كشفت مصادر غربية النقاب عن خطة أعدها نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي "اليوت ابرامز" المعروف بآرائه الصهيونية في الإدارة الأمريكية، للانقلاب العسكري على الحكومة الفلسطينية التي تقودها حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مبينة أن الوقائع على الأرض تدلل على قطع شوط كبير في تنفيذ الخطة، مشيرة في هذا السياق إلى تزويد قوات الأمن الموالية للرئيس محمود عباس بالأسلحة والتمويل اللازم. ومما يؤكد صحة المعلومات التي كشفتها المصادر الغربية، ما أسمته وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس ب "الفوضى الخلاقة"، والتي تقوم على افتعال واصطناع الفوضى في الشارع الفلسطيني وصولاً إلى تأجيج وتثوير الشعب الفلسطيني ضد حكومته. وفي التفاصيل، فقد قال الكاتبان البريطانيان اليستر كروك ومارك بيري في مقال نشرته صحيفة" اسيا او لاين" أن اليوت ابرامز نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي والمعروف بآرائه الصهيونية في الإدارة الأمريكية قد اجتمع بعد شهر من فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية مع عدد من رجال الأعمال الفلسطينيين في واشنطن وأبلغهم بأن الإدارة الأمريكية تريد قلب نظام حماس بالقوة ". وذكرت بعض المصادر أن محمد رشيد أحد المستشارين الماليين للرئيس الراحل ياسر عرفات، يزود الفريق الأميركي بالنصائح. وجاء في مقال للكاتبة الفلسطينية هدى الحسيني بعنوان "خطة إبرامز لإشعال حرب أهلية فلسطينية"، أنه في تقرير وضعه أخيراً ناشرا "كونفليكتس فورام"، الأميركي مارك بيري (عسكري سابق) والبريطاني اليستر كروك (مسؤول سابق في الاستخبارات)، ويحمل عنوان: "حرب ايليوت ابرامز غير الحضارية"، يروي الكاتبان بالتفاصيل خطة الانقلاب على "حماس" التي وضعها ابرامز "، موضحة أن الهدف من ذلك "إعادة السلطة إلى يدي محمود عباس، بمساعدة جهاز محمد دحلان الذي بدأ مقاتلوه يتدربون ويتخرجون من مخيمي تدريب، أحدهما في رام الله والآخر في أريحا". وتساءلت الحسيني قائلة: هل كان وصف حركة "حماس" بالعصابة من قبل محمد دحلان المسؤول الأمني الكبير في تنظيم "فتح" وفي السلطة الفلسطينية مقصوداً ويستهدف ايصال رسالة ما إلى جهة ما ؟!! ".
ونقلت صحيفة" اسيا او لاين" عن الكاتبين البريطانيين قولهما إن الإدارة الأمريكية التي تبنت الخطة دربت الكثير من مناصري الرئيس عباس في معسكري تدريب في قاعدتين في رام الله وأريحا في الضفة الغربية إضافة إلى تزويدهم بالسلاح والذخائر. وإلى جانب ذلك فقد قررت الإدارة الأمريكية دعم قوى الأمن الموالية للرئيس عباس ب 86 مليون دولار أمريكي"، مشيرة إلى أن هذا المبلغ سيخصص لتنفيذ البند الأول في خارطة الطريق وهو تدمير البنى التحتية للإرهاب الفلسطيني"، حسب الكاتبين.
ونوهت الصحيفة إلى أنه على الرغم من إرسال مصر والأردن آلاف البنادق لقوات الرئيس عباس إلا أن الدولتين مقتنعتان بفشل خطة "ابرامز" ويحاولان إيجاد الوسائل لإقناع الإدارة الأمريكية بالعدول عنها أو التملص منها فيما أوضحت أن الأردن يرفض رفضا باتا أي تطور للصراع الداخلي الفلسطيني إلى حرب أهلية بين الجانبين لإدراكه مدى خطورة أي تصعيد على الأوضاع الداخلية لديه. وتؤكد الصحيفة أن وزير الدفاع الأمريكي الأسبق رفض الخطة تماما وأبلغ الرئيس الأمريكي بموقفه الحازم منها أن بوش نصحه بالتركيز في شؤون العراق وترك موضوع النزاع الفلسطيني الإسرائيلي للخارجية الأمريكية، مشيرة إلى أن الخطة المذكورة تلقى تاييداً من رايس ومجموعتها. وأشارت إلى أن الخطة المذكورة تلقى تأييدا جارفا من بعض أعضاء مجلس الامن القومي الأمريكي العاملين في مكتب ابرامز ونائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني والخارجية الأمريكية وأن تنفيذها وضع تحت إشراف وكالة المخابرات المركزية الأمريكية " السي اي ايه " رغم أن الأخيرة لم تعجبها وأعطت رأيا بعدم نجاحها.
خطة رايس للسلام
وقالت الصحيفة إن ديفيد وولش ورايس كانا من أكبر المؤيدين للخطة رغم الانتقادات الشديدة، معتبرين أن الخطة تدخل ضمن خطة رايس الجديدة للسلام في الشرق الأوسط .بل أصبحت الآن ضمن الرؤيا الأمريكية لصناعة الديمقراطية في الشرق الأوسط.
وتؤكد الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت وافق بتردد على الخطة الأمريكية، مشيرة إلى أن مستشاري اولمرت أوضحوا بجلاء أن حماس ازدادت قوة في الشارع الفلسطيني منذ بدء تنفيذ البرنامج المذكور وأن إسرائيل ليست معنية بأي حال من الأحوال بحرب أهلية فلسطينية"، على حد قولها.
وأضاف أن رجال البنتاجون مقتنعون تماما بأن حالة الفوضى التي تنتشر في الأراضي الفلسطينية هي جزء من خطة أعدها "اليوت ابرامز"، مشيرة إلى أن لدى الإسرائيليين وجهة نظر الآن مفادها أن الخطة التي تبنتها رايس لاجتثاث حماس أصبحت غير واقعية الآن. وتشير الصحيفة إلى ما نشرته صحيفة هارتس في 25 من ديسمبر الماضي من أن رجال الاستخبارات الإسرائيلية أبلغوا اولمرت بأن أي خطة لاستبدال حماس مصيرها الفشل، وأن الخطة الأمريكية قد فشلت تماما، منوهة في الوقت ذاته إلى تصريحات رئيس الشاباك يوفال ديسكين والتي أشار فيها إلى أن احتمال فوز فتح في الانتخابات هي معدومة. وذكرت أيضا أن المملكة السعودية والأردنية ترفضان البرنامج الأمريكي الانقلابي، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن خطة ابرامز لزرع بذور الحرب الأهلية بين الفلسطينيين قد باءت بالفشل. تأكيد حكومي
الدكتور أحمد يوسف المستشار السياسي لرئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية أكد ما نشرته صحيفة "آسيا تايمز أون لاين" حول الخطة الأمريكية للانقلاب على حركة حماس بعد شهر واحد من توليها الحكومة الفلسطينية من خلال تزويد حرس الرئاسة وفتح بأسلحة. وقال د. يوسف في تصريحات صحفية: إن ما نشرته الصحيفة ليس جديدا على الحكومة الفلسطينية وسمعنا منذ الشهور الأولي لتشكيل الحكومة الفلسطينية أن أمريكا معنية ليس فقط بعدم التعامل مع الحكومة الفلسطينية بقيادة حماس وإنما إفشالها من خلال سياسة الحصار والعزل السياسي والمقاطعة الدبلوماسية".
وأضاف أن آليات الضغط تصاعدت من خلال تشكيل قوات خاصة دعمتها أمريكا بالأسلحة والمعدات"، منوها إلى النوايا إلى إدخال قوات بدر من الأردن إلى الأراضي الفلسطينية. وأشار مستشار هنية إلى وجود محاولات لتشكيل قوة عسكرية تشرف عليها أمريكا تدريباً وتسليحاً وتمويلاً بهدف أن تكون قوة قادرة على التصدي لفصائل المقاومة بكافة أطيافها.
وتابع قوله" وصول معلومات وتحذيرات تصلنا من أطراف أوروبية وجهات أمريكية تحيطنا علماً بأن وفود وجهات فلسطينية تجري لقاءات في داخل أمريكا ومع رجال الكونغرس الأمريكي وفي مراكز دراسات وأبحاث بهدف التخطيط لإسقاط الحكومة الفلسطينية".
عريقات ينفي
بدوره، نفى الدكتور صائب عريقات مسئول ملف المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية علم السلطة الفلسطينية بأي خطة انقلابية على الحكومة الفلسطينية أعدها نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي " إليوت أبرامز" بعد شهر من تولي حركة حماس قيادة الحكومة الفلسطينية.
وقال: إن لا علم له بمثل هذه الخطط، وأن أحدا لا يستطيع أن يدفع الشعب الفلسطيني إلى الاقتتال الداخلي"، وتابع أن حركة فتح هي حركة عملاقة ووطنية ومناضلة ورائدة على المستوى الفلسطيني ويجب الكف عن مثل هذه التصريحات والاتهامات المخجلة"، على حد قوله.