رغم تردد أوباما، لا يزال بوتين يرغب في لقائه.. ويبدو أن الاجتماع سوف يثير عناد أوباما ضد رجولية بوتين المفرطة، أو ربما يكون الاجتماع بداية عملية سلام من شأنها إفادة الجميع".. هكذا قالت شبكة "بلومبيرج" الأمريكية، في مقال تحت عنوان "لماذا يريد بوتين لقاء أوباما؟"، للكاتب "ليوند بيرشدسكي"، اليوم السبت، بشأن لقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما نظيره الروسي فلاديمير بوتين، المقرر يوم الاثنين المقبل، على هامش الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وفيما يلي نص المقال: إذا استمعت للمتحدثين باسم الرئيسين باراك أوباما وفلاديمير بوتين، فإنك سوف تحصل على روايات متضاربة عما سيتحدث عنه الزعيمين الأمريكي والروسي. وقد صوّر ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم بوتين، الرئيس الأمريكي بأنه يتوق إلى فرصة لمناقشة الأوضاع في سوريا - حيث تصعد روسيا وجودها العسكري هناك وعلى النقيض، قال جوش إرنست، المتحدث باسم أوباما، إن العدوان الروسي على أوكرانيا سوف يتصدر جدول أعمال الرئيس الأمريكي. ولا يقدم الطرفان – اللذان يقفان لبعضهما واحدة بواحدة – سوى قدرا ضئيلا من الحقيقة؛ فلن يجتمع أوباما مع بوتين بدافع أدب الضيافة - حيث تظهر الخلافات جليا أمام الجميع، وليس هناك جديد لمناقشته بشأن أوكرانيا لا يمكن قوله عبر الهاتف. وعلى الجانب الآخر، يحتاج بوتين لهذا الاجتماع أكثر مما يحتاجه أوباما، وبصرف النظر عن إظهار أنه لا يزال لاعبا مؤثرا، وليس مجرد طاغية محلي يتجاهله العالم ويعاني من انهيار قاس بسبب تراجع أسعار النفط، فإنه يجب على الرئيس الروسي مناقشة التحالف الظرفي في سوريا. ويمثل العمل منفردا في سوريا خطرا كبيرا على روسيا، ولا يمكن لبوتين أن يتحمل فشل العملية العسكرية في سوريا، أما التنسيق مع الولاياتالمتحدة يزيد كثيرا من فرص النجاح. ومع ذلك، فإن التحالف مع بوتين – بالنسبة لأمريكا – يكون مقرونا ببعض العواقب، وهي أنه: بمجرد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، تحتاج واشنطن إلى مناقشة أوضاع ما بعد الحرب مع موسكو، غير أن الطرفين لديهما سجل سيء في الاتفاق على أي شيء، وكذلك إذا تراجع أوباما عن التزامه بإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، واتفق على الانتقال السلس للسلطة في دمشق، فإنه بذلك يعطي الجمهوريين ذريعة جديدة لاتهامه بالضعف. ومما لاشك فيه أن الاجتماع سوف يتركز على سوريا، وستكون أوكرانيا عنصرا فرعيا، وليست حتى ورقة مساومة؛ فلا يمكن لبوتين أن يتوقع تقديم أوباما أي تنازلات هناك، لأن روسيا تتفاوض من موقف ضعف. وفي الوقت ذاته، تشير اللغة التي يستخدمها البيت الأبيض إلى أنه من الخطأ رفع الآمال حيال الاجتماع؛ وسيكون من الغريب التركيز على أوكرانيا وتجنب مناقشة الأوضاع في سوريا إذا توقع أوباما والأمريكيين أن تحقق المحادثات انفراجة في الشرق الأوسط. وبالنظر إلى تردد أوباما، من المثير للاهتمام أن بوتين لا يزال يريد التحدث معه، وقد تحدث بوتين مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال افتتاح مسجد كبير جديد في موسكو. ويؤكد بوتين على استمرار وقف إطلاق النار في أوكرانيا، كما أنه لم يتخذ أي تصرف في سوريا، باستثناء إرسال بعض المعدات العسكرية وعدد محدود من القوات (فلم يرد أي تأكيد على التقارير التي تفيد بمقاتلة القوات الروسية في سوريا). وكذلك عثر بوتين على حليف غير متوقع هو المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي اقترحت التحدث مع الأسد وحلفائه في إيرانوروسيا لحل الصراع السوري، وتحتاج ميركل السلام في سوريا ليساعدها ذلك في معالجة أزمة اللاجئين التي تهدد بتقويض سلطتها في ألمانيا يجب على بوتين أن يثبت لكافة هؤلاء القادة أنه حاول التوصل إلى حل تفاوضي قبل أن يتخذ أي عمل عسكري إلى جانب الأسد. ومن جانبه، لا يمكن لأوباما أن يعتبر تحرك بوتين في سوريا مجرد خدعة، ويمكن لمخادعة الرئيس الروسي أن تعني تفاقم الأوضاع في كل من سورياوأوكرانيا. ولا يضطر الرئيس الأمريكي لتقديم تنازلات كثيرة – من خلال الإشارة إلى احتمالية "إعادة النظر في سوريا"، مثلما اقترح المنسق السابق للبيت الأبيض في الشرق الأوسط، فيليب جوردون، في مقال مطول بصحيفة "بوليتيكو" الأمريكية يوم الجمعة، وكانت فكرة جوردون بأن تتوقف الولاياتالمتحدة عن الإصرار على التغيير السريع للنظام السوري، والتوصل إلى حل وسط، وهذا يتضمن التنسيق مع روسياوإيران. ويبدو أن الاجتماع سوف يثير عناد أوباما ضد رجولية بوتين المفرطة، ومع ذلك، قد يكون الاجتماع بداية عملية سلام من شأنها إفادة الجميع – بوتين والأسد وأوباما وميركل.