قال موقع المونيتور الأمريكي إنه بعد عام ونصف سعت خلالهما الإدارة المصرية إلى تبنى كافة السبل السِلمية والتفاوضية لحل أزمة سد النهضة الإثيوبي، لا تزال المفاوضات الفنية بين مصر وإثيوبيا تَشهد خلافاً عميقاً دون التوصل لحلول واضحة تُقلل الآثار السلبية للسد على الحصة السنوية التاريخية لمصر من مياه النيل. ونقل الموقع عن مسئول مصري باللجنة المعنية بالمفاوضات مع السودان وإثيوبيا، قوله: " أوصلنا رسائل متعددة تفيد رفضنا الاستمرار في المباحثات الفنية مجدداً في حال عدم وجود قرار سياسي حاسم بوضع سقف زمني لإنهاء الدراسات المطلوبة والتزام إثيوبيا بنتائجها". وأضاف المسئول – الذي فضل عدم ذكر اسمه- :" سلمنا الجانب الإثيوبي تقريرا يتضمن الإعتراضات المصرية على طريقة سير المفاوضات ولكنه لم يرد عليها وطلب تأجيلها إلى الاجتماع السداسي". وأشار المسئول إلى ان "لدينا مسارات وبدائل أخرى عن المفاوضات الفنية الحالية التي لا يمكن الاستمرار فيها بالوضع الحالي الذي لا يضمن تنفيذها على الإطلاق"، موضحاً : "نتطلع لموافقة إثيوبيا لمناقشة هذه البدائل في إطار مبدأ التعاون وحسن النية"، مؤكداً : "ليس أمامنا خيارات كثيرة سوى الإعتماد على بنود وثيقة اعلان المبادئ التي تُقر حسن النية والتعاون من أجل تقليل مخاطر السد". وعن المسار الفني للمفاوضات حول سد النهضة، قال أستاذ الموارد المائية في جامعة آخِن الألمانية، هاني سويلم، في حديث مع " المونيتور"، "يوجد أبحاث دولية ترصد التأثيرات السلبية المتوقعة من السد على مصر والسودان واثبات الضرر ليس بحاجة إلى دراسات جديدة". يضيف سويلم : " الفترة الزمنية لانجاز نتائج هذه الدراسات ستتزامن مع الانتهاء من المرحلة الأولى من انشاءات السد، وهو ما يعني عدم امكانية التفاوض وقتها على تعديلات مواصفات انشائيه أو سعة تخزين السد". ويوضح سويلم : "السيناريو الأكثر تفاؤلاً لتقليل الضرر المتوقع على مصر من بناء السد هو افتراض مِلئه في خلال خمسين عاماً، لكن هذا الإفتراض لن يَحدث لأن إثيوبيا لن تنتظر 50 عاما لتبدأ توليد الطاقة القصوي من السد"، مضيفاً : "السيناريو الأقرب للتنفيذ هو ملئ خزان السد خلال سبع سنوات مما سيتسبب في خصم 25% من ايراد النيل الأزرق، و يتسبب في نقص حصة مصر بنسبة 11% خلال سنوات الملئ"، محذراً من "ارتفاع معدل الخطورة إذا قررت إثيوبيا ملئ السد في ثلاث سنوات فقط". ويرى أستاذ الموارد المائية أنه : " لا يوجد أي حل فني في الوقت الحالي إلا إذا وافقت اثيوبيا علي وقف البناء فوراً والتعاون في إعادة تقييم سعة الخزان لامكانية وجود فرصة لتقليل السعة التخزينية"، مؤكداً : الاستمرار في المفاوضات حول المسائل الفنية المتعلقة بمواصفات أو تأثيرات السد هو استهلاك للوقت و كل يوم يمر ليست في مصلحة مصر، لكنه في خدمة إثيوبيا ". وكانت مصر قد أعطت اشارات غير مباشرة بموافقتها على سد النهضة الإثيوبي رغم التخوف من مخاطره على الأمن المائي المصري، من خلال تصريحات وزير المياه المصري، حسام مغازي التي قال فيها أنه لا خلاف على بناء المرحلة الأولى من سد النهضة، وزيارته إلى موقع السد التي أكد أنها كانت بموافقة من السيسي، وهو ما يجعلها الآن في موقف حرج من كسب ود المجتمع الدولي مرة أخرى لايجاد بديل لتقليل مخاطر السد. وعن الموقف السياسي لمصر في المفاوضات الجارية حول السد، تقول أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، راوية توفيق، في حديث مع المونيتور : "كروت الضغط التي يمكن أن تستخدمها في هذه المفاوضات مثل إصلاح العلاقة مع دول الجوار الأفريقي واستخدامها في مواجهة الصعود الإثيوبي، قد لا يكون لها تأثير مباشر لحل الأزمة مع إثيوبيا في الوقت الراهن". وترى توفيق: " لا يبدو أن القاهرة تمتلك خيارات أخرى الآن والحل الوحيد هو الاستمرار في المفاوضات على المستويين الفني والسياسي، بعد تراجع الهيمنة المصرية في المحيط الإقليمي وافتقاد التنسيق مع السودان، الذي كان دائماً حليف لمصر في ملف مياه النيل منذ التوقيع على اتفاقية 1959". وختم الموقع بالقول: تبقى القاهرة أمام خيارات محدودة للغاية من أجل الحفاظ على حصتها السنوية من مياه النيل والمُقدرة ب55.5 مليار متر مكعب، والتي لا تكاد تكفي الاحتياجات المائية الداخلية، أمام تطلعات وأمال واسعة تتبناها إثيوبيا وجاراتها من دول حوض النيل لاستغلال مياه النهر من أجل التنمية.