تصاعدت وتيرة الاضطرابات وأعمال العنف في المنطقة العربية على نحو غير مسبوق، ما يوضح أن النزاعات والصراعات ضربت وحدة المنطقة العربية وأصابت الاستقرار حتى أصبح التهجير القسري ظاهرة قد تغير الخريطة السكانية للمنطقة عقائديا وعرقيا بل وتصل لتغيير ملامح المنطقة العربية برمتها . ماهو التهجير القسري ؟ التهجير القسرى هو ابعاد مجموعات عرقية أو دينية أو مذهبية إما بمبادرة ذاتية منهم خوفًا على حياتهم أو هربًا من عنف أو ممارسة تنفذها حكومات أو قوى شبه عسكرية بهدف إخلاء أراضٍ معينة وإحلال مجاميع سكانية أخرى بدلا عنها. وكشف التقرير الأخير لمفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة خطورة قضية اللاجئين والنازحين وطالبي اللجوء في العالم حتى النصف الأول من عام 2015، حيث قالت فيه إن أعداد المهجرين قسرا والذين أجبروا على ترك منازلهم تجاوز ال 60 مليون إنسان، بمعدل واحد من أصل 122 إنسانا على وجه الأرض. والتهجير القسري ممارسة مخالفة للقوانين الدولية والمحلية، ويصل إلى درجة الجريمة التي لا تسقط بالتقادم. أبرز حالات التهجير القسرى العراق واجه العراقيون في السنوات الثلاثين الأخيرة ما يمكن أن يطلق عليه عمليات هجرة اضطرارية على شكل موجات، كانت أشدها بدأت بعد إبريل 2003، وكانت هذه المرة هروبًا من عنف قوات الإحتلال الأمريكي، ثم تصاعد العنف والتهجير القسري ضد السنة هذا العام. وبلغ عدد النازحين في العراق أعلى تقدير له في نهاية العام 2009؛ فقد أشارت مفوضية الأممالمتحدة السامية لشؤون اللاجئين إلى أن عدد النازحين بلغ 2.764.111 نازحًا في يناير 2009. ولكن الرقم بدأ بالانخفاض بداية من عام 2010، فتبعًا لبعثة الأممالمتحدة لمساعدة العراق (يونامي) فقد بلغ عدد النازحين داخليًا 1.343.568 نازحًا نهاية العام 2010، ثم انخفض إلى 1.258.934 نازحًا في 30 يونيو 2011، ولكن الرقم عاد إلى الارتفاع في إحصائية يناير 2012 ليصل إلى 1.332.382 نازحًا، لينخفض مرة أخرى إلى 1.131.810 نازحين في إحصائية يناير 2013 . سوريا تعرضت سوريا منذ اندلاع الشرارة الأولى للثورة في فبراير 2011 إلى أكبر عمليات تهجير قسرى بسبب عمليات القتل التى وصفت بالتطهير العرقي ضد السنة على أيدي قوات الجيش السوري التابع للرئيس السوري بشار الأسد. وتشير مفوضية الأممالمتحدة أن أعداد اللاجئين وصلت إلى 4 مليون لاجئ عام 2015 هربوا من عمليات القتل والدمار الذي يمارس ضد الشعب السورى منذ 5 سنوات ، موزعون كالتي 1.9 مليون لاجئ في تركيا وحدها، و 1.2 مليون لاجئ بلبنان، و 249 ألف لاجئ بالعراق، و 650 ألف لاجئ بالأردن. كما يصل عدد النازحين السوريين داخل سوريا قرابة ال 7 مليون نازح. اليمن تفاقمت معاناة اليمنيين في كثير من المدن اليمنية جراء الأزمات المعيشية التي يعيشونها وخاصة في العاصمة صنعاء، وذلك منذ سيطرة ميليشيا الحوثي على مقاليد السلطة قبل عام، ما أدي إلى زيادة حالات التهجير التي وصلت ل 100 ألف من اليمنين فروا من النزاع إلى الدول المجاورة في جيبوتي والسودان والصومال واثيوبيا وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية بحسب نقارير مفوضية الأمم للاجئين. قال الباحث علاء عامر المتخصص فى قضايا اللاجئين إن الولاياتالمتحدةالأمريكية بدأت حروب استباقية في المنطقة بزعم محاربة الإرهاب ما تسبب في تدمير عواصم وتهجير سكانها ، مشيراً إلى أن البداية كانت من أفغانستان ثم انتقلت عملية التدمير والتهجير إلى العراق، قبل أن تتحرك الميليشيات المسلحة المدعومة من إيران بغطاء جوي غربي تمارس الإبادة ضد العراقيين والسوريين واليمنيين. وأوضح عامر أن الغرب الآن بدأ يفوق ويتحدث عن خطر الملايين التي هاجرت نحو هذه الدول حتى لا تغرق فى طوفان هؤلاء المهاجرين الذين هربوا من جحيم الحروب والنزاعات التي صنعتها أمريكا وأوروبا لمنع تحرر الشعوب والأنظمة من اليهمنة الأمريكية بمساعدة الميليشيات العرقية والطائفية المتحالفة معها. وأشار إلى أن التقرير الأخير لمفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة كان حتى أول النصف الثاني من عام 2015 أي قبل التدخل الروسي في سوريا والذي ترتب عليه تهجير ملايين أخرى في القصف المتواصل لتفريغ مساحات واسعة من سكانها السنة لإقامة ما يسمى سوريا المفيدة التي تمتد من دمشق وحتى اللاذقية والساحل. تغيير الطابع الديمغرافى للمنطقة العربية بدوره قال مؤمن رميح الباحث في العلاقات الدولية، إن اتفاقية جنيف الرابعة (1949) الخاصة بحماية المدنيين في أوقات الحروب حظرت النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المدنيين، أو نفيهم من أراضيهم إلى أراضٍ أخرى "أيًّا كانت الدواعي". وأضاف رميح لمصر العربية : وفقًا للمادة السابعة لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يُعتبر "إبعاد السُكان أو النقل القسري لهم" جريمة ضد الإنسانية، أمّا المادة الثامنة فتعتبر أن "الإبعاد أو النقل غير المشروعين” جريمة حرب. وأوضح أن عمليات اللجوء والتهجير القسرى تهدف إلى تغيير الطابع الديمغرافى للمنطقة العربية ، كما أن المنازعات وإحلال مجموعات سكانية جديدة تختلف عقائديا وعرقيا عن السكان الأصليين من المحتمل أن يغير هيكل الخريطة السكانية للمجتمع العربى بحيث تختلف هذه الخريطة عما كانت عليه منذ أزمان كثيرة . وأشار أن هناك تدخل لبعص الإعتبارات السياسية الخارجية من أجل تغيير للهيكل السكاني العربى بحيث يغلب النزاع العقائدي والصراع العرقي على كافة المنازعات التى ستشدها المنطقة فى المرحلة المقبلة وسيؤدى ذلك إلى غياب مفهوم الدولة القومية وإحلال مفهوم الإنتماء العقائدي والعرفي في المطالبة بالحقوق الخاصة للأفراد وتتغير تغيير بعض حدود الدول العربية بحيث تتماشى مع التكوين العقائدي العرقى الجديد آثار إجتماعية وعن التأثيرات الإجتماعية السلبية على المهاجرين قسريا قال الدكتور جمال حماد استاذ علم الاجتماع السياسى إن الحروب الطائفية أكثر خطر يهدد الحياة الإجتماعية للإنسان نظرا لتهديدها لحياته وممتلكاته ومحيطه الإجتماعي بشكل عام . وأضاف أن عمليات التهجير لها سلبيات عديدة على حالة المهاجرين مثل الشعور بالخوف والهلع والحزن والإحباط والفشل والاكتئاب والتوتر والقلق من المستقبل المجهول والخوف من مصادر الخطر وعدم الاطمئنان للآخرين، ما يتسبب في عدم قدرتهم على الانخراط وسط المجتمعات المستضيفة لهم ويصبح إنسان غير منتج. غير متزنين نفسيا وعن الحالة النفسية للمهاجرين قالت الدكتورة هناء أبوشهدة أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس أن حالات التهجير التى تحدث للمهاجرين تجعلهم عرضة للإصابة بالأمراض الجسمية نتيجة التغيرات البدنية المصاحبة للضغوط النفسية التى يتعرضون لها. وتضيف هذه الظروف تجعل المهاجرون قسريا غير متزنين نفسيا مما يدفعهم في بعض الأحيان لتفجر أعمال عنف والمعاملة بعدائية وقسوة ما يجعلهم قنابل موقوتة قد تنفجر في أى وقت بالمجتمعات التي يعيشون بها. وذكرت منظمة الهجرة الدولية في تقريرها عن المهاجرين إن أهم المشكلات التى تواجه اللاجئين هى الحاجه إلى المأوى يليها التوظيف والطعام وان غالبيتهم يسكنون إما في منازل مؤجرة بتكلفة عالية أو بمخيمات جماعية تفتقر إلى المعايير القياسية والخدمات الأساسية كالمياه النظيفة والصرف الصحي والكهرباء جعلها عاملاً رئيسيا في الأزمة الإنسانية التي يتعرض لها المهاجرون قسريا.