تحت عنوان «رؤية الأئمة والعلماء حول تجديد الخطاب الديني وتفكيك الفكر المتطرف» أقام وزير الأوقاف الأمنجي في الأيام الماضية من خلال المجلس الأعلى للشئون الإسلامية مؤتمرا بالأقصر للتشهير بالإسلام ، حضره عدد كبير من المسئولين والمدعوين من 45 دولة عربية وإفريقية وإسلامية وأوربية على رأسهم شيخ الأزهر. تنافس المجتمعون في هجاء من يسمونهم بالمتشددين والمتطرفين – وكأن المسلمين جميعا صاروا متشددين ومتطرفين وتكفيريين - واقترحوا دعوة كبار علماء المسلمين، ممن يحملون هموم الأمة(!) ، لينظروا في القضايا العالقة، مثل قضية الإرهاب والتكفير والهجرة، وتحديد مفهوم دار الإسلام، والخروج على المجتمع، واستباحة دماء المواطنين بالقتل، ومعاملات البنوك، وقضايا المرأة وتوليها القضاء، وقضايا الزى والنقاب وحق المرأة في الميراث، والاختلاط في العمل، ونقل الأعضاء وتهنئة غير المسلمين بأعيادهم، ومسائل الحج وبخاصة رمى الجمرات، وقضايا أخري ويكون هذا العمل مكملا لعمل المجمعات والمؤسسات التي لا يخفى دورها الفعال في الحفاظ على شريعة الإسلام. لم يقترب المؤتمر من مداهمات الانكشارية لبيوت الآمنين في عز الليل والقبض عليهم والعبث ببيوتهم وقلبها رأسا على عقب ، وتلفيق التهم الجاهزة للأبرياء ، أو تصفيهم أي اغتيالهم بحجة مقاومة عصابات الدهم الدموية ، وخطف الشباب قسرا ، وتعذيبهم ، والتشهير بالمسلمين ليل نهار في إعلام الانقلاب وتوابعه . وقتل الأسرى ببطء في معتقلات الانقلاب وقد تجاوزوا الآن ستين ألفا ، بعد تعذيبهم بدنيا أو نفسيا ، وملاحقة الشرفاء ومطاردتهم في أعمالهم وأرزاقهم .. المؤتمر الأمنجي المتاجر بالدين لم يقترب مما يجري للمسلمين في مصر أو ميانمار! واستنكر المؤتمر الذي كان يبدأ بقوله تعالى " وقولوا للناس حسنا " في سب من سماهم التكفيريين ومن يستحلون دماء الآخرين ، وحمل على المخالفين للانقلاب ووصمهم بأحط النعوت ، وبدا للعالم من خلال كلام المتحدثين باسم المؤتمر أن المسلمين دمويون وقتلة وجهلة ويستحقون القتل والإبادة وفقا للمنطوق الصليبي . لم نسمع من هؤلاء الأوصياء على الإسلام والمسلمين كلمة استنكار واحدة للحكام القتلة الطغاة الذين يقتلون شعوبهم بمئات الألوف ، ويشردونهم بالملايين في أرجاء الأرض . لقد استنكروا تفجيرات العاصمة الفرنسية باريس ، وقالوا إنهم يرفضون هذا العبث بأرواح البشر، وأنه آن الأوان لأن يتوحد العالم كله ويتعاون من أجل التصدي لهذا الوحش المسعور – وهو الإرهاب – ولم يذكروا شهداء رابعة وأخواتها الأبرياء بكلمة والوحش يحصدهم جهارا نهارا أمام أعين العالم كله . والمفارقة أن الوزير الأمنجي تحدث عن موقف الإسلام المتحضر من الحضارات، والرد العملي على الجماعات الإرهابية وبخاصة في سوريا والعراق من نهب ممنهج للآثار، وطمس معالمها، مع أن الصحابة لم يهدموا أثرا أو يطمسوا معالمه، ولم يحطموا تمثالا واحدا سوى الأصنام التي كانت تعبد فى مكة، ونسي الأمنجي أرواح ثلاثمائة مليون سوري قتلهم المجرم الطاغية في دمشق ، وعشرات الألوف الذين قتلتهم الميليشيات الشيعية الطائفية بقيادة المالكي والعبادي ، غير المهجرين والنازحين ، كما نسي الأمنجي أن يستنكر العنصرية الصليبية في أوربة وروسيا وأستراليا ومطاردة المسلمين وبث الكراهية ضد الإسلام . والطريف أن مؤتمر التشهير بالإسلام لحساب الغرب والانقلاب تجاهل أن الانقلاب منذ 1952 جعل تعليم الدين هامشيا أو لاوجود له ، وأضعف الأزهر ، ولم يعد أحد من الأجيال الجديدة يعرف شيئا عن الإسلام إلا من رحم الله ، وتقوم جامعة القاهرة بهدم المساجد ، وملاحقة الأساتذة والطلاب المتدينين ، دون أن يكون لذلك صدى في مؤتمر الوزير الأمنجي ! والسؤال : كم أنفقت أيها الانقلابي من أموال المسلمين ؟ وما عائد هذا المؤتمر بعد الحفلات والولائم والترويج للسياحة المستحيلة ؟ المفارقة أن المثقفين الشيوعين وأمثالهم لم يرضوا عن المؤتمر ، وسخروا من مجلتي الفردوس ونور التي أعلن عنهما علماء السلطة وفقهاء الشرطة في المؤتمر، وطالبوا بالاستنارة ، أي رفض الوحي ! ! مصر قد الدنيا !