""اعتراف "نبيل نعيم" – القيادي السلفي – أنه ليس نادما علي اغتيال الرئيس الشهيد محمد أنور السادات، لا يعني فقط أنه وشركاه مستعدون لتكرار جريمتهم مرة أخري، بزعم كاذب وهو قتال "أعداء الإسلام"، ولكن كذلك أن الدولة التى تحولت من مقاومة الإرهاب إلى مقاومة كل ما له علاقة بالإسلام – قبل الثورة – قد تحولت الآن إلى....... دولة راعية للإرهاب""..! لقد كانت مصر قبل ليلة الخامس والعشرين من يناير 2011، عضوا رئيسيا في معسكر الحرب ضد الإرهاب والإسلام معا، باعتبارها حليف رسمي لأمريكا والغرب، وهو الخيار الذي استقرت عليه قيادتها السياسية، رداً علي إعلان الزعيم الصليبي "جورج بوش" حربه ضد المسلمين في العالم كله، قائلا عبارته الشهيرة: "من لن يكون معنا فهو عدو لنا". وقتها كشَّر الوحش الأميركي عن أنيابه، موجها أسلحة الدمار الشامل ضد أفغانستان، بعد فرضه شروطا تعجيزية علي "حلفاء الأمس"، من حركات المقاومة الإسلامية وأبرزها "طالبان"، التى تنصلت حينئذ من دعم تنظيم القاعدة الإرهابي، في الوقت الذي زعم زعيمه "أسامة بن لادن" مسئوليته "الشفهية ربما"، عن جريمة قصف برجي نيويورك بالطائرات، في الحادي عشر من سبتمبر 1999، علي الرغم من أن تقارير أميركية ودولية وقرائن عدة، تشير إلى ضلوع المخابرات الأميركية ونظيرتها الصهيونية، (سي آي إيه – موساد) في ارتكاب الجريمة الإرهابية الأعظم في التاريخ، والهدف النهائي، اتخاذ الحادث ذريعة للحرب ضد الإسلام، وأهداف أخري خاصة بالأجندة الصهيونية، الرامية لاستنزاف "الحليف" الأميركي حتى آخر دولار وطلقة رصاص، تماما كما فعلت مع بريطانيا العظمي، حليفتها السابقة، والهدف دائما: تحقيق التعاليم التلمودية – الماسونية: تخريب كل ممالك الدنيا، لصالح المملكة الألفية اليهودية. العدو الأخضر لم يكن أمام مصر من خيار آخر إذن، سوي الانضواء طوعا أو كرها تحت لواء الجيش الصليبي، في حربه ضد الإسلام، بدءا بأفغانستان، ثم العراق، ليصبح – اليوم - علي بعد خطوات من تنفيذ السيناريو الصهيو أميركي: الشرق الأوسط الجديد. منذ هذه اللحظة، شاركت مصر عمليا في الحرب ضد كل ما هو إسلامي، أو إرهابي، لا فرق بنفس النظرة الضيقة أو حتى التآمرية التى تبناها الصلبيون الجدد، لتبرير خلق العدو "الأخضر" الجديد، لدرجة أن المواطن في بلد مثل تونس كان محروما من الصلاة إلا في مسجده المسجلة بياناته عليه، ببطاقة ألكترونية، أما في مصر، فكان المواطن إذا اجترأ وفكر في الذهاب لأداء فريضة الصلاة في المسجد القريب من منزله، شعر وكأنه يجاهد في سبيل الله، في ظل تعرضه للاعتقال والنفي في معتقل المغول، عفوا، سجن العقرب الشهير، الذي – ويا للمفارقة – تحول بدوره إلي معتقل الثوار، أما السجانين فهم المساجين السابقين في السجن ذاته.......!!! مصر VS العراق شاركت مصر في الحرب، في جميع مراحلها، سواء بتعقب جميع المصريين العائدين من أفغانستان عقب مشاركتهم في الدفاع عن أرضها ضد المحتل الروسي، وذلك بغض النظر عن انتماءاتهم وهوياتهم وعقائدهم، سواء كانوا تكفيريين، أم مجرد مسلمين مؤمنين بقضية. ويذكر هنا أن النظام المصري ذاته، في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، هو الذي شجع المصريين علي المشاركة في حرب التحرير بالأراض الأفغانية، أواخر السبعينات، اتساقا وتطابقا والموقف الأميريكي – أيضا – الذي كان داعما رئيسيا للمجاهدين الإفغان، والمقاتلين المسلمين الذين توافدوا من كل حدب وصوب إلى كابول وأكنافها. كما شاركت مصر "العربية" في الحرب الصليبية ضد العراق "الشقيق العربي"، حيث خضع المخلوع مبارك، للتهديدات الأميركية، بإسقاطه ونظامه إذا ....... لم يفتح أبواب القناة علي مصراعيها للسفن الحربية المعادية كي تعبرها إلى الخليج العربي صوب العراق (أولا) ........ وإذا لم يفتح جيشه، دويلة الكويت التى احتلها صدام وجنوده في لحظة غباء واستغباء سياسي وتاريخي محض (ثانيا). بارانويا الإسلام شاركت مصر إذن، ليس فقط بجيشها وحده في الحرب الصليبية ضد الإسلام، بل بجميع مؤسساتها الاستخباراتية وأجهزة أمن الدولة، التى أصيبت فجأة ب"البارانويا" ضد كل ما هو إسلامي، فاصبحت مصر وأخواتها من دجاج الحظيرة الأميركية، كالأردن وباكستان، أحد أذرع استهداف المسلمين في جميع بلدان العالم، استنادا لقاعدة مفادها: إن كنت مسلما فأنت إرهابي حتى تثبت براءتك........!!! وتحولت زنازين أمن الدولة في مصر إلى سلخانات خصوصي للأمريكان، يتم فيها تعذيب من يقبضون عليهم من "المشتبه فيهم" إلى أن يثبت انتمائهم للمنظمات الإرهابية من عدمه، وذلك في ظل صعوبة قيام أجهزة الأمن الأميركية بإرتكاب جرائم التعذيب علي أراضيها: أرض الحرية.......!!! وتعتبر قضية الإمام المصري – الإيطالي، الشيخ أبو عمر المصري، النموذج الأشهر علي هذه الجرائم التى ارتكبتها "مصر – مبارك" ضد الإسلام، لإثبات طاعتها للسيد الصليبي، حيث قامت المخابرات الأميركية، عام 2003، بمساعدة من نظيرتها الإيطالية، باختطاف إمام مسجد ميلانو، وشحنه مخدراً – كالمعتاد – في تابوت، إلى مطار القاهرة، ومنه إلى معتقل جوانتامو – فرع القاهرة، الشهير بلاظوغلي، حيث تم تعذيبه بوحشية، حتى ثبت فعلا أنه ليس إرهابيا، فتمت إعادته وهو أشبه لحطام إنسان إلى إيطاليا مرة أخري. ولكن هناك، وفي ظل عدالة القضاء الإيطالي كمؤسسة راسخة، لا تخضع للبوصلة السياسية، ولا علاقة لها بأهواء الحكام، نال الشيخ المصري المسلم، حقه كاملا.......!!! فحصل علي أحكام قضائية ضد ضباط المخابرات الأمريكان والطليان، بعد إدانتهم جميعا. نقطة التحول أجواء كتلك، توحشت فيها الأجهزة الأمنية، وتحولت إلى آلة بطش رهيبة بكل المصريين، "إسلاميين" ومعارضين ومواطنين عاديين، كانت هي الوقود الحقيقي للثورة المصرية، التى لم تكن في بدايتها سوي فعاليات احتجاجية، اتخذت من يوم عيد الشرطة، موعدا لها. وفي سياق المفارقات اللاذعة، تحول يوم الخامس والعشرين من يوم عزة وفخار للشرطة المصرية، إلى يوم خزي وعار، حيث ما أعظم الفارق بين 25 يناير عام 1952، عندما تصدت الشرطة المصرية الباسلة بقيادة وزير الداخلية الراحل "فؤاد باشا سراج الدين"، لقوات الاحتلال البريطاني في الإسماعيلية، ليرتقي منهم من ارتقي شهيدا، وليبقَ من عاش ليحكي لأبنائه وأحفاده عن معركة الشرف والكرامة ....... وبين 25 يناير 2011، عندما هرب جرذان الشرطة من الشوارع، ليختبئوا وسط النساء، تاركين "صبيانهم" البلطجية، وقطاع الطرق والهاربين من السجون يجوسون خلال الديار، فمنهم من اغتصب، ومنهم من قتل وسرق ونهب، ومنهم من حكم مصر.......!!! وهكذا، أصبحت مصر بين يوم وليلة، يحكمها الإرهابيون "فعلا" والمحظورون "سابقا"، وبحسب الدكتور "ثروت الخرباوي" – الإخواني سابق - فإن من يقود الجماعة الآن هم تلاميذ الإرهابي المعروف، "شكري مصطفى" الذي أسس جماعة "التكفير والهجرة" التي قتلت الشيخ الشهيد الذهبي، وغيره من شهداء المسلمين وغير المسلمين. وهكذا تحول قتلة الشهيد السادات، "نعيم" و"الزمر" وشركاهم، وغيرهم من أعضاء الجماعات التى روَّعت المجتمع وقتلت السياح الأجانب وذبحت ضباط الداخلية بالسنج، إلى أعضاء رسميين في الأحزاب السياسية، يشاركون في الانتخابات، ويَصَّعدون في المناصب، ويمتلك أحدهم القدرة علي الإرهاب في أبشع صوره دون أن يخشَي أن يردعه رادع، قائلا في جريدة "الأهرام" الرسمية بالنص: أنا لست نادما علي اغتيال الرئيس السادات........! إن اعتراف "نبيل نعيم" – القيادي السلفي – بعدم ندمه علي جريمته، لا يعني فقط أنه وشركاه مستعدون لتكرارها مرة أخري، بزعمٍ كذَابٍ أّشِرْ، ألا وهو قتال "أعداء الإسلام"، ولكن كذلك أن الدولة التى تحولت من مقاومة للإرهاب أوائل الثمانينات، إلى مقاومة لكل ما له علاقة بالإسلام – منذ ما قبل الثورة بنحو عشر سنوات – قد تحولت الآن إلى....... دولة راعية للإرهاب" ........!!! وهنا يقفز إلى الذهن سؤال، بل أسئلة: هل هؤلاء الذين يحكمون مصر الآن لهم علاقة بالإسلام، فيم عدا المسميات بالطيع؟ وألا يعني التعامل مع الإرهابيين من قاتلي وخاطفي جند الجيش المصري – خير أجناد الأرض المرابطين حتى قيام الساعة – بهذه "الحنية"، وتلك المفاوضات الناعمة، إلا أن ثمَّةَ خيطُ رفيع ما بين الجناة هناك والحكام هنا؟ والسؤال الأهم والأخطر: كيف تحولت أمريكا من مفجر للحرب الصليبية ضد الإسلام، إلي داعمة سياسية ومالية، لكيانات محسوبة – بالسلب وليس الإيجاب - علي الإسلام والمسلمين؟ ....... بمعني أوضح: كيف تحول أعداء الأمس – ولو ظاهريا – إلى حلفاء اليوم في وجه شعوب المنطقة؟؟؟ الإجابات ولا شك ساكنة بين ثنايا الأسئلة، وسيأتي بها الدهر إن عاجلا أو آجلا واضحة كالشمس. والمؤكد أيضا، أنه مهما طال يأس هؤلاء الصبية الصغار ممن حملوا ببراءة لواء الثورة ضد الحلف "الصهيو – أميركي – متأسلم"، إلا أن الصغار سيكبرون ربما أسرع مما يتخيل أحد، وأكاد اقسم لو استعطت: أن فجر الثورة "الحقيقية" ضد هذا الطغيان وهؤلاء الطغاه: قادم . قادم. ووقتئذ: سيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.