مات الأب ومات الرضيع وماتت بعدهما الأم، إنها عائلة سعد الدوابشة التى أشعل فيها المتطرفون اليهود النار، "عندما يسأل أحمد عن والديه أشعر بسكاكين تقطع قلبي، لأنني أكون في حيرة ولا أعرف ماذا أقول له، لا يمكنني أن أكذب عليه، ولكن لا يمكنني أيضًا أن أقول له الحقيقة"، هذا ما قاله جد الطفل أحمد دوابشة، للأناضول، بعد مرور 4 أشهر على نقله إلى المستشفى جريحًا بحروق عميقة نتجت عن إضرام مستوطنين إسرائيليين النار في منزل عائلته. دوابشة (4 سنوات)، لا زال يتلقى العلاج وسط توقعات بأن يمضي أسابيع إضافية قبل أن يتمكن من العودة إلى منزله، وهو يقضي وقته حاليًا مع جده حسين، وممرضين بالمستشفى، وبعض الزائرين، لكنه لا يعلم حتى الآن ماذا حل بأفراد عائلته، رغم سؤاله المتكرر عنهم. وفي يوليو/تموز الماضي، أضرم مستوطنون النار في منزل دوابشة، في بلدة دوما، شمالي الضفة الغربية، ما أدى إلى مقتل شقيقه الرضيع علي (8 أشهر)، فيما توفي والده سعد، وأمه ريهام لاحقًا متأثرين بجروحهما في هذا الهجوم، الذي قالت الحكومة الإسرائيلية إنه نتج عن "إرهاب يهودي". وخضع أحمد، الذي تغطي الضمادات أجزاءً كبيرة من جسده الصغير، لعدة عمليات في مستشفى تل هاشومير الإسرائيلي، كان آخرها الأسبوع الماضي. وتقول "لي غات"، الناطقة باسم المستشفى، لوكالة الأناضول، "أجريت له (أحمد)، عملية إضافية في بداية هذا الأسبوع، وهو يتحسن ببطء، ونأمل أن يتم نقله إلى قسم إعادة التأهيل في الأسابيع القليلة المقبلة". وأضافت: "وصل أحمد إلى المستشفى في حالة خطرة، وأجريت له سلسلة عمليات، وسيستغرق بعض الوقت قبل أن يتمكن من العودة إلى منزله". جده حسين، الذي جلس إلى جانبه في المستشفى، قال للأناضول، "أشعر بالحزن والاكتئاب، تمامًا كما كان الوضع منذ اللحظة الأولى للاعتداء، وبالنسبة لي فإن اعتقال القتلة، إن حدث، لن يغير شيئًا، فأنا لا أثق بقضائهم (الإسرائيليين)". وأضاف: "عندما يسأل أحمد عن والديه أشعر بسكاكين تقطع قلبي، لأنني أكون في حيرة ولا أعرف ماذا أقول له، لا يمكنني أن أكذب عليه، ولكن لا يمكنني أيضًا أن أقول له الحقيقة". وتابع دوابشه، "أفكر كثيرًا في اليوم الذي سيعود فيه أحمد إلى منزله، سيكون يومًا صعبًا، لأنه يتوقع أن يكون والديه وشقيقه في انتظاره، يتوقع احتفالًا كبيرًا من قبل العائلة والأصدقاء". بدورها، تقول نغم قاسم، إحدى المتطوعات لمساعدة أحمد في المستشفى: "هو الآن بوضع أفضل مما كان عليه قبل شهر، إنه يستخدم يده اليسرى، ويده اليمنى خضعت لعملية جراحية، ولا يمكنه السير على قدميه، ولكن يمكنه الجلوس". وأضافت للأناضول أنه "لا يعلم بموت والديه، بالأمس اتصل بي جده، وقال إنه يصرخ "أحرقونا أحرقونا" (في إشارة للإسرائيليين)، وفي الأسبوع الماضي كان يقول وهو نائم "أريد والدي". وتابعت قاسم، "طوال الوقت يقول إن شقيقه علي في المنزل لوحده، وإنه يخشى الظلام، وعندما يجلب له أحد هدية فإنه يقول: سأعطيها لعلي، وسنلعب بها سويًا". من جانبها قالت وزارة الصحة الفلسطينية، في تصريح صحفي الخميس الماضي، إن "مستشفى تل هاشومير الإسرائيلي طالب الوزارة بصرف نفقات علاج الطفل أحمد دوابشة، والذي أصيب نتيجة جريمة نفذها مستوطنون في قرية دوما بمحافظة نابلس قبل 5 أشهر". وأضافت الوزارة، أنها "على استعداد لعلاج دوابشة في أفضل المستشفيات في العالم، وأنها تتابع حالته الصحية أولاً بأول، وذلك تنفيذا لتوجيهات الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء رامي الحمد الله". وقال ناصر دوابشه، عم الطفل أحمد للأناضول، "نحن لا نثق بالقضاء الإسرائيلي بتاتًا، فإذا ما ألقوا القبض عليهم سيقولون إنهم مجانين، وإذا ما حاكمتهم فسيتم الإفراج عنهم لاحقًا، هناك عنصرية في القوانين الإسرائيلية". توقعات دوابشه، سبقت تصريحات وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، جلعاد أردان، أمس الجمعة، عندما قال: "لم تتوفر بعد أدلة كافية تسمح بمقاضاة الشبان الذين اعتقلوا بشبهة الضلوع في الاعتداء الآثم في قرية دوما الفلسطينية" (في إشارة لحرق بيت دوابشة). وأضاف أردان لإذاعة الجيش الإسرائيلي: "تم إحراز تقدم في التحقيق الذي يجريه جهاز الأمن العام "الشاباك"، والشرطة في القضية، ويتم بذل الجهود لجمع الأدلة التي تفسح المجال أمام تقديم المسؤولين عن الاعتداء إلى المحاكمة". وجاءت تصريحات أردان، بعد ساعات من نشر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك" بيانًا أعلن "اعتقال عدد من الشبان الذين يشتبه بانتمائهم إلى خلية إرهابية يهودية، وبقيامهم بتنفيذ عمليات إرهابية". وأضاف البيان، أنه "في إطار التحقيقات يتم النظر في شكوك حول تورطهم في العملية الإرهابية الخطيرة التي ارتكبت في قرية دوما". ناصر دوابشه، يرى أن إعلان أجهزة الأمن الإسرائيلية عن اعتقال مشتبهين يهود جاء نتيجة ضغط دولي. وأضاف: "نحن متأكدين تمامًا أن الحكومة الإسرائيلية، تقوم ببعض الإجراءات للتنفيس عن الشارع، نتيجة بعض الضغوط التي تمارس عليها من الأحرار في العالم، ومن الأممالمتحدة لمطالبة إسرائيل بإلقاء القبض على قتلة عائلة دوابشه وتقديمهم للمحاكمة، وتحت هذا الضغط تقوم الحكومة ببعض الإجراءات غير الحقيقية، لأنهم يعرفون القتلة منذ اللحظة الأولى". وإزاء ما قال إنها مماطلة إسرائيلية في عقاب قتلة أقاربه، أشار دوابشه، إلى أن "من حق العائلة محاسبة ومعاقبة الفاعلين في محاكم دولية". وتابع قائلا: "كشعب فلسطيني، من حقنا أن ندافع عن أنفسنا أمام هذا الإرهاب اليهودي، وهذا يمنحنا الحق أن نذهب إلى آخر الدنيا لمعاقبة ومحاسبة هذا الاحتلال، وكلنا ثقة وأمل أنه سيأتي اليوم الذي سيحاسب فيه القتلة".