق متصل قالت الدكتورة، نجلاء القليوبى، عضو المكتب القيادى، والأمين العام المساعد لحزب "الاستقلال"، أن الموضوع فى الأساس معتمد على علاقة السعودية بالغرب الذى يرعى الفتنة الطائفية ويريد تغيير ميزان قوى المقاومة في المنطقة ودفعها نحو التقسيم ، وهو ما يظهر جليًا فى قرارات السعودية الأخيرة حول ذلك الأمر، مضيفة أن إيران تغازل الطائفية أيضًا ، لكن السعودية تقوم بهذا الدور بشكل أكبر. وتابعت"القليوبى" أن شيعة السعودية خاصة في منطقة القطيف التي يقطنها غالبية شيعية يتعرضون لاضطهاد من جانب حكام المملكة رغم أنهم جزء من الشعب السعودي الذي يجب أن يتمتع بالديمقراطية ويناضل من أجلها ولا ينفي هذا تعرض المجاهدين من السنة أيضا هناك للاضطهاد وهذا هو مايؤرق نظام الحكم السعودي وهو مايحاول تغطيته في حديث عن اتهامهم بالارهاب وتصوير الموضوع على أنه خلاف طائفي هوما يؤجج الخلاف بين البلدين وبالتالى الخلافات بين البلدين لن تتوقف أو تنتهى. وأردفت قولها أننا نحن أيضا ضد الاعدامات التي تطال المناضلين سواء شيعة أو سنة ولكن ينبغي ادراج الموضوع في اطار حقوق الشعوب في الدفاع السلمي عن حريتها وليس في اطار الدفاع عن الشيعة فقط أو السنة فقط..ولكن على ايران أيضا التوقف باللعب بالورقة الطائفية وأن ترفع يدها عن التددخل في الدول على هذا الأساس الطائفي وأن تكون علاقتها بالشعوب ودفاعها عنهم من منطلق التأكيد على حقهم في حياة كريمة سواء شيعة أو سنة . وعلى الجانب الآخر يقول الدكتور عاصم الفولى، عضو المكتب القيادى لحزب "الاستقلال"، أن قرار السعودية بقطع العلاقات مع إيران هو "غير دبلوماسى" بالمرة وغير محسوب، مضيفًا ، أن القرار ممكن أن يكون لابعاد الأنظار عن اليمن والأحداث الدائرة هناك بجانب التغطية على حادث الإعدام نفسه الذى تم بحق 46 آخرين جميعهم من السنه. وتابع "الفولى" فى تصريحات خاصة ل"الشعب"، أن المملكة لن تكون قادرة على التصعيد العسكرى خاصًة بعدما انكشفت قدراتها فى اليمن أمام الحوثيين، مؤكدًا أن دول التحالف الرئيسية مع المملكة لن يقدموا أى نوع من المساعدات العسكرية ضد إيران. موضحًا، أن العلاقات الإقتصادية بين كلاً من (إيران_ تركيا_ باكستان)، أقوى من المخططات والاهداف السعودية المنشودة، والتى ظهرت فى الآوانة الأخيرة، مؤكدًا أيضًا أن تلك الدول المحورية فى العلاقات لن ترغب فى التصعيد. وعن الرد الإيرانى حول قطع العلاقات، قال "الفولى" أن السياسة الدبلوماسية الإيرانية (السياسة الخارجية)، لاتدار بمثل تلك القرارات العنترية مضيفًا، أن إيران ستكفى بالرد الإعلامى حتى يهدأ الشارع. من جانبة قال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري السابق، إن القرار هو نوع من الاحتجاج الدبلوماسي الكبير الذي تلجأ إليه الدول للتعبير عن سخطها وغضبها من سياسة دولة ما، وبالتالي ما فعلته السعودية يعني أنها غاضبة وبشدة من تصرفات إيران، واتخذت قرارها بقطع العلاقات، وبالتالي تتوقف تماماً القنوات العادية للاتصال بين الدولتين وإغلاق السفارات، والبعثات الدبلوماسية، واستدعاء أعضاء تلك البعثات، والاعتماد على ما يسمى بمكتب رعاية المصالح، أو أن تقوم سفارة دولة أخرى برعاية مصالح كل من الدولتين اللتين تقطعت بينهما العلاقات. وقال إن قرار قطع العلاقات لا يعني أن هناك احتمالية لنشوب حرب، بل يعني أن دولة رأت أن الدولة الأخرى تعاديها وتستفزها بتصرفات لا ترضاها، فاتخذت قرارها بعدم التعامل مع هذه الدولة ومنع أي اتصالات أو لقاءات بين ممثليهما، وبحسب القانون الدولي فإن قطع العلاقات لا يعني إيقاف الأعمال القنصلية، بل تلتزم الدولة صاحبة قرار قطع العلاقة بنص المادة 45 من اتفاقية فيينا الذي ينص على أنه "في حالة قطع العلاقات الدبلوماسية بين دولتين أو إذا ما استدعيت بعثة بصفة نهائية أو بصفة وقتية تلتزم الدولة المعتمد لديها أن تحترم وتحمي مباني البعثة، وكذلك منقولاتها وممتلكاتها، ويجوز للدولة صاحبة قرار قطع العلاقات أن تعهد بحراسة مباني بعثتها وما يوجد فيها من منقولات ومحفوظات إلى دولة ثالثة توافق عليها الدولة المعتمد لديها، ولا يؤثر قطع العلاقات على المعاهدات القائمة بين الدولتين أو الاتفاقيات الدولية التي جرى توقيعها. وفى سياق آخر يوضح الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية الآثار القانونية والسياسية للقرار، ويقول في البداية لابد أن نحدد معنى ومفهوم قطع العلاقات، وهو يعني أن تقوم دولة ما ذات سيادة بعمل انفرادي إرادي حر بقطع العلاقات مع دولة أخرى دون معقب على قرارها وقد تقوم الدولة صاحبة القرار كما في الحالة السعودية هنا بإعلان وتحديد أسباب القرار وشرح البواعث والدوافع التي من أجلها اضطرت لاتخاذه، والهدف من ذلك هو كسب التضامن الدولي والحصول على تأييد الرأي العام للقرار، وكشف انتهاكات الدولة التي صدر القرار بحقها حتى تكون الدول الأخرى على بينة مما يجري منها وما تفعله بحق الدولة صاحبة القرار. ويضيف أن من أهم أسباب قطع العلاقات الدبلوماسية هو التدخل السافر وهذه الجملة هي أساس القرار السعودي فإيران لا تتورع عن التدخل السافر في الشؤون الداخلية السعودية، فضلا عن كونها لم تقم بواجبها في حماية سفارة وقنصلية السعودية وتواطئها مع مجموعة من الدهماء لاقتحام وإحراق السفارة، وكما قال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، فإن الرياض طلبت من طهران أكثر من مرة حماية بعثاتها وقنصليتها دون أن تجد استجابة، وهو ما يعني أن إيران متواطئة، وهي بهذا التواطؤ خرقت القانون الدولي وخرقت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، وضربت بعرض الحائط المادة 31 من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963 في الباب المتعلق بحرمة مباني القنصلية والتي تنص على أن مباني القنصلية تتمتع بالحرمة، ولا يجوز لسلطات الدولة الموفد إليها أن تدخل في الجزء المخصص من مباني القنصلية لأعمال البعثة القنصلية إلا بموافقة رئيس البعثة القنصلية أو من ينيبه أو بموافقة رئيس البعثة الدبلوماسية للدولة الموفدة، كما تلزم الاتفاقية الدولة الموفد إليها التزام خاص باتخاذ جميع التدابير المناسبة لحماية مباني القنصلية ضد أي اقتحام أو إضرار بها. ويقول سلامة: من هذا الأمر نستخلص أن القرار السعودي وضع إيران في زاوية الحلبة وكشف سوآتها أمام العالم، وهو ما يعني أنها متهمة بالتدخل السافر في شؤون الدول الأخرى، ومتهمة بعدم حماية المقار والبعثات الدبلوماسية، ومتهمة بالسعي لزعزعة أمن واستقرار الدول المجاورة، وهذه الاتهامات تمنح السعودية الحق في جرجرة إيران لمجلس الأمن والأمم المتحدة والمطالبة بمعاقبتها دوليا، حسب قولة. ويقول أستاذ القانون الدولي المصري: إن قطع العلاقات قد يكون كتابة أو شفاهة أو صريحا أو ضمنيا، وقد يكون بسبب الإساءة المباشرة، وهو ما حدث هنا في الحالة السعودية، فإيران وجهت إساءات مباشرة للسعودية، تارة بالتدخل في شأن داخلي، وتارة بالتحريض على ارتكاب أعمال عنف في المنطقة الشرقية احتجاجا على حكم قضائي، وأخيرا بالتواطؤ وتسهيل إحراق واقتحام السفارة السعودية، وهو ما يمنح الحق كل الحق للسعودية في اتخاذ قرارها السابق، ويدعم موقفها في ملاحقة إيران دوليا وقانونيا ودبلوماسيا. ويضيف أن السعودية تستطيع الآن أن تقوم بتحريك دعوى جنائية أمام محكمة العدل الدولية ضد إيران ودن انتظار موافقة طهران أو النظر لاعتراضها بعدم اختصاص المحكمة، وتستند السعودية في تحريك هذه الدعوى للبروتوكول الثالث من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 ويحق لها الحصول على التعويضات جراء خرق إيرن لقواعد القانون الدولي، ونكوصها عن الوفاء بالتزاماتها الدولية في حماية مقار البعثات الدبلوماسية السعودية.